جعل الله عز وجل الطهارة شطر أساسي في الدين، وهي تشمل الطهارة الباطنية القلبية كما تضم الطهارة الظاهرية أي نظافة البدن والملبس والمسكن.. قال النبي صلى الله عليه وسلم "الطهور شطر الإيمان.." [صحيح مسلم] وإذا كانت الصلاة ركن من أركان الإسلام وعماد الدين فإن من شروط صحتها أن يكون المرء على وضوء باستثناء بعض الحالات المحددة. قال الله عز وجل: "يَا أَيُّهَا الَذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ" [المائدة، 7]، إن تكرار الوضوء يجعل جلد أعضاء الجسم المعرضة إلى الأدران نظيفة باستمرار، فبالإضافة إلى تنظيفها من الغبار والجراثيم يساعد التدليك بالماء الطهور على تنشيط الدورة الدموية، والجهاز العصبي، وطرح فضلات الجلد السامة. تعد اليدين من أكثر أعضاء الجسم عرضة لحمل وبالتالي نقل الجراثيم، فمعظم أمراض الجهاز الهضمي والتنفسي الميكروبية والفيروسية تنتقل من شخص إلى آخر عبر اليدين؛ إما بالمصافحة المباشرة أو عن طريق حمل الأطعمة أو لمس أشياء تتلوث بملامسة الأيدي المتسخة. لذلك وجب غسل اليدين ثلاث مرات قبل إدخالهما في إناء الوضوء قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا استيقظ أحدكم من الليل فلا يدخل يده في الإناء حتى يفرغ عليها مرتين أو ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده" [رواه ابن ماجة وأخرجه البخاري ومسلم]. تنموا أعداد كبيرة من الجراثيم في الفم وهي تتغذى على بقايا الطعام التي تترسب على الأسنان وتنتج أحماضا وإفرازات تؤثر سلبا على صحة الأسنان واللثة، فالمضمضة ثلاثا خمس مرات يوميا تساعد في التخلص من عدد مهم من هذه الميكروبات. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما" [سنن أبي داود]، يخلص الاستنشاق الأنف من المواد المخاطية المتراكمة والغبار والجراثيم، أكدت الدراسات الطبية أن الاستنشاق ثلاث مرات في كل وضوء يقضي على أحد عشر نوعا من الميكروبات التي توجد في الأنف وتتسبب في الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والالتهابات الرئوية والحساسية.. إن غسل الوجه ثلاث مرات عند كل صلاة له فائدة كبيرة لإزالة الأتربة والغبار المتراكم على الوجه كما أن تدليك الجلد خاصة بالماء البارد ينشط جلد الوجه مما يحافظ على مرونة أنسجته ويزيد في حيوية ونضارة البشرة. كما أن الماء البارد الطهور ينظف العين ويقيها من الجفاف ومن الإصابة بعدة أمراض. إن الدورة الدموية في الأطراف العلوية من اليدين والساعدين والسفلية من القدمين والساقين ضعيفة مقارنة مع الأعضاء الداخلية؛ لذلك فغسلها بشكل متكرر مع دلكها يقوي الدورة الدموية بها ويزيد في نشاط الجسم. تتواجد بالقدمين منعكسات لأجهزة الجسم كله فتدليكهما يؤدي إلى الشعور بالهدوء والسكينة. من السنة تخليل الأصابع بالماء فعن عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك" [رواه الترمذي]. تستقر عدة أنواع من الجراثيم والفطريات بين الأصابع فتخليلها يساعد على تحقيق نظافتها وحفظ صحتها والوقاية من تقرحها. إن الوضوء يريح النفس المتوترة ويهدئ ضربات القلب ويطفئ نار الغضب قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان من النار وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ" [رواه أبو داود]. منح الله سبحانه وتعالى للوضوء أهمية كبيرة، فأسراره الثمينة كثيرة تترجم حكمة الله عز وجل ورحمته بعباده، وزيادة على هذه الفوائد الصحية والنفسية جعل الله عز وجل الوضوء بابا من أبواب الطهارة الروحية ففي الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ فأسبغ الوضوء، فغسل يديه ووجهه ومسح على رأسه وأذنيه ثم قام إلى الصلاة المفروضة، غفر الله له في ذلك اليوم ما مشت إليه رجله، وقبضت عليه يداه واستمعت إليه أذناه ونظرت إليه عيناه وحدث به نفسه من سوء" [رواه أحمد]. المراجع 1. نادية طيارة، موسوعة الأعجاز القرآني في العلوم والطب والفلك، اليمامة، الطبعة الأولى، 2008. 2. أمل ياسين، روائع الإعجاز في الوضوء والصلاة والصوم، مكتبة وهبة، الطبعة الأولى، 2009. 3. زغلول راغب محمد النجار، الإعجاز العلمي في السنة النبوية، نهضة مصر، الطبعة الرابعة، 2010.