هناك مقولة مأثورة يتناقلها المدربون جيلا بعد جيل تقول: «لا نغير الفريق الذي يفوز»، وهي التي حرص الحسين عموتا على تطبيقها في مباراة نصف النهاية أمام المنتخب الكاميروني، ذلك أنه تبث على التشكيل الذي ضرب أوغندا بالخماسية وزامبيا بثلاثية، ولم يعمد إلا إلى تعويض الغياب الإضطراري لآدم النفاتي، وقد اختار أن يدفع بنوح السعداوي بدلا منه، غير هذا تبث أيضا الناخب الوطني على ذات النهج التكتيكي الذي يقوم على التوازن بين الأداء الدفاعي والهجومي، وإن كانت مواجهة منتخب الكاميرون في الدور نصف النهائي المستفيد من عاملي الأرض والجمهور تفرض متغيرا استراتيجيا يكمن في رصد النوايا وإحباط كل الإندفاعات التي خطط لها أسود الكاميرون. لقد كان على المنتخب المحلي أن يروض أولا المؤثرات الخارجية، وقد كثرت عندما حكم الدور نصف النهائي عليه بمنازلة منتخب البلد المضيف، لذلك حرص أسود البطولة على تنويم المباراة في دقائقها الأولى لإفراغ الأسود غير المروضة من شحناتهم النفسية، وبعد ذلك أخذ أسودنا في مطابقة ملكاتهم الفنية الفردية والجماعية وإبراز ما يوجد من فوارق كبيرة بيننا وبينهم، بتقديم أفضل تنشيط ممكن هجوميا ودفاعيا للشاكلة القاعدية 4 1 4 1. بالطبع كان بالإمكان أن يخطف أيوب الكعبي هدفا مبكرا لو أنه تعامل على نحو أفضل مع الفرصة التي سنحت له في الدقيقة 19، إلا أن النجاعة الهجومية التي أرقت الحسين عموتا في أولى مبارتين خلال هذه البطولة، والتي حضرت بقوة في مباراتي أوغنداوزامبيا ستحضر أيضا في الجولة الأولى من مباراة النصف عندما تمكن سفيان بوفتيني من قبول هدية الحارس الكاميروني وتسجيل هدف السبق، وعندما كرس سفيان رحيمي نجوميته في هز شباك الخصوم عندما ختم بطريقة رائعة جملة تكتيكية غاية في الروعة عند الدقيقة 40، الكعبي يهيئ كرة في العمق لحافيظي وهذا الأخير بسخائه الكبير سيضع تلك الكرة مزغردة أمام رحيمي الذي أجهز على أحلام الكاميرونيين لتنتهي الجولة الأولى بتفوق رقمي وإستراتيجي لأسود الأطلس. وكما كان الحال في مباراة زامبيا التي أنهى جولتها الأولى الأسود متقدمين بثلاثية نظيفة، كان على المنتخب المحلي أن يجيد تدبير تفوقه خلال الجولة الثانية، ولكن من دون السقوط في كثير من الأعطاب التكتيكية، وبخاصة منها الإطمئنان كليا لهذا التفوق والسقوط في فخ التراخي. وعلى النقيض تماما من الطريقة التي تدبر بها الأسود جولتهم الثانية أمام زامبيا، سيكونون في ثاني جولتي المواجهة أمام الكاميرون بدرجة عالية من الإلتزام والإنضباط، ما مكنهم من إفراغ ما بقي في وعاء أسود الكاميرون، بل إنهم سيذهبون إلى ما هو أبعد بتسجيل هدفين آخرين لتكون المحصلة النهائية، رباعية للتاريخ. بعد هذا الذي شاهدناه حتى الآن من منتخبنا المحلي، هل هناك من يحول بينه وبين العودة مظفرا إلى المغرب؟ الإجابة سنتعرف عليها يوم الأحد القادم عندما يحين موعد النهائي التاريخي أمام نسور مالي.