إعلامي في بلاد قمعستان عفوا أستاذي الحصين بدر الدين الإدريسي ومعذرة إن إعْتَرفْتُ من غير ذات المحبرة التي أسست لعمودك الأخير: أي إعلام تريده الرياضة؟ في اختلاف لا يفسد للود ولا لصفائه قضية في قراءة لمضامين الرسالة الملكية بالمناظرة الوطنية والتي قد تتعدد صيغها وأوجهها المبنية على نسبية الإستنتاج وليس الحقيقة المطلقة المتروكة للإجتهاد الفردي الخاص·· من خلال تعداد مواثيق المسؤولية المهنية وأخلاقياتها والمواكبة الموضوعية المصداقية للأحداث بعيدا عن كل المنزلقات الممكنة والمستحيلة الظاهرة والخفية· عفوا أستاذي الذي أقدر فيه تراكمات السنون، حصافة الرأي وسَمْتُ الممارسة الحسن وفصول الخبرة المتعددة الطقوس·· فليس ما يقود الصحفي أو الإعلامي لمزبلة التاريخ وللسقوط السريع من الذاكرة هو المجاهرة أو حتى الكشف من باطن عن التوجه والإنتماء، فليس ما يعدم الإعلامي أكثر من تلك الطوباوية المغلفة بالنفاق والمداهنة والرياء، والتاريخ يشهد على أن ما شيع أفكار بعض الكتاب لغير رجعة ولنقطة اللاعودة هو عجزهم الفاضح، قصورهم المريب وإفلاسهم الظاهر عن مجاراة الركب ومداهمة السبق وهو يطبخ على ناره الهادئة، على تفننهم وإجادتهم العيش في جلباب الغير، إلا قتيات من فتات ما تبقى وعافه الذئب· الذين سبقوا لهذا المصير، ليس لأنهم أعلنوا ميولاتهم أو كشفوا الحجاب عن جانب من انتماءاتهم الضيقة التي لا تخرج عن قُطر الوطن الواسع، وإنما هو رموز الإستنساخ، ولاعقي الأحذية والذين حولوا أقلامهم لإسفنجات تحت الطلب تدهن حذاء هذا وتلمع حذاء الآخر، وهم الذين عجزوا عن تدبر نغمة خاصة، وأسلوب مميز وطابع متفرد وتوقيع مستقل·· فركنوا للتقليد وارتكنوا للضياع·· بل هم الفئة المسخرة للمديح المؤدى عنه والهجاء لغاية وكأنهم محسوبون على زمن الفاشية بإعلامها الموجه أو النازية بمقاصلها ومشانقها·· لذلك ليس عيبا ولا هو موصوف بالمروق أو معتبر ضمن خانة الكبائر الموجبة للجلد الإعلامي قبل أي شيء آخر أن يقدم صحفي أو إعلامي بمنتهى الجرأة التي لا تفقده زاد الموضوعية، وبمنتهى الصراحة التي لا تسقط عنه إزار الحيادية والنزاهة، كشف حسابه بالعشق وبالولاء الإيجابي لناد وليس سواه (مسير، لاعب، مدرب)، دون أن يمنعه ذلك من أن يكون الأول على طابور المنتقدين ساعة الحاجة والمصفقين ساعة الضرورة، أما غير هذا فمعناه التأصيل والترسيخ لمفهوم إعلامي على المقاس ينتمي لبلد قمعستان كما قال به الشاعر الرائع الراحل نزار قباني من خلال رائعته >تقرير سري جدا من بلاد قمعستان<، وفيه أجد كثيرا من الخصال التي تشبهني، كثيرا من التقاسيم التي تروق لي وكثير من التجليات التي أعشقها·· >خذ المقصلة·· فمن أجل هذا أعلن العصيان، باسم الملايين التي تساق نحو الذبح كالقطعان، باسم الذين انتزعت أجفانهم واقتلعت أسنانهم وذوبوا في حامض الكبريت كالديدان·· باسم الذين ما لهم صوت ولا رأي ولا لسان سأعلن العصيان··<· إنه العصيان الإيجابي الذي يجعلني أستميت في الدفاع عن الرأي والمبدأ، التشبت باللون وليس كالحرباء التي تغير المعطف باختلاف الإنتفاع والظرفية وكأنهم مجسمات تحركها هالة >الريموكونترول<، وفيهم قال قباني أيضا >باسم الذين يجلسون كالأبقار·· تحت الشاشة الصغيرة، باسم الذين يسوقونهم للولاء بالملاعق الكبيرة، باسم الذين يركبون كالبعير من مشرق الشمس إلى مغربها، وما لها من الحقوق غير الماء والشعير·· باسم الذين يتضرعون إلى الله كي يديم النادي العظيم وحزمة البرسيم أعلن العصيان··< كتابات رائعة حقا للشاعر الرائع تنطق بواقع حال ولسان حال النفاق والمداهنة، وهي خصلات أذمها في كتاباتي دون أن أنحاز ولا أن يأخذني العشق والشوق بعيدا عن ضفاف العدل والنزاهة·· هذا هو الإعلامي كما هو محترف للمهنة بأوروبا دون أن تثار نعرات الشوفينية والتشنج المبالغ فيهما عندنا·· وقد يبدو للبعض متصلبا، متطرفا في تحاليله وأحكامه الجائرة المبنية على خلفية ما كونوه عنه وليس بما تدونه أنامله وتخطه ريشته·· >يا أصدقاء الشعر·· أنا شجر النار وكاهن الأشواق والناطق الرسمي عن ملايين العشاق·· يا أصدقائي أنا الجرح الذي يرفض دوما سلطة السكين·· يا أصدقائي الرائعين وأنا أواجه الجنون بالجنون وفي دمي رائحة الثورة والليمون·· هوايتي أن أكسر القانون·· أنا كما عرفتموني دائما أكون بالشعر وإلا لا أريد أن أكون<· لذلك أختم عفوا أستاذي بدر الدين نَهَم المعرفة، عنفوان الفترة، الشغف بالمجال وممارسته بحب وصدق وإخلاص وأخيرا مسارعة السبق قبل أن يجف حبر تثبيته·· كفيلة بصياغة الإعلامي الناجح التي تريده ولا تطويه سجلات النسيان وإلى أن تقتنع أقول كتاباتي مرفوضة لأنها تحمل الحب والحضارة·· وممنوعة لأنها تحمل البشارة·· وأنا لا زلت بانتظارك لأوقد الشرارة