بدأنا نتحسس ملامح منتخب كبير بالتدريج أكدنا بداكار أن انتصار مراكش لم يكن بالصدفة نحتاج لضبط النفس بإفريقيا الوسطى ولحذر كبير ذهاب ليوناردو كان حاسما في مشواري مع الأنتر خوض مباريات ودية بإفريقيا مفيد لكسب المناعة يحتاج كل فريق أو منتخب لرجل قيادي، كاريزماتي وبحرص شديد على ضبط الأمور نيابة عن المدرب..حين يتواجد لاعب بهذه الطينة فإن ذلك مؤشر للإطمئنان وعلامة فارقة على أن الأجواء يسودها كثير من الهدوء. الحسين خرجة أصبح بتوالي المباريات وحتى السنوات هو الرجل الأنسب لهذا الدور داخل العرين الأطلسي، رفقة الشماخ وحجي يمثل البقية الصالحة من الجيل الذي اقترب من الذهب الإفريقي بتونس. هنا يحاكم خرجة تجربة اللعب بالأدغال لقاء وديا ويتحدث عن فائدة الفوز على المنتخب السينغالي، يؤكد خرجة حقيقة إرتقاء أداء الأسود بالتدريج ويبرز الحاجة لكثير من الحرص والحذر في لقاء إفريقيا الوسطى تفاديا لأي مستجد من شأنه إرباك الحسابات.. خرجة يقيم قيمة الإنتصار أمام منتخب إفريقي كبير في ظرف خاص جدا. - المنتخب: تحقيق الفوز على حساب منتخب بحجم المنتخب السينغالي، كيف تقرأ مزاياه في الفترة الحالية؟ الحسين خرجة: بداية نهنئ كل جماهير الفريق الوطني في هذا الشهر الكريم وأؤكد على أنه انتصار كان في غاية الأهمية وفوائده كبيرة في الفترة الحالية باعتبار أن كثيرا من المشككين لم يهللوا، بل لم يعطوا الإنتصار الملحمي الذي تحقق على المنتخب الجزائري القيمة التي يستحقها واعتبروه فوزا على منتخب مشتت.. إنتصارنا على منتخب من حجم السنيغال الذي يضم أجود اللاعبين الأفارقة حاليا في القارة السمراء كان ضروريا لتأكيد قيمتنا الفنية وعلى أننا استطعنا الإرتقاء قليلا بأدائنا. - المنتخب: تقصد أن الفوز بداكار هو استمرار لما تم تأكيده قبل نحو شهرين على حساب المنتخب الجزائري، أظن أن السياقين مختلفين؟ الحسين خرجة: لا، ليس مختلفين فالفوز على المنتخب السنيغالي كان ضروريا للتأكيد على أن الفريق الوطني ضبط إيقاعه وعلى أنه نجح في تصميم هويته الجديدة بإفريقيا بعد مواسم من التواضع والغياب.. كعميد للفريق الوطني كنت أتطلع لفوز من هذا النوع لأني أعرف فوائده المعنوية وأعرف أنه سيجعل مؤشر الثقة على أعلى مستوياته داخل المجموعة. لقد فزنا على تانزانيا فقلت على أنه بداية مسار التصحيح وكنت خلالها واثقا على أن أفضل طريقة للحفاظ على هذا المكسب هو الفوز على المنتخب الجزائري، واليوم الإنتصار على منتخب سنيغالي يتصدر مجموعته إفريقيا هو فيصل كبير في مسلسل إعادة الإعتبار للأسود». - المنتخب: لم يسبق لك كلاعب رفقة الفريق الوطني وأن خضت مباراة بطابع ودي بإفريقيا، كيف لمست الخطوة هذه المرة؟ الحسين خرجة: كان خيارا حكيما وخطوة ذكية، إجراء لقاء للفريق الوطني أمام منتخب بمقاسات محترمة أولا، وثانيا اللعب خارج المغرب وبإفريقيا كانت مناسبة لعدد من اللاعبين إكتشاف هذه الطقوس والإحتكاك معها لأنه مرارا إصطدم بعض منهم بتيارات ومؤثرات خارجية كانت تصيبهم بالدهشة، وهذه الخطوة إختصرت المسافة مع الإندماج مع المحيط الذي ننتمي إليه وهو الأدغال. - المنتخب: اللعب بداكار، هل كانت الغاية منه التهييء للقاء إفريقيا الوسطى، أم ربح نزال أمام منتخب إفريقي محترم بنفس مواصفات كوت ديفوار؟ الحسين خرجة: لا أظن أن القراءة الثانية صحيحة، لأن مواجهة كوت ديفوار ما تزال بعيدة بعض الشيء والمباراة هي استثمار لتوقيت تضعه الفيفا أمام المنتخبات التي تقبل على مختلف الإستحقاقات القارية لتجريب آلياتها ومعها تجريب حجم التأقلم مع الأجواء.. فعلا كانت مباراة لربح آخر الروتوشات قبل لقاء بانغي الذي أعتبره صعبا جدا.. - المنتخب: أين تكمن صعوبة هذه المواجهة تحديدا؟ الحسين خرجة: هي أصعب لقاء تصفوي على الإطلاق لأنه ممنوع الهزيمة فيه بشكل قاطع، نحتاج لضبط النفس في هذه المباراة ونحتاج خاصة لكثير من الحذر.. لقد تابعت لقاءات هذا المنتخب داخل ملعبه، إنها مباريات بطبيعة خاصة جدا ولقاءات تلعب على الجمر، إذا فزنا سننهي كل شيء قبل لقاء تانزانيا، والمنافس يلعب بنفس الحسابات وبنفس الطموح وهنا مكمن الصعوبة.. الفريق الوطني وضع رجله على درب تأهيل نفسه لذلك العثرة ممنوعة ببانغي. - المنتخب: هل بمقدور الفريق الوطني المجازفة باللعب على التعادل في هذه المباراة، أسألك بوصفك عميدا للمجموعة وراكمت من التجارب ما يؤهلك لقراءة اللقاءات بكثير من الحكمة؟ الحسين خرجة: قطعا لا، سيكون من الغباء التفكير في خيار كهذا لأنه مقامرة كبيرة ولا تضمن نتائجها..لا يوجد هذا الحل ضمن حساباتنا والمدرب غيرتس لن يؤمن به، سنلعب كل حظوظنا ولن نترك هوامش للمجازفات. هو لقاء كبير وهام وحين يقترب موعده سنتدبره بكل هدوء.. - المنتخب: ناذرا ما كان الفريق الوطني بنفس العزم والتصميم كما نشاهده منذ شهور، هل توصل غيرتس لمفاتيح سحرية غابت عن من سبقه؟ الحسين خرجة: لن أقيم مردود المدرب غيرتس لأني أومن بنظرية أن أفضل صديق للمدربين هي النتائج والنتائج الحالية تلخص كل شيء.. لا توجد مفاتيح سحرية في عالم كرة القدم، توجد الإرادة والكفاءة كما توجد الرغبة في الإنتصار للكبرياء.. حاليا وباعتبار كل السنوات التي أمضيتها رفقة الفريق الوطني يمكنني التأكيد ثانية على أننا في الطريق الصحيح لربح منتخب تنافسي بجودة عالية ومنتخب كبير قادر على ربح رهاناته مهما كانت صعوبتها.. - المنتخب: هل يمكنك أن تطلعنا على الوصفة السحرية في النجاحات الحالية؟ الحسين خرجة: لا توجد وصفة سحرية قل توجد أجواء مثالية ومناخ سليم ونظيف، حاليا أتواجد رفقة بدر ومروان ويوسف حجي ولمياغري وحتى بصير.. وهي عناصر تآلفت فيما بينها لسنوات ويوجد معنا جيل لم يجرب بعض معنى أن تمثل منتخبا على أعلى مستوى ويتطلع لذلك.. توجد كأس إفريقيا وبعدها الحلم الكبير الذي هو كأس العالم، وبذات القدر الذي يتطلع فيه القدامى لترك بصمة داخل محيط الأسود يتطلع الجدد لبداية واعدة تجعلهم في الذاكرة لفترة طويلة.. - المنتخب: هل أصبحت روح 4 يونيو هي كلمة السر داخل المجموعة؟ الحسين خرجة: ممكن ذلك، لقد عشنا أوقاتا جميلة توصلنا خلالها لحقيقة ساطعة وهي أن الجمهور المغربي غفور ومتسامح شريطة أن تقدم له كرة راقية.. عشنا إخفاقات جعلت هذا الجمهور يغضب وكان هذا حقا مشروعا من حقوقه، وبعد الفوز على المنتخب الجزائري بمراكش أحسسنا أنه نسي كل شيء فلم يكن منطقيا أن نتخلى على هذا المكسب الجميل والكبير.. لا يوجد شيء في العالم أثمن من أن تمثل منتخب بلادك وتحظى بتقدير جماهيره.. - المنتخب: لنتحدث عن بعض خصوصياتك، لقد سجلت هدفا رائعا زكى موهبتك التهديفية كلاعب فذ أمام المرمى، كيف تفاعلت مع لحظة التسديد؟ الحسين خرجة: لو أعدتم قراءة شريط المباراة ستتوصلون للشكل الذي تم به البناء، لقد كان عملا جماعيا رائعا وكان عملا كبيرا، حجي مرر بشكل رائع ولحظة الترويض أيقنت أن الهدف سيسجل، مثل هذه الحركات جربتها مرارا، ورائع أن تتذكر حاسة التهديف في مثل هذه المناسبات لأنها تعيد الثقة، بل ترفعها للعالي.. - المنتخب: لكنك قبل المباراة ترددت في عدم الحضور لتدبير أمور إنتقالك لفريق فيورونتينا، رب صدفة خير من ألف ميعاد، أليس كذلك؟ الحسين خرجة: دعني أوضح لك مسألة في غاية الأهمية يشهد عليها سجل حضوري رفقة المنتخب الوطني، لقد كنت أحضر حتى في الأوقات التي كنت مصابا خلالها، ولم يسجل التاريخ وأن تخلفت عن موعد من مواعيده الهامة دون سبب.. لم أتردد كما قلت في الحضور، بل نقلت للمدرب كافة المستجدات الخاصة بانتقالي لفريق آخر وقلت له ممكن أن أتأخر وهذا ما حدث، وبعد أن أيقنت أن الأمور ستتأخر بعض الشيء كنت مع المجموعة وهذا ما جرى.. - المنتخب: وما جديد إنتقالك لفريق فيورونتينا؟ الحسين خرجة: لقد توصلنا لإتفاق على بعض الأمور الجوهرية ولست الوحيد المعني بمسألة الإنتقال، هنا رئيس الفريق ومكونات جينوة، وأظن أن الأمور على أحسن ما يرام، لم أشأ أن أتسرع هذه المرة، حيث في هذا السن لم يعد مسموح لي بالخطأ، أريد الإستقرار كما لا أريد ربح مكاني ضمن الفريق الذي سأختاره ولست مجرد مؤثت للديكور.. - المنتخب: راهن الجميع على بقائك بالأنتر، لقد سر الرئيس موراتي بمردودك، ماذا استجد في الأمر؟ الحسين خرجة: الأمور داخل فريق من حجم الأنتر تتعدى رئيس الفريق للمدرب، لو بقي ليوناردو مدربا كنت سأبقى وهذا مما لا شك فيه، من حق المدرب الجديد أن يعتمد المجموعة الأنسب لخططه.. قطعا شعرت ببعض الغبن بعد هذه المستجدات، لكني لست من النوع الذي ينزل يديه أمام التحديات التي يواجهها.. اللعب بالكالشيو ليس سهلا على الإطلاق سواء ألعب لليوفي أو الميلان أو أي فريق آخر، ومن ناحية المبدأ لم يكن واردا أن أتراجع خطوة للوراء بعد هذا الإرتقاء والتفكير في بطولة أقل مستوى.. راض على حضوري في تجربة الأنتر وكنت سعيدا بأن ألعب على أعلى المستويات.. - المنتخب: نعود بك للفريق الوطني، قرعة كأس العالم رمت بنا لمواجهة منتخب إيفواري عتيد، كيف قرأت القرعة في مدلول الخصم المتاح تجاوزه للوصول للبرازيل؟ الحسين خرجة: صدقني لم أتفاعل كما تفاعل كثيرون مع قراءة القرعة من زاوية صعوبتها، لأنه من يريد التواجد في كأس العالم عليه أن يتجاوز المنتخبات القوية ولو كتب لنا البقاء بنفس الإيقاع وبنفس التوهج فلن يخيفنا المنتخب الإيفواري ولا غيره. لا تنسى شيئا هاما وهو أن المنتخب المغربي يتجدد وبطموح أكبر عكس منتخب كوت ديفوار الذي بدأ بعض نجومه يشيخون ولم يعودوا بنفس التألق السابق، حين نضمن تأهلنا لكأس إفريقيا القادمة أكيد سنتدبر مواجهة كوت ديفوار وغيره بما تقتضيه الحكمة وحافز المجموعة الحالية كبير للحضور في المونديال.. - المنتخب: نترك لك كالعادة كلمة مفتوحة للجمهور المغربي؟ الحسين خرجة: أشكر الجمهور المغربي على دعهم وعلى ثقته ووقوفه خلف اللاعبين، لقد كان شيئا رائعا حضور الجالية المغربية بداكار، لن ننسى أجواء مراكش أبدا ولو تواصل نفس الدعم ونفس الثقة فإنه بمقدور الجيل الحالي من اللاعبين إعادة الإعتبار للكرة المغربية لأنها تتوفر على الموهبة الكافية وتتوفر على اللاعبين القادرين على تسيد القارة. نحتاج لكثير من التوازن النفسي في المرحلة المقبلة لأنها هامة كما نحتاج لتدبير المكاسب التي تحصلنا عليها مؤخرا بمزيد من الذكاء، هناك عمل جاد وهناك إرادة وحسن نية وتحتاج للتأكيد في الفترة المقبلة لأن بناء منتخب في حجم طموحات الشعب ومطالبه يحتاج للتضحيات التي توازي الحب الموجود والتشجيع الذي شاهده الكل.. حاروه: