هذا هو سابع الأجزاء من هذه المقالات عن ابن القطان وهو تتميم لما سبق من الكلام عن مشيخته. أعرض هنا منهم من وقفت له على رواية جملة من دواوين العلم، أو ذُكر له شيء التآليف فيه، ومن جملة أغراضي من ذلك، استعمالُه بعد الفراغ من جمعه في مناقشة كلام قيل عن ابن القطان، من كونه أخذ الحديث مطالعة. ولست ألتزم هنا بنسق معين، وإنما أجلب منهم من آنَسُ من نفسي أني استفرغت وسعا في جمع مادة ترجمته. نَجَبَة بن يحيى الرعيني الإشبيلي (591) إمام فحل، أحد القراء المذكورين، والنحاة المعدودين، اتفقت كلمة المترجمين على تحليته بالمقرئ النحوي[1]، وحلاه المنتوري في فهرسته، بالأستاذ[2]، وهو لقب أماثل القراء، وأكابر النحاة، ووصفه الذهبي في التذكرة بمقرئ[3] المغرب. درس وصنف، وتصدر للإقراء وتدريس العربية. له تآليف ذكرها المنتوري مبهمة في جملة مروياته[4]، وقد وقفت على شيء مما تحمله منصوصا عليه، وهو الآتي: • التيسير لأبي عمرو الداني ذكر ابن الأبار في ترجمة عبد الوهاب بن محمد اليلبشي[5] أن نجبة أخذ عنه التيسير للداني. واليلبشي يرويه عن أبي داود المقرئ عن مؤلفه. • صحيح البخاري رواية أبي ذر الهروي سمعه من الإمام القاضي شريح بن محمد بن شريح، بسنده إلى البخاري. وقد ساق الوادي آشي في برنامجه[6] سنده إلى الجامع الصحيح للبخاري، ومن جملة رجال هذا السند: القاضي شريح المذكور ثم قال: "وعليه أيضا سمعه الأستاذ أبو الحسن نجبة بن يحيى بن خلف الرعيني". • الشهاب للقضاعي قال ابن الأبار في ترجمة أبي محمد عبد الوهاب بن محمد اليلبشي: "روى عن أبي الحسن العبسي... وحدث بيسير، أخذ عنه أبو الحسن نجبة بن يحيى قراءة يعقوب الحضرمي، وحدث عنه بالشهاب للقضاعي عن العبسي عن مؤلفه"[7]. • الكتاب لسيبويه قرأه على علي بن مسلم اللخمي أبي الحسن. قاله أبو الزبير في صلة الصلة، ونقله عنه جماعة، منهم السيوطي في البغية[8]، وكان نجبة تصدر للإقراء، والتعليم بالأندلس وتونس ومراكش. قال ابن الأبار في ترجمة نجبة: "وتصدر بإشبيلية لإقراء القرآن وتعليم العربية، وكان إماما في ذلك مقدما في ذلك مع الفضل والصلاح والتواضع وغلبة الخير عليه ويتحقق بالقراءات ويشارك في الحديث، واستوطن مراكش مدة باستدعاء السلطان إياه واستجلابه إليها وأقرأ بها وبإفريقية في حركته إليها مع جيوش المغرب"[9]. ومما كان يُدَرِّسه الكتاب لسيبويه. قال ابن الأبار في ترجمة حيان بن عبد الله أبي البقاء البلنسي: "روى عن... أبي الحسن نجبة بن يحيى، وناظر عليه بمراكش في كتاب سيبويه"[10]. • الأمالي لأبي علي القالي قال ابن الأبار في ترجمة أبي الحسين بن فندلة الإشبيلي: "سمع من شريح بن محمد أخذ عنه الآداب واللغات وبقراءته عليه سمع نجبة بن يحيى كتاب الأمالي لأبي علي القالي"[11]. • المقامات للحريري قال ابن الأبار في ترجمة محمد بن أحمد بن محرز أبي بكر المنتانجشي: "يحدث أبو الحسن نجبة بن يحيى عن أبي بكر محمد بن محرز السماتي عن أبي القاسم عيسى بن جهور عن الحريري بمقاماته الخمسين"[12]. • كتب الآداب واللغات هكذا ذكرت مجملة، وكتب الأدب واللغات التي كانت تدرس في مجالس العلم بالأندلس معلومة. قال ابن الأبار في ترجمة مفرج بن عبد الله الأموي أبي الخليل البطليوس: "حدث عنه أبو الحسن نجبة بن يحيى وسمع منه كثيرا من كتب الآداب واللغات"[13]. وقال في ترجمة أبي القاسم عبد الرحمن بن القاسم السراج: "سمع ... أبا الحسن نجبة بن يحيى وأخذ عنه العربية والآداب وعن أبي ذر الخشني"[14]. لقد أظهرت هذه المرويات التي وقفت عليها -وهي بلا شك غيض من فيض وقطرة من يَم مما لم أقف عليه- الفنون التي برز فيها هذا الرجل، وهي: القراءات، والحديث وعلوم اللغة، من نحو وبلاغة وآداب. وسأعرض في المقال المقبل -إن شاء الله تعالى- لشيخ آخر من شيوخ ابن القطان على نفس النهج الذي سرت عليه في هذه الترجمة والتي سبقتها. يُتبع ... --------------------------------------- 1. منهم الذهبي في معرفة القراء الكبار (3/1095). 2. فهرس المنتوري (ص: 340) 3. تذكرة الحفاظ (4/1372) 4. فهرس المنتوري (340) 5. التكملة (3/107). 6. برنامج الوادي آشي (188-189). 7. التكملة (3/107). 8. بغية الوعاة (2/206). 9. التكملة لكتاب الصلة (2/219). 10. التكملة (1/236). 11. التكملة (1/224). 12. التكملة (1/41). 13. التكملة (2/119). 14. التكملة (3/54).