آثرت في هذه الحلقة أن أقف وقفة عرفان بالجميل لرجل فاضل أثر في عصر بأكمله، بل تعدى فضله زمنه بكثير، على اعتبار تأثيره الكبير في مسار الحركة العلمية بمغرب القرن الثامن عشر، يتعلق الأمر بالعلامة سيدي محمد التاودي بن سودة الفاسي.. ولد محمد التاودي بن سودة بفاس عام (1125ه)، وحفظ القرآن الكريم برواية بن كثير، وأتقن جودة الخط ثم أخذ في حفظ المتن والدواوين المتداولة وسنه لم يتجاوز العشر سنوات.. قال سيدي عبد الحي الكتاني في فهرس الفهارس عن سيدي محمد التاودي بن سودة: "هو شيخ الجماعة بفاس العلامة المحدث الصالح المعمر إمام فقهاء المغرب أبو عبد الله محمد التاودي بن الطالب بن عليّ ابن قاسم بن محمد بن عليّ بن قاسم بن أبي محمد القاسم بن محمد بن أبي القاسم ابن سودة المري الفاسي المتوفى بفاس سنة (1209ه)، وقد جاوز التسعين، وقال عنه أبو عبد الله الرهوني في أوضح المسالك: "حاز رياسة فاس والمغرب كله، فلا أعلم الآن أحداً ممن ينتمي إلى العلم بالمغرب إلا وله عليه منة التعليم، إما بواسطة أو بغير واسطة أو بهما معاً، وقد جمع مع ذلك الاجتهاد في العبادة والسخاء وحسن الخلق والمحبة العظيمة لآل البيت والطلبة وزيارة الصالحين". يتعلق الأمر إذن برجل ذي همة عالية رفع رأس المغرب عاليا، وهو يعتبر مثقفا مشاركا بامتياز بكل ما تحمل صفة المثقف من دلالات معرفية وأخلاقية.. ولما يسر الله له إقراء الموطأ بالجامع الأزهر حضره جل علماء الحاضرة المصرية واعترفوا بعلو كعبه وإتقانه فن التدريس.. قال الفقيه العلامة سيدي محمد الحجوي في الفكر السامي عن سيدي التاودي بن سودة: "فقيه محقق كبير مشارك، انتهت إليه رياسة العلم في المغرب إقراء وإفتاء، ألحق الأبناء بالآباء، وانفرد بعلو الإسناد حتى صار شيخ الشيوخ، والمحرز على قصب السبق في ميدان الرسوخ، وكثير من أسانيدنا في العلوم تدور عليه له رحلة إلى المشرق أخذ عن أعلام في مصر والحجاز، وأخذوا عنه، وله فهرسة جمعت أسماءهم وأسانيدهم، وله حاشية على الزرقاني المتقدم، وحاشية على صحيح البخاري، وشرح على تحفة الحكام لخصه من شرح ميارة وغيره، وشرح على لامية الزقاق في الأحكام كذلك أيضا، وشرح على جامع خليل، الكل مطبوع بفاس إلا الرحلة، وحاشية الزرقاني، وله غير ذلك. توفي سنة (1209ه).. اعتمادا على كتاب الروضة المقصودة في مآثر بني سودة لسليمان الحوات، وفهرسة التاودي بن سودة لأشياخه المغاربة والمشارقة يمكن استخلاص أسماء العلماء الذين أخذ عنهم سيدي محمد التاودي بالمغرب والمشرق بما يمكن اعتباره بيانا علميا وعمرانيا ودلا على جوانب من الحياة الفكرية بمغرب القرن الثامن عشر، وعلاقة المغرب بالمشرق على المستوى العلمي والثقافي، وما يمكن أن يترتب عن ذلك من استثمارات علمية وعمرانية، فمن أساتذته المغاربة نذكر: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن جلون الفاسي (ت 1136ه)، أخذ عنه الأجرومية والألفية والمختصر، وأبو العباس أحمد بن علي الوجاري (ت 1141ه)، أخذ عنه الألفية، والتسهيل والمغني، وأبو العباس أحمد بن أحمد الشدادي (ت 1146ه)، أخذ عنه التفسير والمختصر، وأبو عبد الله محمد بن الحسن الجندوز (ت 1148ه)، أخذ عنه الألفية