آه وآه.. برغم كل الإطمئنان الذي أنبته الفريق الوطني في محيطه وهو يصوغ ملحمة مراكش بالفوز الكبير والعريض على ثعالب الجزائر قبل أن يكمل الوصلة الجميلة بالفوز الإستعراضي على منتخب السينغال وديا بدكار، إلا أننا تخوفنا عليه من رحلة بانغي ومن مباراة مفصلية أمام منتخب إفريقيا الوسطى الذي ظهر فعلا كأقوى سواعد هذه المجموعة، فمن ينسى أن الظبي الإفريقي أرغمنا على التعادل هنا بالمغرب في إفتتاح المشوار الإقصائي، بل كاد يفوز علينا، ومن ينسى أيضا ما فعله هذا الظبي بمنتخب الجزائر عندما هزمه بهدفين نظيفين في مباراة أشاحت وشاحًا سوداويا على الجزائريين. وكان من المنطقي جدا أن نخاف على الفريق الوطني بخاصة عندما تتغير الظروف وتسوء الأحوال المناخية ويضيق الخناق ويمارس علينا نوع من الترهيب، ثم أيضا وهذا هو الأهم عندما تحمل إلى ملعب لا تساعد أرضيته بفعل التساقط الغزير للأمطار على إنتاج كرة قدم تتطابق مع الجانب المهاري والذي نجزم أن أسود الأطلس يتفوقون فيه فرديًا وجماعيا على لاعبي إفريقيا الوسطى.. هذا الخوف المسؤول من ظروف نعلم جيدًا أنها قلبت لنا كثيرا ظهر المجن وأرتنا كثيرا من الويلات تلاشى والفريق الوطني يظهر جسارة وجرأة غير محدودتين في توجيه المباراة من بدايتها للأسلوب التكتيكي الذي يرتضيه، فمع معرفة الأسود يقينا أن ضغطا نفسيا رهيبا يقع على لاعبي إفريقيا الوسطى وقد أيقنوا أن الفوز وحده يؤهلهم مباشرة إلى مونديال إفريقيا من دون الإكثرات بنتائج الجولة السادسة والأخيرة، حرصوا بتوجيه إستراتيجي من المدرب والناخب الوطني إيريك غيرتس على فرض طوقهم التكتيكي، فجاءت البداية برغم ما كانت عليه أرضية الملعب التي أثقلتها الأمطار هلامية، إذ لمدة ثلاثين دقيقة كاملة إستوطن الأسود منطقة إفريقيا الوسطى وصاغوا جملا تكتيكية رائعة، تأسست على الإختراق الجانبي، وعلى التوغل في العمق الدفاعي لإفريقيا الوسطى وأيضا على الهجوم الممنهج المعتمد على آليتين تكتيكيتين، آلية الإقصاء المباشر للاعب الذي يضغط على حامل الكرة ثم آلية سحب الدفاع إلى مناطق بعينها بهدف إفراغ بعض المساحات، ولو حضر الحظ، ولو كانت الأرضية جيدة ولو زادت قليلاً نسبة التركيز لحظة إنهاء العمليات، لكان الفريق الوطني بعد 20 دقيقة لا غير متقدما بثلاثة أهداف على الأقل، وبمطالعة شريط المباراة الذي إختزلته «المنتخب» في رصدها سيتبين أن الفريق الوطني أنتج بشكل جماعي مثقن ما لا يقل عن عشر فرص، خمس منها واضحة ولربما يستحيل إهدارها في ظروف غير ظروف مباراة بانغي.. وقد يكون إنتابنا نوع من الخوف الذي هو أصل من أصول منطق كرة القدم الذي يقول ليس من يتسيد هو من يفوز دائما ويقول أيضا من يضيع الفرص يجد نفسه مهزوما من نصف فرصة لخصمه.. وقد وجدنا أن منطق كرة القدم قد عاقبنا نسبيا على ما أهدرناه من فرص سواء تلك التي ماتت عند القائم أو أنقذها الحارس أو زاغت معها الكرات عن المرمى، عندما انتقلت المبادرة للاعبي إفريقيا الوسطى وقد دخلوا المباراة في الثلث الأخير من الشوط الأول، وتحصلوا على فرصتين واضحتين أنقذ إحداهما الحارس نادر المياغري الذي تحمل نسبيا مع خط الدفاع ثقل المباراة بخاصة في الجولة الثانية.. وبالقدر الذي نعض على الأنامل حسرة وليس ندما على ضياع فرص بالجملة كانت ستؤمن للفريق الوطني فوزًا مستحقا وأكثر منه مؤهلًا للمونديال الإفريقي، إلا أننا نحمد الله أن الفريق الوطني لم يعاقب على الفرص الضائعة عندما قاوم المد العشوائي للاعبي إفريقيا الوسطى وأنهى المباراة متعادلا من دون أهداف ليصبح التأهل إلى النهائيات الإفريقية بالغابون وإفريقيا الإستوائية محكوما بفوزنا هنا بالمغرب على منتخب تانزانيا وإنتظار سقوط منتخب إفريقيا الوسطى بالجزائر لطالما أن فوزه على ثعالب الصحراء سيبقيه في صدارة المجموعة إلى جانب الفريق الوطني إن هو فاز طبعا على تانزانيا في كون اللجوء عندها إلى النسبة العامة باعتبار أن المنتخبين تعادلا ذهابا وإيابا فلم يتفوق أي منها على الآخر في النسبة الخاصة.. أعتقد أن الفريق الوطني وضع بكامل الأهلية رجلا في المونديال الإفريقي بعد تعادله الكبير ببانغي، كما زاد من أسهمه في بورصة الثقة، وأصبح لزاما التوجه بكامل التركيز لمباراة تانزانيا التي لا يجب قطعا أن نضعها في خانة المقصيين لأن فوزها هنا في المغرب سيعطيها فرصة للتأهل إن فازت الجزائر أيضا على إفريقيا الوسطى ، إذ سيتساوى الكل عند النقطة الثامنة ويكون الحسم عندها بالأهداف المسجلة والأهداف المقبولة.. رجاء لا تبيعوا جلد تانزانيا قبل هزمه..