إعترافات بخط اليد عندما تلتقي «المنتخب» مروان الشماخ هناك ببوردو، بمعقل النادي الذي يصنع العيد الكروي بعد الآخر بفرنسا، فلأن المهاجم المغربي يصنع الحدث بعد الآخر، المفرح منه والمبكي، المثير للدهشة والمثير للإستغراب.. يصنع مروان الحدث وهو يتوج مع بوردو بكل هذه الألقاب الدالة على أنه رجل المرحلة مثلما أن ناديه هو فارس هذا الزمان.. ويصنع مروان الحدث وهو يتوج أفضل لاعب كرة قدم مغربي سنة 2009 وثالث أفضل لاعب كرة قدم إفريقي في إستفتاء الأسد الذهبي للمنتخب.. ويصنع مروان الحدث وهو يتحول إلى نجم وهداف متنافس عليه من طرف كبريات الأندية الأوروبية. ويصنع مروان الحدث والفريق الوطني يغيب ليس فقط عن كأس العالم بجنوب إفريقيا ولكن أيضا عن كأس إفريقيا للأمم بأنغولا، بعد مشوار إقصائي كارثي.. فكيف بعد كل هذه الفواصل الساخنة أن تلتقي «المنتخب» مروان الشماخ بوردو، في هذا الزمن البارد بالخوف وبالإخفاق وبفقدان الثقة.. مروان الشماخ يفتح أكثر من هامش ويقدم أكثر من رأي ويكشف أكثر من حقيقة.. المنتخب: مروان، لا بد وأنك أخذت علما بأن «المنتخب» توجتك أفضل لاعب كرة قدم مغربي لسنة 2009 في استفتاء شارك فيه إطارا تقنيا وطنيا، وشارك فيه على الموقع الإلكتروني قرابة 200 ألف زائر؟ - الشماخ: قبل أن أكمل السؤال وقد تملكه فرح طفولي، طبعا أخذت بذلك علما، ولك أن تتصور مدى السعادة التي غمرتني وأنا أحظى بهذا التشريف الرائع، إنها المرة الثانية التي أمنح فيها هذا اللقب الفخري من «المنتخب»، أتصور أنه شيء رائع أن يجمع المدربون وزوار الموقع الإلكتروني على هذا التتويج الذي يكافئ في النهاية جهدا خارقا بذلته على مدار سنة بكاملها.. المنتخب: ليس هذا فقط، ولكن أنت أيضا ثالث أفضل لاعب كرة قدم إفريقي بعد الكامروني صامويل إيطو والإيفواري ديديي دروغبا في استفتاء «الأسد الذهبي» للمنتخب والذي شارك فيه كبارالنقاد الأفارقة والعالميين، أتصور أنك جمعت المجد من أطرافه. - الشماخ: كما لو أن الأحداث الرائعة تستنسخ، فقد سبق وأن كنت ثالثا في استفتاء سنة 2004، ومنذ ذلك الوقت وأنا أجاهد من أجل الإرتقاء إلى مراتب أعلى، إلى أن أكون بين أفضل نجوم إفريقيا. أستطيع القول أنني حققت الكثير من ذلك سنة 2009، ثم إنني في مقتبل العمر، وهناك سنوات أخرى أمامي أتطلع لأن أكون فيها بأفضل صورة. المنتخب: أن تكون أفضل لاعب كرة القدم إفريقي مثلا؟ - الشماخ: ولماذا لا؟ أنا أعمل باستمرار من أجل تحسين أدائي ومن أجل إستثمار كل الفرص التي تتاح لي لأكون في القمة، وحتما فإن الفوز بالأسد الذهبي كأفضل لاعب كرة قدم إفريقي يقترن بتحقيق نتائج إيجابية إن مع فريقي بوردو أو مع الفريق الوطني. المنتخب: أنت شخصيا، كيف قرأت سنتك الأخيرة التي أعطتك لقب أفضل لاعب كرة قدم مغربي وثالث أفضل لاعب كرة قدم إفريقي؟ - الشماخ: ليس هناك من شك في أنها كانت سنة رائعة وإيجابية، فقد فزت بثلاثة ألقاب، لقب البطل وأيضا لقب كأس العصبة الفرنسية، لم يسبق لي أن توجت بطلا لفرنسا مع بوردو، أكثر من ذلك جاء النصف الأخير من السنة بصورة أنطولوجية، حافظنا على صدارة الدوري الفرنسي وتأهلنا لثمن نهاية عصبة أبطال أوروبا بعد أن تصدرنا مجموعة مرعبة تواجدت فيه أندية قوية مثل باييرن ميونيخ الألماني وجوفنتوس الإيطالي، ما آمله اليوم هو أن أستمر بمشيئة الله على هذا النحو الرائع. المنتخب: أن تذهب بعيدا في عصبة أبطال أوروبا. - الشماخ: سنواجه في اللقاء الثمن النهائي نادي أولمبياكوس اليوناني، وأتحفظ شخصيا من كل الذين يتكهن به، فالكل يتوقع أن نمر بسهولة، لكنني أتوقعها مواجهة قوية، والتأهل إلى الدور الربع النهائي وهو إنجاز تاريخي بدون شك يحتاج إلى جهد بدني وأكثر منه إلى تركيز كبير على المباراة، أولا على متغيراتها، ثانيا وبالخصوص على جماعية الأداء التي هي مصدر قوتنا.. ثم إن رهاننا الآخر هو أن نحافظ على لقبنا في البطولة الفرنسية، وهو أمر غاية في الصعوبة ولو أننا نملك اليوم فارقا مريحا، إلا أن جولات الإياب ستكون بطبيعة خاصة جدا.. المنتخب: أنتم تخوضون لثالث موسم على التوالي تجربة اللعب بعصبة أبطال أوروبا واللعب بالدوري الفرنسي، هل تعتبرون أنفسكم اليوم مؤهلين للملاءمة بينهما؟ - الشماخ: هما مسابقتان مختلفتان شكلا ومضمونا، والفرق بينهما كبير إلى حد الذي يجعل القياس صعبا، بل ومستحيلا بعض الشيء، المهم أن بوردو تعامل بذكاء مع المسابقتين معا، إستفدنا من تجارب سابقة ليكون هذه المرة تعاملنا مع عصبة الأبطال رزينا وقويا، وأيضا تدرجنا في أدائنا إلى أن أصبحنا بمطلق الإستحقاق أبطالا لفرنسا.. وعندما أقول بوجود الفوارق فذلك يتعلق بالمناخات والثقافات الكروية وطبيعة المنافسين، وفي عصبة الأبطال الأوروبية غالبا ما ترجح كفة الفرق التقليدية التي لها دراية كبيرة بالمنافسة. المنتخب: ولكن بوردو كسر هذه القاعدة، وهو يتفوق نتيجة وأداء على جوفنتوس وباييرن ميونيخ. - الشماخ: لنقل أننا آمنا أكثر بقدراتنا واستفدنا في ذلك من مدربنا الذي عاصر كلاعب هذه الأندية الكبيرة، ويعرف أن الهزيمة أمامها تكون أحيانا بفعل مؤثرات نفسية أكثر منها تقنية أو تكتيكية. لذلك عندما يكون بوردو قد تجاوز الدور الأول في وجود فريقين من هذا العيار، فذاك معناه أنه وضع نفسه في خانة كبار القارة، ونحن سعداء جدا أن يكون هذا الأمر قد تحقق مع جيلنا، ثم إن السر الأكبر في هذا النجاح هو العمل على كافة النواحي ثم الثقة بالنفس. المنتخب: كانت سنتك ستكون نموذجية، لو أن ما حققته من ألقاب ومن حضور رائع مع بوردو، حققته أيضا مع الفريق الوطني، كثيرون قالوا أن ما منع الشماخ من أن يتقدم في ترتيب النجوم الأفارقة هو سنته الكارثية مع أسود الأطلس؟ المنتخب: ( يتنهد ويسحب نفسا قويا ثم يجيب بلكنة حزينة) تماما كما قلت، ما حدث كان كارثيا، لا تتصور كيف كانت أحلامنا كلاعبين، كنا نتطلع للتأهل لكأس العالم، وكنا نتطلع ليس فقط للتأهل لكأس إفريقيا للأمم بأنغولا، ولكن لنعيد ما أنجزناه سنة 2004 بتونس على الأقل. صدقا أنا محبط وفي قمة الحزن.. المنتخب: ماذا حدث يا مروان؟ - الشماخ: ماذا حدث؟ لا أعرف، ولكن أجد من المنطقي أن يتساءل الناس بدهشة أحيانا، بحزن وبأسف أحيانا أخرى عن كل هذا الذي أصاب الفريق الوطني فأقصاه من كأس العالم ومن كأس إفريقيا للأمم.. أظن ما عمق الكارثة والحزن وعظم الأسى هو أننا أخفقنا في الوصول إلى كأس إفريقيا للأمم، فهذا يحدث لأول مرة منذ سنة 1998. أنا بدوري أطرح عشرات الأسئلة، ولا أفهم، لا أدري لماذا نعجز عن بلوغ أشياء نخطط لها ونكون بكامل الأهلية لتحقيقها. - الشماخ: بماذا كنت تجيب نفسك كلما واجهتها بهذه الأسئلة؟ - الشماخ: تتملكني الحيرة، وإن كنت أظن أننا منذ سنة 2006 نتقدم خطوة لنتراجع خطوتين، من دون أن نفهم ذلك ومن دون أن نجد لذلك مبررا معقولا، أعطيك مثالا على ذلك، مروان الشماخ لماذا يجد نفسه مع بوردو ولماذا لا يجدها مع الفريق الوطني؟ إذا هو بوجه مع بوردو وبوجه غيره مع الفريق الوطني؟ الناس وأنا معهم أطرح هذا السؤال، أنا أعرف بل وأعترف بأنني مع الفريق الوطني أقل نجاعة وفعالية ولمعانا، لا أفهم لماذا؟ قطعا لا أتعمد ذلك ولا أتمناه، ولكن هذه مشكلتي وهي مشكلة لاعبين غيري.. المنتخب: طيب هل تشعر أن المشكل هو مشكل وظيفي، له علاقة بالنهج التكتيكي، بالطريقة التي توظف بها، باللاعبين الذين يحيطون بك؟ - الشماخ: صراحة لا أريد أن أحمل مسؤولية هذا الذي يحدث للمدرب، المدرب يدخلنا إلى الملعب ويمنحنا حرية التصرف، وأكثر من ذلك يعتمد على اللاعبين الأكثر جاهزية، ولا يمكن أن نلوم إلا أنفسنا، الفريق الوطني اليوم يمثل نقطة إستفهام كبيرة، وأنا في انتظار المدرب الجديد لأمحو كل البقع وأبدأ من الصفر.. المنتخب: المغاربة على قدر حزنهم الكبير على توالي الإخفاقات لا يضحون بلاعبيهم؟ - الشماخ: هذا الأمر أعرفه وهو ما يزيد في حزني، فأنا أتمنى دوما أن نصنع لهم الأعياد الكروية التي يستحقونها، لقد حملونا سنة 2004 فوق الأعناق، كان ذلك الذي رأيناه بعد عودتنا من تونس بلقب الوصافة برغم هزيمتنا في المباراة النهائية قويا وعميقا ومليئا بالدلالات، ما حدث جعلنا كلاعبين فخورين بمغربيتنا، وأتمنى من الله أن نوفق في تكرار ذات الأعياد. أعرف أن شخصي استهدف إعلاميا بعد الذي حدث شهر يونيو الماضي مع لومير، البعض ظلمني وتجنى علي، ولكن ما كان ذلك على قساوته ليهز مشاعري بالفرح كلما حضرت إلى المغرب للدفاع عن القميص الوطني. المنتخب: ماذا أحدثت بداخلك تصريحات يوسف حجي ومواقفه قبل آخر مباراة أمام الكامرون؟ - الشماخ: أتفهم موقفه، لا أعرف إن كنت سأفعل الشيء ذاته لو كنت مكانه، ولكن هناك حقيقة أقر بها، لقد كان يشاركني غرفتي عندما كنا بالغابون، وكان متحمسا ليلعب المباراة، كان معي ثلاثة مهاجمين، وإذا ما كان هناك مهاجم يستحق أن يكون إلى جانبي فهو يوسف حجي، لطالما أنه كان وقتها في قمة مستواه مع نانسي، ثم أن الحوار الذي دار بينه وبين المدرب أشعره بأنه سيكون رجل المباراة.. للأسف وقع الصدمة كان قويا عليه وهو يبلغ ليلة المباراة من قبل المدرب بأن الحاجة لن تكون ماسة له، لا أدري ماذا حدث بعد ذلك، ولكن بفعل تلك الصدمة فضل أن لا يجلس في دكة الإحتياط.. أنا أقول أنه شعر بنوع من الغدر، بنوع من الخيانة، وهو ما عبر عنه لكم عندما قال أن قرار تركه إحتياطيا كان أشبه بسكين يغرس في ظهره، كان أمرا محيرا أن يسمع يوسف كلاما قبل أسبوعين ثم يسمع نقيضه ليلة المباراة. المنتخب: أنت أيضا حركت موجة من الإنتقادات ضدك شهر يونيو الماضي عندما تغيبت، وقيل أنك رفضت دعوة لومير. - الشماخ: ولو أنها قصة قديمة إنتهيت منها ولم أعد أرغب في العودة إليها، إلا أنه إحتراما لقراء «المنتخب»، سأقول أن من يحمل المسؤولية بشكل كبير هي الجامعة التي كانت وقتذاك على علم بإصابة لم أصطنعها، بعد يومين من فورة الإشاعات خضعت لكشف بالرنين قال بضرورة التوقف عن اللعب لمدة شهر كامل، وأبديت الإستعداد للخضوع لكشف ثان بعد أسبوعين بالرباط.. وعندما طلب مني المجيء كنت في طريقي مع مستشاري إلى المغرب، إلا أن الجامعة قالت بضرورة أن أحضر لوحدي، وتزامن مجيء مع نفس يوم الإقلاع صوب الكامرون، طبعا الأمر أثار الإعلام الذي كان موضوعيا في التعاطي مع لاعب أعطى الإنطباع بأنه يرفض تقديم الدليل على إصابته.. وهنا تبرز مسؤولية الجامعة، فقد كانت لها كافة الإثباتات لتقول للمغاربة أن مروان الشماخ مصاب ولن يكون بمقدوره اللعب بالكامرون، ترى أليس من حقي أن أقول أن الجامعة عرضتني في كل ذلك إلى حملة إعلامية مجانية لم أكن أستحقها.. لو كنت أنا صحفيا لقلت نفس الشيء، لاعتبرت غياب لاعب بدون مبررات معقولة دليل على أنه لا يريد اللعب مع الفريق الوطني ويفضل قضاء إجازته، خاصة وأنني كنت قبل أربعة أيام متوجا مع بوردو بطلا لفرنسا. المنتخب: ولكنك لمحت في مناسبات بعينها إلى أنك قد تعلن إعتزالك اللعب دوليا؟ - الشماخ: لم تكن لي النية في أي وقت من الأوقات لأن أتخلى عن الفريق الوطني. المنتخب: وكيف هي علاقتك بالصحافة الوطنية؟ - الشماخ: علاقة خاصة جدا، لا ألتقي بها إلا عندما أحل بالمغرب مدعوا من الفريق الوطني، أحاول قدر الإمكان أن أطبع العلاقة بنوع من الحميمية، حتى أخرج من إطار العلاقة الجافة التي تقوم بين الصحفي واللاعب، وإن كنت أجد في ذلك متاعب لطالما أنني لا أتحدث اللغة العربية. علي أن أعترف أنني في البداية كنت متخوفا من الصحفيين المغاربة، أذكر سنة 2004 عندما حضرت لأول مرة ولم يكن عمري يزيد عن 19 سنة، توجه نحوي عشرة صحفيين، كلهم يريدون أن يعرفوا من أنا؟ من أين أتيت؟ وليقولوا لي.. أنت هنا لتسجل الأهداف.. كل ذلك جعلني أقول مع نفسي، هل حضرت في وقت مبكر، لم أكن على علم بالضغط النفسي الذي ينتظرني، إلا أن المدرب الزاكي والعميد نيبت سرعان ما تجاوزا بي هذه المرحلة الصعبة، عندما قالا لي.. إنهم لا يعرفونك وأمر طبيعي أن يجعلوك تقدم نفسك.. صدقا لم أكن أزر المغرب إلا في الإجازات، وعندما حضرت للفريق الوطني صدمني ذاك الذي شاهدته، لن أنسى تلك الصورة.. في الواقع لم أصدم ولكنني كنت خائفا.. المنتخب: يحرض الوضع الكارثي الذي بلغته الكرة المغربية على مستوى المنتخبات والفرق على طرح السؤال، كيف السبيل للخروج من النفق؟ هل هناك حلول برأي الشماخ؟ - الشماخ: يجب أن يحضر على رأس الفريق الوطني مدرب لا يؤثر فيه أي أحد، مدرب يتحمل كل مسؤولياته ولا يترك الصحفيين يملون عليه ما يجب فعله، ليس الصحفيين فقط ولكن أيضا رئيس الجامعة، أصدقاؤه والوكلاء، أنا مثلا إذا كنت سيئا، ووضعني المدرب في دكة البدلاء فلن أنزعج ولن أثور، ولكن إن أعطيت عشرين دقيقة للعب فسأبذل قصارى الجهود لأقدم الإضافة المرجوة.. بحسب رأيي يجب تنقية الأجواء أولا، ثم يجب منع كل ما يؤثر سلبا على عمل المدرب، تحصينه ضد كل ما يمكن أن يؤثر على إحترافية عمله، ولا يفرق في الذين يختارهم لحمل القميص الوطني، بين من يلعب بأوروبا وبالخليج وبالمغرب إلا بالأهلية والكفاءة والجاهزية.. للأسف توهمنا جميعا أن هناك لاعبين يصلحون للفريق الوطني ولاعبون لا يصلحون، والمؤسف أن التمييز تدخلت فيه عناصر خارجية، فهناك تأثير من وسائل الإعلام وهناك تأثير من بعض الوكلاء، وتأثير من محيط المدربين، والنهاية في ظل هذه الأجواء تصبح حتما كارثية.. أنتهي إلى أن المدرب يجب أن تكون له شخصية قوية، نافذة وتعمل بكامل الأريحية، لنأخذ مثلا عبد السلام وادو، قبل لقاء الغابون كان بلياقة وجاهزية كبيرة، إلا أنه تفاجأ لعدم إشراكه، أنا لا أنقص في ذلك من قيمة أمين الرباطي أو طلال القرقوري اللذين لعبا المباراة، ولكن أعتبر عدم إشراك وادو خطأ كبير، مع يوسف حجي حدث نفس الشيء، لذلك أصر على أن المدرب القادم يجب أن يتحمل كامل مسؤولياته.. وإذا كان هناك من نموذج على هذا المدرب الذي أقصده فهو بادو الزاكي، لقد كان صارما، منضبطا وإحترافيا في عمله، لا يفعل إلا ما هو مقتنع به، ولا يتأثر بأي كان ولا ينحني أمام أي ضغط أو ثيار، وأبدا لم نسمع أنه خضع لإرادة صديق أو وكيل من الوكلاء. المنتخب: في حوار إنفرادي ل «المنتخب» مع وليد الركراكي عرض الأخير للبلبلة التي أحدثها الوكلاء داخل الفريق الوطني؟ - الشماخ: لا أعرف إن كان للمدرب وكيل أعمال أم لا.. ولكن في المغرب إن كان للمدرب وكيل أعمال، فإنه لا يكون مضطرا للإعتماد على اللاعبين الذين يدير أعمالهم ذات الوكيل. في بوردو الأمر هو ذاته، إذ لا يكون المدرب ملزما بإدخال لاعبين لمجرد أن لهم نفس الوكيل، في النهاية أي شيء يمكن أن يؤثر فيه الوكيل؟ سيكون خطيرا للغاية أن يأمر وكيل مدربا بإشراك لاعب بحجة أنه سيمنحه عمولة في حال إنتقاله إلى فريق آخر، لو حدث هذا فإنه ضرب كامل للأخلاقيات. المنتخب: وهذه المشاكل التي تبرز أحيانا بين لاعبين مغاربة يمارسون بفرنسا وآخرين يمارسون بأوروبا، هل لها طبيعة عنصرية؟ - الشماخ: مؤسف للغاية أن تبرز مثل هذه الأشياء، فنحن جميعا مغاربة، لا يوجد فرق بين مغربي يلعب بفرنسا وآخر يلعب بأوروبا أو حتى بالمغرب. بماذا نحن متهمون؟ بأننا نلعب في بطولة مستواها الفني وإيقاعها البدني أقوى منه في المغرب.. ثم لماذا ننحرف بالسؤال ونرمي بتهمة أننا لا نبدي حماسا للعب مع الفريق الوطني؟ نحن نلعب بفرنسا وبأوروبا نمثل المغرب ونسعد أيما سعادة بحمل القميص الوطني، والذين يقولون عكس ذلك لأنهم يعتقدون أنه من الضروري تفضيل اللاعب الممارس بالمغرب على اللاعب الممارس بأوروبا، ما عليهم إلا أن يقصوا حكاياهم هاته على الأطفال.. ثم إن من يقدمون حجة أننا نخضع لسلطة المال، فهذا منتهى الهراء، المال لا يمكن أن يصرفنا عن أداء الواجب، وإن كان الأمر كذلك ما وجدت لاعبين يلعبون للبارصا أو للريال، لمانشستر أو جوفنتوس وهم يتقاضون رواتب فلكية ويتحمسون للعب مع منتخباتهم. لحسن الحظ ليس هناك لاعبون مغاربة مع هذه الأندية وإلا لكانوا نسجوا حكايات أخرى من وحي خيالهم.. المنتخب: مروان ما موقفك من لاعبين أمثال يونس قابول، عادل رامي وكريم أيت فانا وغيرهم من أصول مغربية وينتظرون المناداة عليهم لمنتخب فرنسا، هل تعطيهم الحق؟ أو تظن أنهم واهمين؟ وهل حاولت عند لقائك بهم أن تشجعهم على حمل قميص الفريق الوطني المغربي؟ - الشماخ: لا بد وأن نتحدث هنا عن مسؤولية تتحملها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فهي مطالبة بأن تتخذ تدابير وتقدم على مبادرات لتقترب أكثر من هؤلاء اللاعبين بهدف إقناعهم بحمل القميص الوطني.. أحب أن أقول لمسؤولينا أفيقوا، إننا نضيع الوقت ونفرط في لاعبين من أمثال قابول ورامي، الذين يمكنهما لعب مباراة أو مبارتين مع منتخب فرنسا، وتكون لهما نفس القيم التي هي لنا، لست أدري فقد كنت سأواجه بنفس الأمر لو لم أتخذ في سن 19 قرارا باللعب للفريق الوطني. صحيح أن منتخب فرنسا يحيط اللاعب بأضواء كثيرة، يرفع قيمته وسومته، ولكنني أقول لرامي وقابول وغيرهم إنتبهوا جيدا، أولا نحن بحاجة إليكم داخل الفريق الوطني، ثانيا أصولكهم مغربية قبل كل شيء. لست أدري إن كنت شخصيا أصبتهما (رامي وقابول) بالملل عندما أقول لهما دائما المغرب بحاجة إليكما، فيرداني علي بأنهما سيفكران جيدا بالأمر، إلا أنني موقن أنهما إلى الآن غير متحمسين، وهذا ما يحبطني ويقلقني، وإن كنت أتفهم الموضوع، فكما يقولون الأذواق والألوان لا تناقش.. المنتخب: كل ما لعبته إلى الآن ثلاثة أدورا نهائية لكأس إفريقيا للأمم، ألا يحزنك أنك لم تلعب إلى الآن أي كأس عالمية؟ - الشماخ: طبعا يحزنني ذلك، فعندما لا أتمكن من الوصول مع الفريق الوطني إلى كأس العالم 2010، فهذا معناه أن غصة كبيرة ستظل في الحنجرة، لا أدري إن كان سيكتب لي أن أستمر طويلا في الملاعب، ولكن أشعرني الإقصاء هذه المرة بإحباط كبير، فقد كانت لنا مجموعة جيدة، كانت كل الأوراق بين أيدينا، إلا أننا فرطنا فيها الواحدة بعد الأخرى. المنتخب: أعود بك إلى موضوع أثار جدلا كبيرا، ويتعلق بتخلفك عن السفر مع فريقك بوردو إلى إسرائيل للعب مباراة شكلية عن عصبة أبطال أوروبا، البعض قال أنك تعمدت ذلك لتعاطفك مع القضية الفلسطينية، والبعض قال أنك أخطأت في تصريحاتك لأنك لاعب محترف ويؤمن بصدام الثقافات، هل تعطينا جوابك أنت؟ - الشماخ: الأمر واضح فأنا أدافع باستمرار عن القضية الفلسطينية، وأرى أن سياسة الإستيطان الممارسة هناك لا تزيد المشاكل إلا إستفحالا، الكل يقول نفس الكلام، ولكنني في النهاية لست سياسيا لأدخل في التفاصيل، أنا لاعب كرة قدم، وإذا لم أكن قد سافرت إلى إسرائيل فلأن المدرب لوران بلان أعفاني من السفر وأعطاني عطلة وأنا وخمسة لاعبين آخرين، ثم إن كان ذلك من صنف رب ضارة نافعة فأنا سعيد بأنني لم أسافر إلى هناك، كنت سأشعر بنوع من الإختناق، وعندما ألعب مكرها فإن ذلك يذهب كل متعة عندي.. المنتخب: مروان شيء آخر يثير جدلا في الأوساط الرياضية، نهاية عقدك مع بوردو، تهافت عدد كبير من الأندية الكبيرة للتعاقد معك، هل حسمت في الفريق الذي ستنضم إليه؟ - الشماخ: صراحة إلى الآن لا أعرف، ما أركز عليه أنني وإلى غاية شهر يونيو سأظل مرتبطا ببوردو، وعلي أن أجعل من هذه الأشهر سعادة مضافة لتلك التي عشتها على طول المواسم التي قضيتها هنا ببوردو. أمامنا لقب بطولة فرنسا الذي ندافع عنه، أمامنا مغامرة عصبة أبطال أوروبا التي نتطلع إلى أن تطول.. أعرف أنني سأذهب إلى أنجلترا، ولكن لا أعرف لأي فريق أنجليزي سألعب، أعرف أنني سأكون حرا بعد أربعة أشهر وأنه سيكون بمقدوري أن أوقع مع من أشاء، لدي عروض، ولكن ما أنا حريص عليه هو أن يكون الإختيار جيدا.. هذا بالضبط ما أريده، لذلك لا أستعجل القرار.. المنتخب: أدعوك لوضع خاتمة لهذا الحوار؟ - الشماخ: ليثق بي الجميع، فأنا لم أتذوق جيدا طعم الإنجازات التي حققتها مع بوردو، لأنني كنت أتمنى لو تأهلت أيضا مع الفريق الوطني إلى كأس العالم بجنوب إفريقيا، وبخاصة إلى كأس إفريقيا للأمم بأنغولا والتي كان بمقدورنا أن نحقق فيها أشياء كثيرة.. أقدر الحزن الذي يتملك المغاربة، وأتمنى صادقا أن نتعبأ جميعا مسؤولين، مدربين، لاعبين، إعلاميين وجماهير من أجل أن نضع للفريق الوطني إنطلاقة جديدة، ما علينا إلا أن نعمل ونخلص في العمل والله سبحانه وتعالى سيكافئنا على عملنا.. أشكر «المنتخب» الجريدة التي هي باستمرار صلة الوصل بيننا وبين الجمهور، بدليل أنها حضرت إلى بوردو لتعطيني فرصة التواصل مع المغاربة..