مديرية الضرائب تفتح شبابيكها نهاية الأسبوع لتمكين الأشخاص الذاتيين المعنيين من التسوية الطوعية لوضعيتهم الجبائية    تساقطات ثلجية مرتقبة بعدد من مناطق المغرب    رأس السنة الجديدة.. أبناك المغرب تفتح أبوابها استثنائيًا في عطلة نهاية الأسبوع    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    الدحمي خطاري – القلب النابض لفريق مستقبل المرسى    غياب الطبيب النفسي المختص بمستشفى الجديدة يصل إلى قبة البرلمان    بيت الشعر ينعى الشاعر محمد عنيبة الحمري    العام الثقافي قطر – المغرب 2024 : عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    الفقيه أحمد الريسوني... الهندوسي: عوض التفكير المقاصدي، الرئيس السابق للإصلاح والتوحيد يخترع الخيال العلمي في الفقه!    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تصعد رفضها لمشروع قانون الإضراب    تعاونيات جمع وتسويق الحليب بدكالة تدق ناقوس الخطر.. أزيد من 80 ألف لتر من الحليب في اليوم معرضة للإتلاف    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    اكتشاف جثة امرأة بأحد ملاعب كأس العالم 2030 يثير الجدل    البطولة الوطنية.. 5 مدربين غادروا فرقهم بعد 15 دورة    مقتل 14 شرطيا في كمين بسوريا نصبته قوات موالية للنظام السابق    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    "التجديد الطلابي" تطالب برفع قيمة المنحة وتعميمها    "الاتحاد المغربي للشغل": الخفض من عدد الإضرابات يتطلب معالجة أسباب اندلاعها وليس سن قانون تكبيلي    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    صناعة الطيران: حوار مع مديرة صناعات الطيران والسكك الحديدية والسفن والطاقات المتجددة    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    "ال‬حسنية" تتجنب الانتقالات الشتوية    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    حلقة هذا الأسبوع من برنامج "ديرها غا زوينة.." تبث غدا الجمعة على الساعة العاشرة    حملات متواصلة لمحاربة الاتجار غير المشروع في طائر الحسون أو "المقنين"    تدابير للإقلاع عن التدخين .. فهم السلوك وبدائل النيكوتين    الحبس موقوف التنفيذ لمحتجين في سلا    وكالة بيت مال القدس واصلت عملها الميداني وأنجزت البرامج والمشاريع الملتزم بها رغم الصعوبات الأمنية    سنة 2024 .. مبادرات متجددة للنهوض بالشأن الثقافي وتكريس الإشعاع الدولي للمملكة    الممثل هيو جرانت يصاب بنوبات هلع أثناء تصوير الأفلام    الثورة السورية والحكم العطائية..    اعتقال طالب آخر بتازة على خلفية احتجاجات "النقل الحضري"    كيوسك الخميس | مشاهير العالم يتدفقون على مراكش للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة    الإعلام الروسي: المغرب شريك استراتيجي ومرشح قوي للانضمام لمجموعة بريكس    الضرورات ‬القصوى ‬تقتضي ‬تحيين ‬الاستراتيجية ‬الوطنية ‬لتدبير ‬المخاطر    "البام" يدعو إلى اجتماع الأغلبية لتباحث الإسراع في تنزيل خلاصات جلسة العمل حول مراجعة مدونة الأسرة    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    الصين: أعلى هيئة تشريعية بالبلاد تعقد دورتها السنوية في 5 مارس المقبل    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    التوجه نحو ابتكار "الروبوتات البشرية".. عندما تتجاوز الآلة حدود التكنولوجيا    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مروان الشماخ .. سيرة بطل نقش إسمه في تاريخ بوردو بأحرف من ذهب
نشر في المنتخب يوم 13 - 05 - 2010


كيف تعلم أبجديات الكرة بمركز تكوين بوردو
كيف عوض بوردو رحيل باوليتا ودوغاري؟
كيف صاغ الملحمة الأوروبية مع جيل ماسي؟
لماذا علا شأنه أوروبيا وأخفق مع الأسود؟
لماذا سكنه حب اللعب بالبرمليغ؟
من هم الرجال الذين صنعوا إسم مروان؟
تعالوا نغوص جميعا في سيرة نجم صاعد من مركز تكوين أحد أقوى الأندية الفرنسية ليصبح بعدها نجم كل المغاربة في قيمة مروان الشماخ.
تعالوا نقرأ فصول وحكايات هذا الصغير الذي أصبح اليوم ناضجا في ربيعة 26 عاما..
هو هذا الشماخ الذي وقع ميلاد حبه للوطن، بحس العائلة.. هو هذا الشماخ الذي رفع صورة المغرب إلى اليوم في ملاعب فرنسا وأوروبا ليس بالأداء فقط، بل إلى آخر دقيقة يحمل فيها علم المغرب ويقبل رأس الوالدة على ملعب شَبان ديلماس..
لا أطيل عليكم.. هذه هي الحكاية..
في قلعة مركز تكوين نادي بوردو، أطل مروان الشماخ في ربيعه الخامس عشر ليقرأ العديد من أسس الكرة التلقينية في شكلها الإحترافي رغم أنه ولد موهوبا كقناص مغربي صغير.. كان الشماخ يتأبط جميع الأتوماتيزمات الكروية في سياق التكوين المستمر للناشئة على غير عادة الفطرة المملوكة بالتلقائية، وقاد نفسه أمام هذه التحولات ليصنع إسما جديدا ببوردو وقريبا من تخطيط أول إمضاء إحترافي في السنوات الموالية التي قادها أصلا كقناص في الفريق الثاني، قبل أن يدخل تاريخه العملاق مع الفريق الأول بأول عقد احترافي في ربيعه السابع عشر.. وجاءت الإنطلاقة على نحو متدرج بالفريق الأول ليلعب لقاءات قليلة لكنها بمقياس الإنخراط الإحترافي والإحتكاك بالمجموعة البوردولية التي كان قناصها آنذاك الهداف البرتغالي (باوليتا)، ما يعني أن الشماخ كان يرى في باوليتا مثله الأعلى وقدوته في الإختصاص، والمركز الذي سيتقمصه لاحقا بعد رحيل باوليتا عن الفريق، وقتها قاد الشماخ موسمه الأول 20022003 بكثير من القراءات المختلفة لمبارياته العشر الكاملة بتوقيعه هدفا وحيدا أعتبر شخصيا أول إنطلاقة للواعد الصاعد في دوري فرنسي كان وقتها أقوى وأصعب في امتلاك
المكانة الرئيسية للوجوه المغربية.. وربما شعر الشماخ في لقاءاته العشر بتدرج متسلسل في الإندماج وسرقة موصوفة لمكان باوليتا الرئيسي والهداف الذي رفع بوردو في كثير من المواقف نحو الأفق، بل واستطاع الشماخ رسم موسمه على نحو عال من الخبرة قبل أن يصبح العام الموالي جزءا من منظومة المهاجمين الصاعدين بمثل ما يطرح كمنتوج الخلافة بمركز التكوين والأهداف التي يرسمها بوردو في مخططاته المستقبلية لجعل الشماخ الرجل القادم لصناعة الأحداث في الهجوم.
وتحول مروان الشماخ في العام الذي تلى ولادته إلى رجل الثقة والهداف المصنوع من طينة الرضاعة التكوينية، ودخل قلوب جماهير بوردو من بابه الواسع، ونال ثقة أطره التقنية ليحضر كأساسي طيلة 25 مباراة رفعت سقف أوجه الطلائعي وقادها كهداف صاعد بستة أهداف في ثاني خطوة أكد من خلالها أنه هداف بوردو الجديد ومن صناعة مركز تكوينه أساسا.. ولم يشأ الشماخ الصاعد التنازل عن خط الأداء، فتوهج في ذات السنة على الصعيد الأوروبي ولعب ثمان لقاءات عن كأس الإتحاد الأوروبي موقعا فيها أربعة أهداف في أبهى ملاحم البداية بين توهجه فرنسيا، وتألقه أوروبيا، وكانت تلك هي البداية الحقيقية لمروان في البطولة والكأس معا، وهي ذات السنة التي كان فيها بوردو أيضا متألقا أوروبيا قبل أن يتنازل عنها في المواسم اللاحقة دون مشاركة فعلية في الكؤوس إلى حين إطلالة موسم 2007/2006.
