في هذا الحوار نقف مع محمد فاخر عند المشاركة المغربية الباهثة في كأس إفريقيا للمحليين التي تحتضنها رواندا حاليا، وهي المشاركة التي خيبت آمال المغاربة الذين كانوا يتطلعون إلى التتويج مع هذا المنتخب الذي توفرت له كل الظروف المادية واللوجيستيكية، المنتخب المغربي للمحليين لم يكن في المستوى، ولم يقدم مباريات كبيرة في (الشان)، ما جعله يطرح العديد من علامات الإستفهام حول وضعية البطولة الإحترافية ومقارنتها مع نظيرتها الإفريقية، حملنا كل الأسئلة الملغومة للناخب الوطني، ماذا جرى للمنتخب الوطني؟ لما ظهر بهذه الكارثية؟ وهل كان فاخرا محقا في بعض إختياراته؟ وهل ظلم بعض اللاعبين؟ ثم لماذا طالب بتشريح حقيقي للكرة المغربية في الظرفية الراهنة؟ المنتخب: بداية هل فعلا كنت قد صرحت بأن المنتخب الوطني ذاهب لرواندا من أجل الفوز بلقب كأس إفريقيا للمحليين؟ فاخر: شكرا لك على هذا السؤال، وأغتنمها فرصة لأوضح الأمور أنا لم أقل بأنني ذاهب لرواندا للتتويج باللقب الإفريقي، ولم يسبق لي أن قلت هذا في وسائل الإعلام، قلت بأنني ذاهب للبحث عن الفوز في المباريات التي سنخوضها، أولا إجراء مباراة بمباراة ثم البحث عن بطاقة التأهل للدور الثاني وبعد ذلك سيكون كلام آخر، ولتأكيد هذا الكلام عودوا لكل لقاءاتي الإعلامية، وستتأكدون مما قلته، ويمكن ذلك جاء بإجتهادات من وسائل الإعلام عندما رأت المستوى الكبير الذي ظهر عليه المنتخب في مباراتي ليبيا وتونس، قالت بأن هذا المنتخب بمقدوره الفوز باللقب الإفريقي، أنا مسؤول عن كلامي وما قلته كان هو أن تكون المشاركة مشرفة والسير بعيدا في هذا المسابقة. المنتخب: ولكن هذا المنتخب توفرت له كل الإمكانيات المادية واللوجيستيكية، فلماذا لا يلعب من أجل المنافسة على اللقب الإفريقي؟ فاخر: فعلا أشاطرك الرأي، الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لم تترك لي مجالا في الحديث عن الإمكانيات، هذا جانب تحدثت عنه، إذ وفرت لنا كل الظروف الممكنة لتحفيز اللاعبين قصد مشاركة موفقة، كانت التحضيرات في المستوى المطلوب، وحتى الرحلة إلى رواندا كانت في أجواء جيدة، مع كامل الأسف وقع ما وقع في المباراة الأولى، حيث قدمنا مستوى ضعيف وسقطنا في التمرير الخاطئ وظهر المنتخب الوطني بصورة غير التي كنت أعرفها. المنتخب: لنقف عند الجملة الأخيرة ما الدافع الذي جعلك تقول بأنه ليس هذا هو المنتخب الذي كنت أعرفه؟ فاخر: فعلا قلت بأنه ليس هذا هو المنتخب الذي كنت أعرفه، فقد تغير عني كثيرا مقارنة مع مباراتي ليبيا وتونس، ولعل في هذا التغيير عوامل كثيرة أبرزها تعرض بعض اللاعبين للإصابة، وهناك من لا يستقر على أدائه، بالإضافة إلى عدم إجراء مباريات ودية لقياس جاهزية اللاعبين، ومدى قدرتهم على العطاء والتنافسية أمام لاعبين أفارقة يتميزون باللياقة البدنية العالية والقامات الطويلة، بدون أن ننسى الضغط الذي عشناه على مستوى تحديد اللائحة النهائية وكانت البطولة الإحترافية لم تتوقف، إذ لم يكن هناك متسع من الوقت خلال ذهاب وإياب التصفيات، إرتكبنا عدة أخطاء في