تقديم: لم تعد تخفى أهمية الإعلام بجميع أشكاله وألوانه في إطار المجتمعات المعاصرة خاصة مع الثورة المعلوماتية الحديثة والتطور الهائل الذي عرفته تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، حتى إنه أصبح اعتبار الإعلام سلطة رابعة مقولة تنتمي إلى التاريخ، وغدا من اللازم الحديث عن الإعلام باعتباره سلطة السلط أو السلطة الأولى. كما لم يعد يخفى دور الإعلام في صناعة ثقافات الشعوب واتجاهات الرأي العام ومن ثم التأثير الذي يمارسه في باقي السلط الأخرى أي السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية. ولقد تحول الإعلام إلى صناعة قائمة الذات وإلى ميدان ضخم من ميادين الاستثمار وإنتاج الثروة بل لم يعد من الممكن أن نتصور تنمية اقتصادية واجتماعية دون قنوات للتواصل والتعريف بالمنتوجات على نطاق واسع. كما أن اضطلاع الإعلام نفسه بدوره ووظيفته لم يعد ممكنا دون ارتباطه بالنشاط الاقتصادي والصناعي والتجاري إلى درجة وصلت فيه العلاقة بين الاقتصاد والإعلام درجة الاعتماد المتبادل، وصار من غير الممكن تصور سياسات اقتصادية وتجارية دون سياسات إعلامية وثقافية، كما صار من غير الممكن بناء سياسة إعلامية وثقافية دون أخذ بعين الاعتبار لحاجيات السوق ودون سياسات تمويلية تضمن الدعم اللازم لإمضاء وتنفيذ السياسات المذكورة. ولقد تأكدت هذه العلاقة الجدلية القوية أكثر فأكثر مع ظهور العولمة وتمكنها. فالعولمة لا تقدم نفسها باعتبارها دعوة لرفع الحواجز التجارية والجمركية في إطار اقتصاد السوق وإنما تقدم نفسها أيضا باعتبارها نموذجا ثقافيا كونيا يسعى إلى تعميم قيم معينة هي القيم المرتبطة باقتصاد السوق، وسيلتها في ذلك هي الاختراق الثقافي اعتمادا على ما تقدمه تكنولوجيا الاتصال وتطور وسائل الإعلام الحديثة، حتى غدا العالم كما يقال مجرد "قرية كونية"، وغدا الحديث عن الخصوصيات الثقافية و"الاستثناء الثقافي" دعوة إلى "النكوص" و"التراجع" لا يتناسبان حسب أنصار العولمة ودعاة "نهاية التاريخ" مع حقائق التاريخ والجغرافية السياسية المحكومة بمنطق الأحادية القطبية. وفي هذا السياق أي في سياق عولمة الثقافة من خلال عولمة وسائل إنتاجها، ومنها على الخصوص الوسائل الإعلامية والتواصلية المختلفة، يتراجع دور كثير من وسائل التنشئة الاجتماعية التقليدية ومنها الأسرة والمدرسة، بل يتراجع أيضا تأثير وسائل الإعلام الوطنية والقومية، ويغذو كثير منها مجرد مستهلك لما تنتجه المؤسسات الإعلامية العابرة للقارات، وما تروج له من منظومات ثقافية ومن قيم ومن رموز لا صلة له بالمنظومة الثقافية والقيم والرموز الخاصة بالمجتمعات المحلية. ويتأكد الخطر الذي يتهدد الهوية الثقافية للمجتمعات الإسلامية من حيث أنها قد توجد لأول مرة في تاريخها محرومة من ميزة الثوريت الاجتماعي للثقافة الإسلامية باعتبارها من أكبر الميزات التي ضمنت المحافظة للأجيال الناشئة على سلامة بنائها الفطري، ومستقيلة تمام الاستقالة من هذه المهمة وتاركة الأجيال الناشئة في مواجهة عمليات صياغة ثقافية لا تمت بصلة إلى الهوية الثقافية للمجتمع، وإلى شيء شبيه بما أشار إليه حديث الفطرة الذي ورد فيه قوله صلى الله عليه وسلم: "......فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه". في هذا الوضع يتأكد دور الإعلام الإسلامي في إعادة الاعتبار لذلك الدور أي دور المحافظة على سلامة البناء الفطري للطفولة المسلمة ومساعدة مؤسسات التنشئة الاجتماعية داخل المجتمعات الإسلامية، أي الأسرة والمدرسة دون أن يعني ذلك إعفاءها من المسؤولية في وظيفة التوريث للثقافة الإسلامية أي في المحافظة على الشخصية الثقافية الإسلامية للمجتمع من خلال إعادة إنتاجها بما يتوافق مع معطيات العصر الراهن في الأجيال الراهنة التي خلقت لزمان غير زماننا كما ورد عن سيدنا علي بن أبي طالب.