وفي ظل هذه البهرجة الأدائية للشماخ مع بوردو، كان الزاكي بادو يومها ناخبا وطنيا، ولم يترك المناسبة تمر دون أن يسرق أضواء الشماخ ويلحقه بالمنتخب المغربي في ربيعه التاسع عشر، ويحضره لنزالات دولية بين الإقصائيات والحضور الرسمي في كأس إفريقيا، وقتها تنوعت وتوحدت الصورة أمام الشماخ بين سطوع نجمه ببوردو كولادة إحترافية، وحافز تأكيد هذا المعطى كمغربي قادم من الإحتراف ليحمل قميص بلاده باعتزاز الإنتماء ودور الوالدين في عملية قبول الشماخ أصله وفصله ووطنيته السامية.. وكانت الإنطلاقة مدوية بعد أن قدم أولى مبادراته محليا بفرنسا في موسم 05/04، الموسم الذي ستكبر فيه أحلام الشماخ وطنيا مع المنتخب المغربي بتونس في نهائيات كأس إفريقيا، كان مروان وقتها قد راكم ثلاثة أشهر من انطلاق البطولة الفرنسية بالعديد من اللقاءات التنافسية والأهداف الحاسمة، مثلما كان يتهيأ للحدث الإفريقي الذي سيدخله لأول مرة وفي أول تجربة له قد تكون ناجحة أو فاشلة كمحترف ناشئ إلى جوار وجوه محترفة أخرى استلهم منهم ذاته بثقل الأسماء وادو، حجي، الركراكي، خرجة، المختاري، اليعقوبي، طلال، قيسي والزاييري وآخرون.
ولم يكن الشماخ يتصور على الإطلاق أنه هو من سيوقع هدف التعادل بمرمى منتخب الجزائر في آخر أنفاس ربع النهائي، ويرفع المغاربة من الإقصاء لإضاءة التوهج في الأشواط الإضافية، ويزحف زملاءه برقصة يوسف حجي وجواد الزاييري في ليلة احتمى فيها الشارع المغربي بحرارة التأهل التاريخي إلى دور نصف نهائي كأس إفريقيا، بعد نجاح أقوى المهام باجتياز الدور الأول باستحقاق تجاوز فيها منتخبات نيجيريا، البنين وجنوب إفريقيا، ثم قاد بتألقه مع منتخب المغرب أمام الجزائر بثلاثة لواحد، قبل أن يسحق المغرب منتخب مالي برباعية نظيفة في نصف النهائي أخرج تباعا جماهير المغرب عنوة باجتياح لا يصدق في أقوى ملاحم المنتخب ليصل النهائي في أحلى أيامه الكبيرة كناشئ وفي ربيعه العشرين، قبل أن يتنازل عنه المغرب بخطإ غالي للحارس فوهامي، وينتهي العرس الإفريقي بفوز تونس بلقب البطولة، مع وصافة مغربية لم يصدقها أحد على الإطلاق قبل بداية الكأس.. ومع هذا الإنجاز الخالد، كان الشماخ بمعية سفراء الكرة المغربية قد أرخوا لأنفسهم حلما خالدا انتهى بمراسيم احتفالية جاب خلالها شوارع مدينة سلا والرباط دون أن يصدق ما لقيه من هتاف ومناصرة شعر خلالها
الشماخ بمعية زملائه أن الحب المغربي لا يقارن بثمن، وهو من رفض حمل قميص منتخب فرنسا ليتأبطه مغربيا من جسر قناعة الأسرة بذلك.. وكانت تلك أقوى لحظات الفرح التي عاشها الشماخ مع المغرب في بداياته الأولى.
