لاشيء كان يعطي الانطباع بأن أيام سعد بنديدي، الرئيس المدير العام السابق لمجموعة أومنيوم شمال إفريقيا، كانت معدودات بعد الندوة الصحفية السنوية التي جرت العادة أن يعلن خلالها عن النتائج السنوية لأول مجموعة اقتصادية خاصة في المغرب المعاصر.. فقد بدا الرجل واثقا من تحقيق ما وعد به، أي رفع المبيعات إلى 40 مليار درهم في أفق 2009 و نقل الأرباح إلى ملياري درهم . لكن هل أنبأت المؤشرات الخارجية والنتائج في يوم من الأيام عن مستقبل من تولوا أمور المجموعة، التي قال عنها الباحث الفرنسي الراحل ريمي لوفو إنها تخول للملكية في المغرب مراقبة المجال الاقتصادي والتحكم في الفاعلين فيه، بما يتيح لها تفادي الانفلاتات التي قد ترمي بظلالها على المجال السياسي. الأخبار التي رشحت من المجموعة كانت تؤكد أن التخلي عن سعد بنديدي طرح بقوة على بساط النقاش سنة ونصف بعد تعيينه ..إذ لم ينظر المؤتمنون على الثروة الملكية في المجموعة بعين الرضى إلى سعيه إلى توسيع مجال سلطته وتطلعه إلى استقلالية أكثر.. نزوع أشرت عليه الأزمة التي نشبت بينه وبين رشيد سليمي، المدير العام للشؤون العامة في مجموعة «أونا»، بل إن أنباء تحدثت عن تهديد بنديدي بالاستقالة، غير أن تدخل منير الماجدي، مدير الكتابة الخاصة للملك، نزع فتيل الخلاف دون أن يحل المشاكل، البعض يقول إن إقالة بنديدي لم تكن فقط بسبب خسائر «وانا»، بل كذلك لأن هذا الأخير حاول «التمرد» على نفوذ الماجدي وسط أكبر مجموعة اقتصادية، في حين ينفي آخرون هذه الأنباء. العائلة الملكية تمتلك مساهمات في مجموعة أومنيوم شمال إفريقيا، حيث يسهر على تنمية الثروة الملكية منير الماجدي الذي استعان بصديقه حسن بوهمو الإطار السابق في مجموعة عثمان بنجلون، حيث أسند إليه مهمة رفع مردودية «أونا» التي تمثل مبيعاتها حوالي 7 في المائة من الناتج الداخلي الخام. رام هذا الثنائي إعاة النظر في الاستراتيجية التي صاغها مراد الشريف، الرئيس المدير العام الأسبق، الذي خلف صهر الحسن الثاني فؤاد الفيلالي على رأس المجموعة، لكن يبدو أن الشريف لم يحمل في قلبه ودا لممثلي «سيجر» و«الشركة الوطنية للاستثمار».. إذ جرى الحديث آنذاك عن رفضه مجاراة الماجدي عندما طلب منه إخباره عن نتائج «أونا» عبرالهاتف، قبل انعقاد مجلس الإدارة.. ويبدو أن الشريف كان، كذلك، ضحية النجاح الذي بدأ يحققه على الصعيد الدولي، فتوسيع مجال نشاط شركة «مناجم» قاده إلى غينيا، حيث دشن منجما للذهب هناك، وحظي باستقبال لا يخص به سوى الرؤساء،التفاتة لم تعجب البعض في «أونا»، ليجري التخلي عنه أياما بعد ذلك. تمكن الرئيس الجديد باسم الجاي حكيمي، الرئيس المدير العام لمجموعة أمنيوم شمال إفريقيا، بما راكمه من خبرة واسعة في مجال المال والأعمال من تحسين نتائج المجموعة، وبالنتيجة رفع قيمة الربائح التي توزع على المساهمين، خاصة العائلة الملكية، التي أصبحت عبر سيجر تراقب الشركة الوطنية للاستثمارات ومجموعة «أونا» وفرعها، غير أن نتائجه لم تشفع له، خاصة أنه لم يكن، رغم المظاهر، بالمستجيب المذعن لرِؤسائه، بل إن خليفة مراد الشريف أبدى تشددا في تعامله مع الشركاء الأجانب، غير أن ذلك لم يرق لمن بدأوا يبحثون عن بديل له. لكن أبلغ رسالة أشارت إلى أنه لا أحد ضروري في مجموعة «أونا» أو فروعها، تمثلت في نظر المراقبين في الطريقة التي جرى بها التخلي عن خالد الودغيري، الرئيس المدير العام لمجموعة التجاري وفا بنك، الذي قاد مسلسل اندماج بنك الوفاء مع البنك التجاري المغربي، حيث عبر عن رغبته في تحويل المجموعة إلى « بطل وطني» ذي طموحات في أوروبا وإفريقيا والمغرب العربي.. غير أن استقالته التي كانت أقرب إلى الإقالة أبانت مرة أخرى عن إشكالية الحدود بين فروع المجموعة وقياداتها التي تصل إلى تركيز السلط في حين تسعى الفروع إلى نوع من الاستقلالية.