هل من انعكاس إيجابي على عرين الأسود إنتفاضة ملموسة تلك التي وقع عليها المحترفون المغاربة في البطولات الأوروبية، وكأنهم رفعوا شعارا واحدا أن اللاعب المغربي لازال قادرا على العطاء وبإمكانه تقديم الإضافات المرجوة حتى في أكبر البطولات التي تعج بنجوم تزن ذهبا، الدورات الأخيرة في مختلف البطولات جسدت الحضور الجيد للاعبين المغاربة، الحضور هذا إن كان يعيد التوازن للاعبين أنفسهم، فإن وقعه أكيد سيكون إيجابي على المنتخب المغربي· البداية المحتشمة إن كان الجمهور المغربي شغوف بتتبع الكرة الأوروبية وحريص على تتبع أبرز بطولات القارة العجوز، فإن ذلك يعود لسببين: الأول لأن هذا الجمهور يعشق لعبة كرة القدم حتى النخاع باعتبارها لعبة شعبية ذلك أن السواد الأعظم من المغاربة متيمون في حبها وجماليتها، وثانيا لأن الحضور المغربي برز بهذه القارة منذ فترة طويلة أي منذ الجيل الأول الذي تألق هناك كالعربي بنمبارك وحسن أقصبي وطاطوم وبلمحجوب، وغيرهم من النجوم المغربية التي أثثت فضاء البطولات الأوروبية، واليوم لازال الجيل الحالي يحمل شعار "على العهد باقون" من خلال تواجد زمرة من اللاعبين يقودون عدة أندية· وككل موسم اشرأبت أعناق المغاربة نحو البطولات الأوروبية لمتابعة البصمة المغربية، خاصة اللاعبين الذين يعول عليهم داخل المنتخب المغربي، ومن سخرية القدر أن البداية لأغلب محترفينا باستثناء بعض الأسماء، حيث عانى بعض اللاعبين من صعوبات جمة للحفاظ على مستواهم كمروان الشماخ ويوسف حجي وكريستيان بصير وعبد السلام وادو وعبد السلام بنجلون ونبيل الزهر وأمين الرباطي، كلها عناصر لم تستطع أن توقع على البداية، فالمهاجمون غاب عنهم الحس التهديفي والمدافعون استعصى عليهم تحصين شباكهم وآخرون غابت عنهم الرسمية ووجدوا صعوبات في التأقلم مع الأجواء، فجاءت البداية مخيبة ومخالفة للتوقعات، خاصة أن أغلب اللاعبين أبصموا على حضور جيد في الموسم الماضي· الشماخ·· العودة المجنونة يعيب أكثر المدربين الذين تعاقبوا على تدريب مروان الشماخ داخل نادي بوردو الفرنسي أن يفتقد للعب الأناني، والمفروض أن يتحلى بها المهاجم الهداف، ذلك أن الشماخ من المهاجمين الذين يرمون أنانيتهم جانبا ليقدم مصالح زملائه، وعله أحد الأسباب التي تجعله لا يسجل كثيرا رغم المجهودات الخارقة التي يقوم بها داخل مربع العمليات، بيد أن البداية لم تكن وفق ما كانت تشتهيه نفسه فقد غاب عنه الحس التهديفي ما جعل المدرب لوران بلان يبقيه في بعض المباريات في دكة الإحتياط، كما عانى أيضا من جور الحكام الذين اعتبرهم يخطئون في حقه بتدخلاتهم المجحفة والتي لا تحميه إلى حد أنه انتقد التحكيم الفرنسي، الإنتقاد هذا أكد مسدى الصعوبات التي وجد في طريقه بالبطولة الفرنسية وهي الصعوبات التي ذابت مع مرور الدورات حيث استطاع مروان الشماخ أن يستعيد توهجه وتألقه وكذا حاسة التهديف، والواقع أن هذا التألق لم يكن منحصرا على البطولة الفرنسية، بل إن الدولي المغربي تألق على مستوى دوري أبطال أوروبا، فعلى غرار فريقه بوردو توهج الشماخ وقدم أداءا رائعا في المباريات الأخيرة وأمام أندية وازنة من حجم تشيلسي الإنجليزي وروما الإيطالي· وقبل إسدال الستار على البطولة الفرنسية رفع الشماخ من عداد مردوده، بدليل أنه عانق الشباك في المباريات الأخيرة ورفع غلته إلى خمسة أهداف مؤكدا التطور الذي عرفه مقارنة ببدايته المتواضعة· رباعي نانسي بين الأضواء والإنزواء شتان بين البداية التي وقع عليها نانسي الموسم الماضي بين العروض التي قدم مع بداية هذا الموسم، حيث وجد صعوبات جمة لتكريس