ثقافة الطفل العربي المسلم في ضوء واقع الإعلام العربي والإسلامي. تشير دراسات متخصصة في الموضوع إلى أن الإعلام وخاصة الإعلام المرئي أصبح من أكبر الوسائل تأثيرا في تشكيل ثقافة الطفل العربي المسلم، إذ تشير الدراسات المذكورة إلى انكماس دور الأسرة في تربية الطفل، وتراجعها لفائدة التلفاز، إذ يتجاوز ما يشاهده الطفل أحيانا من برامج تلفزية الساعات التي يقضيها بين يدي المعلم أو في رفقة الأبوين. فقد أشار الدكتور عاطف عدلي في كتاب له تحت عنوان: "الإعلام وثقافة الطفل العربي" إلى أن التلفزيون هو من أكثر وسائل الإعلام التي يتعرض لها الأطفال في الوطن العربي حيث يقضي الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 3 سنوات إلى 16 سنة ما يقرب ست ساعات يوميا. وذلك يعني أن الأطفال لا يشاهدون فقط البرامج المخصصة لهم، بل إنهم يشاهدون أيضا البرامج الموجهة لغيرهم. وفضلا عن الأثر السلبي للمشاهدة عموما في تكوين اتجاهات التلقي السلبي وإضعاف اتجاهات التفاعل والإبداع والنقد، والملكات المرتبطة بها (سلبيات على مستوى بناء الشخصية) فإن هناك سلبيات أخرى ترتبط بالمضمون القيمي للبرامج التلفزية التي هي في الغالب برامج مستوردة أو منتجة داخليا ولكن بتقليد كامل لمضامين وشكل البرامج المستوردة ودون مراعاة لخصوصية المشاهد (الطفل العربي المسلم). وفي هذا الصدد يقول الدكتور عاطف عدلي: >ولعل من أخطر ما يواجه برامج الأطفال ويهدد دورها في تثقيف الطفل العربي اعتمادها على المضمون الأجنبي، إذ يهدد هذا المضمون الذاتية الثقافية للمجتمعات التي يعرض فيها، وقد يكون من العوامل التي تساعد على اهتزاز أنماط القيم في المجتمع، وتزداد الخطورة حينما يشاهده الأطفال والشباب، حيث ينظرون إلى ما يشاهدونه على الشاعة كواقع). ويؤكد المؤلف على التأثير السلبي لوسائل الإعلام من خلال التأكيد على نظرية التعلم من خلال الملاحظة حيث يزيد التعرض لقصف وسائل الإعلام بواسطة مشاهد العنف والجنس إلى احتمال توجه الأطفال إلى إعادة إنتاج هذه السلوكات، إذ تزود البرامج المشاهدين الأطفال بفرص تعلم العدوان والعنف، كما أن تقديم شخصيات شريرة يمكن تقليدها أن الأطفال يظهرون استعدادات للتوحد والاقتداء بالشخصيات التي تقاربهم في الجنس والسن والظروف الاجتماعية والاقتصادية. ومن الدراسات العلمية التي يشير إليها المؤلف في هذا الصدد دراسة (ولبرشرام) والتي خلصت إلى عدة نتائج منها: إن بعض الأطفال يخلطون بين عالم الواقع وعالم الخيال، فيطبقون هذه التصرفات في حياتهم اليومية العادية. إن الأطفال الذين يشاهدون التلفاز وفي أنفسهم ميل نحو الاعتداء يحتمل أن يتذكروا الأعمال العدوانية ويقوموا بمثلها. بصرف النظر عن المبادئ الأخلاقية والقيم نجد الأطفال على استعداد لتذكر العنف واستعمال أساليبه. يرغب الأطفال في أن يكونوا مثل الشخصيات التي يرونها في الخيال ويميلون إلى تقليدها سواء أكانت خيرة أم شريرة.
