تحاول بعض الجهات بمدينة سلا جاهدة استباق الوقت من أجل احتواء فضيحة تزوير عشرات رخص الثقة الخاصة بسيارات الأجرة، وهي الرخص التي تم تسليمها إلى الضحايا على أنها رخص سليمة قانونيا مقابل مبالغ تتراوح ما بين 7000و10000 درهم خاصة بعد إقدام المصالح الأمنية بمفوضية لعيايدة على استدعاء أحد المتضررين وتجريده من رخصة الثقة التي ثبت عدم توفرها على ملف بعمالة سلا، إضافة إلى رخصة السياقة وبطاقة التعريف الوطنية مع تهديده بأن تجرؤه على تقديم شكايته سيفتح عليه أبواب الجحيم من خلال العبارة التي همس بها رجل أمن في أذنه وهو يهم بمغادرة مقر المفوضية «غادي يردمو عليك». وأكد المواطن (ح.م) ل«المساء» أنه تعرف سنة 2006 على أحد الأشخاص بمحطة الطاكسيات بسلا أقنعه بأن لديه شبكة واسعة من العلاقات داخل عمالة سلا تجعل من الحصول على رخصة الثقة أمرا سهلا لا يتطلب سوى مبلغ مالي في حدود 7000 درهم تسلم منها تسبيقا قدره 2000 درهم مع مجموعة من الوثائق. وأضاف «بعد 15 يوما اتصل بي الوسيط ب(ح.م) وطلب مني أن التحق به بمقر عمالة سلا حيث تسلمت منه رخصة تحمل جميع التوقيعات قبل أن أمكنه من باقي المبلغ (5000 درهم) لأشرع في عملي كسائق سيارة أجرة دون مشاكل إلى حدود شهر ماي من سنة 2008، بعد الشروع في عملية توحيد الرخص، لأفاجأ بعدم وجود ملفي لدى مصالح القسم الاقتصادي بعمالة سلا، مما يعني أنني ذهبت ضحية عملية نصب واحتيال دفعتني إلى تقديم شكاية إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بسلا من أجل إنصافي». غير أن الشكاية والتحقيق اتخذا منحى آخر من خلال انجاز محضر للضحية من قبل مصالح الأمن وسحب جميع وثائقه وتهديده ليكون عبرة لعشرات الضحايا الذين سلموا مبالغ مالية تتراوح ما بين 7000 و10000 درهم مقابل رخص تبين أنها مزورة. وأكد (ح.م) أن تجريده من رخصته حرمه من عمله ومصدر رزقه علما بأنه متزوج وله طفلان، ووضح أنه لم يكن يعلم بأن الرخصة مزورة إلا بعد إخباره بذلك من قبل مركز المراقبة والتنقيط. وفي سياق متصل، أكدت مصادر مطلعة ل»المساء» وجود أزيد من خمسين حالة ذهبت ضحية نصب واحتيال من خلال تسليمها رخص ثقة مزورة سنة 2006 بالرغم من أنها تحمل تاريخ 2002 وتوقيع كاتب عام سابق بعمالة سلا. كما أوضحت ذات المصادر أن الفضيحة طفت على السطح قبل سنتين. تأخر تسليم رخص الثقة الجديدة إلى محاولة ترتيب الأوراق داخل عمالة سلا في الوقت الذي تم فيه إعفاء رئيس القسم الاقتصادي بعمالة سلا من مهامه، كما أن رخص الثقة تبقى مجرد عنوان واحد في لائحة من الملفات التي فاحت رائحتها بعمالة سلا. من جهة أخرى، فإن رخص الثقة تحولت في العديد من العمالات والأقاليم إلى وسيلة لمراكمة الثروة عن طريق التلاعب في مساطر منح الرخص وفرض إتاوات ورشاوى بسقف يختلف من مدينة إلى أخرى، الأمر الذي يدفع عشرات المواطنين الباحثين عن مصدر للعيش إلى دفع مبالغ مالية مقابل رخصة قد تخرجهم من جحيم البطالة، مما جعل من رخص الثقة جزءا من اقتصاد الريع وورقة يستعملها المخزن لمكافأة بعض الأوفياء له بالرغم من أن مصالح العمالات تقوم بتسجيل رخص الثقة المسلمة على أنها مناصب شغل أحدثت في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.