كتاب الوضوء جعل الإسلام الطهارة أساسا لعبادة الله، ومفتاحا لها، وجعلها فريضة إسلامية ووسيلة للوقوف بين يدي الله في الصلاة، وأوجب على كل من يريد الدخول إلى الصلاة الطهارة بالوضوء بالكيفية المشروعة بالكتاب والسنة؛ قال عز وجل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ اَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ" [المائدة، 7] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملأ ما بين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والقرآن حجة لك أو عليك"[1]. ويحثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا على الوضوء ؛ لأنه طريق إلى الصلاة المفروضة والمسنونة ؛ حتى تقف بين يدي الله في أكمل زينة كما يحبه الله وأمر به فعن أبي أسامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضأ المسلم أو العبد المسلم –يعني والمسلمة– خرجت ذنوبه من سمعه وبصره ويديه ورجليه، وإذا قعد قعد مغفورا له"[2]. إن النساء شقائق الرجال، فكل حديث ذكر الرجال بأي ثواب أو جزاء لأجل عمل صالح، فالنساء كذلك إن فعلن مثل ذلك الفعل على حد سواء؛ قال الله عز وجل: "وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ اَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُومِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا" [النساء، 123]. وقال عز وجل: "اِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُومِنِينَ وَالْمُومِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ" إلى قوله تعالى: "أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا" [الاَحزاب، 35]. نعم؛ إنما كانت الطهارة نصف الإيمان كما ذُكر في الحديث السابق؛ لأن من تطهر أتى بنصف الإيمان، وإذا صلى حافظ على النصف الآخر؛ ومن لم يتطهر لا صلاة له وإن صلى، ومن ضيع الصلاة فهو لما سواها أضيعُ، هذا كلام عمر رضي الله عنه… وأنزل الله تبارك وتعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم قرآنا يأمره بهذه الأمور المذكورة في الآية الآتية، وهي واضحة "يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ" [المدثر، 1-7]. يتبع في العدد المقبل… ——————————- 1. رواه الإمام البخاري والإمام مسلم عن أبي مالك الأشعري. 2. رواه الإمام أحمد.