نفى حسن الراشدي، مدير مكتب الجزيرة بالرباط، أن يكون ما صرح به وزير الاتصال في موضوع توقيف بث الجزيرة لنشرة المغرب العربي من الرباط، حول ارتباط القرار بأسباب تقنية وقانونية وقال في هذا الحوار: «أن يقال إن المشكل تقني وقانوني فأنا لا أعتبر هذا مقنعا»، وأضاف الراشدي: «نريدهم أن يقولوا لنا بصراحة أن مشكل الجزيرة في المغرب هو مشكل سياسي». - ماهي التفاصيل الكاملة لقرار توقيف بث نشرة المغرب العربي من الرباط؟ < التفاصيل هي كالتالي: أنا كنت في الدوحة في مهمة، قبل أن تتصل بي كاتبة المكتب من الرباط لتخبرني أنهم توصلوا بفاكس باسمي من الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات يقول: «إن الوكالة تعلق كل التراخيص التي في حوزتنا المتعلقة بجهاز البث عبر الأقمار الاصطناعية»، وقالوا إن هذا القرار ساري المفعول بداية من اليوم، علما بأن صلاحية هذه التراخيص لا زالت ممتدة إلى يوم 13 من الشهر المقبل. بطبيعة الحال أنا فوجئت، وقمت باتصالاتي ، لكن للأسف لم أجد أي تفسير عند أية جهة، وكنت مضطرا للخضوع للأمر الواقع. اتصلت بمجرد عودتي إلى المغرب في اليوم الموالي بوزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، الذي استقبلني، واستمع إلى وجهة نظري في الموضوع، وإلى الآن لم نفهم ما هي طبيعة هذا المشكل. قيل لنا إن المشكل تقني وقانوني، وأنا لا أظن أن هناك مشاكل من هذا النوع. فبخصوص الجانب التقني، نحن منذ بداية هذه النشرة في 16 نوفمبر الماضي دأبنا على أن نطلب ترخيصا من الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، وكانت هذه الوكالة تمنحنا ترخيصا يمتد إلى 3 أشهر. وقد كنت أعمل على تجديد الترخيص قبل نهايته ب20 يوما، واستمر الأمر هكذا حتى اليوم، وقد سبق أن قدمنا ملفا إلى الوكالة يضم بالتفصيل لائحة بكل الأجهزة التي نستعملها في المكتب، والتي كانت متطابقة مع المعايير الموضوعة من قبل الوكالة في هذا الشأن، وهنا لا أدري أين يوجد هذا المشكل التقني الذي يتحدثون عنه. الأمر الثاني، والذي يجب التأكيد عليه، هو أن هذه الوكالة لم تمنحنا أية «ذبذبة» أو «فريكونس»، فنحن لا نبث بشكل مباشر إلى الجمهور المغربي، ولكننا نبث بتقنية تعرف ب«بونت تو بونت» من نقطة إلى نقطة، أي أن الإشارة تصعد من الرباط متوجهة إلى الدوحة، وهذه الأخيرة تلتقط إشارتنا وتعيد إرسالها إلى القمر الاصطناعي. معنى هذا أننا لم نكن نغطي المغرب بشكل مباشر، وبالتالي ينعدم وجود مشكل تقني. - هذا في ما يتعلق بالجانب التقني. ماذا بخصوص ما قاله وزير الاتصال عن وجود مشكل قانوني؟ < حينما أصبحنا نفكر في توسيع نشاطنا في المغرب، وبدأنا نشتغل على نشرة موجهة إلى منطقة المغرب العربي، قيل لنا إن المغرب لا يمانع، لكن هناك قانون في المغرب رقمه 7-7-03 المنظم للمشهد الإعلامي، وإذا كنتم تنوون البدء في تقديم نشرة إخبارية تبث بشكل مباشر، يومي، ومنتظم، فوضعكم حسب هذا القانون يصنفكم كأصحاب خدمة إعلامية، بمعنى أنه ينبغي أن يرخص لكم، وطلبت منا وزارة الاتصال أن نحمل ملفنا إلى الهيئة العليا للسمعي البصري (الهاكا). وهو ما قمنا به، وهكذا أنشأنا شركة مجهولة الاسم. واشتغلت معنا «الهاكا» فيما بعد على إنشاء الملف القانوني ليصير كاملا. إلى هنا والأمور بسلام، حتى إن السيد أحمد الغزالي أخبرنا في 25 نوفمبر 2007 أن ملفنا أصبح جاهزا، وأرسلت إليه رسالة أطالبه فيها بالتعجيل بإعداد دفتر التحملات، وهذا يعني أننا نحن من كنا نطالب بتعجيل صياغة دفتر التحملات، ثم طلبوا منا أن ننتظر مرور الانتخابات. جاءت الحكومة الجديدة وذهب أحمد