الخط : إستمع للمقال = أرقام البطالة والفقر والغلاء التي أغضبت أخنوش ستبقى هي نفسها إلى أن يتغير الوضع، ومحاربة الفساد ستتواصل باسم جلالة الملك.وكلُّ ما نجح فيه رئيس الحكومة هو أنه فضح تضايقه من الحقيقة التي يعيشها المغاربة! = شكّل تعيين رئيس جديد على رأس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها مناسبة للحديث عن «قوة» مفترضة لرئيس الحكومة في الإطاحة بكل من لا يسايرونه في النظرة وتقييم الوضع السياسي في البلاد، أو من يبتعدون عن لغة المديح والإشادة بالمنجزات الحكومية المفترضة. وذهبت العديد من التحليلات إلى القول بأن رئيس الحكومة، نجح في استبعاد كل الذين أغضبوه، ابتداء من ادريس الكراوي الرئيس السابق لمجلس المنافسة، وانتهاء بمحمد البشير الراشدي رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة، مرورا بأحمد الشامي الرئيس السابق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي خَلَفه الوزير السابق عبد القادر اعمارة، وأحمد الحليمي، المندوب السامي في التخطيط الذي حلّ شكيب بنموسى محله. وقد اعتمدت هاته التحليلات على كون رئيس الحكومة شخصيا أو على لسان بعض القياديين من حزبه، أو بعض الوزراء في أغلبيته، لم يُخْف غضبه حينا وتبرُّمه حينا آخر من الأرقام التي كانت هاته المؤسسات تعلن عنها، بمناسبة تقديم تقاريرها السنوية إما في إطار ما تنشره حول الوضعية الاقتصادية أو حول الحكامة ( البطالة ، الفقر، الهدر الاجتماعي، الفساد... إلخ ). وهي أرقام صادمة، سعتْ تدخلات الحكومة في شخص رئيسها باستمرار إلى التخفيف من وطأتها أو إلى تفسيرها بما يخدم رؤيتها للأمور أو التشكيك في نوايا الساهرين عليها!!. وبِغضّ النظر عن كون هاته الأرقام ستظل قائمة، إلى أن تتغير الأوضاع المعيشية للمغاربة، سواء تغير الرؤساء في المؤسسات المذكورة أو ظلوا على حال سبيلهم، فإن الموضوعية تقتضي العودة إلى أصل الأشياء لتأطير التفكير في الموضوع. أولا: الملاحظة الأولى ذات علاقة بمصدر التعيين، حيث أن الأمور في هاته التعيينات محسومة دستوريا، ذلك أن التعيين في مجالس الحكامة المنصوص عليها دستوريا، اختصاص حصري للملك، وهو يشكل قاعدة لضمان استقلاليتها عن التقديرات السياسية الأخرى، من قبيل الأغلبية والمعارضة أو عن أي تقلبات ذات طبيعة ظرفية تقتضيها ممارسة رئيس الحكومة لاختصاصاته. وفي هذا الباب لا يمكن أن نغفل بأن عاهل البلاد يحترم اختصاصات رئاسة الحكومة احتراما تاما، ويترك لها تحمل مسؤوليتها في ما يتعلق باختيار الأشخاص والكفاءات في المناصب التي يعود إليها اختصاص التعيين فيها، ولا يمكن أن نتصور السماح بأي تجاوزات للرئاسة في مايتعلق باختصاصات الملك الدستورية. ثانيا: طبيعة الأمور هي أن المؤسسات المذكورة مطبوعة بِدوْرة محددة، في الزمان وفي المكان، والعديد منها اقتضت الضرورة تغيير رؤسائها بما يخدم دورة جديدة.. والغالب اليوم على الأسماء التي تم اختيارها (بالرغم من الموقف منها)، أنها أسماء لا يمكن تصنيفها في خانة القرب من الحكومة ورئاستها، بل لها مسارات بعيدة كل البعد عن المسارات الحكومية. بالنسبة للقضية التي تعنينا بالدرجة الأولى وهي «نجاح» أخنوش في تنحية من لا يعجبونه، فإن القول بهكذا أمر، فيه نوع من التسرع أو من جنس القراءات المنفعلة إن لم نقل المغرضة التي تعطي لأخنوش قوة ليست له... لا في السياسة ولا في الدستور.. ثالثا: التعيينات تأتي متزامنة مع السنة الأخيرة من عمر الحكومة الحالية. ولاشي يثبت بأن الأغلبية الحالية ستظل هي نفسها مستقبلا كما أن التعيينات لا يمكن أن تعتبر نجاحا لأخنوش، أو لغيره في سياق محكوم بالديمومة في الزمن خارج الزمن الحكومي..! ونحن ندرك بأن العلاقة بين المؤسسات، كما ورد في بلاغ الإعلان عن التعيينات، يجب أن تكون علاقات تشاور وشراكة وتعاون، كما هي علاقات توازن، وربما تقتضي المرحلة الحالية والمقبلة نوعا من «الهدنة» بين هاته المؤسسات والحكومة والقطاعات المتفرعة عنها لخدمة المشاريع الكبرى. وهو ما سيتطلب من الحكومة لا من المؤسسات المعنية هنا، تغيير تعاملها مع الأوضاع ومع حقيقة الأرقام الموجودة بقوة الواقع! أما بالنسنبة للفساد، فقد شكّلت كلمة «الفساد»، مفتاح الخطابات التي طبعت تسليم السلط بين محمد البشير الراشدي ومحمد بنعليلو، الكلمة (فساد) التي لا توجد في تسمية «الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها» نفسها..! وتابعنا بأن الرئيس الجديد بنعليلو نوَّه في كلمته «بالجهود التي بذلتها الهيئة خلال السنوات الأخيرة، وأنها تشكل أساسا متينا للانطلاق نحو مرحلة جديدة من العمل ترتكز على تعزيز فعاليتها في مكافحة الفساد». أما الرئيس السابق محمد البشير الراشدي فقد سمعناه يشيد « بكفاءة وتجربة بنعليلو في مجال مكافحة الفساد». واتضح بأن مرجعية كل واحد منهما في مخاطبة الآخر في فهم المهمة هي «التوجيهات الملكية السامية» في تعزيز الحرب على الفساد..! في النهاية يبدو أن رئيس الحكومة قد نجح، فقط في كشْف تضايقه من محاربة الفساد، ومن حقيقة البطالة وحقيقة الهشاشة، كما نجح في كشف العجز الواضح في تنزيل التوجيهات الملكية السامية في توفير شروط أجواء سليمة للعيش المشترك للمغاربة! الوسوم أخنوش عزيز الحكامة المؤسسات الدستورية المغرب قوة هيمنة وجوه على الأحزاب