تعكف رابطة العالم الإسلامي على الإعداد لمؤتمر يجمع العلماء المسلمين من مختلف دول العالم، يعقد في مقرها في مكةالمكرمة في 21 يونيو المقبل في إطار التمهيد لمؤتمر دولي للحوار بين الإسلام والمسيحية واليهودية يتوقع أن يعقد أواخر العام الجاري، بناء على دعوة غير مسبوقة من المملكة العربية السعودية كان أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز في شهر مارس الماضي. وأكد مدير الإعلام في الرابطة حسن الأهدل في تصريحات صحافية أن المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي يجري الترتيب له حاليا يهدف إلى التوافق على سياسة موحدة في التعامل مع أصحاب الديانات الأخرى وكسر الجمود بين الثقافات والديانات المختلفة وتحقيق التعايش السلمي في ما بين أتباعها، إضافة إلى البحث في سبل استصدار قانون يحرم الإساءة للرموز الدينية في العالم ونبذ التشدد في كافة العقائد والمناهج الغربية والشرقية. وكان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز أكد أن دعوته لعقد هذا المؤتمر تأتي في ظل أزمة «تتعرض لها البشرية أخلت بموازين العقل والأخلاق والإنسانية»، وأضاف أنه عرض هذا الأمر على العلماء في المملكة وقد وافقوا على ذلك وأنه بصدد عقد مؤتمرات لأخذ رأي المسلمين في جميع أنحاء العالم حول فكرة «الاجتماع مع إخوانهم في إيمان وإخلاص لكل الأديان لأننا نتجه إلى رب واحد». وأشار الملك عبد الله إلى أن من دواعي هذه اللقاءات مواجهة التفكك الأسري وتفشي الإلحاد «وهذا لا يجوز من جميع الأديان (الكتب) السماوية لا من القرآن ولا التوراة ولا من الإنجيل». وأكد محللون أن انعقاد المؤتمر خارج السعودية سببه مشاركة حاخامات يهود وكبار القساوسة المسيحيين وغيرهم من أقطاب جميع الديانات السماوية في المؤتمر المرتقب ومن بينهم بابا الفاتيكان الذي لم يحدد حتى اللحظة موقفه من الحضور أو عدمه. وكان مفتي الديار السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ نفى في وقت سابق صحة الأنباء التي تحدثت عن دعوته مجموعة من رجال الدين الإسرائيليين للمشاركة في هذا المؤتمر. وقال عضو مجلس الشورى السعودي محمد آل الزلفة إن الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للحوار بين الأديان ينطلق من أن الانتماءات الدينية المتعددة التي تحياها الإنسانية ليست مدعاة للنزاع والحروب والانفصال الشعوري والعملي، بل هي مدعاة للتواصل والتلاقي والحوار، لكي يشترك الجميع في بناء عالم أكثر إنسانية وحرية وعدالة. من جهته، قال المحلل السياسي خالد المشوح إن المؤتمر يمثل دعوة لحوار أعمق بين أصحاب الأديان السماوية وإنه ليس تقارباً بقدر ما هو تفاهم وحوار في ظل دعوات لصدام الحضارات وتصاعد اليمين لدى كل الديانات وهو مؤشر يقود العالم إلى الصدام والنزاع والحرب، مشيرا إلى أن تصاعد تنظيم القاعدة في العالم الإسلامي يصاحبه تصاعد اليمين في العالم الغربي ومسلسل الإساءات المستفزة تجاه المسلمين في أوروبا. وأضاف أن «ثمة صوت نشاز يتصاعد من قبل بعض اتباع هذه الديانات ينبغي إسكاته والسيطرة عليه من خلال الفسح للعقلاء بالحديث وإبراز صوتهم بشكل أكبر، فكثيراً ما يعبر المتطرفون لدى كل دين عن انطباعاتهم بأصوات عالية تقطع التواصل مع تلك الأصوات الهادئة والرزينة». ورأى أستاذ الشريعة الإسلامية في الرياض فهد العبد الجبار أن المسلمين اليوم على حافة مواجهة مع الحراك الأممي لهاتين الديانتين، اليهودية والنصرانية. وأضاف أنه «إذا لم يأخذ العقلاء مسؤولية إنقاذ البشرية من صراع الأديان فإن الطرف الأضعف في الحلقة هو من سيدفع الثمن الأكبر ونحن المسلمين الحلقة الأضعف، وضعفنا يبدأ من أنفسنا».