الحسين عموتا إبن مدينة الخميسات، إلى مجال التدريب جاء شغوفا ومبدعا وحالما تماما كما كان الحال مع مساره كلاعب، إختار أنجع وأرقى السبل وأكثرها أمنا على الأحلام لكي يأتي للتدريب معرفا لا نكرة، درس بالمعهد الملكي لتكوين الأطر علوم التدريب والتأطير المختلفة، ولما أبحر للميدان أبحر بأشرعة العلم، فكانت له بصمة وشخصية وفلسفة يتفرد بها بين أبناء جيله.. الحسين عموتا المتوج مع النوادي الوطنية والعربية، ينال اليوم شهادة هي ما يعتبره وساما على الصدر، وهو يقود المنتخب المحلي للتتويج للمرة الثانية تواليا ببطولة إفريقيا للاعبين المحليين، بعد أن كان التتويج الأول عام 2018 مع قرين التألق ودماثة الخلق جمال السلامي. «المنتخب» التي كان عمرها من عمر الأحلام الرياضية للحسين عموتا، إختارت أن تعيد بطريقتها الربان الناجح إلى سالف الحكاية ليعيد من جديد ترتيب فصولها، إليكموها.. المنتخب: بدأنا نبتعد بمسافة زمينة عن الإنجاز الكبير الذي تحقق لكرة القدم الوطنية وتحقق لك أيضا كإطار تقني وطني بالتتويج بلقب الشان، هل ما زلت تحت تأثير نشوة بلوغ الهدف؟ الحسين عموتا: بالطبع، لا يمكن لكل الصور التي تزاحمت في مخيلتي والتي هي عبارة عن أحداث معاشة قبل وخلال وبعد بطولة الشان أن تنسحب من الذاكرة بسهولة، صحيح أنني إلى الآن ما زلت أبحث عن توازني النفسي والتحلل كليا من الضغوط النفسية الرهيبة التي عشتها وأنا أراهن بمعية اللاعبين وجميع الأطقم المشتغلة وبخاصة مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على أن نحتفظ بلقب «الشان» ولا نفرط فيه مهما كانت الظروف والسياقات. لا أقصد أن أتخلص من الذكريات الجميلة، فهاته ستظل بالتأكيد عالقة بذاكرتي، ولكن القصد هو أن أتخلص من التداعيات النفسية التي تتعب العقل، للأمانة الأمور لم تكن سهلة أبدا. المنتخب: كيف لا تبدو سهلة والمنتخب المغربي توج بعلامة الإستحقاق الكاملة وكان الأفضل بين كل المتنافسين في الشان؟ الحسين عموتا: هذا الوضع نحن من خلقناه بالعمل وبالتركيز وأيضا بالحرص الشديد على عدم استنساخ الأخطاء والإستفادة منها، تعرفون أن منتخبات وأندية دخلت إلى بطولات مجمعة وهي مرشحة لنيل اللقب على الورق، ولكنها خرجت منها خاوية الوفاض منكسرة الأجنحة، بسبب أن أخطاء حدثت على مستوى التدبير. ما بدا للبعض سهلا ونحن نصل للقب بتحقيقنا للفوز في 5 مباريات وعدم تلقينا لأي هزيمة، وبتسجيل فريقنا ل 15 هدفا في 6 مباريات وتلقيه لثلاثة أهداف فقط، وما إلى ذلك من الإحصائيات الدالة على أننا كنا الأقوى في هذه البطولة، أنا أقول أن الطريق إلى ذلك كله كان صعبا ومرهقا، يكفي أن أذكر أننا عانينا نفسيا، لاعبين وأطرا من أخبار تأجيل هذه البطولة بفعل جائحة كورونا، نحن من جعلنا البطولة هدفا ورهانا، غير ذلك لا يجب أن ننسى أننا لعبنا هذه البطولة تحت مؤثرات خارجية قوية لا يصدها إلا من يثق بإمكانياته، لقد واجهنا ككل المنتخبات جائحة كورونا التي هددت الجميع، كما أننا واجهنا ظروفا مناخية لم نستأنس بها من ارتفاع قياسي لدرجة الحرارة ونسبة رطوبة عالية. السهولة هي ببساطة شديدة في قدرتنا الجماعية على استسهال الصعاب. المنتخب: طيب، هذا الشان دخلناه مرشحين وخرجنا منه متوجين، ما سر هذه المعادلة الجميلة؟ الحسين عموتا: لا أعتقد أن هناك سرا، فأي تتويج هو بالأساس تتويج جماعي، وهو أيضا تكريس لعمل قاعدي وهيكلي، مدروس وعلمي، لقد استعدينا بشكل جيد لهذه البطولة، برغم أن جائحة كورونا حالت دون إتمام برنامج التحضير الذي وضعناه سلفا، كما أننا وعينا بشكل جماعي أننا ذاهبون إلى الكامرون للدفاع عن سمعة كرة القدم الوطنية، ولنؤكد لمن انتابهم شك أن تتويجنا بلقب الشان الأول قبل سنتين بالمغرب، والتألق الكبير واللافت للأندية المغربية في المنافسات الإفريقية لم يأت اعتباطا، ولم تتحكم فيه أجندات وهمية، والحمد لله أننا أنجزنا المهمة بشكل شرف بلادنا وجعل الكل يجمع على أن المغرب أصبح قوة كروية وازنة، وأن تدبيره للأحداث الكبرى عقلاني واحترافي. المنتخب: عندما تعاقدت مع الجامعة لقيادة منتخب المحليين، هل كان من ضمن الأهداف المتعاقد عليها الفوز بلقب الشان؟ الحسين عموتا: حتى لو لم يكن هذا الهدف واردا في صك التعاقد، ما كنت أرضى بشيء آخر غير المنافسة على اللقب، أنا رجل تحديات، كسبت الكثير منها وأنا مدرب للأندية، فكيف أسمح لنفسي بأن أناقض هذه الطبيعة وأنا مدرب لمنتخب يمثل بلدا أنا من أبنائه. طبعا، كان الهدف الأسمى هو أن نفوز باللقب بالكامرون، وقد خططنا بالفعل لذلك، وإن كنا قد تفادينا التصريح به علنا، حتى لا نرمي بالضغط كاملا على كاهل اللاعبين. المنتخب: مع أن هناك من يقول أن المنتخب المحلي ما وجد إلا ليحضر لاعبين من البطولة الوطنية للعب مع المنتخب الأول؟ الحسين عموتا: وما الذين يمنع الجمع بين هذا وذاك، نحن لا ندخل بطولة عربية أو قارية إلا لنفوز بلقبها، ما عاد مسموحا لنا أبدا أن نشارك فقط من أجل إبراز لاعبين. المنتخب: لهذا السبب لجأت للاعبين مخضرمين؟ الحسين عموتا: بالطبع، في أي سفر إفريقي نحتاج إلى لاعبين من ذوي الخبرة، وأنا ناديت على من تتوفر لهم الجاهزية والتنافسية في الوقت الراهن، ولا أظنهم قد خذلوني، لقد كانوا مثل الأجنحة التي حملت اللاعبين الشباب لمقاومة الأحراش الإفريقية. ثم إننا مكنا لاعبين لم يكونوا على المستوى الإفريقي من فرض أنفسهم خلال هذه البطولة، وأغلبهم بأعمار صغيرة، لقد لعبنا هذه البطولة بسفيان بوفتيني وعبد المنعم بوطويل وحمزة الموساوي وآدم النفاتي ونوح السعداوي وعبد الكريم باعدي وسفيان رحيمي، وهذه كلها وغيرها عناصر تعرفت على الشان لأول مرة، وأتصور أنها مكاسب جديدة، إنهم لاعبون مرشحون ليكونوا ضمن المنتخب الأول.