دفع(ح.م) 7 آلاف درهم مقابل الحصول على رخصة الثقة لقيادة سيارة الأجرة الكبيرة لبعض المسؤولين في عمالة سلا، وعندما تقدم بملفه أمام القسم المكلف بالعمالة للحصول على الرخصة، في إطارعملية تجديد الرخص التي شرع فيها مؤخرا، اكتشف أنه غير مسجل ضمن لائحة المرشحين للحصول على تلك الوثيقة. لكن حالة (ح.م) ليست سوى واحدة من عشرات الحالات في مدينة سلا لأشخاص كانوا ضحايا إحدى الشبكات المتاجرة في رخصة الثقة، والتي يتناقل العاملون في القطاع أسماء الأشخاص الذين ينشطون فيها، ويبتزون ضحاياهم مقابل مبالغ مالية. وفي أحسن الحالات يحصل دافع المبلغ على وثيقة مزورة تمنحه حق التجول في المدينة ويبقى معلقا في وضعية غير قانونية، لكي يتم ابتزازه في أي وقت بدعوى تمكينه من الوثيقة القانونية التي تضع حدا لمعاناته، دون أن يحصل ذلك. وقد شرعت عمالة سلا منذ أيام في عملية تجديد رخص الثقة لفائدة السائقين القانونيين الذين قدموا ملفاتهم منذ عام 2005، تاريخ الإعلان عن عملية تسلم الملفات في إطار تلك العملية التي تروم توحيد الرخص على مستوى سلاالمدينةوسلاالجديدة. وذكر مصدر مقرب من عمالة سلا أن عدد الرخص التي سلمت حتى الآن يصل إلى 2500 رخصة، وأن هناك 800 أخرى جاهزة للتسليم، بينما هناك 3300 قيد الانتظار، وقال مهنيون ل«المساء» إن هذا العدد الكبير يساوي ثلاثة أضعاف عدد سائقي سيارات الأجرة في المدينة بصنفيها، والذي لا يتعدى 1400 سيارة، مما يعني سائقين ونصفا لكل سيارة، الأمر الذي يؤشرعلى عمق الأزمة التي يعيشها القطاع بفعل حالة التضخم الحاصلة فيه. وقال هؤلاء المهنيون إن السبب وراء ذلك هو عملية المتاجرة في الرخص التي يتم توزيعها بمقابل مالي دون مراعاة وضعية القطاع الهشة. وفي اتصال بمحمد الحنفي، رئيس قسم الاقتصاد بعمالة سلا، قال ل«المساء» إن مصالح العمالة بدأت منذ أسبوع في عملية تجديد الرخص القديمة، ونفى أن يكون الأمر متعلقا برخص جديدة وإنما بتجديد نفس الرخص السابقة. وبخصوص الحاصلين على رخص مزورة ويريدون الحصول على رخص قانونية في إطار عملية التجديد، قال الحنفي:«العملية نظيفة، ولا يمكن التفكير في هذا الأمر». وأوضح الحنفي أن الطلبة المجازين، الذين يقدر عددهم بنحو 27 والذين استفادوا هذا الأسبوع من رخص الثقة، لأول مرة، حصلوا عليها كمنحة من عامل المدينة، في إطار عملية التضامن مع هذه الفئة التي اجتازت امتحان الحصول على الرخصة عام 2007 وبقيت تنتظر دورها. وتعليقا على نفس الموضوع، قال عبد الصمد اعنانة، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق السائق في اتصال مع «المساء»، إن الجمعية ليست ضد استفادة المجازين ولا أي طرف آخر من رخص الثقة «شريطة أن يكون السائق مؤهلا ولا يتوفر على ماض إجرامي، وأن يكون ذلك عبر اجتياز الامتحان». وقال اعنانة إن رخصة الثقة ليست سوى وجه واحد من المشكلات التي يتخبط فيها القطاع بمدينة سلا، مضيفا أنه بدل توحيد الرخص «كان على السلطات أن توحد نقاط الانطلاق بالنسبة إلى سيارات الأجرة، عوض أربع نقاط انطلاق حاليا، هي العيايدة وقرية أولاد موسى وسلاالجديدةوسلاالمدينة»، وقال اعنانة إن مدينة الدارالبيضاء بها سبع عمالات، لكن سيارات الأجرة لديها نقطة انطلاق واحدة هي ولاية الدارالبيضاء الكبرى، واستغرب كيف أن مدينة سلا ماتزال هي الوحيدة التي تعمل بتعدد نقاط الانطلاق، الأمر الذي يؤثر على القطاع ويحول الوضع إلى «حرب أهلية»، وفق تعبيره. واستنكر اعنانة استمرار مشكلة المحطات التي تتوقف فيها سيارات الأجرة، حيث عملت مصالح العمالة على إغلاق بعض المحطات في وجوه السائقين دون تعويضها بمحطات جديدة لضمان السير الطبيعي للقطاع.