كلما أثير إسم جنوب إفريقيا إلا وساورتنا الحسرة والقلق والحزن على ضياع حلم لطالما راود المغاربة ككل في احتضان أراضينا ولأول مرة في القارة السمراء الحدث الكوني والمتعلق بكأس العالم أعظم التظاهرات الكروية العالمية·· نتذكر أن السباق انحصر بين المغرب وجنوب إفريقيا على حلم التنظيم قبل أن ينال الأخير هذا الشرف بإيعاز من الثعلب رئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جوزيف بلاتير، الذي كان أول المدافعين على ملف جنوب إفريقيا للفوز بهذا الإستحقاق· صحيح أن جنوب إفريقيا على مستوى التجهيزات كانت أفضل منا وأحد مصادر قوتها في ترشيحها، لكن المغرب على صعيد نقاط أخرى وهامة يؤخذ بها عند كل ترشح كان أفضل وبكثير عن منافسه، نقاط من قبيل الموقع الإستراتيجي والأمن وأحوال الطقس والإقبال الجماهيري المضمون وغيرها من أسباب نجاح هذه التظاهرة· وجرت العادة أن ينظم جهاز الفيفا منافسة كأس القارات على بعد سنة عن أي مونديال تحتضنه البلد المنظم لكأس العالم، حيث تعتبر هذه التجربة عبارة عن بروفة حقيقية وتحضيرا مسبقا للمونديال، لذلك شكلت منافسة كأس القارات اختبارا حقيقيا لحفدة >مانديلا< لاختبار قدرتهم ولو أن هذه المنافسة لا توازي حجم كأس العالم على مستوى الإقبال الجماهيري وضغط التواصل والملاعب والمنتخبات وما يتطلبه المونديال من تعبئة قصوى تتطلب استعدادا خرافيا في العديد من الأصعدة المرتبطة بالتنظيم بمختلف أوجهه· والأكيد أن جهاز الفيفا وإن كنا ندرك حرصه للوقوف على كل كبيرة أو صغيرة يكون قد أحصى إفرازات ونتائج كأس القارات، ويكون قد وقف على مجمل السلبيات التي عاشتها هذه التظاهرات، حيث ساد نوع القلق والمخاوف من طرف لجنة من الفيفا والخبراء ومن بعض المنتخبات، فشتان بين الأجواء التي مرت فيها كأس القارات التي احتضنتها ألمانيا 2007 والتي أعطت انطباعا على أن النجاح سيكون حليفها خلال تنظيمها لكأس العالم وهو ما حصل فعلا، حيث انبهر الكل بدقة التنظيم التي ميزت الألمانيين· وأولى الثغرات التي ضربت أطناب كأس القارات بجنوب إفريقيا تمثلت في ضعف الإقبال الجماهيري رغم أن منتخبات ذات صيت عالمي وبقاعدتها الجماهيرية المعروفة شاركت في البطولة كالبرازيل وإيطاليا وإسبانيا و الولاياتالمتحدةالأمريكية، بل إن بلاتير أكد أنه غير سعيد ومنزعج للإقبال الجماهيري الضعيف، ما جعل اللجنة المنظمة تفكر في توزيع تذاكر مجانية على الجماهير، ناهيك عن الصعوبة التي اعترت السيارات للوصول إلى الملاعب وفق ما أفادت به اللجنة المنظمة· وبينما كان الأمن إحدى المواضيع التي استأثرت باهتمام المتتبعين خلال اختيار البلد المنظم، وشكل مصدر قلق للكل عدا بلاتير الذي اعتُبر المدافع الأول على ملف جنوب إفريقيا أنذاك، تصدر هذا الهاجس العناوين في كأس القارات بعد تعرض بعثتي مصر والبرازيل للسرقة، كما تعرضت الحانة التابعة لملعب >نيلسون مانديلا< للسرقة، ما حدا بأنطونيو نونيز رئيس بعثة البرازيل إلى انتقاد الفيفا لاختيار جنوب إفريقيا بتنيظم تظاهرة من قيمة كأس العالم، وأعرب عن قلقه لتفشي الجريمة في هذا البلد، وأكد أنه كيف يمكن للجمهور الإستمتاع والإحتفال، حيث بعد السادسة مساءا تخلو الشوارع لغياب الأمن هناك، وقال إنه كان يعتزم اصطحاب أسرته في كأس العالم، لكن وقوفه على واقع جنوب إفريقيا الأمني سيجعله يلغي هذه الفكرة· صحيح أن كأس القارات عكست واقع جنوب إفريقيا وجسدت أن على الفيفا اتخاذ إجراءات احترازية بعدما وقفت على جملة الثغرات من قبيل الحضور الجماهيري القليل وغياب الأمن وتفشي الإجرام والسرقة وكل المشاكل التي كشفتها هذه المنافسة، خاصة أن آلاف الجماهير ستأتي من كل حذب وصوب لحضور المونديال، وسيكون ضغط التنظيم أكثر، فأمام المنظمين سنة كاملة لتدارك الأخطاء وتجاوز الثغرات حتى لا يندم بلاتير الذي دعم جنوب إفريقيا أكثر من دعمه لإفريقيا واختياره لها لتنظيم المونديال·