مزايا الإعلام المرئي...ولكن: على أن للإعلام المرئي (التلفاز) مزايا وإيجابيات لا ينبغي إنكارها، ومن بينها ما أشار إليه الدكتور عاطف عدلي ومنها: جمعه بين الدور التثقيفي والترفيهي: وبهذه الميزة يجمع بين التأثير في عقله وفي وجدانه، كما أنه يعتبر أداة هامة للتعليم المباشر إذ ينقل إلى الطفل المعلومات والمعارف والأخبار المختلفة. شدة تأثيره وجلبه لانتباه الطفل منذ سن مبكر (من سن سنتين تقريبا) لأنه يخاطب حاستين هما حاستي البصر والسمع وبذلك يكون من أهم الوسائل التعليمية أي تلك الوسائل المتميزة لمخاطبتها لأكثر من حاسة في نفس الوقت. شدة تأثيره في مجال تكوين الصور الذهنية عند الأطفال والمقصود بها الناتج النهائي للانطباعات الذاتية إزاء شخص معين أو نظام معين أو شعب معين، أو جنس معين، أو منشأة أو مؤسسة.. الخ أو أي شيء يمكن أن يكون له تأثير على حياة الإنسان، وتتكون تلك الانطباعات من خلال التحارب المباشرة وغير المباشرة، وفي هذه الحالة من خلال عملية القصف بالصور والمؤثرات المصاحبة لها، وترتبط تلك التجارب بعواطف الأفراد واتجاهاتهم بغض النظر عن صحة المعلومات التي تتضمنها خلاصة التجارب المذكورة، إذ تتحول بالنسبة لأصحابها إلى واقع صادق ينظرون من خلاله إلى ما حولهم ويفهمونه ويقدرونه على أساسها. قدرته على إشباع الاحتياجات الإنسانية لمرحلة الطفولة وبخاصة حاجات النمو العقلي مثل الحاجة إلى البحث والحاجة إلى المعرفة وحب الاستطلاع والحاجة إلى تنمية المهارات العقلية واللغوية. غير أن هذه الجوانب الإيجابية فيما يتعلق بالإعلام العربي والإسلامي تصبح مرجوحة بالمخاطر التي يشكلها هذا الأخير في تشكيل ثقافة الطفل العربي نظرا لعدة معطيات نذكر منها: ضعف الصناعة الوطنية والقومية في مجال الإنتاج الفني التلفزي والسينمائي الموجه للأطفال بسبب ضعف الإمكانيات المادية المرصودة لهذه الصناعة وبسبب عدم اندراجها في أولويات السياسات الثقافية وانعدام البعد الاستراتيجي لهذا المجال. عدم وجود سياسة واضحة المعالم تسير وفقها تلفزيونات البلاد العربية والإسلامية في مجال إنتاج ودبلجة واستيراد ما يقدم للأطفال. وفي هذا الصدد أشار بعض الباحثين في ندوة حول ثقافة الطفل العربي في الألفية الثالثة ضمت 38 باحثا في مجالات علمية وفنية مختلفة وبتعاون بين المجلس الأعلى للثقافة والمجلس العربي للطفولة والتنمية وجامعة الدول العربية، إلى أن >وجود البرامج الخاصة بالأطفال في خريطة التلفزيونات يأتي يوميا في جزء منه بهدف ملء الفراغ والوقت، حتى تذاع جنبا إلى جنب مع البرامج الأخرى، وقد استمر حال برامج الأطفال على ما هو عليه حتى مع نشوء قنوات خاصة بهم وزيادة عدد ساعات برامجهم الموجهة إليهم، لذا لا يوجد مؤشر على تغير نوعية البرامج، ولا على وجود أهداف موضوعية تعبر عن آفاق جديدة وتعبر عن واقع متغير ومتحرك وحيوي يخص الأطفال في كل أنحاء الوطن العربي<. ندرة الكوادر من كتاب ومعدين تلفزيين وضعف مستوى الموجود منها بالإضافة إلى ضعف بل غياب عمليات التدريب