الساعة تشير إلى العاشرة صباحا، والمقر الفخم لأكبر مجموعة اقتصادية بالمغرب الموجود في شارع الجزائر وسط البيضاء على موعد مع اجتماع استثنائي للمجلس الإداري لمجموعة «أونا» الجمعة الماضية بالطابق الثالث، وجدول أعمال الاجتماع لا يضم سوى نقطة واحدة هي الوضع المالي المتدهور لشركة الاتصالات «وانا» التي انطلقت في فبراير 2007 ومازالت تحصد خسائر كبيرة... جلس منير الماجدي، رئيس الهولدينغ الملكي «سيجر»، وإلى جانبه حسن بوهمو رئيس الشركة الوطنية للاستثمار وباقي المتصرفين جلسوا في مواجهة سعد بن ديدي الذي كان أمام امتحان عسير، كان مطالبا، يقول مصدر مطلع ل«المساء»، بتقديم تفسير لخسائر «وانا» ومعها عرض لخطته من أجل إنقاذ ثالث فاعل في سوق الاتصالات التي تعرف صراعا شرسا بين العملاقين الكبيرين اتصالات المغرب و«ميدي تيل»... كان سعد بن ديدي الذي مرت على جلوسه فوق كرسي امبراطورية «أونا» حوالي ثلاث سنوات، يعرف أن اللقاء لن يمر بدون خسائر، لكن خياله لم يذهب إلى حد تصور أن الاجتماع سينتهي بقطع رأسه من فوق قيادة الهولدينغ الملكي الذي يشكل بأخطبوط فروعه أكثر من %7 من الناتج الداخلي الخام لبلد بأكمله هو المغرب... استمر بن ديدي في شرح أسباب الصعوبات المالية التي تعترض «وانا» وحاجته إلى أموال جديدة. كم؟ خمسة ملايير درهم إضافة إلى سبعة ملايير درهم سابقة تسلمها السنة الماضية... ما إن انتهى بن ديدي من نطق آخر رقم من مبلغ 5 مليارات حتى انتفض منير الماجدي، العقل المدبر لأملاك الأسرة الملكية والمساهم المرجعي في مجموعة أونا... قائلا: «كيف تطالبنا ب5 مليارات جديدة في فترة قصيرة بعدما أعطيناك سبعة مليارات قبل مدة وجيزة... إن هذا يدل على اختلالات كبيرة في التدبير..» فصادق الأعضاء الآخرون المتحلقون حول طاولة الاجتماع على كلام الماجدي وهم على التوالي حسن بوهمو رئيس الشركة الوطنية للاستثمارات ومحمد الكتاني مدير التجاري وفا بنك، عبد العزيز التازي عن الشركة العامة، عبد اللطيف الشدادي عن الصندوق المهني المغربي للتقاعد، باسم الجاي، كريم زاز... في دجنبر من السنة الماضية كانت خسائر «وانا» على طاولة اجتماع مجلس إداري استثنائي وكان بن ديدي قد عرض «خطة للإنقاذ» ومُنح سبعة مليارات درهم وثلاثة أشهر لانتشال «وانا» من أزمتها. لكن الذي لم يكن في علم بنديدي أن المجلس الإداري ل«أونا» دعا أربعة خبراء دوليين وكلفهم بإعداد دراسة وتقييم الحالة المالية لشركة الاتصالات «وانا» وإعداد مقترحات بحلول لأزمتها... انقضت مدة الثلاثة أشهر وعوض أن يحضر بنديدي نتائج خطة الإنقاذ التي اقترحها، جاء يطلب المزيد من «المال» فكانت الإقالة التي نزلت كالماء البارد فوق رأس بنديدي، الذي قام من مكانه وسلم على الجميع وخرج دون أمل في العودة... طويت صفحة بنديدي وبقي الجدل قائما حول أسبابها الظاهر منها والخفي، بين متشبث بالسبب المباشر -خسائر «وانا»- في عالم لا يؤمن إلا بالربح، وبين باحث عن أسباب شخصية تتصل بعلاقة سعد بنديدي بمنير الماجدي الذي يوصف بكونه يسعى إلى التحكم في كل تفاصيل أعمال «أونا»، فهل يكون حظ معتصم بلغازي صديق الماجدي في فريق الفتح والرئيس السابق للشركة الإماراتية المغربية أفضل حظا من كل الذين خرجوا بطرق ملتبسة من قيادة «أونا».. البعض منهم شبه مطرود، مثل فؤاد الفيلالي، والبعض الآخر مغضوب عليهم، مثل مراد الشريف وآخرون ضحية نزعات الاستقلال داخلهم مثل الودغيري. إنها لعنة قيادة «أونا» التي تجمع ما بين المال والسياسة أو كما قال عنها الباحث الفرنسي الراحل ريمي لوفو: «أونا» ذراع الملكية في الحقل الاقتصادي، وظيفتها التحكم في قطاع المال والأعمال بما يتيح لها تفادي الانفلاتات الاقتصادية التي يمكن أن تكون لها آثار سياسية. تفاصيل في ملحق مال وأعمال