بنجلون رئيسا لمجلس إدارة بورصة البيضاء    بيانات رسمية: الأمطار ترفع نسبة ملء السدود بالمغرب إلى 29 في المائة    زمن الجماهير    زخات قوية قد تكون عاصفية محليا يومي الثلاثاء والأربعاء بعدد من أقاليم المملكة        أمير قطر يعلن عن تعديلات دستورية وطرحها للاستفتاء بعد موافقة مجلس الشورى    اتهامات جديدة ضد مبابي: نجم ريال مدريد يرد على الشائعات    الوزير بنموسى يعلن في البرلمان عن خطة للنهوض بالرياضة بعد نكسة الألعاب الأولمبية    أسود الأطلس جاهزون لمواجهة إفريقيا الوسطى        هزة أرضية بلغت قوتها 4.4 درجات    فيضانات الجنوب الشرقي.. إطلاق صفقات تهم 71 مقطعا طرقيا و69 منشأة فنية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الذكرى ال49 للإعلان عن تنظيم المسيرة الخضراء    الضريرة مُعارَضة لقصيدة "الأرملة المرضع" لمعروف الرصافي    دراسة: زيادة نسبة تصادم المركبات بنسبة 45,8 بالمائة عند اكتمال القمر    شبح ارتفاع المحروقات يطارد المغاربة رغم توقعات الانخفاض العالمية    آيت الطالب.. الصحة بالحسيمة هي الأفضل في المغرب وهكذا سنعالج قلة الموارد البشرية    المغرب وروسيا يناقشان تطوير العلاقات    الجزائر والكاميرون تلحقان ببوركينا فاسو إلى نهائيات المغرب 2025    مدرب غلطة سراي: "زياش لاعب مهم بالنسبة لنا ولديه شخصية قوية"    مغاربة يحتجون تنديدا بمحرقة جباليا وتواصل المطالب بوقف المجازر وإسقاط التطبيع    تشريع جديد من المفوضية الأوروبية لتسريع ترحيل المهاجرين غير الشرعيين    إسرائيل تواجه أكبر موجة هجرة في تاريخها برحيل 40 ألف شخص في عام واحد    إيداع شاب ألقى قنينة مشتعلة على الموكب الملكي مستشفى الأمراض النفسية    لا خسائر مادية أو بشرية.. هزة أرضية بقوة 4.5 درجات تضرب إقليم إفران    عبد الله البقالي يكتب حديث اليوم..    الشامي: المغرب لا يستفيد من فرص سوق صناعة السفن.. 11 مليار دولار حجم سوق التصدير سنويا    حملة استنكار مغربية تقود إلى إلغاء حفل الجزائري الشاب بلال بميدلت    افتتاح الدورة الخريفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي الخامس والأربعين    الوزيرة بنعلي: 416 رخصة لاستيراد النفايات منحت مند عام 2016.. وهي عبارة عن إطارات مطاطية وبلاستيك ونسيج    نتنياهو: المصلحة تحدد الرد على إيران    أسعار النفط تتراجع بأكثر من 3 بالمائة    غوارديولا مرشح لتدريب المنتخب الإنجليزي    وزير النقل: سنعلن قريبا عن الاستراتيجية الوطنية لتشييد أسطول للنقل التجاري البحري في أفق 2040    الأميرة للا حسناء تترأس مجلس إدارة مؤسسة المحافظة على التراث الثقافي لمدينة الرباط    شكاوى جديدة ضد شون "ديدي" كومز بتهمة الاعتداء الجنسي على قاصر    الصحة العالمية: سنة 2024 شهدت 17 حالة تفش لأمراض خطيرة    دراسة: تناول كمية متوسطة من الكافيين يوميا قد يقلل من خطر الإصابة بألزهايمر    توقعات احوال الطقس لليوم الثلاثاء    فؤاد عبد المومني.. ينشد التغيير في قنينة "الدوليو"    الراغب حرمة الله يعبر عن إعتزازه بالمكانة التي يوليها جلالة الملك لأبناء الأقاليم الجنوبية    قمة خليجية – أوروبية غدا وتناقش ملفات سياسية وأمنية واقتصادية        تشغيل الشباب.. بنسعيد: "استفادة حوالي 30 ألف شاب وشابة من برنامج في مجال التكوبن"    بو القنادل: توقيف ثلاثيني يدير ورشا لتزوير النقود    إصلاح قطاع الصحة في المغرب : تحديات وأفاق    "حوار" يناقش مستقبل الجالية بهولندا    بعد 10 سنوات زواج...طلاق فرح الفاسي وعمر لطفي    دراسة: تناول كميات طعام أقل قد يكون له تأثير إيجابي على متوسط العمر المتوقع    دراسة: الذكاء الاصطناعي ساعد في اكتشاف آلاف الأنواع من الفيروسات    رحيل المفكر اللبناني مصطفى حجازى صاحب كتاب "سيكولوجية الإنسان المهدور" عن عمر ناهز ال 88 عاما    أعراض داء السكري من النوع الأول وأهمية التشخيص المبكر    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل النية واجبة في الاغتسال؟
نشر في التجديد يوم 21 - 12 - 2010

رأينا في الحلقة الماضية الكيفية العملية للاغتسال المشروع، ونقف الآن على كل مسألة لبيان مستند الفقهاء لتقريرها جامعين بين فرائض الغسل وسننه ومستحباته في ترتيبها العملي مع اصطحاب ما سبق تفصيله بخصوص أعضاء الوضوء فلا نكرره، إلا ما كان من خصوصية يفرضها سياق الاغتسال، فنبدأ بالنية باعتبارها أساس قبول الأعمال وميزان التمييز بين العادات والعبادات، وكونها مع تعميم ظاهر الجسد بالماء من أعظم أركان عبادة الغسل.
فما يوجب النية هو قوله تعالى:'' وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (الآية :5 السورة:البينة) والغسل من العبادة ومن الدين اللذين يجب أن يقصد بهما وجه الله تعالى، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المشهور المتفق عليه '' إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى..'' والغسل من الأعمال التي يرجى ثوابها فضلا عن فوائده الصحية والنفسية، فيكفي أن يستحضر المومن فضل هذه العبادة ليقبل عليها ويحسن فيها ويستعيذ بالله من تثبيط الشيطان له بشأنها ، يستحضر قوله عز وجل: ( وينزل عليكم من السماء ماءاً ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان) (الأنفال:11) ، وقوله تعالى : ( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج، ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون ) (المائدة:6) ، وقوله سبحانه : ( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) (البقرة:222) وكل ما قلناه في فضل الوضوء وأجره وثوابه يصدق على الغسل وأكثر لأنه يشمله وزيادة، فيستحضر المكلف أن الطهور شطر الإيمان وأن من اغتسل خرجت خطاياه من جسده، حتى تخرج من تحت أظافره، وأنه'' ما من مسلم يتطهر فيتم الطهور الذي كتب الله عليه فيصلي هذه الصلوات الخمس إلا كانت كفارات لما بينها'' وأن إسباغ الاغتسال على المكاره من الأمور التي يمحو الله به الخطايا، ويرفعُ به الدرجاتِ، وتتحقق به إطالة الغرة والتحجيل حيث يعمم الجسد بالماء فيدخل وزيادة فيما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين (أي لهم بياض ونور في جباههم وأيديهم وأرجلهم من أثر الوضوء) من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل'' وفيما رواه مسلم من قول النبي صلى الله عليه وسلم:''أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله'' وأن الاغتسال من الأسباب التي تحل بها عقد الشيطان، روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان'' والاغتسال أعم من الوضوء فمن استيقظ واغتسل فاز بهذه المزية وزيادة. فهذه الأبعاد هي التي تميز غسل العبادة والتي تزيد على غسل العادة، والذي لا يخلو بدوره من فوائد دنيوية محققة على المستوى الصحي والنفسي والاجتماعي، حيث يبعث الحيوية و النشاط في الجسم والتي ربما افتقدها بعد الجماع أو الحيض والنفاس، و يخفف كما يقول الخبراء الاحتقان الدموي وينشط القلب والدورة الدموية لما فيه من جهد عضلي كما يؤمن وظائف الجلد من نقل الإحساسات وتنظيم الحرارة وحماية الجسم لما فيه من تنظيف من الأوساخ العالقة به أو التي تتكون على سطح الجلد نتيجة العرق والافرازات الدهنية فضلا عن فتح الغسل لمسامات الجلد حتى يجري التنفس الجلدي بشكل جيد.
كما تؤكد الدراسات الحديثة التأثير الجيد للغسل بالماء على الإنسان في إزالة التوتر والقلق، فيشعر المؤمن بعد غسله بالراحة والطمأنينة، ومعلوم عادة ما يصاحب الغضب من فوارن الدم ، والماء يطفئ هذه الفورة ويكسر حدتها ، ولذلك ما زال الفقهاء يذكرون الوضوء كعلاج للغضب، ومن هؤلاء ابن القيم رحمه الله في كتابه ''الوابل الصيب'' في فصل : ''فيما يقال ويفعل عند الغضب'' انتهى . وذكره ابن تيمية رحمه الله في مواضع كثيرة، والغسل في ذلك أعم وأشمل. وقال الدكتور محمد نجاتي في كتابه''الحديث النبوي وعلم النفس'' (ص/122) ''فالماء البارد يهدئ من فورة الدم الناشئة عن الانفعال ، كما يساعد على تخفيف حالة التوتر العضلي والعصبي ، ولذلك كان الاستحمام يستخدم في الماضي في العلاج النفسي''.
وقل مثل ذلك في الأبعاد الاجتماعية للاهتمام بالاغتسال ونظافة البدن: من حصول للألفة والقبول عند الاحتكاك والاتصال والاختلاط والصلة بالناس والمجتمع والأثر الإيجابي لذلك على العلاقات الزوجية والحياة الأسرية عموما والمظهر الاجتماعي العام وموطن اجتماعات الناس في المساجد وغيرها فلا يشم الناس منه ما يكرهون، فالمومن يألف ويؤلف ويحرص على طهارة الظاهر وطهارة الباطن.
فلا مانع شرعا من استحضار مختلف النيات الحسنة الدينية والصحية والنفسية والاجتماعية وغيرها عند العمل الواحد شريطة أن يكون السابق منها نية التعبد والطاعة وابتغاء رضوان الله والدار الآخرة وأداء الفريضة ثم بعدها المقاصد الدنيوية المشروعة، فينوي المكلف عند ابتداء غسله إن كان الغسل واجبا: رفع الحدث الأكبر، أو استباحة الممنوع أو الفرض. وأما إذا اغتسل وليس في نيته غير التبرد أو إزالة الوسخ، فلا يصح اغتساله. وهذا قول الجمهور من الأئمة: مالك والشافعي وأحمد، رحمهم الله تعالى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.