إذا كنت من الطامحين إلى زعامة الاتحاد الاشتراكي بعد المؤتمر القادم، فعليك أن تفصح عن هذه الرغبة شهرا قبل انعقاد المؤتمر الذي أصبحت التمثيلية فيه انطلاقا من عدد الأصوات التي حازها الحزب في آخر انتخابات تشريعية، وليس بناء على أرقام الإحصائيات الداخلية المشكوك فيها لعدد الاتحاديين في كل مدينة، وإذا كنت عازما على خوض المنافسة الانتخابية المفتوحة وسط المؤتمر، فعليك التوفر على لائحة كاملة من المرشحين لعضوية المكتب السياسي، وعلى برنامج تعاقدي واضح عن الوجهة التي سيأخذها الحزب على يديك.. هذه بعض ملامح «الثورة البيضاء» التي يقترحها أعضاء لجنة التحضير للمؤتمر التاسع للقوات الشعبية، علها تخرج الحزب من النفق المسدود وتبعث حرارة الصدمة في أوصاله التي تجمدت بعد المشاركة الثالثة في الحكومة، وبعد استقالة زعيمي الحزب اليوسفي واليازغي وبقاء مقعد القيادة شاغرا إلى الآن... سيتم انتخاب الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، في المؤتمر المقبل، باعتماد نظام اللائحة عوض الطريقة الكلاسيكية التي اعتاد الاتحاديون اختيار زعيمهم بها. ويرتقب أن «يتموقع» الراغبون في قيادة الحزب شهرا واحدا، على الأقل، قبل انعقاد المؤتمر بالكشف عن أسمائهم وبرامجهم في أفق منح زعيم الحزب صلاحيات أوسع، نابعة من الشرعية التي سيكتسبها من تصويت القاعدة مباشرة في نفس الوقت الذي سيسار فيه إلى تقوية المكتب السياسي في إطار تعاقد واضح مع الاتحاديين. هذا مقترح ضمن ثلاثة مقترحات سيتضمنها تقرير لجنة الهيكلة، التي تضع آخر الترتيبات عليه والذي سيتم تعميمه على جميع فروع الحزب لمناقشته قبل عرضه على المؤتمرين في المؤتمر الثامن للاتحاد للتصويت عليه، إذ اقترح أعضاء هذه اللجنة أيضا، المنبثقة عن اللجنة التحضيرية للمؤتمر، أن يتم انتخاب الكاتب الأول للاتحاد من طرف المؤتمرين عوض أعضاء المكتب السياسي لتكون لديه شرعية سياسية مبنية على إجماع القاعدة عليه، فيما رأى فريق آخر داخل اللجنة ذاتها الإبقاء على الطريقة الكلاسيكية في انتخاب «زعيم» الحزب، كأداة لتقليص اختصاصات المكتب السياسي وبالتالي حصر دور الكاتب الأول في التنسيق بين أعضاء هذا الجهاز وتنفيذ قرارات المجلس الوطني. وكشف مصدر اتحادي مطلع أن طريقة انتخاب الأجهزة التنفيذية للحزب من الفروع إلى الكتابات الإقليمية والجهوية كانت محور نقاش «صاخب» بين أعضاء لجنة الهيكلة، حيث يرى البعض أنه حان الوقت لتقوية صلاحيات المسؤول الأول وأن لا يبقى دوره مقتصرا في التنسيق فقط. 1300 مؤتمر عوض 2000 .. وحكاية الفعاليات عدد المؤتمرين وطريقة انتخابهم وتوزيع عدد المؤتمرين على فروع الحزب، نقاط تدارسها الاتحاديون قبل اختيار نوعية مؤتمرهم القادم، حيث رسوا على أن يكون مؤتمرا وطنيا نوعيا بصيغ استثنائية. وارتكز رأيهم على ألا يتجاوز عدد المؤتمرين 1300 مؤتمر يتم اختيارهم وفق النتائج المحصل عليها في انتخابات 2002 و2003 و2007، حيث يتم انتداب كل مؤتمر عن ألف صوت انتخابي حصل عليه الفرع أو الجهة في الانتخابات المقبلة وتفادي استعمال البطائق الانتخابية وبالتالي عدم تكرار سيناريو المؤتمرات السابقة، حيث كان منطق «التجييش والإنزال» يحكم انتداب العديد من المؤتمرين في الجهات، وبالتالي يتم تغييب النقاش السياسي داخل المؤتمر ويحكم الهاجس الانتخابي «المؤتمرين». 2000 مؤتمر هو عدد الاتحاديين الذين حضروا أشغال المؤتمر الوطني السابع للحزب، باعتماد قاعدة مؤتمر واحد عن كل 50 مناضلا، وهو ما يجمع الاتحاديين على ضرورة تجاوز هذه القاعدة في الوقت الذي دعوا فيه إلى حضور 450 مؤتمرا بصفتهم أعضاء المؤتمر الوطني الثامن للأشغال وتوزيع العدد الباقي بالتساوي على باقي الجهات، وهو طرح يدافع عنه العديد من الاتحاديين بدعوى عدم إقصاء الجهات التي لم تحصل على أصوات مهمة في الانتخابات السابقة. من جانب آخر، طفا خلاف جديد بين المكتب السياسي واللجنة التحضيرية حول الفعاليات التي ستحضر للمؤتمر الوطني الثامن، إذ إن القانون الأساسي للاتحاد يمنح الصلاحية للمكتب السياسي باقتراح أسماء الفعاليات التي حددها الجهاز التنفيذي للحزب في 35 عضوا، قبل أن يضيف 15 اسما جديدا دون عرضها على أنظار المجلس الوطني للحزب للمصادقة عليها، كما ينص القانون الداخلي على ذلك، وهو ما أثار لغطا كبيرا في أوساط اللجنة التحضيرية والمجلس الوطني مفاده أن بعض أعضاء المكتب السياسي لازالوا يحنون إلى منطق «الإنزالات في المؤتمرات». إمكانيات تأجيل المؤتمر أو إلغائه يلاحظ العديد من الاتحاديين أن البطء الذي يسود التحضير للمؤتمر المقبل للحزب قد يساهم في تأجيل هذه المحطة التنظيمية أو إلغائها إلى غاية السنة المقبلة، وهو طرح يرد عليه محمد بنيحيى، رئيس اللجنة التحضيرية، بما يلي «لحد الآن، نحن ندرس إمكانية عقد المؤتمر المقبل في شهر يونيو، ومعظم اللجان هيئت وثائقها التي سوف يتم تعميمها على جميع فروع الحزب بالمغرب»، مضيفا أنه في «اجتماع المجلس الوطني في الخامس من أبريل المقبل سيتم عرض جميع ما توصلنا إليه وسنطرح جميع الأفكار فيه»، مشددا على أن «إمكانية إلغاء المؤتمر المقبل غير واردة بتاتا». إلى ذلك يجمع الاتحاديون على أنه منذ سنوات لم تشهد اللجنة التحضيرية للمؤتمر نقاشا مستفيضا حول الخط السياسي للحزب وطريقة انتخاب الكاتب الأول الذي كان يعرف قبل انعقاد المؤتمر بسنة، ويؤكدون أن ما يعيشه الاتحاد اليوم يعد ثورة بيضاء من الداخل ساهم فيها البعض من «الخارج».