لماذا هم متألقون مع أنديتهم متواضعون مع الأسود أكدت الدورات الأخيرة في أبرز البطولات التي يمارس بها لاعبو المنتخب المغربي الطفرة النوعية التي يعيشها المهاجمون داخل فريقهم، إذ باتوا حديث وسائل الإعلام هناك نظير ما يقدموه من أداء وأهداف وباتوا يحملون وشاح "المنقذ" بفضل الأهداف الحاسمة التي غالبا ما يوقعون عليها وهي خطوة تحسب لهم، إذ الأكيد أن هذه الإنتفاضة إنما جاءت في الوقت المناسب· توهج منتظر لم يكن التألق الذي يوقع عليه مهاجمو المنتخب المغربي في الآونة الأخيرة بالغريب أو المفاجئ، فقد قدم هؤلاء اللاعبون الإشارات الأولى منذ انطلاق الموسم بأنهم في كامل استعدادهم ولياقتهم البدنية، بدليل المستوى الذي بصموا عليه كلما تعلق الأمر بمشاركتهم مع المنتخب المغربي سواء الودية أو الرسمية، حضور جيد له ما يفسره كون جل المهاجمين يتمتعون بفنيات عالية زكته السرعة النهائية، التي أبوا إلا أن تميزهم في المباريات الأخيرة لمختلف الدوريات الأوروبية التي يمارسون تحت كنفها، حيث ارتفع عداد الأهداف ونعني بذلك كل من مروان الشماخ ويوسف حجي ومنير الحمداوي ومبارك بوصوفة وعادل تاعرابت وغيرهم· في الوقت المناسب هي فترة تبقى جد هامة حيث يتألق المهاجمون ويرسمون أجمل اللوحات بل يقودون أنديتهم نحو تحقيق الإنتصارات والجري وراء الألقاب أو احتلال إحدى الصفوف الأمامية، توقيت مناسب لأن العبرة بالخواتم، إذ ليس أفضل أن تختم الموسم في قمة العطاء لما لذلك من انعكاس على نفسية اللاعب وكذا طموحاته المسقبلية· هو وقت مناسب لأن المنتخب المغربي اليوم أحوج إلى مهاجميه قياسا مع المباراة الهامة التي تنتظر الأسود أمام الكاميرون عن الجولة الثانية من التصفيات المزدوجة لكأسي العالم وأمم إفريقيا، والتي تتطلب من اللاعبين جهدا كبيرا وتركيزا أكبر وقمة في العطاء لمقارعة الأسود غير المروضة· الحمداوي·· الموسم الإستثنائي منير الحمداوي هو من اللاعبين الذين انطلقوا بقوة وخالف ما نحن بصدد الحديث عنه، إذ لم ينتظر الشطر الثاني من البطولة ليستعيد نغمة الأهداف أو يجد التوازن الذي يتوخاه، فمنذ بداية البطولة الهولندية كشر منير الحمداوي عن أنيابه وأبى إلا أن يدق ناقوس أهدافه مبكرا، إذ منذ الانطلاقة تربع على عرش ترتيب الهدافين وأقسم ألا يتنازل على هذا العرش حيث رفع عداده إلى 22 هدفا مؤكدا هيمنته وسيطرته على مجريات البطولة بل وساهم بقسط كبير وبفضل أهدافه الحاسمة إلى الدفع بفريق أزيد ألكمار إلى معانقة لقب البطولة الهولندية عن جدارة واستحقاق، لذلك لم يكن غريبا أن يتوصل منير الحمداوي بجملة من العروض الوازنة هذا الموسم نظير ما قدمه من عروض، بل إن عدوى هواية التهديف نقلها إلى عرين الأسود عندما تذوق حلاوة أولى أهدافه مع الأسود أمام الغابون· الشماخ·· العودة المجنونة أضحى مروان الشماخ مدلل فريقه بوردو الفرنسي ونجمه الأوحد، ولم تأت هذه الشعبية من قبيل الصدفة ولكن من خلال العروض القوية التي قدم في الفترة الأخيرة، ويحسب لمروان الشماخ أنه استطاع أن يستعيد عافيته وتوهجه في وقت جد هام، أكان على صعيد فريقه بوردو الذي ينافس بشراسة على لقب البطولة الفرنسية أو على صعيد المنتخب المغربي· لم ينس مروان الشماخ البداية الصعبة التي وقع عليها سواء على صعيد الأداء أو الأهداف، فكان أن خاض مجموعة من المباريات كاحتياطي، لكن رويدا رويدا بدأ يتحسن أداؤه ويستعيد مستواه المعهود، لكن أكثر ما أثار الإنتباه هو تطور تقنياته وإمكانياته الفنية على مستوى التمرير والمراوغة والإحتفاظ بالكرة، هذا بالإضافة إلى ميزته ونقطة قوته في الضربات الرأسية، كل ذلك أعطانا مهاجما متكاملا، لكن لن نستثني أيضا الحس التهديفي الذي بلغه في الدورات الأخيرة بعد أن بلغ سقف عشرة أهداف في انتظار المزيد وكذا نهائي كأس العصبة الفرنسية الذي خاضه يوم أمس· بوصوفة آخر بالرغم من المعاناة التي عرفها مبارك بوصوفة مع بداية البطولة خاصة نتيجة الإصابة التي ألمت به، فإنه استطاع أن يستعيد توهجه مع ناديه اندرلخت البلجيكي ويزكي مواهبه كلاعب يحمل في جعبته العديد من الإمكانيات، هو قائد هجوم فريقه البلجيكي وملهمه في حملة مواصلة تصدره الترتيب والبحث عن لقب البطولة، والأكيد أن ما قدمه في المباريات الأخيرة مع المنتخب المغربي يشفع له