هل يعرف مومن وبناصري أن إنقاذ ماء وجه الكرة المغربية يمر عبر الكاميرون وبالفوز بلا قيد ولا شرط إلا بالعين القوية والرؤية الخفية والقدرة التقنية والإختيار الصائب والقراءة الجيدة للخصم وغيرها من أولويات اللحظة، لأنهما المسؤولان الرئيسيان لمباراة رد الإعتبار مع استثناء كل من عموتا والسلامي لكونهما يدخلان في نظري جانب الإقتراح والرأي الآخر والإستشارة التي قد تصيب ولا تصيب؟ وهل يعرف مومن وبناصري أن الكاميرون ليست هي الطوغو والغابون اللتين أضاع خلالها الطاقم والمنتخب المغربي فصول نقاط غنية تغنينا عن العتاب واللوم والسوط، وتحميهما من ألسنة مسؤولة ومن كل الزوابع التي لا يرضاها مطلقا الجمهور المغربي؟ وهل يعرف مومن وبناصري أن المسؤولية الكبرى في التدريب وقبول منصب كبير يحلم به أي إطار مغربي وأجنبي ليست مسؤولية سهلة على الإطلاق حتى ولو وضعا معا في سياق بلاغ جامعي مفخخ بين قبول الإيجاب والسلب للنتائج، بل مسؤولية تاريخية تعلو على الجامعة وعلى الكل وتمنح لأي مدرب القدرة على إثبات المهنية والإحترافية للتعامل مع النتيجة والتأهل بالقيمة التي يريد أن ينجح من خلالها أي مدرب؟ كان على مومن وبناصري وحتى السلامي وعموتا تشكيل رباعي سميته كومندو المرحلة أن يؤمنوا جميعا بأن حصد النقاط يغني عن السؤال لتغيير ما أضاعه لومير، كما يؤمنوا بمصير حلم لن يعود مطلقا إليهم لتدريب المنتخب مجددا، على الأقل لتغيير صورة المنتخب وقناع المنتخب الخبيث في عقليته وتواصله وتلاحمه وغيرها من أشكال التمزق الذي راعه الطاقم بتصريحاته قبل بداية النزالان السابقان أمام الطوغو والغابون؟ ويحز في نفسي أن بعض المدربين منهم القدامى والجدد يضعون أنفسهم موضع الجلاد للمحترفين على أنهم المسؤولون عن الهزائم والإقصاءات، كما ينادون بإقصاء الكل، والعودة إلى مشروعية البطولة، وبعضهم قال أن المحترفين لايفقهون في الكرة الإفريقية أي شيء، وبعضهم قال أن مستواهم ضعيف ومتوسط، وبعضهم قال أنهم لا يلعبون بالقتالية·· وزيد وزيد·· إلا أني لا أومن بمصداقية هذا القول الفني المنبعث أصلا من رأي أحترمه، لكون الحقيقة الجوهرية في ميثاق النصر والتأهل قد تكون مخالفة لو جاز لهذا المنتخب المغربي أن يكون عاصفة لكل المنتخبات، ولو فاز على الطوغو وعلى الغابون لما حدث كل هذا الذي يضع البقرة أمام سكاكين منصولة·· ولو فاز مومن وطاقمه لاعتبر كومندو المرحلة·· وربما نمنا جميعا على تأهل منطقي لكأس إفريقيا ونلعب الآن على معركة كأس العالم·· وما لا يراه المنظرون والفنيون من مدربين ولاعبين أن بداخل الفريق الوطني جمل متقطعة من التمزق والجدال والسجال والتنكر إلى حد الكراهية وحرب التصريحات المعلنة، وهو ما أفسد هذه الروح وغيب التسامح وأضاع عن المغاربة حلما كبيرا كان في متناول اليد، كما أن فصول الخسائر ما زلت أصر عليها، كان بطلها هو الدفاع كنقطة استراتيجية لعدم حماية الأركان الكلية لمنطقة يعهد إليها حماية العرين الذي لا يكون شوارع غزو مفتوح·· ولو تعقل المنظرون والملاحظون وأصحاب الألسنة التقنية، لتأكدوا أن المحترفين كانوا هم أصلا صناع نهائي كأس إفريقيا·· وهم من لعبوا الإقصائيات 2006 و2008، وهم من لعبوا وتمرسوا بالكرة الإفريقية، وليس المحترفون هم من قتلوا هذا الحلم، بل قتلهم روح التمزق واللا قبول، وحرب الطوائف التي تثير الفتنة، ولا يملك العصا السحرية إلا المدرب القوي الذي يعرف كيف يجرد العناصر غير المقبولة أداء وأخطاء وسجالا لينظف البيت، وليس المنتخب المغربي من عاش هذا التمزق، بل سائر المنتخبات التي غيرت وجهها الأصلي·· وكان من الممكن تغيير صورة وعناصر المنتخب منذ ميشيل ولومير، وهما من أضاعا هذه الفرصة، وهما من فشلا في صناعة التغيير ليتقوى ظاهرة مع مومن وبناصري، وتأكدوا جيدا أنه لو تغير منطوق الدفاع بحزام إسمنتي وتقوى حزام الوسط جدريا لكان هناك تصور جوهري للمعارك، وربما سجل الحمداوي أكثر الأهداف وربمل سجل ضد الطوغو، وربما كان الشماخ وحجي وبوصوفة وأبو شروان وغيرهم من رجال الوسط الأقوى في معادلات الأداء والحماس، ولما حدث كل هذا السجال التواصلي واللا تواصلي بين اللاعبين أصلا (بين الرباطي) في حواره مع المساء ومع (العليوي) في حواره مع لوجورنال، وحتى مع يوسف حجي الذي فجر المسكوت بدلالات لم نألفها مطلقا في حرب التصريحات وحتى بين المدربين واللاعبين· إلى كل هذه العلاقات المرتبطة بمصير المنتخب، الكرة الآن بيد مومن وبناصري لجعل مباراة الكاميرون فصلا أخيرا لقيمتها وليس في صب الزيت على النار مجددا، بل في كيفية خلق أجواء المصالحة مع حجي وبوصوفة لأنهما قطعتان رئيسيتان بالمنتخب، وخلق مناخ تغليب مصلحة البلاد على شطط الكلام ورفع التقارير اللامبررة، لأن من يرى في المنتخب ثقوبا يجب عليه أن يغيرها بالإختيار الصائب·· وأمام الكاميرون سيكون الأمر مغايرا لو جهزنا دفاعا مستميتا وبوسط جهنمي، وقدمنا هجوما متكاملا للمعركة الحاسمة، وقتها قد ينجح مومن وبناصري في قراءة كل شيء· وللحديث بقية