من أي معدن هو، وما هي حكايته؟ طرده المدير التقني لستاندار دولييج فحول شراعه إلى ما ستريخت ثم كان بروزه أوروبيا مع توينتي لم يترك ناصر الشادلي نظر الناخب الوطني إيريك غيرتس يغيب عنه كثيرا، فقد كان في كل مرة يلمس فيها الكرة عندما حل فريقه توينتي ضيفا على العملاق ب.س.ف.أيندوفن في قمة الدورة 12 لبطولة هولندا إلا ويعطي للناخب الوطني إشارة تقنية تختلف عن الأخرى، تقول بأنه لاعب من الطراز الفريد ومن العينة التي يبحث عنها أي مدرب.. كان غيرتس في ثوب الناخب الجديد للفريق الوطني يجلس في منصة ملعب فيلبس ستاديوم الذي عاش فيه أجمل أيام عمره، عندما كان لاعبا للفريق لسبع سنوات كاملة بين 1985 و1992 وعندما عاد إليه مدربا في الفترة ما بين 1999 و 2002، وكان ذلك اليوم، يوم السبت 30 أكتوبر 2010 يوما تاريخيا لناصر الشاذلي، فقد قاد فريقه يومها إلى الفوز على أيندوفن بملعبه عندما وقع الهدف الوحيد للمباراة بطريقة ولا أروع.. وكان يكفي أن يتحدث غيرتس بلهجة المعجب لناصر الشادلي ليضعه أولا في اللائحة الأولية للفريق الوطني، ثم ليستدعيه ثانيا ضمن اللائحة الرسمية، لتكون مباراة إيرلندا الشمالية يوم 17 نونبر الحالي ببلفاست أول مباراة دولية له بقميص الفريق الوطني.. فمن يكون ناصر الشادلي؟ وما هي قصته مع كرة القدم؟ في أي ظروف نشأ ببلجيكا؟ وما الذي رحل به إلى هولندا؟ أرادوا أن يغتالوه! ناصر الشاذلي هو من مواليد 2 شتنبر 1989 بمدينة لييج ببلجيكا التي تقيم بها عائلته، يتمتع بطول فارع 1.87م ويمكن إعتباره منتوجا خالصا لأكاديمية لويس دريفوس التي هي أكاديمية نادي ستاندار دولييج البلجيكي.. عندما بلغ سن 16 كان من المفترض أن ينتقل إلى فئة شبان ستاندار دولييج، إلا أن المفاجأة المزلزلة للفتى الحالم، كانت عندما أبلغ من إدارة الأكاديمية وتحديدا من المدير التقني كريستوف ديسبي أنه غير مرغوب فيه، ويمكنه البحث عن فريق آخر.. وذيل المدير التقني قراره بالملحوظة التالية: «لسنا بحاجة إليك، إنك لا تتقدم تقنيا، مؤهلاتك محدودة، ها هي أوراقك، إفعل بها ما شئت..». في أقل من خمس دقائق وجد الفتى اليافع ناصر أحلامه تتحطم، فكم كان يتمنى أن يصبح لاعبا لكرة قدم مميز تفخر به عائلته المهاجرة إلى بلجيكا والتي هي من أصول شرقية (تنحدر من وجدة).. جر ناصر وراءه ذيول الخيبة، كان حزينا جدا لهذا الذي سمعه وكان في صورة قتل علني لأحلامه، إلا أن بداخله كانت هناك طاقة للتحمل، طاقة للرد على الإهانة بأقوى صورة.. ولأن الله لا يتخلى عن عباده، فبمجرد أن أغلقت في وجه ناصر أبواب ستاندار دولييج، حتى كانت أبواب نادي ماستريخت تفتح في وجهه. يلا طردك البخيل لا تبعد مدينة ماستريخت الهولندية عن لييج بأكثر من 20 كيلومترا، كان ناصر سعيدا للغاية بأن ينتمي لفئة الشبان لهذا النادي الذي تأسس قبل أزيد من قرن من الزمان.. لعب ناصر الشادلي سنتين تقريبا في فئة الشبان وأصبح جاهزا ليكون من أكبر استثمارات نادي ماستريخت الذي عرضه للبيع مقابل مبلغ 100 ألف أورو، برغم أنه لم يصرف على انتدابه أي شيء، إلا ما كان يقدمه له من تعويضات التنقل بالقطار بين لييج