روى مسلم في صحيحه عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماوات والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها قال النووي في شرحه على مسلم:هذا حديث عظيم أصل من أصول الإسلام ، قد اشتمل على مهمات من قواعد الإسلام ، فأما ( الطهور ) فالمراد به الفعل (أي فعل الطهارة والتطهر) (...) وأصل الشطر النصف ثم أورد الخلاف الواقع في تأويل معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (الطهور شطر الإيمان)، بين معنى كونه نصف أجر الإيمان، وبين معاني أخرى ذكرها وبين معنى الصلاة كما قال الله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} والطهارة شرط في صحة الصلاة فصارت كالشطر. ومعنى الطهارة عموما: النظافة من الأوساخ، وهي من جهة المعنى الشرعي كما قال الحبيب بن الطاهر (في الفقه المالكي وأدلته ص: 9): صفة حكمية يستباح بها ما منع الحدث أو حكم الخبث وهي نوعان: طهارة الخبث التي تعني إزالة النجاسة عن ثوب المصلي وبدنه ومكانه. وطهارة الحدث، التي تتنوع بدورها إلى ثلاثة أنواع: الطهارة الصغرى (الوضوء)، والكبرى (الغسل) والتيمم. والطهارتان معا من شروط الصلاة، لقوله تعالى (في سورة المائدة/ آية 6): {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} وقول رسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلملا تقبل صلاة بغير طهور. والطهارة محبوبة لرب العالمين، قال تعالى في سورة البقرةإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين فجمع بين التوبة التي هي اغتسال باطني والطهارة التي هي نظافة الظاهر، ووصف عباده من عمار مسجد قباء بقوله عز وجل في سورة التوبة: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين}(108). وتُستحب الطهارة في عامة أحوال المؤمن حتى إنها تشمل ذكر الله تعالى. فهذا رجل سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى توضأ، وقال: إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله إلّا على طهارة، رواه الخمسة إلا الترمذي. وتشمل إقدامه على النوم لما رواه البخاري وغيره قوله صلى الله عليه وسلم: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة...، ويستحب للجنب إذا أراد أن يأكل، أو يشرب، أو يعاود الجماع، أو ينام. روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتى أحدكم أهله ثم بدا له أن يعاود فليتوضأ بينهما وضوءا وحتى ولو كان المكلف على طهارة فيستحب له تجديدها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، روى البخاري عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة قلت كيف كنتم تصنعون قال يجزئ أحدنا الوضوء ما لم يحدث".