والتأهيل التي يمكن أن تقدم لنا العناصر الكافية لإدارة برامج الأطفال وتنفيذها، وفي حالة وجودهم افتقادهم للرؤية الثقافية الأصيلة التي تمكنهم من المزاوجة بين الأداء التقني والفني الجيد وبين المحافظة على الرسالة الحضارية والثقافية للإعلام العربي والإسلامي أي رسالة صياغة الشخصية الثقافية العربية والإسلامية بكل مقوماتها الروحية والعقلية والحضارية. وفي ضوء هذا الواقع فإن الإعلام العربي والإسلامي بدل أن يضطلع بالرسالة المشار إليها أعلاه فإنه يتحول وسيلة إلى التمكين للاستلاب والاستتباع الثقافيين وأداة للاختراق الثقافي وضرب ما تبقى من هويتنا الحضارية وخلق أجيال ممسوخة ينطبق فيها المعنى الوارد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه".
الإعلام العربي والإسلامي بين ثقافة الكلمة وثقافة الصورة: تقوم الصورة كما يقول بعض الخبراء مقام ألف كلمة في حين تذهب الحكمة الصينية إلى أنها تقوم مقام عشرة آلاف كلمة. غير أن الحضارة الإسلامية تبقى في المقام حضارة الكلمة وليس حضارة الصورة، فأول آية نزلت على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأت بكلمة "اقرأ" كما أن تلاوة الكتاب (قراءته بتدبر) جعلت من أول العبادات التي أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم هي تلاوة الكتاب وترتيله (ورتل القرآن ترتيلا إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا). وعلى أهمية الصورة كما أشارت إلى ذلك الحكمة الصينية إلا أن كل الأبحاث التربوية الحديثة تؤكد أيضا على أن الصورة ينبغي أن تبقى وسيلة مساعدة في التعلم لا أن تكون هي الأساس الوحيد، وفي هذا الصدد أشار عالم النفس والتربية السويسري جان بياجي إلى خطورة الافراط في استخدام الوسائل السمعية البصرية من حيث أنها تقوي ملكات الاستقبال والتلقي السلبين على حساب ملكات التعلم النشيط أي الملكات التي تمكن من بناء معرفة متينة أي على أساس النشاط الذاتي والاستكشاف، كما بين أن هذا النمط الثاني من التعلم هو أدوم أثرا وأبعد مدى من التعلم الذي يأتي عن طريق التلقي السلبي، كل ذلك انطلاقا من معادلة يسميها بياجي بالتكيف ADAPTATION وهي حصيلة عمليتين: الاستيعاب والتلاؤم، تفسير ذلك حسب بياجي أن التعلم لا يقع إلا إذا بذل المتعلم جهدا ونشاطا تفكيكيا على المادة المتعلمة، وبعد هذا التفكيك تأتي عملية الاستيعاب كما يحدث مثلا في عملية الهضم عند تناول الإنسان لغذاء ما، إذ لا بد من عمليات تجزئ للغذاء ومضغه ومروره من عدة مراحل قبل أن يتحول إلى جزء لا يتجزأ من بنية الجسد، ثم تأتي بعد ذلك عملية التلاؤم أي التحولات التي يحدثها استيعاب مادة ما (مادة غذائية في مثالنا في الذات أو مادة معرفية في حالة القراءة باعتبارها نشاطا ذاتيا فاعلا) وهذا ما لا يتحقق من خلال التلقي السلبي للصور كما يحدث عند المشاهدة السلبية لبرامج التلفاز وإنما يتحقق من خلال إعادة بناء الصور وهو يتحقق أكثر من خلال القراءة. ودون شك فإن الطفل في عملية القراءة يكون أقرب إلى تطوير