وماستريخت. سنة 2007 سينضم ناصر الشادلي إلى نادي أبيلدورن وهو فريق تأسس سنة 1913، كما مر به ناصر الشادلي فقد مر به اللاعب كلاس هانتلار الذي سيصبح أكبر هدافي أجاكس أمستردام ومنه إنتقل إلى ريال مدريد وهو اليوم هداف لنادي شالك 04 الألماني ومنتخب هولندا. يوم 7 شتنبر 2007 كان يوما مشهودا عند ناصر، لم يكن وقتها قد تجاوز ربيعه الثامن عشر، عندما دخل في الدقيقة 65 من مباراة فريقه أبيلدورن أمام فالفجيك عن بطولة القسم الثاني بهولندا، وهي أول مباراة رسمية له في مشواره الإحترافي. مع توينتي سطع نجمه قضى ناصر شاذلي ثلاثة مواسم مع نادي أبيلدورن، لعب خلالها 94 مباراة وسجل 29 هدفا، وكان بالخصوص مميزا في ثالث هذه المواسم (20092010)، إذ توصل إلى توقيع 17 هدفا ليثير إليه الأنظار، فكان نادي توينتي بطل الموسم الماضي لهولندا هو من ظفر بصفقة إنتدابه بتوصية عاجلة من مدربه ميشيل برودوم الحارس البلجيكي الذي تربطه صداقة مثينة بإريك غيرتس لكونهما حملا في ذات الفترة نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات قميص ستاندار دولييج وقميص الشياطين الحمر لبلجيكا. ولم يكن صعبا على ناصر الشاذلي أن يظهر كل سحره وهو يحمل قميص توينتي الهولندي، إذ سرعان ما قبض على رسميته كلاعب مؤثر، بدليل أنه خاض مع فريقه كل مباريات البطولة الهولندية إلى الآن (12 مقابلة، 10 منها كأساسي، لعب 874 دقيقة، سجل إلى الآن هدفين). شهب ناصر أوروبيا وإلى جانب أنه يلعب أول موسم له في بطولة القسم الأول لهولندا، فإن إنتماءه لفريق بطل مكنه من تذوق سحر المباريات الأوروبية، عندما دخل مع فريقه توينتي عصبة أبطال أوروبا من مجموعة فولاذية تضم أنتير ميلان بطل أوروبا، طوطنهام الأنجليزي وفردير بريمن الألماني. يوم الثلاثاء 14 شتنبر 2010 كان واحدا من الأيام المشهودة، فقد خاض ناصر الشاذلي بالمناسبة أول مباراة له في عصبة أبطال أوروبا، ومن حسن الطالع أنها كانت أمام البطل القاري أنتير ميلان، وانتهت إلى تعادل يوصف بالتاريخي (22)، مباراة لعب ناصر الشادلي من عمرها 88 دقيقة. وبرغم أن ثاني مباراة عن عصبة الأبطال ستشهد يوم 29 شتنبر 2010 هزيمة قوية لتوينتي بملعب وايت هارت لاين بلندن عندما حل ضيفا على طوطنهام (14)، إلا أن في حمأة الهزيمة سيولد أول نيزك، إذ سيتمكن ناصر الشاذلي من توقيع أول هدف له في عصبة أبطال أوروبا، هدف سيتبعه هدف ثاني يوم ثاني نونبر الأخير، وكان هذه المرة بمذاق مختلف، إذ كان واحدا من هدفين حقق بهما توينتي فوزا قويا بويستير ستاديون بألمانيا بمعقل فردير بريمن، وهو الفوز الأول له في رابع جولات عصبة أبطال أوروبا. الثأر بأجمل صورة يعرف ناصر الشاذلي أنه ما حقق إلى الآن إلا جزء يسيرا من أحلام كبيرة راودته منذ الصغر، ولكنه يعرف أكثر أنه رد بطريقته على المدير التقني لستاندار دولييج الذي كان قد لفظه ذات يوم واصفا إياه باللاعب المحدود الذي لا يملك أي هامش لتطوير ملكاته وإمكانياته. هذا هو ناصر الشاذلي الذي سيحضر يوم 17 نونبر القادم ببلفاست أمام إيرلندا الشمالية ليكتب أول صفحة في كتاب العمر مع أسود الأطلس. بروكسيل: