كانت الساعة تشير إلى العاشرة صباحا عندما انطلق المجلس الإداري لمجموعة «أونا» الجمعة الأخير، كانت نقطة واحدة في جدول الأعمال هي الوضع المالي ل«أونا». جلس منير الماجدي رئيس الهولدينغ الملكي سيجر وبجانبه حسن بوهمو رئيس الشركة الوطنية للاستثمار وباقي المتصرفين... محمد الكتاني عن التجاري وفا بنك وعبد العزيز التازي عن الشركة العامة وعبد اللطيف شدادي عن الصندوق المهني المغربي للتقاعد وكريم زاز رئيس شركة «وانا» وباسم جاي حكيمي. كان مطلوبا من سعد بنديدي أن يقدم عرضا يشرح فيه للمساهمين الوضعية المالية لشركة «وانا» والخطوط العريضة لخطته من أجل الخروج من الأزمة. كان بنديدي يدري أن هذا المجلس الإداري هو بمثابة خلية أزمة وأن التمرين لن يمر دون خسائر.. لكن لم يخطر بباله ما كانت تخبئه له نهاية المجلس. استعرض بنديدي الأرقام التي تؤشر على حصيلة مالية صعبة ثم عرّج على الآفاق المستقبلية وخطته من أجل الخروج بهذا الفرع من النفق، وبعد ذلك فاجأ المساهمين بمطالبته إياهم بمد الفرع بميزانية إضافية قدرها في خمسة ملايير درهم! لم يكن يدري أنها القشة التي ستقسم ظهره، فقد انتفض كل المساهمين وأجمعوا على أن طلب بنديدي غير معقول، خاصة أنهم كانوا قد مدوا الفرع بميزانية إضافية قدرها سبعة ملايير درهم قبل فترة قصيرة. مصادر «المساء» أكدت أن المساهم المرجعي ذكر بنديدي بالخطوط العريضة لخطته التي عرضها خلال شهر دجنبر، مركزا على نقط التناقضات بين الخطتين. أحد المساهمين قال لبنديدي: «لا يمكن أن يحصل كل هذا الفرق في التخطيط في فترة وجيزة»، ليضيف آخر، «أن ذلك لا يمكن أن يحصل إلا إذا كان هناك نقص كبير في تدبير الملف حتى لا نقول أكثر من ذلك». ويذكر أنه في دجنبر الأخير كانت مجموعة «أونا» قد دعت إلى مجلس إداري استثنائي من أجل تدارس موضوع «وانا»، إذاك كان بنديدي قد عرض خطته ل«الإنقاذ» ومنحه المجلس الإداري ثلاثة أشهر لوضع تصوره على أرض الواقع والتطبيق وتشكيل لجنة قيادة تتولى ذلك تحت رئاسته. بعد ذلك بقليل قام المساهمون بالتعاقد، دون علم بنديدي، مع أربعة خبراء دوليين من أجل تقييم الحالة المالية ل«وانا» ووضع تصورات حلول. انقضت مهلة الثلاثة أشهر ولم يطلع بنديدي المجلس الإداري على الخطوات العملية التي قام بها، بل أكثر من ذلك علم المساهمون أنه خلال كل تلك الفترة لم يجمع بنديدي لجنة القيادة ولا مرة واحدة، بل لم يجتمع حتى مع رئيس وانا.. كريم زاز، في نفس الوقت توصل المساهمون المرجعيون بتقرير الخبراء الدوليين، فكان قرار المجلس الإداري الاستثنائي للجمعة الأخير. طلب المساهمون من بنديدي تقديم خلاصة تقدم أعمال لجنة القيادة وتصوراته المستقبلية وتُركت له بضعة أيام للاستعداد لذلك، ويبدو أنه لم يخبر رئيس الفرع «وانا» إلا ثمان وأربعين ساعة قبل المجلس، كما صرح زاز للمساهمين عندما طُلب منه رأيه في عرض بنديدي. مصادر «المساء» قالت إنه «لا يمكن للمساهمين أن ينساقوا وراء تخبط التصورات الإستراتيجية لبنديدي... وأنه لا يعني مدهم له بملايير الدراهم عندما طالب بذلك أنهم سيفعلون كلما طالبهم بذلك»، وأضاف نفس المصدر أن «المناخ العام لقطاع الإتصالات بالمغرب يؤكد بالأرقام أن هناك مكانا لفاعل ثالث يمكن أن ينشط بمردودية جيدة إذا كانت الخيارات الاستراتيجية محكمة». وهذا ما ذهب إليه بلاغ المجموعة الذي أكد أن «هذا الوضع يؤكد وجود اختلالات جدية في التخطيط والقيادة الاستراتيجية للمقاولة، إذ إن تحليل الوضع أكد أن الخيارات الاستراتيجية لم تكن في مستوى جدوى المشروع وأن الأخبار والحصيلة لم تكن تصل بدقة إلى المتصرفين»، بل كانت صياغة البلاغ قاسية عندما تحدثت عن «أن المجلس الإداري سجل إهمالا في متابعة وتنشيط أعمال المجموعة وشدد على ضرورة معالجة ذلك...». النتيجة كما يعرفها الجميع.. قرار المجلس الإداري بالإجماع بإقالة سعد بنديدي وبُلغ بذلك خلال الجمع، فما كان منه إلا أن يقبل قرار المجلس الإداري ويصافح المتصرفين واحدا واحدا ثم يغادر القاعة! «المساء» سألت مصادر مقربة من الملف لماذا تم تحميل سعد بنديدي وحده المسؤولية، مع العلم أن رئيس الفرع كريم زاز هو رجل ميدان وخبير بقطاع الاتصالات، فأكد مصدرنا أنه «منذ إنشاء «وانا» كانت الأدوار مقسمة بين رئيس مجموعة أونا المكلف بوضع الخيارات الإستراتيجية للشركة، فيما كلف رئيس الفرع (زاز) بالأمور التقنية، وبالتالي فإن المسؤوليات واضحة». طويت إذن صفحة سعد بنديدي بعد ثلاث سنوات له على رأس أكبر مجموعة اقتصادية بالمغرب ومباشرة بعد ذلك تم الإعلان عن تعيين خلفه وهو معتصم بلغازي القادم من إدارة الأعمال وتدبير القروض الصغيرة بالإضافة إلى تجربته الأكاديمية في التعليم العالي.