اخشيشن، المدير السباق للهيئة الذي كان يشرف على ملفنا، وبقينا ننتظر تعيين مدير جديد. وأصبحنا في هذه الوضعية الشاذة ثم دخلنا دوامة المشاكل: فقد تحولنا إلى شركة وطنية دون أن يسلمونا بطائق صحفية وطنية، واحتفظنا ببطائق الصحافيين المعتمدين، وفي الوقت الذي كان المركز السينمائي المغربي يمنحنا رخص تصوير لمدة سنة، صاروا يمنحوننا رخصة كل شهر، والحجة دائما أنهم جميعا «لا زالوا لا يعرفون وضعنا مع الهاكا». وكان آخر شيء قمت به في هذا الصدد هو أنني راسلت السيد أحمد الغزالي في 12 فبراير 2008 أطلب منه توضيحا حول مآل شركة شبكة الجزيرة الفضائية -المغرب- ونبهته إلى المشاكل سالفة الذكر، وأخبرته بالحرف أن «وضعية الجزيرة اليوم في المغرب لا زالت غامضة»، وبالتالي أتساءل هل نحن هم السبب في هذا المشكل القانوني، إذا كان موجودا أصلا؟ - إذا كنت تقول إن المشكل ليس قانونيا ولا تقنيا، كما صرح بذالك خالد الناصري، فهل معنى هذا أن قرار توقيف بث نشرة العاشرة ليلا من الرباط هو قرار سياسي؟ < هذا ما نريد أن نسمعه. نريدهم أن يقولوا لنا بصراحة إن كان المشكل سياسيا أم لا. وإذا كانت علينا مآخذ معينة، ينبغي أن يقولوا لنا عليكم المآخذ التالية، وسنعالجها بطريقة حكيمة ورصينة وسنبحث عن حلول ترضي الجميع. أما أن يقال إن المشكل تقني وقانوني فأنا لا أعتبر هذا مقنعا، ولا أعتبر أن وضعيتنا التقنية والقانونية غير سليمتين، نحن نذعن لكل الشروط التي فرضت علينا وفق ما يمليه القانون المغربي، وإلى حد الساعة نشتغل كشركة وطنية، وإلى حد الساعة ندفع ضرائبنا، وإلى حد الساعة نلتزم بكل القوانين المفروضة على الشركات مجهولة الاسم، ونريد الآن أن نفهم فقط ما هو المشكل. - لكن وزير الاتصال أكد في تصريحه الأخير أن قرار التوقيف ليس سياسيا، وأنه لا يعدو أن يكون مجرد إشكال تقني وقانوني. ما هو تعليقك؟ < هذا التصريح الذي أدلى به وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، يعبر عن موقف الوزارة الوصية، وأيضا يعبر عن الموقف المغربي الرسمي. ومهما يكن فنحن متفائلون مما قاله السيد الوزير لأن ما صرح به يعني أن الباب لم يوصد في وجهنا بشكل نهائي، ونحن نحترم ما قاله ونعبر أيضا عن إرادتنا في إيجاد حل. نحن مؤسسة تحترم شروط الضيافة وقوانين البلد، وإذا كان هناك في ملفنا ما هو متعارض مع هذه القوانين فليقولوا لنا ذلك وبصراحة. - أنتم تعلمون أن رئيس المجلس الإداري للوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، هو نفسه الوزير الأول عباس الفاسي، وأنتم تعلمون التأثير الذي لدى عباس على هذه المؤسسة التي تضم تمثيليات حكومية، عسكرية ومخابراتية. ألا يعني هذا أن عباس الفاسي قد يكون وراء القرار، خصوصا بعد الصفعة التي وجهتموها له أيام الانتخابات؟ < أنا أستبعد ذلك، السيد عباس الفاسي له من الحنكة السياسية ومن التبصر ما يرفعه عن مثل هذا الاتهام. والوزير الأول بشر ككل الناس، وفي وقت من الأوقات ولسبب من الأسباب كانت له غضبة على الجزيرة، ونحن تفهمنا موقفه، وهو من جانبه تفهم موقفنا. وعلاقتنا بالسيد عباس الفاسي، كأمين عام لحزب الاستقلال، وكرجل وطني وكمسؤول حكومي، فيها كثير من الاحترام وفيها من الصراحة ما يرفعه ويجنبه عن مثل هذه التأويلات. - أنت تنفي أن يكون عباس الفاسي وراء هذا القرار، ووزير الاتصال يرسلك إلى «الهاكا»، وهذه الأخيرة تقول إن لا علاقة لها بالموضوع، والوكالة الوطنية لتقنين المواصلات تقذف الكرة للوزارة الوصية. فمن الذي اتخذ القرار إذن؟ < والله نحن أيضا نريد أن نعرف، ولو كنت تعرفت على الذي اتخذ القرار لكنت على الأقل سعيت إلى مقابلته. - في نفس الصدد، لقد دخلتم إلى المغرب في 2006 فمن كان مخاطبكم آنذاك، الذي منحكم تصريح الدخول، والذي يريد اليوم سحبه منكم؟ < نحن نتعامل مع المغرب كبلد مؤسسات، حينما دخلنا إلى المغرب خاطبنا الجهات المختصة: وزارة الاتصال ووزارة الخارجية. وجئت برسائل اعتماد، نحن لم ندخل من النافذة، نحن دخلنا من الباب ورحب بنا، وحاولنا الاشتغال في إطار قوانين بلد منفتح.. نحن لم ندخل من النوافذ. - من جهة أخرى وفي محاولة منها لتفسير خلفيات القرار ذهبت بعض الصحف الوطنية إلى اعتبار الحلقة الأخيرة من برنامج «مع هيكل» القطرة التي أفاضت الكأس، هل هذا التفسير محتمل؟ < بخصوص هذا السؤال، كان من ضمن الأشياء التي نقلتها الصحافة ويقولها بعض المحللين، لكن نحن إلى حد الآن لم نسمع أي شيء من الجهات الرسمية، لكن إذا كان هذا الموضوع هو السبب فلنتحاور حوله، لكن إلى حد الآن لم توجه لنا أية ملاحظة تتعلق بالخط التحريري للقناة، علما أن هذه الحلقة، وإذا اعتبرناها من أسباب اتخاذ قرار توقيف البث، فهي لم تبث من الرباط. - في علاقة بخط التحرير، هناك العديد من الجهات تتهمكم بالانحياز إلى إسلاميي العدالة والتنمية والعدل والإحسان، وتقول إن هذا الأمر قد يكون سببا آخر من أسباب اتخاذ قرار توقيف بث نشرة الرباط؟ < هذا كلام مردود عليها بدليل أننا أعددنا دراسة علمية، خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، وقمنا بجرد المدد الزمنية التي خصصناها لتدخلات كل الأطراف السياسية في المغرب، وجاءت العدالة والتنمية في المرتبة الثالثة، وقد سلمنا نسخة من هذا الجرد الدقيق للاستئناس إلى الهيئة العليا للسمعي البصري، وفي الحقيقة لا أدري ما هو المطلوب منا، والجميع يعرف أنه في خطنا التحريري لا يمكن أن نقصي أحدا من الجمعويين أو السياسيين أو الفاعلين، أو من يساهمون في الحراك السياسي في المغرب كيفما كان. نحن شعارنا هو «الرأي والرأي الآخر». إذا كان الإسلاميون هم صناع الحدث في موسم ما أو في يوم ما فنحن لا يمكننا أن نقصيهم، كذلك الأمر بالنسبة إلى الاشتراكيين أو الاستقلاليين، أو باقي مكونات النسيج السياسي في المغرب، فدورنا الأساسي أن نتعامل على قدم المساواة مع كل الأطياف السياسية التي تصنع الحدث في المغرب، إسلاميين أو غيرهم. - يذهب آخرون إلى اعتبار تعاطيكم مع قضية الصحراء «غير موضوعي»، ويتساءلون: «ما معنى أن تستقبل قناة الجزيرة عبد العزيز المراكشي ليلة بداية مفاوضات منهاست»؟ < أنا أعتقد أنه في هذا الصدد إذا كانت هناك ملاحظات فيجب أن توجه إلى رئاسة التحرير بالمقر المركزي بالدوحة حيث بث اللقاء، أما مكتب المغرب فيجب أن توجه إليه ملاحظات حول ما يبث من مكتب المغرب. إذا كانت هناك أشياء أخرى تتعلق بما تبثه الجزيرة من الدوحة فليكشف عنها ولنتحدث عنها بصراحة، وفي هذه الحالة للإدارة العامة لشبكة الجزيرة بالدوحة رأيها، ويمكن أن يستمع إلى وجهة نظرها هي الأخرى، وهي مستعدة لكل أشكال الحوار، على ألا يمس ذلك الخط التحريري للقناة، الذي يشكل رأس المال الحقيقي للجزيرة. - صرح أحد المسؤولين بالوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، اطلع على الموضوع، بأن «مكتب الجزيرة في المغرب سقط في فخ منصوب بعناية»، ما هو تعليقك؟ < أن تكون الجزيرة قد سقطت في فخ منصوب بعناية، هذا كلام مؤلم. للكنه لن يغير رأينا في كوننا نتعامل مع دولة مؤسسات وليس مع أناس يفكرون في نصب الفخاخ، ولا زلنا نعتقد أننا نتعامل مع دولة فيها هامش كبير من الحرية وتسعى لتوفير الشروط الموضوعية للعمل بشفافية وبكل حرية لنا ولغيرنا.