لقب الفريق الظاهرة بالبطولة الفرنسية للموسم، بدليل أنه تراجع في بعض فترات البطولة إلى المركز ال 13، وقد انعكس هذا التواضع على أداء الرباعي المغربي يوسف حجي وعبد السلام وادو وكريستيان بصير ومنصف زرقة الذي لم يقدم الأداء المنتظر· فكان أن غاب تألق يوسف حجي الذي اختير أحد أفضل المهاجمين الموسم الماضي بالبطولة الفرسية، إذ تراجع أداؤه وكذا الأهداف ومع ذلك استطاع أن يتدارك في الدورات الأخيرة، ويصل إلى هدفه الخامس فكان الهدفان اللذين سجلهما بملعب فيلودوم على مارسيليا، خير دليل أن حجي استعاد مستواه، نفس الصعوبات وجدها أيضا عبد السلام وادو العائد إلى قلعة نانسي وكذا كريتيان بصير الذي أكره لشغل مركز وسط الميدان، الذي انتقده بشدة وصرح أنه غير مرتاح به، ناهيك عن الإصابة مع المنتخب المغربي زادت أيضا من المعاناة، بيد أن عودة بصير كانت قوية حيث بات يشغل مركزه المعتاد كظهير أيمن وشارك في المباراة التاريخية أمام مارسيليا، بينما لازال عبد السلام يغيب بداعي الإصابة، فيما منصف زرقة لازال يلعب دور الإحتياطي· الرباطي·· خيبة الإحتراف الأوروبي عهدنا في أمين الرباطي كمحترف بالخليج إذ لعب بالبطولتين الإماراتية والقطرية، ولطالما تمنى أن يدخل بوابة الإحتراف الأوروبي منذ فترة طويلة، قبل أن يطلع هلال نادي مارسيليا الفرنسي بداية هذا الموسم، بيد أن التجربة لم تكن وفق ما كانت تشتهيه نفسية الرباطي ولا الجمهور المغربي الذي رأى في هذه التجربة فرصة ستفيد لا محالة لاعبا ينتمي إلى المنتخب المغربي، فجاءت مشاركة أمين الرباطي فاشلة بكل المقاييس، إذ بالكاد شارك في 4 مباريات كأساسي في البطولة الفرنسية وفي مباراة واحدة عن دوري أبطال أوروبا ووجد صعوبات كثيرة ليساير الإيقاع، مع مارسيليا والإحتراف الأوروبي ليعود مجددا إلى الإحتراف بالخليج مع نادي الوحدة الإماراتي، إذ لم يطل مقامه أكثر من مرحلة الذهاب في البطولة الفرنسية، قبل أن يضطر للعودة إلى واحة الخليج وحمل صفوف ألوان نادي الوحدة الإماراتي· أسد في الليغا وآخر في الكالشيو هما بطولتان وزانتان قلما تعرف تألق العرب بل مشاركتهما، لكن الحضور المغربي عودنا على التألق هناك، ففي البطولة الإسبانية يركض داخل ملاعبها المهاجم نبيل باها المحترف بنادي مالقا، والحقيقة أن هذا المهاجم عودنا على الإجتهاد والجدية والعمل في خفاء، فهو من ساهم بقسط وافر في صعود الفريق الأندلسي إلى حظيرة القسم الأول، إذ كان هدافه بامتياز، لذلك لم يكن غريبا أن يحمل نبيل باها مشعل الحضور المغربي في هذه البطولة القوية وهو يقود هجوم مالقا مجددا بثقة كبيرة، ذلك أن نبيل باها وللأمانة كشر عن أنيابه منذ انطلاق الموسم وحافظ على مستواه إن لم نقل طوره بشكل كبير مع مرور الدورات، خاصة وأنه يتذوق حلاوة اللعب في الليغا بقسم الكبار لأول مرة في مشواره، فكان لابد من الإستئناس إذ استطاع أن يفرض نفسه كهداف بواقع سبعة أهداف، كان آخرها في الدورة الأخيرة أمام صنطندير وأغلاها في مرمى ريال مدريد بملعب سانتياغو بيرنابو· تألق نبيل باها جعله يعود إلى عرين الأسود بعد غياب دام سنة واحدة بل استطاع أن يمارس هوايته في التهديف، عندما سجل هدفا في المباراة الودية أمام زامبيا، يبقى إذن باها من بين أفضل اللاعبين المغاربة الذين وقعوا على بداية رائعة مع فريقهم· الحسين خرجة هو من بين اللاعبين الذين حافظوا على مستواهم ورسميته في بطولة لا تعترف بالأقوياء، عندما لعب كعنصر أساسي داخل فريقه سيينا الإيطالي وشارك في أغلب المباريات، إلى غاية الدورة 17 من البطولة الإيطالية، فضلا على أنه