والكافية والمغني والتسهيل والسُّلم والمفتاح، وأبو البقاء يعيش الرغاي (ت 1150ه)، أخذ عنه رجز ابن عاصم ولامية الزقاق، والبخاري، وأبو العباس أحمد بن مبارك السجلماسي اللمطي (ت 1156ه)، وهو عمدته، أخذ عنه المنطق والكلام والبيان، والأصول والتفسير والحديث والسعد والمحلى، وأبو العباس أحمد بن عبد العزيز الهلالي (ت 1175ه)، أخذ عنه الموطأ والحديث والمسلسل بالأولية، وأبو العباس أحمد بن عبد الله الدكالي الغربي الرباطي (ت 1178ه)، أخذ عنه الحديث المسلسل بالأولية، والحديث المسلسل بالمصافحة، والبخاري، وأبو عبد الله محمد بن قاسم جسوس (ت 1182ه)، أخذ عنه الرسالة، والمختصر، والحكم، والشمائل، وصحيح مسلم، أما شيوخ التاودي ابن سودة من المشارقة فنذكر منهم أبو زيد عبد الرحمان الحسيني، وأبو علي حسين بن عبد الشكور الطائفي، وأبو عبد الله محمد السمان الشافعي القرشي، أخذ عنه الطريقة القادرية، وأبو إسحاق إبراهيم السعد (ت 1190ه)، وأبو الحسن علي بن أحمد الصعيدي العدوي المالكي (ت 1191ه)، أجازه بمروياته، وأبو علي حسن الجبرتي (ت 1191ه)، أما شيوخ التاودي ابن سودة في التصوف فنذكر منهم أبو جيدة محلى الأندلسي (ت 1138ه)، وأبو علي الحسن الصنهاجي (ت 1146ه)، وأبو عبد الله محمد المدرع (ت 1147ه)، وأبو الفضل قاسم بن محمد بن عمرو بن رحمون (ت 1149ه)، وأبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الصنهاجي (ت 1154ه)، وأبو محمد عبد السلام بن محمد التواتي الفاسي (ت 1155ه)، وأبو زيد عبد الرحمان النيار (ت 1155ه)، وأبو علي الحسن بن عبد المؤمن الهواري (ت 1165ه)، وأبو عبد الله محمد العربي بن أحمد بن عبد الله معن الأندلسي (ت 1166ه)، والحاج أحمد بن علال الشرابلي المراكشي(ت 1200ه)، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الهبطي (ت 1203ه)، ويوسف بن محمد بن محمد بن محمد بن ناصر الدرعي.. قال في فهرس الفهارس: "يروي الشيخ التاودي عامة عن شيوخ المغرب: أبي العباس أحمد بن مبارك اللمطي صاحب الذهب الابريز، وهو عمدته، وأبي عبد الله محمد بن قاسم جسوس وشيخهما أبي عبد الله محمد بن عبد السلام بناني، وهو أعلى شيوخه إسناداً، والحافظ أبي العباس أحمد بن عبد الله الغربي الرباطي، وأبي العباس أحمد بن عبد العزيز الهلالي السجلماسي وغيرهم..". من تلاميذه الشيخ التاودي نذكر الطيب بن كيران وسليمان الحوات صاحب الروضة المقصودة، ومحمد بن عبد السلام بن ناصر الدرعي، ومحمد الورزازي.. وتتفق جل المصادر على المكانة العلمية التي كان يحظى بها الشيخ الإمام التاودي ابن سودة، يقول عنه تلميذه سليمان الحوات في الروضة المقصودة: "شدت إليه رحال الطلب، وجاءه الناس ينسلون من كل دب، حتى كثر الآخذون عنه أخذ انتفاع، وعمت درايته وروايته في أكثر البلدان، والأصقاع، فلست وإن أفنيت الأوراق والأقلام، بتمحيص ما تخرج له جهابذة الأعلام". ويقول في حقه الفقيه المؤرخ العربي المشرفي صاحب نزهة الأبصار: "وأما علماء هذا القرن بحاضرة فاس المحروسة، بفضل الله من كل بأس، فالطبقة الأولى منهم: شيخ الجماعة الإمام الهمام، وواسطة عقد النظام، الحبر الترجمان، لسان العلوم وميزان الفهوم، أبو عبد الله سيدي التاودي ابن سودة، فقد ألف في كل فن، وتخرجت عليه شيوخ كثيرة بكل قطر، بلغوا درجة التأليف، والناس اليوم معتكفة على مؤلفاته.."