يقول الله تعالى جلت قدرته في محكم كتابه العزيز: "يا أيها الذين ءَامنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين، وإن كنتم جنبا فاطهروا" [المائدة، 6]. لاشك أن كل مؤمن يدرك في الحقيقة المكانة السامية التي يحظى بها الوضوء في الإسلام، فكمال الوضوء شرط لازم لصحة الصلاة، فقد أخرج الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ" كما أن للوضوء تأثير روحي عميق في النفوس وله انعكاسات صحية عظيمة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره" رواه مسلم فإذا كان الوضوء شرط لازم لصحة الصلاة، فإن تدليك الأعضاء أثناء غسلها بالماء الطاهر من فرائض الوضوء عند فقهاء المالكية كذلك، فالدلك يكون بباطن الكف كما يكون بظاهرها أو بما يقوم مقامها عند فقهاء المالكية، ففيه يقوم المسلم بتدليك الوجه واليدين إلى المرفقين والرجلين إلى الكعبين، وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن الدلك الجيد للجلد أثناء الوضوء يساعد على نقاءه من الأدران والأوساخ، كما يساعد على إزالة الجراثيم والميكروبات، كما أثبتت دراسة طبية أجرتها منظمة الصحة العالمية أن استعمال الماء النظيف فقط في الغسل يزيل حوالي 90% من الجراثيم. كما أثبت العلم حديثا أن الوضوء يقلل من حدوث الأورام السرطانية التي تسببها المواد الملوثة، فالإنسان يتعرض طوال اليوم إلى مجموعة من العناصر الكيميائية الملوثة التي تتراكم بدورها وتترسب على بشرة الجلد. وقد تنفذ إلى داخل الجسم وتحدث بعد ذلك أوراما خطيرة على المدى الطويل. كما أثبتت الأبحاث الطبية أن غسل الأطراف العلوية من الساعدين واليدين والأطراف السفلية من القدمين والساقين مع التدليك يقوي الدورة الدموية بهذه الأعضاء مما يزيد الجسم نشاطا وحيوية. وفي مجال علم الانعكاسات والتدليك Reflexology، أكدت الدكتورة ماجدة عامر أن معظم النقاط الموجودة على سطح الجسم والمرتبطة بطاقة أجهزة الجسم الداخلية تتركز في الأطراف والوجه واليدين والأذنين والقدمين. فتدليك هذه الأماكن يساهم في إعادة النشاط والتوازن للأجهزة الداخلية كما ينشط الدورة الدموية واللمفاوية التي تعمل على تنقية الأعضاء من السموم. كما خلصت الأبحاث إلى أن تدليك اليدين والقدمين يُسكن الآلام وذلك بإفراز مادة الأندرفين التي تخفف من حدة التوتر. يؤدي تدليك المنطقة المجاورة للمرفق إلى تنشيط الجهاز المناعي، كما أن تدليك اليدين إلى المرفقين يحسن مسارات الطاقة بهذه المنطقة مما يحسن طاقة الرئتين والأمعاء الدقيقة والغليظة والقلب، أما تدليك القدمين إلى الكعبين فيحسن من وضع مسارات الطاقة بينهما مما يحسن طاقة المعدة والبنكرياس والمثانة والكلي والقناة المرارية والكبد. يفيد تخليل الأصابع في منع الإصابة بكثير من الأوجاع والصداع والتخفيف من حدة التوتر. اكتشف فريق مارك تارنوبولسكي Mark Tarnopolsky من قسم الطب بجامعة ماك ماستر في كندا، أن التدليك ينشط جينات الخلايا بشكل مباشر. فبعد تمرين بدني مكثف، أخضع أحد عشر متطوع للتدليك لمدة عشر دقائق في إحدى الساقين، ثم أخذ الفريق عينات من الخلايا العضلية للساقين قبل التمرين وأخرى بعد التدليك بعشر دقائق ثم أخذت عينات أخرى بعد مرور ساعتين ونصف الساعة. وقد قام الفريق بدراسة تلك العينات وكان الاختلاف لافت إذ وجد الباحثون أن الجزيئات الالتهابية كانت أقل تركزا في خلايا الساق المدلكة. لقد أتبث الفريق أن الضغط الفيزيائي على الخلايا يؤدي إلى تغيير في تركيب الكينازات Les kinases وهي معقدات بروتينية صغيرة تترجم الرسائل الميكانيكية إلى رسائل بيولوجية عبر سلسلة من العمليات البيولوجية المعقدة تنتهي بتنشيط بعض الجينات. وقد اكتشف الباحثون في الساق المدلكة تحورا في تعبير 9 جينات مختلفة، من بينها الجين Nucléoporine 88، الذي يلعب دورا في تخفيض حدة الالتهاب. أصبح التدليك من المواضيع التي تشغل العلماء الباحثون في الزمن الراهن لمحاولة فهم الميكانيزمات البيولوجية المترتبة عنه والتي تؤدي إلى الإحساس بالراحة والنشاط، خاصة بعد اكتشاف جديد لفريق كندي أظهر أن التدليك يؤدي إلى تنشيط بروتينات تدخل في إنتاج العُضيات المسئولة عن تزويد الخلايا بالطاقة Les mitochondries. إن المسلم يتوضأ خمس مرات في اليوم وفي كل مرة يغسل جلده مع التدليك ثلاث مرات فما أحوج الأمة الإسلامية إلى مثل هذه الأبحاث خاصة وأن النبي صلى الله عليه وسلم أكد على فضلية إسباغ الوضوء حيث قال: "إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل". المراجع 1. المستدرك على الصحيحين، كتاب الطهارة، لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن أمل ياسين، روائع الإعجاز في الوضوء والصلاة والصوم، مكتبة وهبة، الطبعة الأولى 2009. 2.أمل ياسين، روائع الإعجاز في الوضوء والصلاة والصوم، مكتبة وهبة، الطبعة الأولى 2009. 3. محمد الدنيا، الجينات تتنشط بالتدليك، العربي العلمي، العدد الثالث عشر، يناير 2013. 4.Coralie Hancok, Massage, Nos gènes adorent, Science et vie, Avril 2012.