استطاع تسجيل ثلاثة أهدافه، بل أكد اختصاصه في هز شباك عمالقة الكالشيو إذ سجل في آخر مباراة على المتصدر أنتر ميلانو· الزهر·· يظهر ويختفي لم يعد الحضور المغربي وازنا مثل السابق، عندما صال وجال به عدة لاعبين كيوسف حجي والطاهر لخلج وحسن كشلول ويوسف شيبو ونور الدين نيبت ويوسف سفري، اليوم يعد نبيل الزهر السفير الوحيد للكرة المغربية في فريق يقام له ولا يقعد إسمه ليفربول، قد يكون من الصعب على اللاعب العادي أن يجد له مكان في صفوف هذا الفريق صاحب الباع الطويل والتاريخ الطويل، لكن نبيل الزهر وبالرغم من حداثة سنه فإنه يقاوم الأسماء ليبصم على إسمه في كتيبة المدرب الإسباني رافييل بينيتيز، ذلك أن بدايته كانت جد رائعة وهو يشارك مع فريق >الريدرز< في الأدوار التمهيدية لدوري أبطال أوروبا وشارك في أغلب هدف المباريات وكانت له مشاركة فعالة في تأهل الفريق الأحمر إلى الدور الأول قبل أن تأتي لائحة المدرب بينيتيز المشاركة في هذه المنافسة بأخبار غير سارة عندما شطب على إسم نبيل الزهر وعوضه بالوافد الجديد وابن عمومته الإسباني رييرا، ليتوالى غياب نبيل الزهر في البطولة الإنجليزية، إذ بالكاد شارك في مباريات، ولو أن العودة في آخر مباراة قبل عطلة أعياد الميلاد هي مؤشر إيجابي لأنها جاءت أمام فريق من حجم أرسنال وكذا المردود الجيد الذي وقع عليه في الدقائق التي شارك تؤكد أيضا أن نبيل الزهر في كال استعداده ليبرز مواهبه إن وضع فيه بينيتيز كل الثقة· الحمداوي·· طاحونة الأهداف بهولندا هو المفاجأة السارة التي طلعت لها البطولة الهولندية، فقد برز إسم منير الحمداوي كهداف لا يشق له غبار داخل فريقه أزيد ألكمار وبات حديث وسائل الإعلام الأوروبية بفعل العروض الوازنة التي باتت تنهال عليه من كل حدب وصوب، أنهى الحمداوي المرحلة الأولى من البطولة وهو يحمل وشاح لقب الهداف برصيد 15هدفا وأفضل لاعب في البطولة الهولندية وفي ذلك تأكيد أن النجم المغربي أنجز المهمة بامتياز واستحق العلامة الكاملة كأفضل محترف مغربي بالبطولات الأوروبية في المرحلة الأولى·· لكن من يتابع المردود الذي يقدم والحماس الذي يبديه سيتأكد له أن هذا المهاجم الفذ لازال بإمكانه العطاء أكثر والرفع من رصيد أهدافه خاصة أن شهيته مفتوحة بشراهة على الأهداف ومعنوياته جد مرتفعة بعد المناداة عليه إلى المنتخب المغربي· درار·· مفاجأة من بلجيكا فجأة سطع نجم نبيل درار لاعب بروج البلجيكي إذ تمكن في ظروف وحيز أن يخطف الأضواء بعد إنتقاله من فريق واستيرلو المغمور، حيث استطاع أن يؤكد من مواهبه دون انتظار طويل ووقع على ظهور جيد بدليل أنه بات من العناصر الأساسية في المنتخب المغربي، لعب هذا الموسم 16 مباراة وسجل 16 هدفا لكن مردوده الجيد أقوى من حصيلة أهدافه بدليل أنه قطعة لا محيد عنها في فريقه بروج· ببلجيكا يواصل أيضا مبارك بوصوفة عروضه الجيدة مع أندرلخت الذي يتصدر هذه البطولة، وبحصيلة خمسة أهداف يساهم الدولي المغربي في هجوم الفريق البلجيكي، وكالعادة أعاقت الإصابة سير هذا المهاجم المتألق ولربما كان الآتي أفضل عندما عاد بقوة إلى الواجهة ليشارك في المباريات الأخيرة، على أن حضور المهاجم عبد السلام بنجلون لم يكن موفقا بالصورة المنتظرة مع نادي شارلوروا البلجيكي وهو الوافد الجديد من نادي هيبرنيان الإسكتلندي، مشاركات قليلة مع فريقه وغاب في أكثر المباريات وسجل هدفين لتبقى الحصيلة غير مقنعة لمهاجم كان متألقا في البطولة الإسكتلندية، على أن حضور صلاح الدين السباعي كان موفقا مع الفريق إذ شارك في أغلب المباريات في مركز الظهير