، ويقول عنه محمد بن جعفر الكتاني في سلوة الأنفاس: "كان رحمه الله ممن جمع بين جلالة العلم والدين.. شيخ الجماعة في وقته ودهره، وممن ألقت إليه العلوم بالزمام في عصره، قد تضلع في جميعها واعتكف على تفهمها وتفهيمها..". في سن العشرين جلس الشيخ التاودي ابن سودة للتدريس، وابتدأ بتدريس العلوم العربية كالأجرومية والألفية، ثم درس المنطق والأصول والبيان والعروض، والحساب والفرائض، ثم تصدى لتدريس الفقه والتصنيف والإفتاء، وقد ولاه السلطان أبو الحسن علي العرج بن المولى إسماعيل تدريس علم الحديث بجامع القرويين، كما درس الحديث بجامع القرويين المبارك، وتفسير القرآن على عهد السلطان سيدي محمد بن عبد الله. يقول سليمان الحوات في الروضة المقصودة بشأن ذلك: "وكان أخذ شيخنا رضي الله عنه في إقراء التفسير(..) في الكرسي المقابل لصومعة القرويين بين بابي الشهود والشماعين، وذلك في ما بين العشاءين، وكان يحضره الخاصة من أبناء الملك إمام الوقت أمير المؤمنين مولانا محمد بن عبد الله، والفقهاء والأشراف والعلماء وصدور العوام وعامة الطلبة وغيرهم". كما درس الألفية ومحاذي ابن هشام، والتسهيل، ولاميات الأفعال لابن مالك، وكافية ابن الحاجب وشافيته، وجمع الجوامع لابن السبكي، والحكم لابن عطاء الله بشرح ابن عباد، وبعض شروح الإمام زروق، والمباحث الأصلية في آداب السلوك لابن البناء المراكشي، وألفية العراقي، وتلخيص المفتاح في المعنى والبيان، والخزرجية، في علمي العروض والقوافي، والمرشد المعين لابن عاشر، ورسالة ابن أبي زيد القيرواني، كما كان يدرس سلم الأخضري، ومختصر السنوسي، وصغرى السنوسي في علم الكلام، ومقاصد السعد، ومواقف العضد، وورقات إمام الحرمين، والتهذيب للبرادعي، ومختصر خليل، كما درس صحيح البخاري وصحيح مسلم، وسنن أبي داوود، وبقية الكتب الست بأمر من السلطان سيدي محمد بن عبد الله في جبل العلم، بمقام المولى عبد السلام بن مشيش، كما درس مسند الدارمي، والشفا للقاضي عياض الذي درسه بضريحه بمراكش، والجامع الصغير للسيوطي، وشمائل الترمذي، والأربعين النووية، ودلائل الخيرات، وبردة البوصيري وهمزيته، ولامية كعب بن زهير بانت سعاد، ولامية البكري ما أرسل الرحمان أو يرسل، كما كان يدرس كتب السيرة بضريح الشيخ أبي العباس سيدي أحمد الشاوي، ودرس على عهد المولى سليمان كتب الوثائق والحكام كرجز ابن عاصم، ولامية الزقاق، وكان آخر ما درس الشيخ التاودي ابن سودة، كتاب الحكم لابن عطاء الله السكندري، وذلك بالمسجد الذي بناه المولى سليمان لأجله بجوار باب داره بزقاق البغل قرب دار بوعلي بفاس القرويين، والذي يوجد به ضريح الشيخ التاودي ابن سودة اليوم، ومنه نعلم فضل هذا الرجل الفاضل على مدينة فاس ومراكش، فقد كان يصول ويجول في مساجد فاس وزواياها وأضرحتها من أجل بث العلم والصلاح، وتيسير العلوم لمختلف الشرائح، فكان بذلك محققا لجدلية العلم والعمران التي تفسر الكثير من جوانب التاريخ الفكري ببلدنا المبارك.. وعن رحلته المشرقية يقول محمد ابن سودة في فهرسته: "لما من الله سبحانه على العبد بالرحلة لأرض الحجاز، وسلك يمنه ذلك المجاز، وقضى السكين، وظفر بزيارة الحرمين، نزل قاهرة مصر، فلقي من فقهائها وأئمتها وقدوتها من يشار إليه بالنبل في العصر، فطمعت نفوس طائفة لها، بالعلم اعتناء، وفي الأخذ عن مشايخ المغرب رغباء، أن أقرأ لهم من كتب الحديث ما تيسر، وإن كنا في الحقيقة على جناح سفر، فأجبتهم بعد الاستخارة، وموافقة الأقدار، وأجمع الأمر على قراءة الموطأ بالجامع الأزهر..". كان الشيخ التاودي مثقفا ملتزما بأداء رسالته العلمية والإصلاحية، وكان كثيرا ما ينتقد سياسة الدولة على الرغم من العلاقة الطيبة التي جمعته بالسلطان سيدي محمد بن عبد الله وابنه السلطان المولى سليمان من بعده، وكان يتخذ مواقف جريئة من أجل قول كلمة الحق، وقد تحمل متاعب كثيرة في سبيل ذلك، من ذلك موقفه من ضريبة المكوس، حيث كان من بين الفقهاء المعارضين للسياسية الجبائية للسلطان سيدي محمد بن عبد الله، كما اعترض على هذا الأخير عندما عزم على إجلاء سكان مدينة الرباط، مريدا بذلك وضع حد للتطلعات الاستقلالية للجالية الأندلسية برباط الفتح، بحجة أن هذه المدينة ملك للمخزن منذ العهد الموحدي، واستفتى محمد بن عبد الله علماء فاس في إخراج أهل الرباط، وكان ذلك سنة (1187ه)، يقول الضعيف الرباطي في تاريخه بهذا الشأن: وفي سنة (1187ه)، استفتى السلطان علماء أهل فاس في إخراج أهل الرباط من بلدهم، وادعى انه بلد المخزن، وأن السلطان هو الذي بناه وأن السلطان يرث السلطان، فأفتاه في ذلك الكثير من العلماء إلا البعض، منهم السيد التاودي بن الطالب ابن سودة الفاسي رحمه الله، فأفتى بأن الرجل إذا نزل بأرض وتصرف فيها إحدى عشرة سنة، ولم ينازعه فيها أحد فإنها له، وقال لعلماء فاس: إن خرج أهل الرباط بهذه الحجة؛ فإنه يخرجهم أيضا ويحتج عليكم بأن باني فاس هو المولى إدريس، وقد كان أميرا فهو يرث ما بني أيضا. وقد غضب السلطان من هذه الفتوى فجرد الشيخ التاودي من جميع المناصب، وهو ما يشير إليه الضعيف بقوله: "ولذلك عزله السلطان عن الإمامة ونزع ما كان يقبض عن الخطبة، وأمره بالجلوس في داره"، كما كانت للشيخ التاودي ابن سودة مواقف من الإصلاحات الدينية والعلمية للسلطان سيدي محمد بن عبد الله، تدل عليها مراسلات كانت دارت بين السلطان والشيخ التاودي كما جاء مفصلا في الروضة المقصودة. ويعتبر الشيخ التاودي من شيوخ المولى سليمان العلوي، قال الضعيف الرباطي في تاريخه: "قرأ المولى سليمان الفقه على شيخه سيدي التاودي"، كما أن الشيخ التاودي قام بدور حاسم في البيعة السليمانية بفاس بعد وفاة المولى اليزيد عام (1206ه/1792م)، وهذا ما أشار إليه الإمام الجبرتي في ترجمة الشيخ التاودي ابن سودة بقوله: "ولما توفي المولى اليزيد سلطان المغرب، وقع الاختلاف والاضطراب بين أولاده، فاجتمع الخاصة والعامة على رأي الشيخ التاودي، فاختار المولى سليمان وبايعه على الأمر"[1]. وقد كان الشيخ التاودي ابن سودة من دعاة الطريقة الناصرية، يقول سليمان الحوات: ب "أن سبب أخذ هذا الشيخ الطريقة الناصرية أنه جاءه الإذن بالتلقين لأورادها بفاس من طرف الشيخ سيدي يوسف الناصري"، وفي ما يلي نص هذا الإذن المليء بالفوائد: "واعلم أخانا وولدنا في الله أن الناس طلبوا منا من يلقنهم الأوراد الشاذلية الناصرية في تلك النواحي لبعدنا، وأنهم خافوا من انقطاعه، وألحوا في ذلك الغاية، فاستخرت الله تعالى ورأيت أن آذن لسيدنا في ذلك لأنه أهل له وأحق بهم من غيره لمراعاتك الحقوق، ومراقبة الخالق في المخلوق، وإني أذنت لك في التلقين لمن يأتيك من الرجال ولمن رغبت في الصحبة من النساء، من ذكر أنواع الذكر الملقن عندهم وعدده وختم بالدعاء.."، ويقول كذلك سليمان الحوات أن الطريقة الناصرية بفاس كانت أن تضمحل لولا أن تداركها الشيخ التاودي ابن سودة بالرعاية والاعتناء، حيث يقول: "كادت هذه الطريقة الناصرية أن تضمحل بفاس بعد وفاة الشيخين سيدي يوسف وسيدي عبد الله نفعنا الله بهما فأحيى الشيخ نفع الله به ذكرها، وأشاع فخرها، بتلقين أورادها على سننهم، وانحاش الناس للأخذ عنه.. وجدده عمارة زاويته التي هي بالسياج من فاس القرويين، صبيحة يوم الجمعة يشهدها بنفسه في جملة من الفقراء على جلالته وعظمته وكبر سنه"، ولم يكتف الشيخ التاودي ابن سودة بالطريقة الناصرية فقط بل كان يلقن أوراد غيرها من الطرق الصوفية، كالطريقة القادرية التي أخذ أورادها عن شيخه محمد بن عبد الكريم السمان الشافعي نزيل المدينةالمنورة، وهذا دليل على انفتاحه واتساع أفقه وإطلاعه على الكثير من روافد الثقافة الإسلامية.. من مؤلفات الشيخ التاودي بن سودة في التصوف نذكر جامع الأمهات في الأدعية والعبادات، وتأليف في الأذكار والأسماء، وإدخال السرور على المقصر مثلي والمغرور، والحسام المسنون في نصرة أهل السر المكنون، وشرح على قصيدة، ما أرسل الرحمان أو يرسل للإمام البكري، والدر المكنون في شرح سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وتقييد في فضل العلم، وتحفة الأخيار في آي وأذكار.. وله مؤلفات عديدة في فنون مختلفة نذكر منها: حاشية على شرح الزرقاني على المختصر سماها طالع الأماني وشرح على التحفة، وشرح على لامية الزقاق، وحاشية على صحيح البخاري، وشرح الجامع للشيخ خليل، وشرح على قصيدة كعب بن زهير، وفهرسة ذكر فيها شيوخه من المغاربة والمشارقة حسبما أفادنا به محمد مخلوف في شجرة النور الزكية. نقل سيدي عبد الحي الكتاني في فهرس الفهارس خبرا طريفا مفاده أن الشيخ التاودي قد رزق سعداً عظيماً في التلاميذ، وجاهاً ودنيا في أيامه، وحاز المناصب السامية في الدولة ولأبنائه وأحفاده، ويذكر في باب سعة خاطره وتحمله أن تلميذه النقيب أبا الربيع الحوات أنشأ أبياتاً قال فيها: قولوا لشيخكم ابن سودة انه قرب الرحيل فهل له من زاد عاش القرون وفاز من أيامه بالمال والأولاد والأحفاد حتى إذا وفى الرياسة حقها أمسى الحمام لديه بالمرصاد فلما بلغه أتى إليه ومسح بيده على ظهره وهو يقول: جزاك الله عنا خيراً إذ ذكرتنا يا ابن الرسول، وقد أشار إلى هذا الخبر الطريف سليمان الحوات في فهرسته، ثمرة أنسي في التعريف بنفسي. رحم الله الشيخ التاودي بن سودة وجازاه عن المغرب والإنسانية خيرا، والله الموفق للخير والمعين عليه.. ---------------------------------------- 1. الجبرتي، عجائب الآثار، القاهرة بدون تاريخ، ج: 2، ص: 244.