وانطلق الشماخ مجددا في البطولة الفرنسية حاملا مشعل الهداف القادم، وسرق الأضواء بعد كأس إفريقيا متخطيا حاجز 33 مباراة وبارتفاع سقف الأهداف إلى عشرة بأعلى صورة توهج عن رصيد ستة أهداف في الموسم الذي سبقه، وتوالت صيحات الشماخ الإحترافية بدرجة عالية لحد دخل فيه نادي ليون البطل الدائم للدوري الفرنسي عرض انتداب الشماخ بسعر مقدم قارب 7 مليون أورو، وهو ما رفضه رئيس بوردو على أنه مبلغ زهيد، واضطر معه إلى رفع سقف ذلك إلى 13 مليون أورو (13 مليار) كمبلغ تعجيزي لم يكن ليقبله ليون على الإطلاق، إلا في حدود 8 أو 9 مليارات لا غير، وكان الشماخ وقتها يرى في بوردو وعرينه الدائم، ولا يقرر في أي رقم إلا ما يراه بوردو لائقا به لأنه هو من صنعه، وهو من يقبل أو يرفض أي عرض.. وكانت النهاية أن رفض الشماخ الإنتقال إلى ليون لأنه لم يلح أكثر في طلبه، وظل وفيا لفريقه بوردو، مع اتساع رقعة تألقه في مستقبل السنوات القادمة دون أن يغادر فريقه حرصا منه على أنه الأفضل في ترقب الألقاب، وداوم مروان على حضوره الكبير في في موسم 20062007 رغم الإصابات الإضطرارية، وتقلصت أهدافه إلى سبعة في 29 مباراة التي لعبها عامفي ذات الموسم،
و29 مباراة عام 2007 بأهداف خمسة، رغم أنه حظي بلقب وصيف بطولة فرنسا عام 2006.. كما حرص الشماخ على حضور أولى مناسبات عصبة الأبطال في ذات العام، وحضر أربع مباريات كقمة حلم رغم أنه أقصي في دورها الأول، ثم عاد ليحصل على موسم تنافسي جيد في موسم (0708) بأربعة أهداف في البطولة، وأربعة أهداف في كأس الإتحاد الأوروبي وهي ذات السنة التي فاز فيها أيضا بكأس العصبة الفرنسية، قبل أن تكون السنة الموالية الأكثر تأريخا للرجل كبطل للدوري الفرنسي والأكثر لمعانا باجتيازه سقف 13 هدفا في 34 مباراة، كما حاز في ذات السنة على لقب كأس العصبة الفرنسية ودرع الأبطال.. وهي إنجازات كبيرة وكبيرة للهداف المغربي دون أن يخرج عن صفوف بوردو برغم دخول العديد من الأندية الأوروبية منذ 2005 إلى 2009 مفاوضات جادة مع بوردو، لكن الشماخ أصر على البقاء لأنه كان يرى في بوردو أقوى ميزان الحضور والألقاب على غير قناعة الأندية الأوروبية التي ليست لها أهداف محددة على الصعيد الأوروبي.
وأمام انسياب مسار مروان الشماخ باحترام البقاء مع بوردو وملاءمة انجداب أنصاره وحبهم للفتى المغربي، واصل مروان زحف التألق الأوروبي على نحو كبير مقارنة مع مشاكل المنتخب المغربي التي هزت مشاعر المغاربة منذ الإنجاز الكبير بتونس وتعاقب الإقصاءات والهزات العنيفة راكمها مسلسل غريب في التصدعات داخل المحيط وتعدد المدربين، وقناعات أدائية غير مجدية لدرجة أسيء فهم طبيعة حضور الشماخ العالي مع بوردو وحضوره العادي مع المنتخب في أكثر من موقف إلى جانب تعدد إصاباته رغم أنه كان دائما رهن إشارة بلده في أكثر من موقف.. وتعددت الأسباب وكثر القيل والقال في عهد لومير وبعده، ولكن الشماخ ظل ثابتا في أدائه، بينما الإختلاف كان في الهزات التي عاشها المنتخب المغربي إلى جانب سوء تدبيره العام بالرجل المناسب لإيقاف نزيف الخيارات والتكتلات وغيرها من المواقف العرجاء، قلت أن الشماخ قدم هذا الموسم إضاءة ملهمة بين البطولة الفرنسية التي حضرها من دون توقف 37 مباراة بعشرة أهداف وحضور أكثر من فعال في عصبة أوروبا التي حضرها في تسع مباريات وسجل خلالها خمسة أهداف على أقوى الأندية الأوروبية، ووصل ربعها النهائي بحجم تاريخي للمرحلة
مع بوردو.
