في وقت تعرف فيه هذه المؤسسة مجموعة من الاختلالات التدبيرية المسائية العربية حسب عدة مصادر متطابقة، أقدمت وزارة التربية الوطنية ، مؤخرا، على إعفاء محمد المعزوز، مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مراكش تانسيفت الحوز من منصبه، وتكليف مصطفى أعذري، نائب الوزارة بمراكش لتسيير مصالح الأكاديمية، إضافة إلى نيابته الأصلية، في انتظار تعيين مدير جديد لهذه المؤسسة خلال الأسابيع المقبلة. ويأتي هذا الإعفاء بعد أيام قليلة من إعفاء نائب الوزارة بالحوز رفقة ثلاثة رؤساء مصالح ورئيس مكتب بهذه النيابة، إثر فضيحة صفقة النقل المدرسي وتداعياتها. وتعرف جهة مراكش تانسيفت الحوز، منذ مدة، أوضاعا متردية بقطاع التربية والتكوين على أكثر من صعيد، حيث نلاحظ احتجاجات وإعفاءات هنا وهناك. إن ما شهدته نيابة الحوز من عمليات تزوير وخيانة للأمانة واختلاس أموال عصفت بنائب الوزارة وبعض أتباعه من مناصبهم ليدل، بشكل قاطع، أن هذا القطاع، الذي كنا نعتبره في مخيالنا وتمثلاتنا بأنه حصن منيع للتربية وإعداد رجال الغد، لم يعد، هو الآخر، في منأى عن الممارسات الغريبة والشاذة. ويندرج حادث نيابة الحوز في إطار جرائم أصحاب الياقات البيضاء، هؤلاء المسؤولين الذين يتوفرون على كراسي وثيرة ومكاتب مكيفة وامتيازات كثيرة، لكن حال سبيلهم يقول هل من مزيد !؟ وتكريسا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب، ومن أجل حماية المال العام من النهب والهدر، وتفعيل بنود الدستور الجديد الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة، طالبت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بمراكش، بفتح تحقيق قضائي مع جميع المسؤولين المباشرين وغير المباشرين، في الاختلالات والفضائح المالية التي عرفتها نيابة الحوز، بكل من الأكاديمية وهذه النيابة. على صعيد آخر، إن ما عرفته الدورة الثالثة عشرة للمجلس الإداري للأكاديمية، المنعقدة يوم الأربعاء 12 دجنبر 2012 بمقر عمالة إقليمالصويرة، من متغيرات ومستجدات ليؤكد، مرة أخرى، أن هذه الجهة تعرف مخاضا عسيرا وتمور بأوضاع مرتبكة على الصعيد التربوي. فخلال هذه الدورة، قام عشرة أعضاء للمجلس الإداري بمقاطعة أشغال هذه الدورة، تنديدا بمجموعة من الاختلالات التي تعرفها المنظومة التربوية، من أبرزها جهويا: غياب إرادة حقيقية لتفعيل دور المجلس الإداري، من خلال عدم تفعيل اللجن وتجميد القانون الداخلي للمجلس المصادق عليه في دورة سابقة، وحرمان أعضاء لجنة المالية من تتبع مختلف العمليات التي تهم صرف الميزانية المخصصة للأكاديمية، وعدم إشراكهم في إعداد ميزانية 2013 ، وغياب التحضير الجدي لدورات المجلس، إضافة إلى عدم وضع حد لسوء تدبير الموارد البشرية. وتزامنا مع انعقاد المجلس الإداري للأكاديمية بعمالة إقليمالصويرة، نظمت النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية بالجهة وقفة احتجاجية أمام مقر انعقاد المجلس الإداري. ويأتي تنظيم هذه الوقفة من أجل شجب واستنكار ما آلت إليه أوضاع المنظومة التربوية التي تعرف جهويا جملة من المشاكل، من أبرزها: اختلال الحركات الانتقالية والإجهاز على المذكرة المنظمة لأشغال اللجنة المشتركة، وعدم ضبط الموارد البشرية بالجهة، وسوء تدبيرها والتستر على الأشباح وتمكينهم من الترقي وتغيير الإطار، واستمرار احتلال السكنيات واقتحام بعضها، ضدا على المذكرات المنظمة لهذا المجال، وحرمان التلاميذ من حقهم في الدراسة، واستفحال ظاهرة الاكتظاظ والأقسام المشتركة. إلى ذلك، إن أوضاع الاتصال على صعيد الأكاديمية ليست بأحسن حال، إن لم نقل هي الأسوأ، ومن المشاكل التي يعيشها مكتب الاتصال بهذه المؤسسة: تهميش الصحفي المكلف به، والذي يتوفر على تكوين في هذا المجال من المعهد العالي للصحافة بالرباط، وعلى تجربة وخبرة وطنية ودولية في مجال الإعلام والاتصال، وحرمان مكتب الاتصال من المراسلات والمذكرات ومختلف الوثائق الصادرة عن الوزارة والأكاديمية، والتماطل والتسويف في تسديد فاتورة اقتناء الجرائد التي يصل مبلغها إلى 2172 درهما، والتي طلب من مكتب الاتصال إحضارها لمدير الأكاديمية فور تنصيبه من الكشك الذي تتعامل معه هذه المؤسسة، خلال الفترة الممتدة من 22 أكتوبر 2010 إلى غاية 16 مارس 2011، والحرمان من التعويضات أسوة بباقي موظفي الأكاديمية بدعوى أنه "لا يعرف لمن يتبع مكتب الاتصال"، وعدم تمكين الصحفي الذي يرأس هذا المكتب من الإحصاء السنوي رغم قيامه بواجبه على أحسن وجه لأنه لم يرضخ لمزاجية الإدارة، وتشجيع موظفين بالأكاديمية لا يتوفرون على الجانبية الملائمة للقيام بمهام الاتصال بطريقة عشوائية وارتجالية، وتمثيل الأكاديمية في جميع التكوينات والملتقيات المنظمة في هذا الإطار على الصعيدين المركزي والجهوي، واختزال جميع النصوص التنظيمية لمجال الاتصال في القرار رقم 124 بشأن اختصاصات ومصالح الأكاديمية، في حين أن هذا المجال تنظمه عدة مناشير ومذكرات وزارية تنص على أن الاتصال يتبع مباشرة للمسؤول الأول بالإدارة كما هو معمول به في مختلف الأكاديميات والنيابات على صعيد الوطن، والإجهاز على بنية الاتصال داخل الأكاديمية التي تتبع مباشرة للمسؤول الأول بهذه المؤسسة منذ سنة 1993 وإلى الآن من خلال خلية أو مكتب للاتصال، ومحاولة "تذويبها" بإحدى مصالح هذه المؤسسة، وتجاهل كون الصحفيين العاملين بوزارة التربية الوطنية وبباقي الوزارات يعتبرون بمثابة ملحقين صحفيين، وذلك بناء على منشور الوزير الأول رقم 102 بتاريخ فاتح دجنبر 1993 في شأن إحداث مهمة الملحق الصحفي بالدواوين الوزارية والمؤسسات العمومية، وكذا طبقا لجواب وزارة الدولة في الداخلية والإعلام رقم 116 بتاريخ 30 يناير 1995 عن السؤال الكتابي المطروح في البرلمان حول تسوية وضعية الصحفيين العاملين بوزارة التربية الوطنية. وقد سبق لنا أن قدمنا للوزارة شكاية حول هذه الاختلالات بتاريخ 19 أكتوبر 2012. إن هذه الأوضاع المتردية التي تتخبط فيها الأكاديمية تحتاج للتصحيح، في أقرب الآجال، لتمكين هذه المؤسسة من تحقيق جميع الانتظارات والرهانات المنشودة، لما فيه مصلحة الناشئة على صعيد الجهة. عبد الرزاق القاروني