عبر مهنيون في قطاع سيارات الأجرة الكبيرة بسلا عن احتجاجهم على إقدام عمالة المدينة على مصادرة رخص الثقة بشكل جماعي دون مبرر قانوني، من أجل تجديدها. وشملت الحملة التي تقوم بها المصالح المختصة جميع السائقين، بمن فيهم الذين لم تنته الصلاحية القانونية للرخص التي بحوزتهم، مما أثار مخاوف بعض مهنيي القطاع من تعرضهم للابتزاز لدى تسليم الرخص الجديدة المقرر نهاية شهر فبراير الجاري. وتزامن قلق مهنيي قطاع سيارات الأجرة في المدينة مع عودة الحديث عن شبكة تزوير رخص الثقة مجددا، بعد الاحتجاجات المتصاعدة للمتضررين الذين دفعوا في السابق مبالغ مالية إلى عناصر الشبكة المتاجرة بتلك الرخص مقابل الحصول عليها، لكن العملية تم تجميدها بعد افتضاح أمر تلك الشبكة التي يوجد بينها رجال أمن وموظفون بعمالة سلا، مما دفع عناصر الشبكة إلى التفكير في إيجاد وسيلة أسرع لحل مشكلة الرخص غير القانونية المسلمة إلى دافعي الرشاوى في انتظار الحصول على أخرى قانونية. وقال مهنيون ل«المساء» إنهم أصبحوا يتخوفون من أن تتم تسوية هذه المشكلة على حسابهم، بعدما أصبح هؤلاء أمام الأمر الواقع إثر سلسلة الاعتصامات التي نفذها المتضررون أمام مقر العمالة. ووصف مهنيون عملية تجديد جميع رخص الثقة بأنها «مشبوهة» لكونها تشمل جميع الرخص المسلمة في تواريخ مختلفة، في الوقت الذي ينص القانون على أن صلاحية رخصة الثقة تستمر عشر سنوات، وقال هؤلاء إن عملية التجديد لا يمكن أن تنطبق سوى على الرخص التي تسلمها أصحابها من عمالة سلاالجديدة سابقا، لكونها استوفت صلاحيتها، بينما الرخص المسلمة من عمالة سلاالمدينة مازالت صالحة للاستعمال ولن تستوفي صلاحيتها إلا في عام 2012. وقال أحد المهنيين إن عملية تجديد الرخص بهذا الشكل الجماعي وفي وقت واحد تشكل سابقة هي الثانية من نوعها في مدينة سلا التي تشكل استثناء بين جميع المدن في التعامل مع قطاع النقل الحضري. وفي اتصال مع «المساء»، قال رئيس قسم الاقتصاد بعمالة سلا محمد الحنفي إن الهدف من عملية تجديد رخص الثقة هو توحيدها بعد مضي خمس سنوات على تسليمها، وفقا لقرار عاملي بهذا الشأن، وإن هناك لجنة خاصة بهذه العملية يرأسها الكاتب العام للعمالة، ستعمل على توحيد جميع الرخص التي سلمت سابقا في سلاالجديدةوالمدينة القديمة وباشوية سلا، وجعلها على نمط واحد، مضيفا أن العملية هي عملية «تطهيرية». وحول وجود رخص مزورة حصل عليها أشخاص مقابل مبالغ مالية بدون اجتياز الامتحان، نفى الحنفي علمه بالموضوع، لكنه قال إن أمثال هؤلاء لن يستطيعوا التقدم أمام الجهات المعنية لتجديد الرخص التي في حوزتهم. ويقدر عدد رخص الثقة غير القانونية المستعملة في قطاع سيارات الأجرة الكبيرة بسلا بحوالي 170 رخصة. وكانت الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب قد نظمت قبل شهرين «جلسة استماع» إلى المتضررين، حضرها أزيد من ستين سائقا عبروا خلالها عن مشاكلهم. غير أن مهنيي القطاع يقولون إن اللجنة المشار إليها والتي تحقق في الرخص هي «محل شك» وتحتاج هي بنفسها إلى من يحقق معها في التجاوزات الحاصلة في القطاع. وقال أحد السائقين، الذي لم يرد الكشف عن هويته: «نحن مستعدون للتعاون مع أي لجنة للتحقيق تأتي من خارج سلا ومدها بالحقائق والانتهاكات الموجودة وحتى بأسماء المتورطين في شبكة تزوير رخص الثقة». واعتبر المتحدث أن مبرر توحيد رخص الثقة «حق يراد به باطل»، وقال إن هناك سابقة لهذا الأمر حصلت في سلا، استفاد فيها عدد من»المحظوظين» من الأرقام التسلسلية الأولى التي تخول لأصحاب الأرقام المتقدمة الحصول على رخصة نقل إعمالا لمبدإ الأقدمية، حيث يمكن لشخص حاصل على رخصة ثقة قبل أربع سنوات، مثلا، أن يجد نفسه ضمن الأرقام التسلسلية المتقدمة، ويمكن لشخص آخر يتوفر على رخصة ثقة منذ أربعين عاما أن يجد نفسه ضمن المتأخرين، مما قد يحرمه من الاستفادة من رخصة النقل. وحسب أحد المهنيين، فإن مبرر التوحيد لا يتطابق مع القرار العاملي الصادر عام 2005، الذي ينص على أن السائقين الذين لا يزاولون المهنة لمدة عامين، يتم إلغاء رخصة الثقة لديهم نهائيا، بينما هناك حالات لسائقين تجاوزوا تلك المدة لكنهم مايزالون يزاولون المهنة بشكل عادي. والأكثر من ذلك يقول هذا الشخص أن هناك حالات لبعض الأشخاص الذين قضوا عقوبات حبسية وحصلوا مع ذلك على رخصة الثقة، بشكل مخالف للقانون، مشيرا إلى أن أحد هؤلاء حصل على رخصة ثقة مع فوج 2003 بينما كان موجودا في السجن.