بتداول المواسم الكروية ودخول عدة أندية أوروبية كثيرة منذ 2007 إلى اليوم من لدن فولهام وطوطنهام وويستهام ومارسيليا وباري سان جيرمان ولازيو وجوفنتوس في فترات سابقة وغالطة سراي وهامبورغ وساندرلاند ومانشستر سيتي وبرمنغهام وليفربول والأرسنال في وقت لاحق الأكثر إلحاحا حول مروان الشماخ، لكنه آثر البقاء ببوردو لنجاحه الكبير وتداول الألقاب الموصلة إلى الكؤوس الأوروبية على خلاف الأندية المطروحة بلا أهداف، عدا جوفنتوس وليفربول والأرسنال وشيلسي، لكن بقرارة عقل الشماخ كان يستهويه الدوري الأنجليزي بدرجة عالية، أولا لمنطق البطولة كثاني أفضل البطولات في العالم، وثانيا للدخول ضمن خانة أقوى الأندية بالألقاب وليس بالمال والبقاء في وسط الترتيب من أمثال الأندية الأنجليزية المذكورة.. وجاء تصور دخول الشماخ ضمن خانة ليفربول والأرسنال الأكثر جادبية مع اهتمام هامشي للمانشستر يونايتد وتشيلسي، منذ بداية الموسم الكروي مرورا بالميركاتو الشتوي إلى اليوم، وتنوعت صور الأخبار الأسبوعية والفصلية مع الشماخ دون أن يؤكد للجميع دخوله الخاص مع الأرسنال كفريق محبوب، احتراما لعقده مع بوردو، واحتراما للنادي الذي كان يركز على
كثير من الأهداف التي وصلها الشماخ بأدائه المعهود.. وفي كل مرة كانت تنزل الأخبار بين ردود فعل المدرب أرسين فنغير الذي رفع سقف انتداب الشماخ إلى 6 مليون يورو مقابل رحيل الطوغولي أديبايور، وقتها كان الشماخ يدرك أن تجديد عقده مع بوردو أضحى مستحيلا لأنه وعد فريقه بانتهاء عقده في يونيو المقبل، ووعده بوردو بامتيازات كبيرة وفاء لمشواره الكبير شريطة أن ينضم إلى أي فريق دون أن يأخذ من قيمة الصفقة ولو أورو واحد وهو أكبر جائزة وفاء لرئيس بوردو قدمها للهداف مروان الشماخ كلاعب متأصل ومتخلق تعلق به جمهور بوردو إلى درجة عالية من الحب.. طبعا جاءت قصة الأرسنال لتدخل صراع انتذاب الشماخ علانية، لكن بوردو رفض تسعيرة أرسين فينغير بقيمة لا توازي كفاءة الشماخ، بل وارتفعت كوطته حين واصل أداءه العملاق في عصبة أبطال أوروبا، وازدادت حركية التداول في سوق الإنتقالات عندما دخلت ليفربول موقف الإهتمام، لكن في عقل الشماخ كان يرى الأرسنال الأكثر تعلقا لأنه يرى في دخوله الرهان، حضورا كبيرا داخل التشكيل أقوى بكثير من ليفربول الذي يحتضن الهداف طوريس كأساسي، وبالعقل تقول الأمور أن الشماخ كان يرى رحيل أديبايور نقطة ضوء
إيجابية لخلافته حتى ولو تأكد رحيل هداف آخر في قيمة فان بيرسي، وهو ما تحفظ الشماخ على ذكره والتخطيط له بسرية تامة مع الإتصالات التي كان يجريها مع أرسين فينغير دون أن يجهر بتصريح جدي إيمانا واحتراما لموقعه كلاعب محترف، واحتراما لناديه بوردو، رغم أن فينغير أصر في أكثر من موقف على قرب التعاقد مع الشماخ بالتوافق الكامل بالقيمة والمدة الزمنية.