المباراة الأولى وعانينا كثيرا على مستوى خط الوسط والهجوم، كل هذه الأمور كان بالإمكان معالجتها بالمباريات الودية، بالإضافة إلا أننا لم نفرق بين السرعة في بناء العمليات والتسرع، كما أن لاعبين كنا نراهن عليهم لتقديم الإضافة المطلوبة لم يكونوا في مستوى عطائهم، ولكن بالمقابل قدم الدفاع أداءا جيدا وهذا هو المهم، وبالتالي ف (الشان) سيمكننا من وضع تقييم شامل حول المستوى العام للمنتوج الكروي الوطني، مقارنة مع الكرة الإفريقية التي تطورت كثيرا، لهذا يجب وضع تقييم حقيقي لكرتنا مع الكرة الإفريقية حتى يمكن أن نرسم الطريق السليم للإرتقاء بمنتوجنا الكروي، وإذا أخطأنا في التقييم والتشريح فإن الوضع سيبقى على ما هو عليه، وسنجتر نفس الكلام الذي قلناه قبل أربعين سنة. المنتخب: خلال المباراة الثانية، ظهر المنتخب بصورة أفضل من المباراة الأولى، بفعل التغييرات التي طرأت على التشكيلة، وظل الوضع على ما هو عليه، فخسرنا أمام الفيلة، ماذا حصل للمنتخب الوطني؟ فاخر: أمام منتخب كوت ديفوار لم يكن عامل الحظ أمامنا حيث قدمنا شوط أول في المستوى وكنا قريبين من التسجيل مع كامل الأسف جاءت ضربة الجزاء ضد التيار وبعثرت كل الأوراق، اللاعبون في هذه المباراة قدموا أفضل ما لديهم من إمكانيات، وهذا هو الحد الذي يمكن أن يصلوا إليه ما عدا ذلك ففوق طاقتك لا تلام، لهذا سأقولها بشجاعة أنا من يتحمل مسؤولية النتائج التي حصلنا عليها في (الشان)، ولن ألوم اللاعبين لكونهم قدموا ما لديهم من إمكانيات في هذه التظاهرة. المنتخب: ظل المنتخب الوطني للمحليين في عطالة لأربعة أشهر، لماذا لم يخض فيها ولو مباراة ودية واحدة ضد منتخب إفريقي؟ فاخر: لم يكن بودنا فعل ذلك لكون الأندية كانت ملتزمة بمباريات البطولة وفي منافسات كأس العرش ذهابا وإيابا، وكل الأندية كانت بحاجة للاعبيها خوفا من الأعطاب، لذلك قررت متابعة اللاعبين الذين كانوا قد شاركوا في التصفيات، والواقع كانوا يظهرون بمستوى جيد، لكن المباريات الودية هي التي تحدد لك مؤهلات اللاعبين، قبل المشاركة في (الشان)، مع الأسف هذا لم يحدث إذ دخلنا مباشرة في المباريات الرسمية، ولن ألوم اللاعبين لكونهم قدموا ما لديهم من إمكانيات في المباريات. المنتخب: بعض اللاعبين خيبوا الظن بأدائهم، هل كنت تتوقع هذا الأداء؟ فاخر: المقياس الحقيقي لمعرفة أداء اللاعبين هي المباريات الودية، نحن لم نجر أي مباراة، آخر مباراة ودية أجريناها قبل سبعة أشهر، نحن جئنا مباشرة للمباريات الرسمية، وبالتالي لم يعد لك مجال في التجريب، صحيح هناك لاعبون خيبوا الظن ويظهرون بمستويات عالية مع فرقهم لكن المواجهة مع الأفارقة وضعتنا في الصورة الحقيقية، وهنا لن ألوم أي لاعب مادمت أنا من يتحمل كامل المسؤولية. المنتخب: لكن ألهذا الحد أصبح منتوجنا الوطني غير قادر على مقارعة المنتخبات الإفريقية وحتى العادية منها؟ فاخر: إن منتوجنا الكروي بحاجة لتشريح حقيقي لمقارنته مع المنتخبات الإفريقية، تمنيت لو أوفدت الأندية الوطنية الكبيرة مندوبيها التقنيين هنا لمتابعة المنتخبات الإفريقية للوقوف عند المؤهلات التي أصبحت عند اللاعب الإفريقي حتى يمكن لنا معرفة الداء لإيجاد الدواء الحقيقي، إن الكرة الإفريقية تطورت كثيرا وعرفت قفزة كبيرة وبالتالي يجب علينا أن نكون صرحاء ومنطقيين مع أنفسنا، فإذا لم نقم اليوم بتشريح حقيقي ووضع الاليات الحقيقية لإنقاذ الكرة المغربية من هذا الوضع فإن الوضع سيبقى على ما هو عليه، وسنعيد نفس الكلام، نفس الخطاب، ونفس الوضع. المنتخب: عاب عليك الكثيرون أنك ظلمت بعض اللاعبين عندما لم تنادي عليهم، هل فعلا ظلمت البعض منهم؟ فاخر: أولا لا بد من التأكيد بأن اللاعبين الذين حققوا التأهل هم الذين ضمتهم اللائحة، تصور معي لو قمت بتغييرات كبيرة على التشكيلة قبل الذهاب لرواندا ووقع ما وقع، ماذا سيقولون اليوم؟ سيقولون إن فاخر كان أحمقا عندما تخلى عن اللاعبين الذين حققوا التأهل، لقد إعتدنا على مثل هذا الكلام، ونفس الخطاب، حافظت على نفس العناصر الذين إشتغلنا معهم طيلة سنة ونصف، والواقع عرى الحقيقة في (الشان)، لهذا فالتشريح هو الحقيقي، لدينا رجالات من المستوى العالي، ويمكن لهم أن يحددوا الإستراتيجية الحقيقية للنهوض بالكرة المغربية على الواجهة الإفريقية. المنتخب: ألهذا الحد وصلت إليه كرتنا الوطنية؟ فاخر: نتوفر على لاعبين يتميزون بمؤهلات تقنية جيدة وفرديات أيضا جيدة لكن كرة القدم اليوم تعتمد على الجماعة، علينا أن نعيد تركيب الأمور من ناحية الأداء، شاهدتم كيف يصل اللاعب الإفريقي للمرمى في رمشة عين، كرتنا الوطنية عليها مراجعة الأوراق قبل فوات الأوان ولنا متسع من الوقت لنصحح الوضع، حتى لا نجد أنفسنا بعيدين عن التطور الذي تعرفه الكرة الإفريقية. المنتخب: قضية أكردوم وكاروشي أخذت نقاشا كبيرا هل من توضيح في هذا الموضوع؟ فاخر: أولا أكردوم أصيب بالمغرب، وكان لا بد أن نصطحبه معنا إلى رواندا حتى يتم فحصه من طرف اللجنة الطبية ل (الكاف) كما هو معمول به، أما كاروشي فقد كان أمامه أسبوعين ليستعيد عافيته وبما أنه يتوفر على مؤهلات جيدة إرتأيت أن يحضر مع المنتخب الوطني لنقحمه في المباراة الثالثة أو في حال ضمن المنتخب الوطني التأهل للدور الثاني، وفعلا كان يتدرب مع المجموعة بشكل عادي، إلا أن الإصابة تجددت له بالنظر لسوء أرضية ملعب التداريب، ما جعلنا نضعه خارج اللائحة، وهو الشيء الذي بعثر كل الأوراق خاصة وأنني كنت أراهن على إشراكه في المباراة الثالثة ضد رواندا. المنتخب: أنت اليوم في موقع إنتقاد حقيقي، كيف ستواجه هؤلاء الذين إنتقدوك وإنتقدوا إختياراتك، والمشاركة الباهثة في (الشان)؟ فاخر: في حياتي الكروية، تعرضت لهزات كثيرة، نحن نشتغل في مجال شعبي، وكل المدربين الذين سبقوني والذين سيأتون بعدي سيتعرضون لنفس الإنتقاد لأن هناك واقع، وهذا الواقع إنكشف في كأس إفريقيا للمحليين، ووضعنا في الصورة الحقيقية التي يجب فيها أن نضع المقارنة، أنا لن أتهرب من المسؤولية، ولن أختبئ وراء المبررات، ما زلت أكررها كرتنا الوطنية بحاجة إلى وقفة تأملية، إلى سكانير حتى نطور من الأداء ونسير في نفس الإتجاه الذي تسير فيه الكرة الإفريقية.