ابتداء من يوم الخميس 3 مارس القادم ستشرع القناة الأولى المغربية في تقديم حلقات أخرى جديدة من برنامج الشاهد مع الراحل شمعون ليفي، سجلت قبل وفاته سنة 2011 بمقر المتحف بالدارالبيضاء وبمواقع مختلفة بملاح مدينة فاس . شمعون ليفي مناضل مغربي يهودي، دافع باستماتة عن إحياء الثقافة المغربية اليهودية المهددة بالانقراض بصفتها جزء أساسي من تاريخ وهوية بلادنا. ومن اجل تحقيق هدفه النبيل أسس إطارا ثقافيا مقره بالدار البيضاء هو مؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي، إلى جانب متحف يعرض في مقره جزءا من هذا التراث الذي بشمل مجموعة من المقتنيات التي تجسد بعضا من مظاهر الحياة الاجتماعية لليهود المغاربة في مختلف المناطق القروية والحضرية. وتعتبر هذه المؤسسة والمتحف التابع لها الوحيدة من نوعها في البلاد العربية والإسلامية. نتعرف من خلال الأجزاء الخمسة على مسار وحياة شمعون ليفي انطلاقا من نشأته بملاح فاس في وسط عائلي وثقافي يهودي، مرورا بمرحلة شبابه وبداية احتكاكه برفاق دربه من الشباب المغاربة مسلمين ويهود، وبالمحيط السياسي في ظل الاستعمار الفرنسي، والبحث عن إجابات لتساؤلات جيله من الشباب اليهودي المتعلقة بسؤال الهوية وهو الهاجس الأكبر لديهم في تلك المرحلة . من خلال حياته وتقلباتها ونضاله في الحزب الشيوعي المغربي وبحوثه الثقافية وآراءه السياسية، نلمس ونتتبع صورة المجتمع المغربي اليهودي في الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين، حيث كان اليهود يشكلون نسبة مهمة من سكان المدن والبوادي بالمغرب. وسنتعرف من خلال هذه الحلقات على هذا التراث الثقافي والديني المختلف والمتنوع، وكذلك تأثير اليهود المغاربة سواء منهم المقيمين أو المهاجرين في الحياة السياسية والاقتصادية الوطنية. ومن خلال مسار ليفي نغوص في الحياة السياسية والأحداث التي طبعتها في سنوات الستينيات والسبعينيات، وبداية قوة المد اليساري وبداية تراجعه أمام أمواج سياسية أخرى. وكذلك مساهمته في الحياة السياسية الوطنية من خلال مسؤوليته في الحزب الشيوعي المغربي وامتداداته، وكذلك اهتمامه كامازبغي مغربي باللغة والثقافة الأمازيغية. لأول مرة ستفتح القناة الأولى المغربية المجال واسعا من خلال ألوقت الكافي للحديث عن التراث اليهودي المغربي ولأول مرة أيضا سيتحدث مواطن مغربي من ديانة يهودية خلال عدة حلقات عن نفسه وعن ثقافة بلاده المتنوعة والمتعددة الروافد. من خلال حديثه الشيق والممتع تحدث عن طفولته وشبابه وطموحاته وإحباطاته ، فتح لنا قلبه وتحدث بإحساسه المرهف وبلغته السلسة التي تحمل عنفوان الذكريات أحيانا، والمتقلة بالعتاب أحيانا أخرى، خصوصا في الجانب المتعلق بوضعية التراث والثقافة اليهودية بالمغرب الذي يتعرض للاندثار . حرص شمعون ليفي دائما عند لقاءه به أو باتصال خاص منه ، بعد أن أتممت توضيب هذه الحلقات عن السؤال عن موعد إخراجها للجمهور. وقد كان آخر لقائي به قبل رحيله في شتنبر 2011 بمناسبة تكريم منتدى الحرية والإعلام والصحافة بمدينة شيشاوة لمستشار جلالة الملك السيد أندري ازولاي، أسابيع معدودة قبل ان بلبي رحمه الله داعي ربه يوم 2 دجنبر 2011 . واكب فريق البرنامج هذه الحلقات بمجموعة من الوثائق النصية والصور الخاصة بمسار شمعون ليفي ، واُخرى لمعابد وشخصيات يهودية من مختلف المجالات، ومقاطع غنائية لفنانين يهود مغاربة ومجموعة من الفيديوهات التي ستبث لأول مرة عن اليهود المغاربة، في السنوات الأولى وما بعدها من القرن الماضي من مختلف المدن المغربية . أشرفت على إعداد وإنتاج هذه الحلقات خلال أزيد من سنة من العمل والبحث. حلقات الشاهد تم إعدادها بمساعدة فريق من الزملاء هم لبنى الكوال وحميد خباش وعلي مبارك ورفقة فريق تقني فني يتكون من الزميل المخرج شكيب بنعمر الذي اشرف على فريق التصوير المكون من عبد الرحيم غربال وحسن اشنيط والزميل المخرج عزيز حيزون الذي اشرف على مختلف العمليات التقنية والفنية من مونتاج وميكساج غيرها .. محمد الضو السراج