لو يعيد الوداديون الراشدون وليس المأجورون والمتعصبون ما أوردته وقلته قبل فترة من الآن، كون طوشاك راحل والوداد علامة صامدة في الزمان والمكان، وكون هذا المدرب هو نسخة غير متطابقة مع الويلزي الذي أخذنا بسحره ذات زمن رفقة الريال وليفربول، بسبب بعض حماقاته التقنية التي تستبلد ذكاءنا، فإنهم بكل تأكيد سيلتمسون لنا أجر الإجتهاد ويعترفوا كوننا طرقنا جرس الخطر قبل أن تهوى المطرقة والفأس على الرؤوس بتلك الحدة ببرج عرب الإسكندرية. يومها خرج «الطوشاكيون» من جحورهم ومورست حرب هوجاء لا هوادة فيها على صاحب هذه الزاوية، تخطت حدود المسموح به ووضعت الويلزي في خانة الحرمات المقدسة التي لا يأتيها باطل وممنوع المساس بها، وتم تسخير فلول الفيسبوك وباقي المواقع الإفتراضية وغير الإفتراضية لشن هجمات افتقدت الحد الأدنى من اللباقة. حذرت من كون طوشاك سيهوى بحلم العصبة في بئر لا قرار له، وقلت أن أسلم الخيارات وأقربها للمنطق هو طلاق رحيم لا ضرر ولا ضرار فيه مباشرة بعد ضياع الدرع الثاني تواليا وبتلك الطريقة السمجة والساذجة في معابر سهلة لم يحسن الوداد اجتيازها، كي يتيح في الصيف لقائد سفينة جديدة وقتا ليمخر عباب ما تبقى من مسار العصبة. اليوم من كانوا موالون لطوشاك إنقلبوا عليه، ومن رفعوه لعنان السماء طالبوا برضخه أرضا، ومن نصبوه علامة وفقيها يسخرون منه ويحلونه ما يطيق وما لا يطيق.. لنترك طوشاك جانبا، ونعيد تفتيت ما حدث بالإسكندرية ليلة السقوط العظيم أمام زمالك أكثر من عادي وبتلك الطريقة المثيرة حقا للمشاعر لما رافقها من رعونة وميوعة فاجأت الجميع، ونبحث عن مسببات ضياع نصف الحلم في انتظار مطاردة الشعرة الرهيفة المتبقية هنا بالرباط. أليس الناصري هو من دافع على طوشاك يوم اقترب حبل الإقالة من وريده، بل خرج في اليوم التالي ليؤكد استمراره وبعقد محصن وبمزايا أكبر وشروط تمديد جديدة، لا لشيء سوى لكونه عاد بانتصار خادع من أبيدجان على حساب الأسيك؟ ألم يحمل بلاغ الناصيري كلمة مرت على الجميع حين قال «نأسف ونعتذر مرة أخرى» لجمهور الوداد، ومرة أخرى تعني أنه أخطأ في السابق ولم يحدد أين وكيف تم ذلك؟ ألم يقل طوشاك للناصري مرارا وهو يورد على مركب بنجلون لاعبين بالجملة «أنت تشتري من تشاء وأنا ألعب بمن أريد» وفي ذلك إيحاء وإشارة على انفصال خيط الإتصال والتناغم بين الإثنين، واحد يشرق والثاني يغرب؟ ألم يخرج طوشاك مرة ليقول «غوسطافو، من هو غوسطافو أنا لا أعرفه لقد تابعته مرة واحدة وكان بالمدرجات» ،وعاد ليقول أنه لا يعرف شيكاطارا من قبل وسينتظر اختباره بالسعودية ليتعرف عليه؟ في سخرية كبيرة من مواقف رئيس كان يعتقد أنه بصدد توقيع صفقات مهمة مع لاعبين أجانب، سرعان ما كان الرد يأتي قويا وصادما من طوشاك بتسفيه قدراتهم؟ ألم يكن الناصري يفاوض سرا مدربين وبالعلن يظهر دعمه لطوشاك، دون أن تنطلي هذه الحيل على الويلزي الخبير الذي أحس أن أيامه صارت معدودة فحدث المحظور بأن تعطل إبداعه وما عاد قادرا على الإتيان بجديد؟ هل يقنعنا أحد بأن 34 لاعبا الذين ضمهم الناصيري في سنتين ورحل بعضهم دون أن يلعب ولو دقيقة، وآخرون كلفوا الفريق الكثير بلا بذل بالملعب يعرفهم طوشاك وهو من اختارهم؟ ألم يدبر الناصري بطريقة سيئة تعاقدات غريبة مع أجانب نصفهم في خلاف مع الفريق (ديارا وسيسوكو وسيسي)، وبعضهم رحل غاضبا كوني وهارون كاتيبي وبادارو، وحتى شيكاطارا الذي أثار الدنيا فحوله طوشاك لرقم على الهامش؟ أليس الناصري هو من نفى الإدارة التقنية، فأقال سولير ولم يضم مغربيا حكيما لهذا الورش يراقب طوشاك ويحصي أنفاس وتحركات واختيارات الويلزي؟ أما صديقنا طوشاك، أليس هو من أرغم حسني الذي أجمع الكل على موهبته على الرحيل القسري وأفقده بعدوانية ثقته بالنفس؟ أليس هو من اضطهد كوني ورفض عودته؟ وهو من تحدى الرئيس ليقزم قرارته بتعمد تجاهل شيكاطارا موقع هدف الصدارة بزامبيا، وهو من لم يضم لمرابط لقائمة الفريق ولم يرح الكرتي ولا مباراة، وهو من دخل في حرب نفسية مع النقاش، تارة يلعب وأخرى يخرجه من الحسابات؟ من حق طوشاك أن يحضر ندوته الصحفية في الإسكندرية ليعلن أن من كانوا بملعب برج العرب هم أطفال صغار، لأن هؤلاء الأطفال هم من حرصوا على بقائه يوم إلتف حول رقبته حبل الإقالة بتحقيق الإنتصار تلو الآخر، ويوم احتاجه هؤلاء الأطفال المفتقدون لخبرة نصف نهائي العصبة باستثناء رابح وفال وخضروف، لم يجدوا غير شبح وكاركاس المدرب طوشاك الذي عرفناه سابقا. لكل هذا وذاك لو نضع طوشاك «برج العرب» في ميزان الإعراب لانتهينا لخلاصة أنه فعل ماض ناقص وضمير الغائب إن لم يكن لا محل له أصلا من الإعراب.