د محمد فخرالدين دكتور دولة في الحكاية الشعبية المغربية إن دور المؤسسة التعليمية هو ترشيد المتعلم و تنشئته تنشئة نفسية و اجتماعية صالحة ليس الأساسي فيها هو كم المعارف الملقنة و إنما الأسلوب التي تقدم به هذه المعارف ، فدور المؤسسة التربوية من هذا المنظور بالإضافة إلى مد الطفل بالمعارف و الخبرات و المهارات ، إلى جانب مؤسسات أخرى، هو الاهتمام بنفسية الطفل و الاستجابة لخصوصياته و معرفة متطلباته لأنه الهدف من كل نشاط تعليمي ، أمام تسارع الحياة و مستجداتها ، و تحول الأسر إلى أسر نووية صغيرة ، و غياب مؤسسة الجدة بما كان لها من دور تربوي و تعليمي لصالح التنشئة السليمة للأطفال . فالطفل ليس مجرد رجل صغير أو امرأة كما قد نتصور ، و إنما هو كائن له متطلباته الخاصة المغايرة لحاجة الكبار، لذلك ينبغي التفكير في البحث عن أساليب خاصة في التعامل مع الأطفال و عن توفير ثقافة و أدب خاص للأطفال يساعد الآباء على تربية و تعليم أبنائهم ، و كذا أساليب فنية و جمالية مبدعة تبتعد عن المباشرة و السطحية في تقديم المعارف للطفل سواء كانت لغوية أم علمية أم فنية أو في تمرير القيم الأخلاقية إليه و إكسابه المهارات المختلفة و في توفير جو المتعة و الفائدة التي يتطلبها سن الطفل . إن الحكاية قريبة من الطفل خصوصا تعبر عن خصوصياته ، لأنها تعتمد لغة الرمز و التخييل و تبتعد عن المباشرة ، تعبر عن مشاكله النفسية و تطرح حلولا لها .. الحكاية قادرة على إرضاء حب الطفل للتعرف على الأشياء و فضوله إليها، قادرة على هدهدة حلمه و لملمة متخيله و تشخيص مخاوفه و معالجة نفسيته من القلق وحمايته من الفصام التي قد تغرسه بعض ما يقدم للأطفال من مواد تثقيفية ، غريبة عن واقعهم ، و هي قادرة على الجمع بين الفائدة التي تقدمها المواد الدراسية و المتعة التي يقدمها شكل الحكاية، إنها تمكن من تمارين لتقوية ذاكرة للطفل الذي ينسى ، و في اقتصاد حب التطلع و الفضول الشديد الذي يكون عند بعض الأطفال مما قد يعرضهم للخطر . الحكاية تطرح شخصيات تتطابق مع مختلف أنواع الأطفال و هذا يفسر حب الأطفال للحكاية بشكل عام و لحكاية بعينها التي تشخص حلاته الخاصة و ميولاته و مشكلاته إنها تمكن الطفل من فهم نفسه أكثر بواسطة عوامل متعددة : سياق الحكاية يمكن الطفل من موضعة مشاكله و الوعي بها أكثر و التخلص منها الوضعيات الموصوفة في الحكاية تقوده في بحثه عن طريق لحل مخاوفه الشخصية ما تقوم به الشخصيات تدفعه نفسه و التزود بالقيم الايجابية أما الشخصيات الشريرة فتدفعه إلى رفض و تحميه من التعامل مع القوى السلبية في نفسه لذا فدور المؤسسة هو ترشيد المتعلم و تنشئته تنشئة نفسية و اجتماعية صالحة ليس الأساسي فيها هو كم المعارف الملقنة و إنما الأسلوب التي تقدم به هذه المعارف ، فدور المؤسسة التربوية من هذا المنظور بالإضافة إلى مد الطفل بالمعارف و الخبرات و المهارات ، إلى جانب مؤسسات أخرى، هو الاهتمام بنفسية الطفل و الاستجابة لخصوصياته و معرفة متطلباته لأنه الهدف من كل نشاط تعليمي ، أمام تسارع الحياة و مستجداتها ، و تحول الأسر إلى أسر نووية صغيرة ، و غياب مؤسسة الجدة بما كان لها من دور تربوي و تعليمي لصالح التنشئة السليمة للأطفال . و من بين أهم هذه الوسائل التعليمية التي أتبتث فعاليتها عالميا كحامل تربوي و تعليمي الحكاية ، بما كانت تلعبه من دور في التنشئة الاجتماعية باعتبارها حاملة لمجموعة من القيم التربوية: حب الآخرين التضامن و التعاون احترام العهد اجتناب الكذب حسن اختيار الجار الاكتفاء بزوجة واحدة إنصاف المظلوم فضل طلب العلم والحث على فعل الخير حسن استقبال الضيف . لقد صار لها دور تعليمي في منظومتنا التعليمية التي تحاول أن تجمع بين الأصالة و المعاصرة و في إطار الاهتمام بالتراث و بالهوية و في إدماج المدرسة في محيطها و تقريب المعارف من وضعية المتعلمين ، صار لها دور في الكتاب المدرسي ، وتربوي تثقيفي في وسائل الإعلام ، و بدأ الاهتمام بها و بتنظيم أوراش لها في عدد من المؤسسات كما أنتجنا كتابا ضم مأة حكاية من حكايتنا الشعبية حفاظا عليها من الضياع ، ونعتقد أن هذا الدور ينبغي أن يتعزز و أن توظف نصوصها في تعليم اللغات وفي نقل المعارف المختلفة و في الأنشطة الفنية من مسرح و تشكيل و غيره و