عشرة أيام قبل رحيل المرحوم الحسن الثاني رحمه الله.. أجرى معه الصحفي المخضرم جان دنيال من النوفيل أوبسرفاتور حوارا مطولا.. حوار تحفة ينير تجربة السياسي المحنك... وما زال العديد منا يحتفظ بهذا الإستجواب الذي كان عبارة عن خلاصة لمسار سياسي داهية أبهر العالم ببعد نظرته وتنبؤاته المستقبلية لأكثر من رؤيا.. وكان هذا السؤال/المطب: ما هي الأشياء التي أنت نادم عليها اليوم يا صاحب الجلالة ؟؟... وجاء الرد المشبع بالمحن: الثقة المفرطة التي وضعتها في محيطي.. جواب فيه عبر ودروس على سؤال ثعلب في الإعلام الدولي.. والسياسي.. لكن للأسف بعض مسؤولينا ما يزالون يوزعون هذه الثقة بتعبئة مضاعفة و ب «الدوبل روشارج».. وآخرها ما وقع للسيد رئيس الجامعة مع محيطه دون أن يأخذ له متسع من الوقت ل «يحضي جنابو».. ودون أن يقرأ جيدا رسالة «الرقص مع الذئاب» التي عرضها عليه صاحب زوووم بالمباشر والمكتوب.. فكرر ما وقع لمن سلمه الكرسي وظل الحال عليه إلا أن تكسرت الجرة.. أتذكر جيدا ما قلته للسيد الرئيس منذ أربع سنوات وذكرته به على بعد أربعة وعشرون ساعة قبل اليوم الموعود للجمع المجهض.. قبل دخول المهندس لتسلم شاهد رئاسة الجامعة من سلفه بأربع ساعات.. سألته: هل شاهدت فيلم كيفن كوستنر «الرقص مع الذئاب»؟.. نعم.. اعتقدت أن الرسالة وصلت.. لكن الظاهر أنها وصلت بدون «تنبر».. تجرأت على الرئيس/الجديد لأنني أعرف حبه لهذا البلد ووطنيته وإخلاصه لمسؤوليته بنكران الذات.. وفراسته (كنا معا ضمن لجنة ترشيحنا لكأس العالم 2006).. لم أجرؤ على توضيح ما المقصود من ميساج الفيلم.. الرئيس رجل مهندس في الطاقة وأستاذ في علم الإقتصاد.. لذك كانت طاقته في التحمل كثيرة واقتصاده في الخروج الإعلامي من باب إحترام التخصص.. ولم أكن أتصور أن المهندس الذي تحمل مسؤوليات لا تعرف الحدود سيلغي من خطته رقص «مسير» الكرة..الذي ألغى ثقافة الثقة من صفحة سيرته.. يعترف فقط بقانون التيران.. القوي يطحن الضعيف وممارسة «اغفل طارت عينك».. وهذا ما وقع للمهندس.. المهندس وبالنظر لكثرة مسؤوليات الدولة الملقاة على عاتقه.. وتواجده المستمر في التدشينات.. سقط في المحظور وترك الحمل لأعضاء وضع فيهم ثقته الكاملة.. لكن من على كاهله مسؤولية الثقة المباشرة ليس كمن على كتفه بالوكالة.. فالأول يشعر بثقلها.. والثاني يستغل هذا الثقل باش يثقل إستعراض «الفهماتور» المجاني.. وهذا ما حصل لثقة المهندس... إستغلها ثلاثي تلوث بجنون العظمة فقطع «الما والضو» بين المهندس وباقى الأعضاء.. وتسلح (الثالوث) بخودة دون كيشوت لتصفية الحسابات والتربع على التسيير اليومي.. ونسى ما يتداوله الكوايرية بينهم.. «احظي راسك من كرة البارا لا رجعات عليك.. راها تعميك».. وهذا ما كان يا سادة يا كرام.. ولم تعد هذه الكرة للثلاثي، بل للمهندس.. فكان ما كان في ليلة العاشر من رمضان.. ليلة رحيل محرر الأمة محمد الخامس وشهر رحيل مخطط المسيرة الخضراء الحسن الثاني .. مع برمجة توقيتية سيئة بعدم مراعاة يوم زيارة الضريح للترحم على فقيدي العروبة والإسلام.. كانت فرصة سانحة للوزير/السياسي للولوج للركح.. ولإرجاع الدين لأصحابه.. ومعه المتريس.. الكرة التي مزقت شباك جامعة المهندس