جيل ثالث من الوجوه بلمسة الإبداع ببلاد الطواحين لا يجادل أحد كون المدرسة الهولندية تبقى رائدة عالميا على مستوى التكوين وتفريخ النجوم العالمية، فكم هم النجوم الذين يصولون ويجولون حاليا في الملاعب ويحققون أروع النجاحات ويقودون أنديتهم ومنتخباتهم نحو الألقاب وتلقوا أبجديات اللعبة بمراكز تكوين أندية هولندية، والمغرب يبقى من البلدان المحظوظة قياسا بالكم الهائل من اللاعبين من أبناء جلدتنا الذين يمثلون عشرات الأندية وينشطون هذه البطولة ذات المميزات الخاصة· بطولة الأهداف يحسب للبطولة الهولندية أسلوبها الخاص والمميز الذي يهوى الإنفتاح الهجومي وحتى وإن كانت لا توازي بطولات من طينة الإسبانية والإيطالية والإنجليزية من حيث النجوم التي تؤثث فضاءها والمدربين العالميين وكذا الإشعاع الإعلامي والمتابعة الجماهيرية خارج أوروبا، فإنها تبقى بطولة تحتفظ بمزاياها وجماليتها وطابعها التشويقي، هي بطولة تهوى تسجيل الأهداف ومدربوها يميلون أكثر إلى الأساليب الهجومية ويرفضون الخطط الدفاع العقيمة، إذ غالبا ما تنتهي المباريات بحصص عريضة وتلك خطوة تحسب لبطولة "الإيريد فيزي" ذات الأسلوب المنفتح والذي لا يعطي مجال للدفاع فالأولوية تبقى للهجوم، أولا وأخيرا للهجوم· هولندا·· منبع النجوم حتى وإن كانت البطولة الهولندية تأتي في درجة غير عالية على الصعيد الأوروبي، فإن أسلوبها أو ما يعرف ب "الكرة الشاملة" يدفع بمجموعة من اللاعبين إلى إتخاذها قنطرة نحو العبور إلى دوريات أوروبية وازنة والإنتقال إلى أندية شهيرة، ذلك أن مجموعة من النجوم التي أثثت ومازالت تؤثث فضاء الأندية الأوروبية مرت بهذه البطولة وقوت هناك عودها ضمن أنديتها وترعرعت بين أحضانها، خاصة على مستوى المهاجمين على اعتبار أسلوب التكوين الهجومي الذي يميز المدارس هناك، نجوم من أمثال البرازيليين روماريو، رونالدو، والسويدي إبراهيموفيتش والصربي كيزمان وغيرهم مروا عبر المحطة الهولندية قبل أن يدخلوا بوابة التألق، ناهيك عن عشرات النجوم الهولندية الذين تألقوا في المحافل الدولية من أمثال كرويف وكرول وفان باسطن وغوليت ورايكارد وكلويفرت ودافيدز وسيدورف، أسماء تؤكد أن مجال التكوين لهولندا يبقى رائدا على المستوى العالمي· مغاربة المهجر تبقى هولندا من بين البؤر الأوروبية التي تعرف حضورا مغربيا وازنا وجالية بكثافة عديدة كبيرة، على غرار فرنساوبلجيكا، فكان طبيعي أن يفرز هذا التواجد حضور لاعبين بدماء مغربية يحملون ألوان العديد من الأندية الهولندية في مختلف أقسام بطولتها، ذلك أن الجيل الحديث بات يبدي ميولا كبيرا لاحتراف كرة القدم خاصة بعدما وجد إمكانيات هامة مرصودة أمامه تساعده على تفجير مواهبه وصقلها، وإن كان اللاعب المغربي هو عاشق للمستديرة المجنونة وله من المهارات والتقنيات التي تخول له النجاح في مساره وهو ما يفسر تألق اللاعبين المغاربة الذين يعتبرون من أقوى الجاليات التي تؤثث فضاء البطولة الهولندية بل يدافعون عن ألوان أكبر الأندية هناك· مركز أوروبي آخر سار الإتجاه في الفترة الأخيرة إلى الإعتماد على لاعبي المهجر، هؤلاء الذين تلقوا تكوينهم في أوروبا