عمليات التعلم النشيط منه في حالة الاستقبال البصري للبرامج التلفزية، وهو ما يضيف خطرا آخر على ثقافة الطفل العربي المسلم، فبالإضافة إلى غياب سياسة ثقافية واضحة المعالم في مجال البرامج التلفزية الموجهة للأطفال وضعف الوعي بالبعد الاستراتيجي لهذا المجال في صياغة الشخصية الثقافية العربي المسلم وحمايتها من الاختراق من لدن ثقافة العولمة: ثقافة الصورة الغالبة، هناك خطر آخر يتمثل في هيمنة ثقافة الصورة على ثقافة الكلمة، وثقافة التلقي المتولدة عن هيمنة البرامج التلفزية على أغلب أوقات الثقافة العربية المسلمة. ليست هذه دعوة إلى التخلي عن الوسائل السمعية البصرية ولا عن البرامج التلفزية والسينمائية، وإنما هي دعوة إلى التغلب على سلبيات ثقافة الصورة من خلال إدخال البرامج التلفزية الموجهة إلى الأطفال ضمن استراتيجية تربوية شاملة، تجعل الصورة التلفزية والبرنامج التلفزي مجرد وسيلتين تعليميتين تربويتين، وإلى مراعاة البعد التفاعلي للطفل المشاهد، وذلك يقتضي تأهيلا علميا تربويا للقائمين على تلك البرامج ومنتجيها ومنشطيها.
الإعلام المكتوب الموجه للأطفال ووضعية القراءة في العالم العربي الإسلامي لا شك أن إعادة الاعتبار للقراءة هو إحدى التحديات التي تواجه الأمة العربية الإسلامية، فمن المعلوم أن من مظاهر العافية الحضارية لأمة ما إقبال أفرادها بمختلف مستوياتهم العلمية والفكرية والاجتماعية على القراءة. وفي التسعينات ما أن شعر الفرنسيون بانخفاض نسبة القراء حتى نزل وزير الثقافة الفرنسي ومعه كبار المؤلفين والكتاب إلى الشوارع والحدائق العامة والمراكز الثقافية يقرؤون ويتحدثون مع الناس حولهم عن القراءة والكتب في مهرجان عام سموه "مهرجان جنون المطالعة". غير أن الحال في العالم العربي هو أكثر سوءًا إذ تدل كل المؤشرات على تراجع عدد النسخ التي يطبعها الناشرون من كل عنوان بحيث لا تتجاوز ثلاثة آلاف نسخة على الرغم من تزايد عدد السكان في العالم العربي إلى ما يزيد على 250 مليون عربي وعلى الرغم من قوانين التعليم الإلزامي في أكثر من قطر عربي. ولا شك أن هناك كثيرا من الحلول التي يمكن اعتمادها في هذا المجال ذكر بعضها د. حسن آل حمادة في بحث تحت عنوان: (أمة اقرأ...لا تقرأ: خطة عمل لترويج عادة القراءة)، كما ذكر منها أيضا في بحث له نشر في مجلة "الكلمة" التي تصدر في بيروت في عددها 21. ومنها دور الأسرة في تنمية عادة القراءة وتخصيص جزء من ميزانيتها لتعمل على توفير الكتب والمجلات والإصدارات الثقافية الأخرى في مكتبة المنزل، ودور المدرسة من خلال تغرير عادة القراءة وتنمية التعليم والتثقيف الذاتي، ودور المجتمع من خلال إنشاء المكتبات العامة والعمل على تطويرها من أجل الترويج لعادة القراءة في المجتمع على اختلاف مستويات المواطنين وأعمارهم، ومنها أيضا دور الإعلام بأجهزته المختلفة إذ يفترض في الإعلام أن يضطلع بدور أساسي وفعال في التربية والتنشئة لكافة المراحل العمرية بشكل عام ومرحلتي الطفولة والشباب بصورة خاصة. يقول الدكتور عاطف عدلي