أجرت اسبوعية «لافي ايكو» في عددها الصادر الاسبوع الماضي، استجوابا مع الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تحدث فيه عن العديد من القضايا السياسية المطروحة حاليا للنقاش وموقف الاتحاد الاشتراكي منها، ونعيد نشره مترجما تعميما للفائدة. { قدم الاتحاد الاشتراكي وجهة نظره حول الجهوية الموسعة، ما الذي يميز تصوره عن تصور الأحزاب الأخرى؟ في البداية لابد من التأكيد على أن موضوع الجهوية الموسعة يحيل على ورش مهم جدا من الاصلاحات . ويتعلق الأمر قبل كل شيء بمشروع سياسي قدمه الملك كمقدمة لإصلاح مؤسساتي كبير، سيمكن من ادخال اصلاحات اخرى على المستوى السياسي والمؤسساتي والتي ستكون لها، لا محالة، انعكاسات على النظام الانتخابي. والوثيقة التي قدمها الاتحاد الاشتراكي تشكل نوعا من التقديم لما يجب أن تكون عليه الجهوية الموسعة. وحددنا في هذه الوثيقة مبادئ ومعايير لهذه الجهوية الموسعة، وأثرنا فيها ايضا الانتباه لاختلالات واخطاء الماضي التي يتعين تفاديها، خاصة فيما يتعلق بالتقطيع والاختصاصات والموارد المالية او في ما يتعلق بنمط الاقتراع، ووضعنا كل هذا في اطار شامل للاصلاح حتى يكون ذلك فعالا. { هل ناقشتم المشروع مع أحزاب أخرى قبل تقديمه؟ لا، لم يكن لدينا الوقت، ويجب انتظار أن تتم مناقشته على مستوى الحكومة ثم البرلمان { الاتحاد الاشتراكي يؤيد اللجوء الى نمط الاقتراع باللائحة على المستوى الجهوي؟ نعتقد أن رأس اللائحة التي تحصل على اكثر الاصوات يجب منطقيا أن يصبح رئيسا للمجلس الجهوي. و نعتقد أن اللائحة التي ستحصل على اكثر الاصوات يجب أن تحصل على اكثر من %51 من المقاعد لتفادي العراقيل التي قد تظهر في حالة ما إذا وجد الرئيس نفسه في وضعية اقلية امام مجلسه. { %51 من المقاعد، ألا يشكل هذا حيفا تجاه اللوائح المنافسة؟ يمكن أن نحدد عتبة، لا يمكن تحتها للائحة الاولى أن تحصل على %51 من المقاعد، هذه العتبة يمكن أن تتراوح مابين %30 و %40 من الاصوات. وفي حالة لم تستوف اي لائحة هذا الشرط، يتم تنظيم دور ثان نشهد خلاله تجميعا للاحزاب، هذا الخيار سيمكن ايضا من تفادي المساومات واستعمال المال وغير ذلك، خلال تشكيل مكاتب المجالس الجهوية. وتطهير الممارسات السياسية عبر هذا النمط من الاقتراع يشكل بالنسبة لنا انشغالا اساسيا من ضمن انشغالات اخرى. { هل معنى ذلك، أنكم تدعون إلى تبني الاقتراع باللائحة خلال الانتخابات المقبلة؟ لا. في الوقت الراهن نحن نتحدث عن الجهات { - ماذا عن الانتخابات التشريعية المقبلة؟ النقاش جار بهذا الصدد. والشيء الأكيد هو أن النظام الحالي لا يضمن تمثيلية حقيقية لإرادة المواطنين ويطرح مشكل الشرعية ومصداقية المؤسسات المنتخبة { أشرتم الى انعكاس الجهوية على قانون الاحزاب، في ما يتجلى ذلك؟ محاربة ترحال المنتخبين كان من ضمن الاسباب التي ادت الى وضع قانون الاحزاب السياسية، لكن هذه الظاهرة برزت مجددا خلال الانتخابات الأخيرة، وقدمت عدة احزاب شكاوى أمام القضاء اعتقادا منها انها ستحصل على احكام لصالحها، لكن لم يحصل شيء من ذلك. وهو ما يؤكد أن القانون الحالي غير فعال لابد من تصحيحه من اجل محاربة الترحال السياسي فعليا في المستقبل. اليوم، ننظم انتخابات من اجل تحديد موازين القوى السياسية القائمة في البلاد، ولكن بعد اجراء الانتخابات يغير الناس احزابهم وهو ما يفسد كل شيء. وهذا أمر غير عادل وغير شرعي، لابد من حل هذا الإشكال، لأن اصلاح نمط الاقتراع قبل 2012 ضرورة ملحة من اجل تطهير الحياة السياسية. { عندما تأسس حزب الاصالة والمعاصرة، انتقده الاتحاد الاشتراكي بشدة. اليوم، يقال بأن هذا الحزب يدعوكم الى الالتحاق بتكتل سياسي يضم حزب الاصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للاحرار. هل حصلتم على نسخة من هذه الدعوة؟ لم نتوصل بأي شيء. { كيف تصفون اليوم علاقاتكم بحزب الاصالة والمعاصرة؟ إنها علاقات عادية، ونريد علاقات عادية مع جميع الاحزاب. و مؤتمرنا الاخير اوصانا بالاتصال مع مجموع الاحزاب وبدون استثناء، من اجل تفسير مستوى قراراته،وقد أ كد المجلس الوطني المنعقد يومي 23 و 24 دجنبر 2009 ذلك، نحن لا نرفع فيتو ضد أي حزب. نحن مستعدون للحوار مع جميع الاحزاب وسنقوم بالاتصالات اللازمة لهذا الغرض. { وماذا لو دعاكم حزب الاصالة والمعاصرة سنة 2012 للالتحاق بالحكومة، هل ستكونون على استعداد لاعتبار عرضه؟ لابد أولا من معرفة ميزان القوى الذي سيتمخض عن الاقتراع المقبل لا يمكن أن نتحدث عن مفاوضات لتشكيل حكومة قبل معرفة نتيجة الانتخابات. { ومع ذلك، نرى اليوم العديد من الأحزاب تبحث عن توضيح تحالفاتها دون أن تكون لها رؤية بخصوص نتائج انتخابات 2012... هذا من حقهم. نحن لا نحكم على مقاربة الآخرين. { ما هي الميادين التي يمكن أن يقع فيها التفاهم بين الاتحاد الاشتراكي وحزب الأصالة والمعاصرة؟ مواقفنا لا تحددها لا المعارضة الممنهجة ولا المواقف الذاتية. نحن مستعدون للتعاون مع أي حزب يقبل قواعد الديمقراطية، وبعبارة أخرى كل الأحزاب التي تساند بناء دولة القانون والدفاع عن حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات وتكافؤ الفرص، يمكن أن نتفاهم أيضا مع جميع من يؤمنون بضرورة تحديث البلاد، سواء على مستوى القيم أو على المستوى التكنولوجي. وإلى جانب هذا، هناك أيضا كوننا حزب اشتراكي، والعدالة الاجتماعية بالنسبة لنا مسألة مهمة جدا، فهي جزء من هويتنا. وبطبيعة الحال نحن نؤيد أيضا بعض أساليب خلق الثروة والتنمية وكذلك نؤيد تعاونا دوليا يكون في مصلحة الطرفين. { هذا يعني كثيرين.. لا أعلم، ولكن لا تعتقدوا أن الأمور بهذه البساطة. { قبل أسبوع صرح إدريس لشكر أن حزبكم يستعد لفتح نقاش مع مجموع الأحزاب الوطنية الديمقراطية، وأنه انطلاقا من وجهات النظر المعبر عنها من طرف الأحزاب، يمكنكم وضع التحالفات مع الأحزاب القريبة... هذه مقاربة، يمكن أن تكون هناك مقاربات أخرى، المهم هو ألا تكون متناقضة، علينا أن نناقش مشاريع ملموسة لتحديد أساس التحالف عندما يحين الوقت. { هل معنى ذلك أن حزب الاستقلال، وبشكل عام أحزاب الكتلة، لم تعد محاورا رئيسيا للاتحاد الاشتراكي؟ شكلنا، في إطار الكتلة، تحالفا عمره الآن حوالي 20 سنة، الكتلة مكنت المغرب من التقدم، جعلت التناوب ممكنا، والحكومات التي تعاقبت منذ 1998 كانت شيئا جيدا للمغرب، نعتقد أن الكتلة إذا ما تمكنت من تجديد نفسها واعطاء صورة ايجابية وجديدة عن نفسها، بإمكانها أن تسدي خدمات للبلد، وبالتالي ليست هناك تحالفات حصرية. علينا أن نكون واقعيين: في المغرب، اليوم، ليس هناك حزب أو قطب حزبي قادر على تحقيق الأغلبية المطلقة، وتشكيل حكومة بمفرده. يمكن أن تكون هناك في البداية نواة لا تستثني تحالفا مع أحزاب أخرى، وهو ما يجري الآن، ومنذ 1998 نحن داخل الحكومة مع أحزاب في الكتلة ولكن أيضا مع أحزاب أخرى ليست أعضاء فيها،ورغم ذلك الأمور تسير بشكل جيد. نريد أن يكون لنا حلفاء ونريد أيضا أن تكون لنا علاقات طبيعية مع الآخرين. { ما الذي يجب إصلاحه في الكتلة لإعطائها نفسا جديدا؟ لابد أولا من تحيين أهدافها، مبادئها، وطرق عملها وبرنامجها. لا يمكن أن نحتفظ بنفس الطموحات، بنفس المشاريع التي كانت مطروحة في سنوات 90، وأيضا لابد من جرعة من الإرادة السياسية. { هل هناك غياب للإرادة السياسية؟ أنتم من يقول ذلك، وعلى كل حال، حتى عندما تكون هناك رغبة سياسية يمكن دائما تعزيزها. { ولكن منذ عدة أشهر لم تعقد الكتلة اجتماعا على مستوى القمة... ربما لم تظهر الحاجة لذلك. { إذا عبر حزب الاستقلال عن الرغبة في تنشيط الكتلة، هل ستكون للاتحاد الاشتراكي الرغبة السياسية للقيام بنفس الشيء؟ الاتحاد الاشتراكي مع التجميع وليس مع التفتيت { قبل مدة كان مطروحا قيام فريق برلماني مشترك مع أحزاب يسارية كالاتحاد الاشتراكي وحزب التقدم والاشتراكية والحزب العمالي والحزب الاشتراكي الموحد.. إلخ، أين وصلتم بهذا الخصوص؟ لم يسبق أن ناقشنا هذا الأمر، ناقشناه على هامش نقاش حول وحدة اليسار، وقلنا أن الوحدة شيء يبنى وهو ما يتطلب و قتا، عندما شكلنا الكتلة سنة 1992، كانت مكوناتها تشتغل مجتمعة قبل سبع سنوات، ولتسهيل وحدة اليسار، علينا أن نبدأ بالعمل مجتمعين في الميدان، أوضحنا أن هناك العديد من الجبهات التي يمكن أن نبدأ العمل فيها: الواجهة البرلمانية، الواجهة النقابية، الواجهة الجمعوية، اعتقد أنه إذا اشتغلنا بهذه الطريقة، سيكون ذلك وحدة ليس فقط في القمة ولكن أيضا في القاعدة، في الميدان، وهو ما سيسهل التقارب بين قيادات الأحزاب وتشكيل فريق برلماني لليسار، لم لا؟ إنها فكرة للاستكشاف. { بعبارة أخرى حظوظ تشكيل فريق برلماني لليسار خلال الدورة البرلمانية الربيعية المقبلة ضئيلة.... نقاشاتنا حول هذا الموضوع جرت بعد الدخول البرلماني لدورة أكتوبر، في وقت كانت الفرق البرلمانية قد تشكلت. وعلى كل حال وحسب القانون الداخلي للبرلمان لا يمكن إعادة تشكيل الفرق في أبريل، فلوائح الفرق ورؤساء الفرق واللجان وكذا أعضاء المكتب توضع خلال دورة أكتوبر. { هل يمكن أن نتوقع أن يتم ذلك في أكتوبر المقبل؟ ليست لدينا وسائل التكهن بالمستقبل، علينا أن نسير نحو ذلك ببطء لتفادي إعطاء الانطباع بأننا نريد الضغط على الناس، يجب أن تتم الامور بشكل طبيعي، يمكن كما ذكرتم، تصور استئناف هذه المناقشات قبل شهر أكتوبر المقبل. { أحد زعماء اليسار قال مؤخرا: انتظرنا بما يكفي الاتحاد الاشتراكي، سنطلق مسلسل التقارب، وإذا أراد الاتحاد الاشتراكي الالتحاق بنا في الطريق فمرحبا حتى وإن كان ذلك من أجل زعامة الحركة... نحن لسنا ضد، بإمكاننا ركوب القطار وهو يسير، ولكن مازلنا في مناقشات مع عدد من أحزاب اليسار لم تعط نتائج حتى الآن، لابد من أخذ الوقت الكافي، ولكن المناقشات جارية، ويجب أن تبنى على أسس متينة، وإذا ما سرنا بسرعة، قد لا ننتج شيئا يستمر، أكرر، لا نريد إعطاء الانطباع بأننا نريد الضغط على هذا أو ذاك. { أين وصلتم في إعادة بناء الحزب؟ قطعنا أشواطا مهمة منذ بداية السنة. عقدنا اجتماعا للجان المجلس الوطني وهيكلنا اللجان بتشكيل رؤسائها ومقرريها، وهذه اللجان منكبة الآن على إعداد برنامج أنشطة وستناقش عددا من المواضيع وستكون مهمة اللجن هي وضع وتطوير برامجنا. جددنا لأنفسنا حتى نهاية فبراير لإعداد كل الوثائق التي ستكون أساسا للمناقشات خلال الندوة الوطنية للتنظيم. وانطلاقا من مارس ستصل هذه الوثائق الى الفروع والجهات والأقاليم لمناقشتها من طرف القواعد. وبإمكاننا أن نستخلص الخلاصات من هذا العمل في حدود نهاية شهر أبريل وعقد الندوة الوطنية في ماي. عقدنا أيضا اجتماعا مع الشبيبة الاتحادية لإحياء أنشطة الشباب، وسنقوم بنفس الشيء مع التنظيم النسائي. واستغل هذه الفرصة للتنويه باستئناف أنشطة شبيبة الاتحاد الاشتراكي وانتخاب كاتبها العام الجديد في شخص علي اليازغي. { تأخرتم بعض الشيء في إعادة البناء هذه... كيف؟ في أعقاب المؤتمر الوطني الاخير للاتحاد الاشتراكي، قمنا بإعداد مذكرة بحل إصلاح الدستور التي سلمناها لجلالة الملك، ثم جاءت الانتخابات التي لم تنته إلا في أكتوبر، وانطلاقا من هذا التاريخ بدأنا إعادة البناء وبدأنا الإعداد للندوة الوطنية حول التنظيم... وبالتالي ليس هناك أي تأخير. { هل تنوون الترشح لرئاسة مجلس النواب في أبريل؟ أولا، لابد من انتظار شهر أبريل، وهذا قرار لا يجب أن يتخذ بشكل فردي. { وإذا طلب منكم حزبكم ذلك، هل ستكونون مستعدين للترشح؟ سأقدر الأمر إيجابا وسلبا، غير أن حزبي لا يقرر وحده في هذه القضية. { وفي حالة ما إذا قدم حزب الاستقلال مرشحا، هل سيكون حزبكم مستعدا لمساندته باسم الكتلة؟ أعتقد أنه يجب أن تتم الأمور كما يجب، بمعنى محاولة تقديم مرشح وحيد باسم الأغلبية، لأنه ليس باستطاعة أي حزب لوحده أن يضمن فوز مرشحه. { إذا ما حصل تقارب بين حزبكم وحزب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار سنة 2010، هل سيؤثر ذلك على تحالفاتكم؟ بالنسبة لتشكيل المكاتب بعد انتخابات 2009، القضية انتهت. هناك قوانين وأنظمة تفرض على الجميع استمرارية ما هو قائم وذلك حتى الانتخابات المقبلة. { ما هي حصيلة إشرافكم على وزارة العدل؟ كنت في وزارة العدل من أجل تنفيذ الإصلاح، على المستوى المؤسساتي نظمت، بتعليمات من جلالة الملك استشارة مع أزيد من 80 مؤسسة من أجل وضع تشخيص لحالة العدالة في المغرب واستشراف مقترحات حلول. وانطلاقا من ذلك، وضعنا تقريرا ُسلّم لجلالة الملك،والملك قرر بالنظر الى أهمية الموضوع، تخصيص خطاب بالكامل لهذا الموضوع يوم 20 غشت 2009. وبعد هذه الإشارة، سّرعنا الاستعدادات للإصلاح، خاصة عبر مشاريع قوانين مثل القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء الذي يلعب دورا مهما في الدفاع عن استقلالية القضاء، أو النص المتعلق بوضعية القضاة وغيرها من النصوص التي تصل الى 17 نصا أساسيا ترمي الى التخليق وتبسيط المساطر والأحكام العادلة. { هل لكم أن تحدثونا عن محتوى هذا الإصلاح؟ طورنا اختصاصات ومسؤوليات المجلس الأعلى للقضاء، الكثير من السلطات التي كانت من اختصاص وزارة العدل أصبحت من اختصاص هذا المجلس. كذلك عززنا استقلاليته تجاه الوزارة من خلال تخصيص مقرات وإدارة وميزانية خاصة به، هناك إصلاح آخر مهم يهم وضعية القضاء. هناك الكثير من السلطات التي كانت بيد الوزارة سيتم نقلها الى القضاة والمسؤولين القضائيين. حيث تم إعادة النظر في نظامهم الأساسي وتنظيم مسارهم المهني بشكل يحفزهم ويشجعهم، نفس الأمر بالنسبة لموظفي القضاء وكتاب الضبط.. اعددنا أيضا مشروعا لتحسين الوضعية المادية للقضاة وموظفي العدل، وحصلنا على مناصب مالية لترقية مجموعة القضاة، بالاضافة إلى أزيد من 1000 منصب مالي سنويا المقررة لتوظيف القضاة والموظفين حتى سنة 2012. وإلى جانب الطابع المؤسساتي هناك أيضا المحكمة، حيث حصلت وزارة العدل على زيادة في ميزانيتها بنسبة 72% فيما يخص البنايات والتجهيزات المعلوماتية وتحسين الاستقبال ومواجهة التأخير والبطء.