في تشجيع فن الإلقاء و الخطابة و التواصل لدى الطفل ، و تمرير القيم الصالحة نظرا لقيمتها التربوية التاريخية و النفسية و الجمالية و التخييلية .. الصورة في الحكاية تخدم لا شعوره و تقوم بدور علاجي . أنواع الأطفال و نماذج الحكايات والأطفال ليسوا متساوين في القدرات و الحاجيات و المتطلبات ، الطفل غالبا ما يختار الحكاية التي ترضي طموحاته و تستجيب مع ميولاته و تعبر عن قلقه و مخاوفه فهي تتنوع حسب أنواع الأطفال و ما يهيمن على شخصياتهم ، حيث نجد كما يشير على ذلك دينس بويس : 1 الطفل الغير المتحكم و المحطم : غالبا ما يكون رأسه أكبر من أطرافه ، و تتطابق شخصيته مع العملاق في الحكاية الذي يحطم كل شيء في طريقه بواسطة أطرافه الطويلة و يعتمد الرؤية لكنه لا يجيد الإنصات، و هذا الطفل يحب الضوضاء و الضجيج و رؤية العملاق في الحكاية و هو يحدث الضجيج يعجبه و ينبغي نقله إلى الاهتمام بالحياة الفكرية ، و صراع العمالقة في ما بينهم يفيده نفسيا و يجعله يعرف قيمة التحكم في قواه المحطمة .. 2 الطفل الحالم و المتكاسل : نموذجه في الحكاية هو حميمصة أصغر الإخوة و التماهي بهذا البطل الصغير يمكنه من الخروج من الحلم إلى الواقع ، حيث ينتصر الأخ الأصغر بفضل براءته على باقي إخوته الذين يفوقونه سنا و ذكاء ، و هنا تحتفل الحكاية بالانتصار للبراءة مقابل الذكاء مما يفيد الطفل الحالم و يجعله ينطلق من عقاله الباطني إلى الحياة الواقعية ليسترجع ثقته في نفسه و في قدراته و يحقق بعض الإنجازات التي قد يكون معتقدا أنه لا يمكنه بلوغها . و تقوم الحكاية على إرضاء حلمه عن طريق حكاية الخنصر الصغير الذي يتغلب في النهاية على إخوته الأكبر منه سنا بحيث يحظى في النهاية باحترام الجميع ، و يمكن إضافة في تعليمه بعض المهارات الفنية في الحكاية كأن نضيف القول أن البطل الصغير كان يعزف بالقيثارة أو يمارس رياضة من الرياضات . الحكاية المناسبة للطفل الحالم كان واحد الطفل عنده سبع إخوة و كان عندهم سبع مهرات و كانوا يحتقرونه و يجعلونه يقوم بالمشاق و برعي المهرات و امروه ان لا ياتي الى البيت حتى نضع المهرات . ذهب الطفل بالمهرات و بقي معهن مدة طويلة و هو يقتات من الحشائش و ثمار الأشجار و يشرب من ماء الجدول الصافي ، و في يوم من الايام انجبن سبع جياد ، و كان قد أعجبه احدها و قرر الاحتفاظ به ففكر في حيلة ليحتفظ به فغرس له ابرة في ركبته حنى يظهر انه اعرج فلا يطمع فيه اخوته. و لما عاد الى البيت بالجياد بدا إخوته يختارون أحسن الجياد ، و فعلا لم يعجب إخوته لأنه كان أعرج .. و في يوم من الأيام قرروا الذهاب جمبيعا للصيد في الغابة و ركبوا جيادهم فتظاهر بالتخلف عنهم فنزع الابرة فسبقهم و عندما ضعوا في الغابة أنقذهم من موت محقق فافتخر به أبوه و أصبح الكل يحترمه .. 3 الطفل الانطوائي : تغلب عليه العزلة و عدم المشاركة الاجتماعية و هو يفضل اللعب الفردي، و نموذجه في الحكاية هو الأميرة النائمة نتيجة تجربة مؤلمة مع الآخر ، فقط الحب و الحنان هو الذي يمكنه أن يخرجه من عزلته ، هذه الحكايات تساعد الطفل الانطوائي على الخروج من عزلته وإعادة اللقاء مع العالم الخارجي ... 4 الطفل العالم: رأسه أثقل من جسده النحيل يعيش وسط الأفكار و الكلمات يكون متفوقا في الرياضيات و في الاكتشافات ، لكنه قد ينعزل عن واقعه و صورته في الحكاية هو السلطان الذي يقتصر على الكلام دون الفعل ، و الذي يسقط مريضا إلى أن يأتي له احد أبنائه بالدواء الشافي الذي يشفيه من مرضه و يصالحه مع واقعه .. 5 الطفل الذي يميل إلى الشر : يتطابق في الحكاية مع زوجة الأب و الساحرة في الحكاية ، و هذا يؤدي به إلى رفض الشر و القضاء على ميوله الشريرة ... 6 الطفل القلق : الشخصية التي تؤثر فيه هي ضحية الخوف ، الطفل الذي يحب الخوف و الشعور بالخوف و الحديث عن الأشباح و السحر، و هذا الطفل يختار القصص المخيفة التي تمكنه من الانتقال من حالة تجدر الإشارة في البداية إلى أن دور المؤسسة التربوية إلى جانب مؤسسات أخرى و هدفها هو تعليم وتكوين وتثقيف الطفل، أي جعله يمتلك مهارات وخبرات ومعارف يستطيع بواسطتها أن يلج المسقبل و يضمن مكانته فيه من باب رحب .. د محمد فخرالدين دكتور دولة في الحكاية الشعبية المغربية مكون بالمركز التربوي الجهوي بمراكش