في البحث المشار إليه سابقا: "فنحن كثيرا ما نتهم الإعلام بأنه سرق أوقات المشاهد ولم يكن اتهامنا له لأننا ننظر بعين سوداوية لا ترى إلا الجانب السلبي، إنما كان اتهامنا له لأننا في الكثير من الأحيان نرى هذا الإعلام يتسابق في تقديم الغذاء الفاسد للمشاهد بدلا من الغذاء الصحي. فالإعلام بإمكانه أن يقدم لنا جرعات صحية باستطاعتها أن تدفعنا للقراءة والكتاب. من خلال عرضه لكتاب صدر حديثا أو كتاب قديم كان له تأثير على مجتمع من المجتمعات، وكذا عقد لقاءات مع مؤلفين لهم تأثير على أبناء المجتمع، ليتحدثوا من خلال برنامج تلفزيوني مثلا عن أحد مؤلفاتهم وبالخصوص الحديثة الصدور". على أن العناية بالإعلام المكتوب ونقصد به هنا على الخصوص الجريدة أو المجلة الخاصة بالطفل والكتاب الخاص بالطفل، قد يكون أحد أهم المداخل الأساسية لمعالجة آفة ضعف القراءة في عالمنا العربي والإسلامي، وهو ما يتطلب صرف الجهود أولا وقبل كل شيء في تكوين الأدباء والصحفيين المتخصصين في هذا المجال أي الذين يجمعون بين التكوين الأدبي والصحفي وبين المعرفة بالخصائص النفسية والنمائية الخاصة بمختلف أعمار الطفولة وبمتطلبات كل مرحلة بما يمكنهم من إنتاج مكتبة خاصة بالطفل وصحافة خاصة بالطفل يمكن أن تحتل مكانها إلى جانب الوسائط الإعلامية الأخرى مثل التلفزة والوسائط الحديثة مثل الحاسوب "والصحافة الالكترونية"
خلاصة لكي يقوم الإعلام العربي والإسلامي بدوره في بناء ثقافة الطفل المسلم أصبح من اللازم أن تعنى المنظمات التربوية العربية والإسلامية ومنها المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم وتسهم حسب اختصاصاتها وإمكانياتها وتدعو الحكومات الإسلامية إلى ما يلي: تطوير صناعة عربية إسلامية في مجال الإنتاج الفني التلفزي والسينمائي الموجه للأطفال. اعتبارهذا المجال من مجالات البناء المستقبلي والاستراتيجي للأمة وتخصيص ما يلزم من الموارد المالية لذلك. تكوين الكوادر الغنية في مجال الانتاج التلفزي والسينمائي الخاص بالطفل ممن يجمعون بين الرؤية الإسلامية للكون والحياة والقادرين على تبليغ الرسالة الحضارية والثقافية للإعلام الإسلامي وبين الكفاءة التقنية والقدرات الإبداعية في هذا المجال. رسم سياسة واضحة في مجال استيراد وانتقاء البرامج الأجنبية وتحديد معايير ثقافية وخلقية وقيمة واضحة تقوم عليها تلك السياسة. وضع استراتيجية في مجال صناعة الكتاب والجريدة والمجلة الموجهة للأطفال وتكوين الكفاءات الأدبية والفنية في هذا المجال التي تجمع بين الخبرة المهنية والرؤية الحضارية. إعادة الاعتبار للقراءة في وسط الأطفال والشباب باعتبارها تتناسب مع الخصوصية الحضارية لأمة "اقرأ" أمة تلاوة الكتاب، وترشيد الاستفادة من الوسائط الحديثة السمعية والبصرية والالكترونية في إطار ما يخدم الأغراض الثقافية البناءة والأغراض الترفيهية البريئة. عرض مقدم لندوة قضايا الطفل من منظور إسلامي للأستاذ محمد يتيم باحث في علوم التربية ورئيس تحرير يومية "التجديد" الإسلامية المغربية