بالحكم أنه في قمة العطاء بل ورفع من أسهمه مع أندرلخت الذي توصل ببعض العروض لخطف النجم المغربي، العودة تدلها أيضا معرفته طريق الأهداف حيث رفع العدد إلى تسعة أهداف· حجي وهاجس الإصابة عودنا يوسف حجي على الأداء المتوازن والحفاظ على مستواه أكان مع فريقه نانسي والمنتخب المغربي، ولكن وعلى غير العادة شعرنا هذا الموسم أنه افتقد لتلك الصورة التي تميزه جسده أيضا التراجع في نتائج فريقه الفرنسي، فغاب توهجه وضاع مستواه، لكن شيئا فشيئا بدأ يوسف حجي يتذكر ما كان يميزه من أداء ساحر وأهداف قاتلة ما جعله في الآونة الأخيرة يتألق ويستعيد الطمأنينة إلى عشاقه، بدليل أنه عرف طريق الشباك بشكل جيد في المباريات الأخيرة وبلغ عشرة أهداف، لكن في الوقت الذي تمرد فيه على التواضع في الوقت الذي أبت فيه إصابة في أعلى عضلة الفخذ إلا أن توقف هذه العودة وتبعده عن الميادين في انتظار عودته بنفس التوهج الأخير· تاعرابت وآخرون الأكيد أن انتقال تاعرابت من طوطنهام إلى كوينس بارك رانجيرز الإنجليزيين كان فأل خير على هذا النجم الصاعد، فهو إن كان بعيدا عن تشكيلة فريقه السابق طوطنهام على إعتبار صغر سنه وقلة خبرته، فإنه مع ناديه الجديد الذي انتقل له عن طريق الإعارة كان له بمثابة ملاذ ليجد مساحة أرحب في البصم على مواهبه والرفع من درجة تنافسيته من خلال الرسمية التي يحظى بها، بل استطاع أن يسجل هدفين منذ التحاقه بفريقه الجديد، والأكيد أن مشاركته المستمرة مع كوينس بارك رانجيرز ستمنح له ثقة إضافية كما سترفع من منسوب التنافسية والتي حتما ستساعده خلال مبارياته مع الأسود· نبيل باها هو أيضا من اللاعبين الذين تألقوا في الفترة الأخيرة مع ناديه مالقا في دوري الليغا، إذ لم يمر هذا التألق دون أن يمنح فرصة عودة باها إلى صفوف المنتخب المغربي، بعد غياب دام طويلا كثمرة للمجهودات التي قدم هذا الموسم خاصة في شطر الإياب، حيث يملك في رصيده تسعة أهداف وهو أكثر اللاعبين مشاركة داخل فريقه في البطولة بواقع31 مباراة·· نخص بالذكر أيضا نبيل درار الذي يواصل رسميته مع فريقه بروج البلجيكي ويسجل أفضل العروض هذا الموسم· لماذا يتخلفون؟ الأمر يبدو غريبا عندما يفقد هؤلاء اللاعبون نوعا من التألق الذين يعيشونه مع أنديتهم بأوروبا كلما التحقوا بالمنتخب الوطني، هؤلاء المهاجمون البارعون لا يقدمون التوهج الذي يميزهم في أوروبا، صحيح أن دورهم يبقى حاسما في هجوم الأسود ولا يدخرون أي جهد في تقديم أفضل العروض، لكن ليس بنفس المستوى الباهر، فعندما نقيس المستوى الذي يبصم عليه مروان الشماخ مع بوردو والنجومية التي بات يحظى بها، والصورة التي يظهر بها مع المنتخب المغربي ليتأكد مدى الفرق الشاسع بين شماخ بوردو وشماخ المنتخب المغربي·· ما قيل على مروان الشماخ يقال أيضا على يوسف حجي الذي وجد صعوبات بالغة في المباريات الأخيرة مع الأسود وافتقد البعض من بريقه، وكذا مبارك بوصوفة الذي لم يؤكد المستوى المتوهج الذي يميزه مع ناديه أندرليخت وتخلف في أغلب المباريات التي شارك فيها مع المنتخب المغربي· وبين الغياب والحضور كان بوصوفة يبحث عن مكان له في عرين الأسود قبل أن يجد طريق التألق في المبارتين الأخيرتين أمام التشيك والغابون· والأكيد أن الأجواء المختلفة هي ما تجعل هذا التناقض في الأداء، حيث الأسلوب التكتيكي يختلف وكذا الأجواء وعطاء الزملاء وانسجامهم، ليبقى هذا العطاء أيضا رهينا برغبة اللاعب نفسه والإجتهاد أكثر للمحافظة على نفس المستوى أكان داخل النادي أو رفقة المنتخب الوطني· مسؤولية المدرب يبقى هنا دور المدرب روجي لومير جد فاصل في تعبيد الطريق للاعبين لتفجير طاقاتهم وفق ما يقدمونه مع أنديتهم، وذلك باستغلال إمكانياتهم بشكل جيد والوقوف على ما يتميزون به من امكانيات، نعرف أن كل لاعب إلا وله نقاطه القوية وهنا يبقى على المدرب اختيار المكان الأنسب والمركز الذي سيجد فيه هذا المهاجم نفسه ويتألق فيه· وتبقى أيضا عناصر الراحة من ضمن الأسباب التي تساعد لاعبا ما على قوة العطاء خاصة عندما يتعلق الأمر بالمنتخب الوطني حيث من الواجب حضور الانسجام والتواصل بين اللاعبين، فعندما يغيب خيط التواصل فالأكيد أن العطاء يتأثر ليبقى المدرب هو المسؤول الأول والأخير في تحضير الأجواء المواتية النفسية والتقنية للاعبيه·