[تخصيص العموم بخبر الواحد] ورد الخلاف بين الأصوليين في جواز تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد، يقول الشوكاني حاصرا أقوال العلماء في المسألة: "واختلفوا في جواز تخصيص الكتاب العزيز بخبر الواحد: فذهب الجمهور إلى جوازه مطلقا. وذهب بعض الحنابلة إلى المنع مطلقا، وحكاه الغزالي في المنخول عن المعتزلة، ونقله ابن برهان عن طائفة من المتكلمين والفقهاء ونقله أبو الحسين بن القطان عن طائفة من أهل العراق. وذهب عيسى بن أبان إلى الجواز إذا كان العام قد خص من قبل بدليل قطعي متصلا كان أو منفصلا، كذا حكاه صاحب المحصول وابن الحاجب في مختصر المنتهى عنه. وقد سبق إلى حكاية ذلك عنه إمام الحرمين الجويني في التلخيص، وحكى غير هؤلاء عنه أنه يجوز تخصيص العام بالخبر الآحادي إذا كان قد دخله التخصيص من غير تقييد لذلك بكون المخصص الأول قطعيا. وذهب الكرخي إلى الجواز إذا كان العام قد خص من قبل بدليل منفصل سواء كان قطعيا أو ظنيا وإن خص بدليل متصل أو لم يخص أصلا لم يجز. وذهب القاضي أبو بكر إلى الوقف"[1]. هذه هي مذاهب العلماء في المسألة، حيث يتضح أنها لا تخرج عن اتجاهات أربعة: فهناك اتجاه الإجازة؛ واتجاه المنع؛ واتجاه التفصيل؛ ثم اتجاه الوقف[2].. ويهمنا في هذا المقام استعراض ادلة كل من المجيزين والمانعين. أما الجمهور فقد استدلوا على جواز تخصيص عام الكتاب بالخبر الآحادي بالمنقول والمعقول.. يتبع في العدد المقبل.. —————————– 1. إرشاد الفحول، ص: 267-268. 2. يقول الباقلاني: "والذي نختاره من ذلك أنه لا حجة عندنا قاطعة على وجوب التعبد بالعمل بخبر الواحد وإن عارضه العموم، ولا على وجوب العمل بجميع مقتضى العموم وإن عارض بعضه خبر الواحد، بل الواجب الحكم بالتقابل"، التقريب والإرشاد، 3/185 وما يليها.