ومهما احترم منطق الأشياء والتكتم الشديد لمروان الشماخ على أنه أصبح من اليوم أرسناليا دون الجهر بها كما علق على ذلك في أكثر من موقف قائلا: «سيكون من السذاجة أن أجهر بالفريق الذي سألعب له، لأن أخلاق الكرة علمتني احترام الفريق الذي ألعب له إلى حين انتهاء مدة العقد، وسيكون الأمر سيئا لأن التركيز سيفتقد، ومن الواجب أن أحترم فريقي الذي لعب على أكثر من واجهة حتى ولو كانت أمور الإزعاج قد طالت في العديد من القصاصات والأسئلة».
وكان الشماخ أمام هذا القرار النموذجي للاعب عاقل، حاضر البديهة وصانع أمجاد فريقه حتى ولو تخلف ذهنيا عن البطولة الفرنسية التي تسيدها منذ بداية البطولة، إلى حين الإستقالة عقب التذمر المعنوي الذي طال الفريق بعد إقصائه من دور ربع نهائي عصبة الأبطال، وطاله الأمر إلى التنازل عن لقب البطولة الفرنسية بخسائر فادحة في اللقاءات المؤجلة وحتى الرسمية منها.. وهذه الأمور هي التي أفسدت على الشماخ حيازة لقب ثاني في البطولة من مؤدى الهزة المعنوية نتيجة الإقصاء أمام ليون في ربع نهائي عصبة الأبطال.. ورغم ذلك كان الشماخ يقترب من خط النهاية معترفا بأن موسمه مع بوردو أوشك على الختم بلا تمديد في مقابل التحضير لميلاد آخر بأنجلترا كمجال يستهويه على الإطلاق والأكثر ميلا لأدائه المستقبلي.
طبعا كان على الشماخ أن يلعب آخر لقاء له على ملعب بوردو جاك شبان ديلماس مودعا أنصاره في لقاء احتفالي رفعه أصدقاءه على الأكتاف وبحب صادق لا يعرف الإجحاد والحسد والتنكر، لأنه كان مع زملائه أفضل صديق وأقوى انسجام في العلائق الكروية والشخصية.
ولم يترك الشماخ مسيرته الرائعة مع بوردو دون أن يذكر بالشخصيات التي ساهمت في إثراء مستقبله الإحترافي مثلها أجهر بذلك مع صحيفة فرانس فوتبول بجرأة عالية قائلا : «في جانب الإضاءة الأولى، كان المدرب باتريك باتيستون الأكثر حضورا في تدريبي لفترة 17 سنة ببوردو، والأكثر تأثيرا في هذا الجانب، إضافة إلى القدرة النفسية التي أحاطني بها لوي غارسيا بالنصيحة والرغبة في الفوز والبحث عن الثقة».
ولم ينس الشماخ شخصية غوي دوبوا المسؤول الخاص عن مركز تكوين بوردو، والشخصية الصارمة التي لعبت دور التكميل الأسري في جوانبه الثقافية والرياضية والنفسية، كما اعترف الشماخ بدور إيلي بوب الذي ألحقه تدريجيا من الفريق الثاني لبوردو إلى الفريق الأول بعد إلتحاق نجوم بوردو آنذاك من أمثال باوليتا ودوغاري وسانشيز ودارشوفيل إلى منتخبات بلادهم.
وفي سياق الشخصيات اعتبر الشماخ دور المهاجم كريستوف دوغاري من أقوى اللحظات المؤثرة، لأنه كان سنده في التوجيه والنصيحة في تصحيح الأخطاء والتموضع والأدوار التكتيكية، إلى جانب التأثير الخاص للاعب كودجو أفانو اللاعب الصارم والذي كان يحمي الشماخ في كثير من المواقف، ويؤهله لأن يكون لاعبا متكاملا حتى بالصرامة..
وعن أحلامه المحققة، قال الشماخ أن لوران بلان كان هدفه الإستراتيجي في تحصيل الألقاب للثقة التي حظي بها كثيرا والفرص التي ترجم على إثرها حضوره الكبير، كما أن الرجل الثاني جون لوي غاسي مساعد لوران بلان، كان بحق المساند الحقيقي للشماخ في الجانب المعنوي والتأثير عليه في رفع سقف الأهداف من خمسة إلى عشرة أهداف إلى جانب دعم كل زملائه..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.