لتطعيم المنتخب المغربي بعدما أكدت التجارب أن بطولتنا لم تعد قادرة على إنجاب لاعبين لهم من الإمكانيات التي تخول لهم حمل قميص المنتخب الوطني وباتت الحاجة ماسة للإستنجاد بلاعبينا من الخارج، وبينما كانت الخطوات الأولى تتجه نحو فرنسا وكذا بلجيكا اللتان كانتا سباقتين لمنح الأسود لاعبين مغاربة، طفت على السطح في السنوات الأخيرة البطولة الهولندية التي وجدت فيها الكرة المغربية ملاذا آخرا للتنقيب على نجوم جديدة تستفيد من خبرتها، والواقع أن هذا التألق لم يكن مفاجئا على اعتبار الحضور المغربي المتألق ضمن أكبر الأندية الهولندية من أجاكس إلى فاينورد وأيندهوفن وأزيد ألكمار وغيرها، كلها أندية شاهدة على المواهب المغربية وتألقها ما يؤكد، على أن هناك جيل آخر قادم ضمن الفئات الصغرى لمجموعة من الأندية يشق طريقه على غرار الأسماء المغربية المتألقة حاليا والتي ينتظرها مستقبل لتسجيل اسمها في خانة نجوم البطولة الهولندية لتبقى هولندا محطة هامة، لنا كمغاربة لإغناء الرصيد البشري للأسود والإستفادة من التكوين هناك· الطاحونة الهولندية تخطف مواهبنا يبقى المغرب من بين البلدان التي عانت من شبح التجنيس في أوروبا، وحتى وإن كانت هذ الظاهرة قد أضحت صحية ويصعب إيجاد حلول لها فقد يبدو صعبا أننا نتابع مواهب مغربية نحن بحاجة لخدماتها تحمل ألوان دول أوروبية أخرى، الطاحونة الهولندية نالت من مغاربتنا فهي إن نجحت قبل أزيد من عقد من الزمن في خطف المهاجم بوستة الذي لم يعمر طويلا مع المنتخب الهولندي، إذ بالكاد كانت له خرجات قليلة أبرزها المباراة الودية التي واجه فيها الأسود هولندا (21) حيث لعب ضد المنتخب المغربي الذي كان يقوده آنذاك المدرب الفرنسي هنري ميشيل، اليوم نجحت الكرة الهولندية في خطف عنصرين بارزين ويتعلق الأمر بخالد بولحروز وإبراهيم أفلاي، إذ كان أغلى حضور لهما عندما شاركا مع المنتخب الهولندي في كأس أمم أوروبا الأخيرة التي نظمت بسويسرا والنمسا 2008، ناهيك عن اللاعبين الذين سبق وأن حملوا ألوان مختلف الفئات العمرية للمنتخب الهولندي لمرابط وبقال والعيساتي، ولعل شهية الهولنديين قد انفتحت أكثر نحو تجنيس المغاربة، إذ اشتكت الصحافة الهولندية من اتجاه الكرة المغربية نحو الديار الهولندية للتنقيب عن المواهب المغربية بعد أن نجح المسؤولون في الإستفادة من هداف البطولة الهولندية منير الحمداوي· ثورة الجيل الجديد قطعا لن يتوقف الحضور المغربي عند هذا الحد فالأراضي الهولندية المنخفضة لازالت قادرة على العطاء وإنجاب المزيد من المواهب المغربية الجديدة، قلنا أن الجيل الجديد المغربي بهولندا متحمس وموهوب ومتعلق بالمستديرة المجنونة، ويمني النفس في اقتفاء النجوم المغربية أو الهولندية واستشراف التألق، فكان طبيعي أن يظهر جيل معجون بالموهبة والإصرار يقوده ومن دون شك منير الحمداوي مهاجم ألكمار وهداف البطولة الهولندية بامتياز، وهو الآن يعتبر أحد أهم مكاسب الكرة المغربية في المرحلة الحالية بعدما كان قد أعلن انضمامه مؤخرا لحمل قميص الأسود، وأكد كريم الأحمدي لاعب فاينورد أيضا أنه من اللاعبين القادمين والقادرين على