دروس فرنسية بالمجان ترقبنا كثيرا الحدث الفرنسي الذي عرفته مدينة طنجة بعد أن احتضن ملعبها الجديد الكأس الفرنسية للأبطال بين مارسيليا وليل، حيث كانت المناسبة لعشاق الكرة الوقوف عن قرب على أجواء مثل هذه المباريات التي تحمل نكهة خاصة ما يهم الجانب التقني، والواقع أننا محظوظون كون أن ملاعبنا باتت قبلة لمجموعة من المباريات الدولية والتي تزامنت مع تشييد ملاعب جديدة بمواصفات دولية أصبحنا معها لا نخجل من احتضان مثل هذه المباريات من قبيل هذا الحوار الفرنسي الخالص. كانت كل المؤشرات تقول أن هذه المباراة لن تكون عادية بين مارسيليا صاحب التاريخ المجيد وليل ظاهرة الكرة الفرنسية الجديد، ولأنه دائما ما ينتابنا الفضول كلما تعلق بمباراة دولية فقد كان لا بد من الخروج بخلاصات غالبا ما تكون إيجابية أو عبارة على دروس تعطى بالمجان ليس فقط للاعب أو المدرب ولكن أيضا لكل من يشكل المنظومة الكروية. مارسيليا وليل أقسما أن يجعلا من الإثارة العنوان الأبرز لهذه المباراة، وقدما أفضل هدية للجمهور الذي تابع المباراة في الملعب أو الملايين الذين تسمروا أمام الشاشة الصغيرة، حيث كانت بحق مباراة مجنونة صفق لها الجمهور طويلا بعد أن استمتع بعروضها الجميلة وباكورة أهداف بلغت تسعة، هكذا إذن أبى لاعبو مارسيليا وليل أن لا يخلفا الوعد بعد أن أكدا أن الكرة هي جميلة عندما نداعبها بالشكل الأفضل عندما نفتح لها الطريق لتفعل فعلتها الساحرة فوق البساط الأخضر وعندما نهيئ لها كل ظروف الممارسة وهذا هو الأهم. أكثر ما أثارني هو الإنفتاح الهجومي الذي لعب به الفريقان معا في المباراة من بابها إلى محرابها، بل حتى في اللحظات الأخيرة عندما تجاهل الفريقان لغة الحسابات الضيقة وبحث كل طرف عن الضربة القاضية، كنا في الواقع أمام فصل جميل تداخلت فيه صور الإثارة، إذ بالقدر الذي أسعدتنا نهاية المباراة النارية خاصة العودة المجنونة لمارسيليا الذي رفع الكأس بقدر ما تأسفنا عن الطريقة التي خسر بها ليل وضيع فرصة الصعود إلى منصة التتويج. وعندما أُسدل الستار على هذه المباراة خرجنا بقناعة واحدة وفهمنا لماذا تكتظ الملاعب الأوروبية بالجماهير، ولماذا أيضا يعتبرون جميع المباريات مثل العرس الكروي، مباراة واحدة حققت لنا الإشباع والإمتاع الكروي، هكذا يعرف اللاعبون والمدربون أنهم يحملون على عاتقهم مسؤولية إمتاع الجماهير وتقديم أجمل العروض. في الواقع نشعر بحرج كبير ونحن نتابع كل ما جادت به مباراة مارسيليا وليل، حرج في الواقع هو ممزوج بالغيرة والأسئلة المحيرة، من قبيل لماذا مبارياتنا لا ترقى لمثل هذه المستويات التقنية وزخم الأهداف، لماذا مدربونا لا تتملكهم الشجاعة للعب بانفتاح هجومي مثل ما فعله مدربا مارسيليا وليل، هل هو الخوف من الخسارة أم عقدة الإقالة التي يظل شبحها يخيم على نفسية المدربين، أم أن لاعبينا افتقدوا للموهبة التي كانت تميز اللاعب المغربي بالأمس القريب، لذلك لم يكن غريبا أن يحج الآلاف من المغاربة إلى الملعب لمتابعة مواجهة مارسيليا وليل، ليس فقط من أجل عيون الفريقين ولكن أيضا من أجل البحث عن المتعة الكروية التي تفتقدها ملاعبنا مع الأسف. مارسيليا وليل قدما درسا مجانيا علا أن تتحرك أنديتنا وتستفيق من سباتها وليرفع أيضا مدربونا عنهم الخوف من الخسارة، فما أحوج اليوم جمهورنا لمتابعة مباريات يإيقاع رفيع، خاصة أن الفضائيات اليوم فتحت أعين المشاهد وكشفت، بل فضحت التباين الكبير في مستويات مبارياتنا مقارنة بمبارياتهم، فكان من حق جمهور الكرة أن يصاب بالإحباط وأن يهجر الملاعب في انتظار أن يكون دخول الكرة المغربية بوابة الإحتراف فاتحة خير على كرتنا ودفعة قوية ليتحسن الأداء والمستوى، لذلك نهمس في أذن مدربينا ولاعبينا لندعوهم بالمزيد من الإجتهاد والمثابرة والشجاعة، علَنا نصل يوما إلى متعة وإثارة ما تابعناه في مباراة مارسيليا وليل.