وإطفاء رؤيا الثلاثي الحديدي.. الوزير بعد عودته من جنوب إفريقيا أفرط في التصريحات/العضلية.. قبل أن يبتلع لسانه بقدرة خفية.. سكت ولم ينزل قفازته مؤقتا.. وبدا في تجهيز بارود بندقيته لترياب الحفلة وهدم السقف على بناية الكرة العشوائية مقهقها في الأخير على سقوط جامعة المهندس الرافضة لبيع الطاعة.. ولأن السياسي لا تزعجه قاعة الإنتظار.. نوم المتتبع وطلب من الإعلاميين عدم الحديث معه عن الكرة وماليها.. ثقة المهندس في الثلاثي أصابها فيروس حب الإنفراد فأصابت سلاحه الإسمنتي (البيطون أرمي) عين المنبودين والغاضبين رياض هندسته.. كان صرحا من غرور فهوى.. في المقابل أخرج السياسي سحر حمامة وزارته وأخواتها.. لإملاء صك الإتهام والإذن بدفن الجثة بدون تشريح.. وبالحكم (بيان الجامعة) غير القابل لا للإستئناف أو للنقد والإبرام.. وبحبر المخزن.. ما وقع للمهندس الذي هندس النقط الستة وترك التنفيذ للآخرين.. هو ما كان قد وقع لسلفه.. ونصيب تاريخ كرتنا يعيد نفسه فقط في الفشل.. السياسي درس جيدا متى وكيف يعود بالمرتدات.. رجع للوراء وتركهم يصدقون ما يصادقون عليه وبتجربته في ممرات الدبلوماسية كان يعلم أن رجال المهندس بثقتهم الزائدة والمفرطة سيسقطون في الممنوع.. صدقت قراءته وهوى مبنى المهندس عندما تحدى أحد ثلاثة ثقته ملاحظات كموندو السياسي بتهديداته الفيفاوية.. والتنفيذ بتعليمات الإمثتال التي «لا تناقش».. فسقطت «خيمة التريتور».. بحَمَّارها.. السياسي هيأ كرته.. درس جيدا حائط الجامعة المخلخل كحائط أسودها.. فصوب كرته للتسعين.. متسلحا بالبرلمان وأسئلته النارية.. وبغياب بصمة الأمانة العامة للحكومة على ديباجة مشروع قانون مالين الكرة ال «سير موزير» غير آبه بقانون الوزارة... «30.09»... وبذهاء السياسي المحنك سلح تقويسته بروح بنود الدستور الجديد.. وجمع عام أعتبره تحدي لدولة القانون.. وعصيان إداري تأخرت كبوته.. في شهر الغفران لم يغفر أصحاب الحسنات لمكتب المهندس المصغر الهروب الصارخ من بيت الطاعة فشبهوه بتمرد الميزان على المصباح.. و«مالين الكرة» بجنون عظمتهم سعوا ل «حكومة داخل الحكومة».. فيما راح البعض لكاريكاتور «دبابة حربية تغزو شوارع مدينة الكرة».. فصفقوا للسياسي.. ونصحوه بالحساب صابون.. وهذا ما كان.. انتظر السياسي المهندس بالفيراج وطبق عليه مدونة السير.. وذكره بصاحب الأسبقية.. ليكون عبرة لأخوانه في الحرفة.. والعصى لمن عصى... المهندس حقق أشياء لا بأس بها لدار الكرة.. في عهده ترقعت خرقة الأندية بمراكز التكوين والباصات.. وانتعشت شكارتهم برغم أن التلفزيون لم يؤد لحد الساعة ما بذمته ولما يناهز الموسمين.. وهذه شهادة من مِؤرخ اللحظة.. فتحية للمهندس/المنسحب.. وعلى السياسي إحترام إلتزامات المغرب الكروية.. وإرث التنظيم الجيد لجامعة المهندس في المسابقات السابقة.. وأمام السياسي وجامعة ما بعد شتنبر تحديات كبيرة (كأس العالم للأندية وكأس إفريقيا القادمة).. نتسناو ونشوفو.. برافو المهندس وأرفع ٍرأسك.. وسلبيتك الوحيدة هي الإطمئنان الأعمى لثالوث ثقتك.. إنتهت بداية النهاية.. وسننتظر نهاية البداية في مقابلة السياسي والمهندس.. وكل رمضان والمغاربة مع تراجدية كروية محبوكة...