إعطاء الإضافة المرجوة للكرة المغربية، إبراهيم الزعري هو واحد من الحراس الشباب الواعدين وأحد الإكتشافات الجديدة حيث يلعب كأساسي بنادي دين بوش، إضافة إلى يوسف العكشاوي بنادي نيميخن وإسماعيل العيساتي بأجاكس وفؤاد عبد الحي بنادي بريدا وغيرهم من المغاربة الذين فرضوا إسمهم بالبطولة الهولندية ونجحوا في لفت الأنظار· تواصل وأدوات الإقناع يدرك الهولنديون أن الكرة المغربية أبدت ميولا كبيرا لأبناء المهجر ببلدهم، بل تسعى دائما للإستفادة من خدماتهم ومستوى التكوين العالي الذي تلقوه هناك، لذلك يسعى المسؤولون هناك إلى ضم اللاعبين المغاربة مبكرا إلى المنتخب الهولندي في الأقسام الصغرى وإغرائهم، إلى حين بلوغهم السن التي لا تسمح لهم بالإنضمام إلى المنتخب المغربي وهو ما حصل مع نور الدين لمرابط لاعب أيندهوفن الذي يلعب كأساسي للفريق ويملك فنيات هائلة ومع ذلك لا يتم اختياره مع المنتخب الهولندي للكبار بعدما لعب لمختلف فئاته الصغرى، وكان قد صرح أنه ندم كثيرا لحمله ألوان المنتخب الهولندي بعدما وجد نفسه خارج إطار الإختيار من طرف مدرب المنتخب الهولندي وكذا تجاوزه السن القانونية التي تخول له الإنضمام إلى المنتخب المغربي، والحالات تؤكد وجوب الرفع من إيقاع التواصل وأدوات الإقناع·· فقياسا مع المحيط الذي ينشأ به اللاعب المغربي هناك وكذا فضاء المنافسة والضغوط التي يعيشون تحت واقعها مع مدربي الأندية كل ذلك يفرض تغيير أدوات التواصل والضغط أكثر على الموجة المغربية القادمة بالأراضي الهولندية المنخفضة· أندية ببصمة مغربية الثقل المغربي يبدو واضحا على الكرة المغربية ليس فقط لأن لوائح الأندية الهولندية لابد وأن تضم لاعبا أو لاعبين أو حتى ثلاثة ولكن الأهم ذلك أن نجومنا المغربية هم من يتحملون مسؤولية قيادتها بأقدام من حديد ويعدون قطعا أساسية في تشكيلتها ذلك أن حضورهم يبقى وازنا وحاسما ولا أدل على ذلك ما يقدمه منير الحمداوي من عروض قوية لناديه أزيد ألكمار، بدليل أنه هدافا له بل للبطولة الهولندية بواقع 20 هدفا، فكم هي المرات التي قاد خلالها فريقه نحو الإنتصارات، بل إن تصدر ألكمار للبطولة الهولندية إنما يعود بنسبة كبيرة للحمداوي بفضل أهدافه الحاسمة ومستواه المتألق· ويوقع كريم الأحمدي على حضور جد رائع مع فاينورد، إذ منذ انتقاله إلى هذا الفريق هذا الموسم وهو يبصم على أداء رائع بدليل رسميته التي لا تناقش مع فريق يلعب أدوار طلائعية ويعج بالنجوم الأوروبية، ويبرز يوسف العكشاوي مع ناديه نيميخن إذ يكفيه فخرا أنه حمل شارة العمادة، وأكثر من هذا أنه يعد من هدافيه، حيث يحمل في جعبته ستة أهداف بالرغم من دوره الدفاعي، كما يعد علي بوصابون هداف فريقه أوتريخت بامتياز، فبعد تجربة احترافية مع الوكرة القطري عاد بوصابون ليجدد تألقه بالبطولة الهولندية، على أن هناك من الأسماء الموهوبة التي تتألق كما هو الحال لسعيد بوطاهر لاعب ويليم والذي طالما أشاد به صديقه منير الحمداوي واعتبره أحد أفضل اللاعبين المغاربة بهولندا، وأحمد عمي وفؤاد عبد الحي لاعبي ناك بريدا وكريم التوزاني مدافع سبارطا روطردام وبوعوزان بنادي نيميخن