النهاية المأساوية لمدينة سجلماسة يصعب الحسم في تحديد تاريخ دقيق لبداية ظاهرة القصور بمنطقة سجلماسة، ويمكن القول بأنه بعد "تخريب مدينة سجلماسة عرفت واحة تافيلالت تحصينا بواسطة سور طويل بلغ 80 ميلا (128 كيلومترات)[1] أو أن المنطقة كانت "عبارة عن قرى متعددة [قصور] كان بعضها ما يزال قائما عند ظهور زعامة الشرفاء العلويين بالصحراء. لا شك أن الأوصاف التي نعت بها القدماء مدينة سجلماسة، إما أن تكون مدينة كبيرة جدا واندثرت في وقت لم يحدد وإما أن تكون عبارة عن قصور متوالية في منطقة معينة"[2]. فمن نماذج القصور التي يعتقد أنها كانت موجودة قبل اندثار مدينة سجلماسة، يذكر أحد الباحثين أن قصر الجبيل الواقع شمال غرب سجلماسة، يعتبر أقدم قصر بهذه المنطقة ويعود تاريخه إلى القرن 11م، ويقطنه حاليا عدة عناصر عربية وبعض الأسر من آيت إزدك[3]. ويشير باحث آخر إلى أن القصر المعروف حاليا تحت اسم "آبار المخزن يرجع إلى القرن 11م، رغم أن موقعه المتميز يؤهله لأن يكون أقدم من ذلك"[4]. وجاء في كتاب ابن الزيات التادلي أن القصر الذي يدعى برابطة أنبدور يقع خارج أسوار مدينة سجلماسة[5]، وأنه شهد إشعاعا دينيا خلال (القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي). ويقع هذا القصر بمشيخة بني امحمد إلى الشمال الغربي من موقع سجلماسة، يحده قصر "البطرني في الجنوب الشرقي والساقية المسماة المنصورية شرقا ومولاي محمد الشيخ غربا والجبيل وتاحسنونت شمالا. وتوجد إلى اليوم بتافيلالت ساقية تحمل اسم الساقية النبدورية تنطلق من قصر أولاد ليمان وتمر محاذية للحدود الشمالية لخراب مدينة سجلماسة لتنتهي بقصيبة الحدب"[6]. ومن غير المستبعد أن العصر المريني شهد "بناء العديد من القصور وخاصة لما استقل أبناء أبي علي عمر المريني بسجلماسة في النصف الثاني من القرن الثامن الهجري الرابع عشر الميلادي، فانعكس ذلك على تطور فن معمار القصور بهذه المناطق. فقد بنى عبد الحليم بن أبي علي الذي حكم سجلماسة ما بين( 762ه- 763 / 1361-1362م) قصبة ما تزال تحمل اسمه إلى اليوم، وهي قصبة أولاد عبد الحليم"[7]. هذه القصبة اشتراها "السلطان سيدي محمد بن عبد الله في منتصف القرن 18م، وفي بداية القرن 20م، أصبحت مقر سكنى مولاي رشيد الخليفة السلطاني على مناطق تافيلالت"[8]. كما يمكن إرجاع تأسيس قصور مشيخة الغرفة "إلى مرحلة مبكرة من التاريخ الوسيط، غير أن أول إشارة وصلتنا عنها ترجع إلى القرن السابع الهجري الثالث عشر الميلادي.. " [9]. وفي مشيخة واد إيفلي توجد كذلك قصور وقصبات يظهر من نمطها المعماري أنها تعود إلى ما قبل ظهور الدولة السعدية. "خربت مدينة سجلماسة قبيل عهد السعديين حتى لم يبق قائما منها غير الأسوار وانتقلت أهميتها التاريخية إلى القصور المجاورة وبخاصة قصر الشرفاء الحسنيين المعروف أيام السعديين بالقصبة السجلماسية"[10]. يتبع في العدد المقبل.. ———————————————————– 1. Jacques-Meunié (D): le Maroc Saharien. op-cit. (p 297). 2. حجي محمد، "المنافسة بين سجلماسة وإيليغ والدلاء"، أعمال ندوة سجلماسة تاريخيا وأثريا. الرباط، مطابع الميثاق، 1988. ص: 29- 33 ص: 29. 3. Faure (Roger): le Tafilalet, étude d'un secteur traditionel d'irrigation. Paris 1969 (p 167). 4. Jacques-Meunié (D): «Abbar», op-cit (p 63). 5. ابن الزيات التادلي، أبو يعقوب يوسف، مصدر سابق، ص: 412. 6. حافظي علوي، حسن، مرجع سابق، ص: 121. 7. نفسه، نفس المرجع، ص: 122.