الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله [ص] وبعد: عن عمرو بن عبسة قال:أتيت رسول الله [ص] فقلت يا رسول الله من تبعك على هذا الأمر قال حر وعبد قلت ما الإسلام قال طيب الكلام وإطعام الطعام قلت: ما الإيمان؟ قال الصبر والسماحة..[أحمد] التعريف: - الإيمان، هو تصديق الرسول r فيما جاء به عن ربه سبحانه عز وجل، ومحل الإيمان هو القلب لقوله تعالى:{ وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ }[الحجرات 14] { إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ }[التوبة 45] ولحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه تعالى قال: قال رسول الله يدخل الله أهل الجنة، الجنة يدخل من يشاء برحمته ويدخل أهل النار، النار ثم يقول: انظروا من وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خردل من إيمان فأخرجوه. رواه مسلم - الصبر في اللغة: الحبس أو المنع، فقول القائل: أنا صابر معناها: أنا حابس نفسي، أنا مانع نفسي. وقول القائل: حابس نفسي في الطاعات يعني: مستديم على الطاعات، وحابس نفسي عن المعاصي يعني: أغلقت باب المعاصي. ذكر القرآن "الصبر" أكثر من 90 مرة، ولم يحدث هذا مع أي خلق آخر... حتى خلق الصدق، والأمانة.. مما يدل على أهمية التخلق بخلق الصبر. فكل شيء في حياتنا يحتاج لخلق الصبر، فالصبر متوغل في حياتنا، يقول العلماء:" كمال الدنيا والدين مرتبط بالصبر". سبحان الله!!! هل هناك شجاعة من غير صبر؟ هل هناك برّ والدين من غير صبر؟ هل هناك تنمية اقتصادية من غير صبر..؟؟ هل هناك زواج ناجح بدون صبر؟ هل هناك حنان ورحمة وتربية للأولاد بدون صبر؟ هل يمكن لأحد أن يجد صديقاً بدون صبر؟ هل يمكن لأحد أن يعيش مع جيرانه بدون صبر؟ هل تستطيع الإنصات لهذه الخطبة والحرص على تطبيق ما فيها بدون صبر..!!؟ بدونه تهلك البشرية..!! فبدونه تنتهك الحرمات.. وبدونه تهلك البشرية. حقا.. إن أي اكتمال للدين والدنيا مرتبط بالصبر، وأي نقصان فيهما مرتبط أيضا بالصبر... - السماحة، والعفو، والصفح، والسلام، والتسامح، والدفع بالتي هي أحسن، والمجادلة بالحسنى، وكظم الغيظ، والمغفرة، وجعل الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، ألفاظ ذكرها القرآن في أكثر من موضع، والسنة مثل ذلك، دعوة لكل مؤمن ومؤمنة ونداء لكل بني الإنسان أن يتخلقوا بالسماحة تجاه الطرف الآخر مهما وجدوا إلى ذلك سبيلاً. يقول الله تعالى:{ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }[البقرة 109]{ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً}[الفرقان 63]{ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}[الشورى 40]{ وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصلت 34]{ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[آل عمران 134]{ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}[النحل 125] عباد الله: النبي [ص] يأمر أمته بالسماحة ويطبق ذلك على نفسه فقال: رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى. رواه البخاري. وقال: المؤمنون هينون لينون كالجمل الآنف، إن قيد انقاد، وإن أنيخ على صخرة استناخ.[ الترمذي] وقال[ص]: ألا أخبركم بأهل الجنة ؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: كل سهل لين قريب.[ أحمد والترمذي] وقال [ص] اسمح يسمح لك " [ أحمد وصحح الشيخ شاكر إسناده] ويوم الحديبية كتب علي بن أبي طالب [ض]: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله فقال ممثل قريش: لو علمنا أنك رسول الله لم نمنعك ولتابعناك , ولكن اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله ، فقال النبي [ص]:" أنا والله محمد بن عبد الله , وأنا والله رسول الله "فقال علي : والله لا أمحوه أبداً قال: فأرنيه, قال : فأراه إياه فمحاه النبي [ص] بيده. فلما دخل ومضت الأيام أتوا علياً فقالوا: مُر صاحبك فليرتحل فذكر ذلك علي لرسول الله [ص] فقال: "نعم "، فارتحل.[البخاري ومسلم ] أخي المسلم أختى المسلمة: من ظواهر خلق سماحة النفس/ طلاقة الوجه،واستقبال الناس بالبشر، ومشاركتهم بالسمع والفكر والقلب، ومبادرة الناس بالتحية والسلام والمصافحة وحسن المحادثة، وحسن المصاحبة والمعاشرة والتغاضي وعدم التشدد في الأمور. التسامح مع الآخرين هو الأصل في التعامل معهم، فقد صالح أبو عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة أهل الشام على الإبقاء على معابدهم من الكنائس والبيع داخل المدن وخارجها مصونة لا يهدم منها شيء ولا يغير من معالمها شيء, وصالحهم على حقن دمائهم وحفظ حياتهم, وصالحهم على الدفاع عنهم وحمايتهم من اعتداء من يهم بالاعتداء عليهم، وصالحهم على أن من قاتلهم أو ناوأهم وجب على المسلمين أن يقاتلوه, ويدفعوه عنهم بقوة السلاح. والتاريخ خير شاهد. أدعوك لتتدبر كلام الله، وتقراه وكأنما عليك أنزل. يقول الله تعالى: {استعينوا بالصبر والصلاة، إن الله مع الصابرين} البقرة الآية 153. هيا.. استعن بالصبر والصلاة على أي أمر في حياتك، تخاف على نفسك أن تقع في المعصية؟ عليك بالصبر والصلاة، اصبر على طاعة الله... من لك إلا الله؟. ألا تحب أن تكون في معية الله؟ {إن الله مع الصابرين}. الأنفال 4. تقبل الهدية من الله: {ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وبشر الصابرين} البقرة 155. من الذي يبشر الصابرين هنا؟.. انه الله.. هل أنت متخيل ذلك!؟ ماذا سيفعل معك الله؟ فلك ما يقول: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} الزمر 10. أرأيت لو أن أرضا كادت أن تموت من قلة المياه.. فانزل الله ماء مباركا عليها... فماذا تكون النتيجة؟.. وكان قلبك هو الأرض وهذه الآية هي الأمطار. {والله يحب الصابرين} آل عمران 146. الصبر والسماحة من عزم الأمور: يقول تعالى: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} الشورى 43. سبحان الله! عزم الأمور، أنك تصبر وتغفر... يقول النبي محمد [ص]:" ما أعطي أحد عطاء خير وأوسع من الصبر" البخاري ومسلم. فالإيمان هو تصديق الرسول r فيما جاء به عن ربه سبحانه عز وجل، والصبر خلق جاء به رسول الله عن ربه عز وجل، والسماحة خلق يحبه الله ويحب من آمن به أن يتخلق به{ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}[النحل 126-128] وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم أحمد عبد السلام مارسو إمام في مسجد النور بمدينة ميلوز بفرنسا رئيس لجنة الأئمة بالمجلس الجهوي بشرق فرنسا مختص- تجريبياً- في شؤون الأسرة والتربية العائلية