الأيسر·· السكتيوي·· الجريح العائد أدى طارق السكتيوي فاتورة الإصابة التي تجرع مرارتها مع المنتخب المغربي غاليا حيث اضطر للإبتعاد عن المنافسة مع انطلاق البطولة البرتغالية رفقة ناديه بورطو وهو الذي وقع الموسم الماضي على حضور جيد وأدى أحد أفضل مواسمه منذ دخوله بوابة الإحتراف الأوروبي، وحتى وهو يعود إلى المنافسة فإنه لازال لم يجد بعد إيقاعه المنشود والمستوى المشهود به، حيث ظهر في بعض المباريات كاحتياطي وشارك لبضع دقائق وتبقى المرحلة المقبلة جد هامة لطارق السكتيوي ليستعيد رسميته ومستواه كلاعب لازال قادرا على تقديم أفضل العطاء داخل قلعة بورطو· هل يحسم المغاربة توجهات الأندية تختلف طموحات الأندية وتوجهاتها بين الأندية التي تنافس على اللقب وأخرى من أجل احتلال أحد الصفوف المؤدية إلى المسابقات الخارجية ويعلق نادي بوردو الفرنسي كل الآمال على مهاجمه مروان الشماخ للمنافسة على لقب البطولة الفرنسية، إذ يحتل المركز الثاني بفارق ثلاث نقاط عن ليون، وسيكون حاسما الشماخ في قيادة خط هجوم بوردو على غرار حسمه فوز فريقه الأخير على موناكو، وليس اللقب المحلي هو ما يقض مضجع بوردو ولكن دخوله منافسة كأس الإتحاد الأوروبي يفتح أمامه الفرصة للبروز أكثر على الواجهة الأوروبية ولم لا الذهاب أكثر في هذه المنافسة قياسا مع المستوى الجيد الذي وقع عليه الفريق الفرنسي في دوري أبطال أوروبا· الرباعي المغربي بنانسي عبد السلام وادو ويوسف حجي وكريتيان بصير ومنصف زرقة ينتظر منه الدفع بعجلة الفريق نحو الأمام خاصة أن نانسي لازال يحتل المركز العاشر، ويمني النفس في أن يتسلق المراتب بحكم أن طموحات نانسي هي أكبر من المركز العاشر خاصة بعد خروجه من منافسة كأس الإتحاد الأوروبي· وتحذو أيضا الرغبة الحسين خرجة ليرفع فريقه سيينا إلى مرتبة أفضل من تلك التي يحتلها بالمركز ال 15 وتفادي النزول إلى الدرجة الثانية، وفي بلجيكا أيضا بسبب المحترفون المغاربة بنفس الطموحات خاصة مبارك بوصوفة مع ناديه أندرلخت الذي يحتل المركز الأول في البطولة البلجيكية وكذا نبيل درار مع نادي بروج المحتل للمركز الثالث، وهو الحلم الذي يراود أيضا نبيل الزهر مع فريقه ليفربول متصدر البطولة الإنجليزية وطارق السكتيوي مع ناديه بورطو في البرتغال· هل من انعكاس على عرين الأسود؟ الطفرة النوعية التي عرفها أداء لاعبي المنتخب المغربي في البطولات الأوروبية لاقى ارتياحا كبيرا من طرف جل الفعاليات المغربية، ذلك أن هذه الإنتفاضة من شأنها أن تنعكس إيجابيا على عرين الأسود، بل يزرع جرعات من الثقة والتفاؤل في نفوس اللاعبين خاصة أن الفترة التي تفصلنا على إنطلاق تصفيات كأس العالم وأمم إفريقيا 2010 ليست بالطويلة عندما يلاقي الأسود منتخب الغابون في أواخر شهر فبراير القادم· ومعلوم أن بداية أغلب لاعبي المنتخب المغربي مع أنديتهم لم تكن موفقة ما انعكس سلبا على الأداء العام للمنتخب المغربي خلال المباريات الأخيرة التي لم تكن عروضها مقنعة، والأكيد أن هذه الإنتفاضة جاءت في محلها في وقت نتأهب لدخول التصفيات الحاسمة، إذ كل المتمنيات أن يحافظ اللاعبون على نفس الوتيرة التصاعدية لأدائهم خاصة لاعبو خط الهجوم الذين يتواجدون في برج سعدهم في الفترة الأخيرة فما أحوج المنتخب المغربي للاعبيه في فترة تلزم إستجماع القوة والإستعداد الجيد والحفاظ على المعنويات المرتفعة، ذلك أن المرحلة المقبلة تفرض في المستوى لجل العناصر وفي الصورة التي أبصم عليها المحترفون دليل أن هناك مؤشرات أن المنتخب المغربي سيكون مهيئا بشكل جيد في الفترة القادمة، وهذا ما نتمناه طبعا·