كوشام أو بوصمان البطولة الإصرار الكبير الذي يبديه إداريو المغرب الفاسي إزاء مطلب يرونه ثابتا وقناعة يقولون بصددها أنها حق يؤخذ ولا يعطى، لا أراه هزلا بل فصلا قد يعيد كتابة تاريخ جديد في البطولة وقد يكون أيضا رب ضارة نافعة بإمكانها حلحلة قانون قلنا عنه فيما مضى أنه من زمن حمو رابي، وطالبنا بتحيين ترسانته وإيجاد النواصي التي تحفظ تطبيقه وتلزم دونما اجتهاد العمل بفصوله. أعرف أنه داخل المغرب الفاسي يوجد صقور لا يطلقون إشارة على عواهنها وأكبر من يجسد هذا الفصيل السيد محمد النصيري بكل الزاد الذي حمله معه وخبرات سنوات طويلة عريضة عركته في دروب الكرة وقوانينها المعوَّم منها والمائل. وبمعيته يوجد رجل الظل الذي أثار كل هذه الزوبعة عبد الحق المراكشي، والذي ما إن يثار النقع ويتطاير الغبار إلا ويكون هو محركه خاصة فيما يعود بالمصلحة على الفريق. لذلك أتفرس بأن قضية كوشام هاته لن يكون عبورها في البطولة خفيفا، والمدى البعيد الذي يلوح به الفاسيون قد يفضي لنتيجة خارج توقعات الجامعة وقد تعيد ترتيب الكثير من الأمور وترسخ لإطار غير مسبوق في التعاطي مع نوازل من هذا النوع. لنبسط الأمور أكثر للفهم للقارئ الكريم من باب الإحاطة بعلم وترك هوامش الإجتهاد متاحة أمامه بالشكل الذي يدخله في سياق الفتوى والإدلاء بدلوه هو الآخر. كلكم يتذكر كوشام الذي نطح زميله العسكري وكلاهما محسوب على صف الفريق الفوسفاطي، بعدها لخص الحكم فيما يعتبره الماصاويون خطأ جسيما يفرض أساسا أغلظ ميزان في العقوبات بدل مبارتين التي نالهما اللاعب.. توقفت البطولة عند آخر جولات ذهابها، وبدل البيات أو السبات الشتوي الطويل، لجأت الجامعة لما يصنفه الماص أيضا بدعة وكل بدعة... وهو دوري شالنج الذي طالعنا السيد أحمد غيبي بمسودة قوانينه وكنا ممن حملها عبر «المنتخب»، ومن بين ما طرحه سريان أحكام الطرد والإيقاف المسجلة بالبطولة، في دوري تحدي المستقبل الذي هو «شالنج»، ما يعني هنا أن كوشام إستنفذ غيابه في لقاء لوصيكا الثاني، ليتسنى له العودة في أول جولات البطولة التي صادفت لقاء المغرب الفاسي صاحب الضجة المثارة. الأمور تبدو هنا واضحة ولا تحتاج لإثارة، فكيف ثار رجال المغرب الفاسي وهل كانوا غير مواكبين لما سار ودار والقانون الذي أهل سيء الحظ كوشام للعب أمامهم؟ خاصة وأن جدير والخريبكيين توجسوا من الأمر فما كان منهم إلا أن طالبوا بترخيص كتابي من الجامعة يضفي صبغة القانونية على موقفهم.. هذا هو صلب التنطع الفاسي الذي يضفي على موقفهم كثيرا من ملامح المصداقية ويجعل قرارهم جديرا بالتتبع والتمحيص.. يعتبر إداريو الماص أن دوري شالنج مولود لقيط لم يصادف إجماع الفرقاء والأندية ولا يخرج عن إطاره الودي الصرف وبالتالي لا إلزامية بخصوص مقتضياته.. يؤكدون على أن سريان الأحكام في إطارها الكلاسيكي المتعارف عليه تشمل فقط لقاءات البطولة وتمتد بأثر فوري على كأس العرش بكل حمولاته الفخرية والرمزية التي لا قياس مع وجود الفوارق بينها وبين شالنج. وعلى أن أصل عقوبة كوشام منازع بشأنه باعتبار حركته تستوجب عقوبة في حدود 4 مباريات في حدها الأدنى لخصوصيات الفعلة المشينة وخروجها عن النص الأخلاقي الصرف. وأخيرا يبرز متبنو الطرح الفاسي على أن الأصل في الأشياء هي البراءة والقاعدة الفقهية «لا اجتهاد مع النص» كانت تفرض حشد كل الأندية من أجل أي تعديل لاحق يطال القوانين، ما يعني أن انتفاء الإجماع والتوافق حول دوري شالنج لا يبرر إلزامية أي فصول منظمة له. أعرف أحمد غيبي جيدا وأدرك بأنه من الذين يحصون للشاردة والواردة تفاصيلها ولا يترك للصدفة مجالا، لذلك لا أظنه من الذين يسقطون في فخ ثغرات غليظة من النوع الذي يحدث زلزالا على سلم بطولة هو أحرص الحرصين على نظافتها. وأعرف ثعلبية جدير وخبرته التي تجعله محصنا ضد السقوط في فخ هو من ظل ينصبه ويتحينه لخصومه كما فعله ذات يوم للزاكي والإدماج الشهير للأفارقة الثلاثة. وأعرف أكثر من كل هذا أن رجال الفاسي مصرون على عدم ترك «غرام من السنة» فما بالك بالفرض، لذلك يقولون بأن تصعيدهم ما لم يتم الإنصاف داخليا قد يمتد لغاية الفيفا «وطاسها» المعروف.. يصرون أيضا على التأكيد على أن كوشام سيكون هو بوصمان البطولة، باستحضار ما قام به اللاعب البلجيكي الشهير الذي فرض على الفيفا تعديل قوانينها بعد الإقتناع بدفوعاته.. لكن ما لم ينتبه له الكثيرون وقد يسعد المغرب الفاسي في نهاية المطاف ليتوجوا أبطالا، ليس هو ربحهم للقضية، بل دخولهم طرفا متنازعا على نقاط المباراة مع أولمبيك خريبكة، فعلها قبله الجيش الملكي مع أنطونيو أنجليلو على خلفية حادث الحارس سيبوس الشهير وعاد الوداد بعدها ليستأنف قرار خصم نقطة ونالها فكانت فارقة.. هذا هو قدر لوصيكا، أما الفاسيون فينتظرون قدرهم الجميل المرتقب وهو ربح الدرع ويرون في كوشام جسر العبور لبلوغ الحلم الوردي.