دعا يساريون في ندوة فكرية حول «الاشتراكية اليوم»، نظمت نهاية الأسبوع الماضي بالقنيطرة، إلى ضرورة استغلال الظروف الراهنة التي تعيشها مختلف الأحزاب ذات المرجعية الاشتراكية لتوحيد اليسار المغربي برمته، وتكتله داخل قطب أو حزب يساري كبير، يتجاوز لغة الشعارات، ويفتح النقاش حول العديد من الأولويات، التي ظلت ثانوية في مراحل سابقة، مشددين على ضرورة الالتفاف حول مشروع حداثي، وتكثيف الجهود لإبراز حركة جماهيرية مؤيدة لهذا التوجه، التي لا يمكن لها أن تتحقق إلا بالابتعاد عن المواقع ومراكمة المصالح الشخصية، على حد قولهم. واعتبر حسن طارق، عضو المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن النقاش اليوم حول الاشتراكية هو في الأصل نقاش حول مسار وآفاق اليسار بالمغرب، وأيضا حول أفق ومرجعية فكرية تستلهم عناصر المستقبل ورؤية أكثر بعدا، مؤكدا أن اليسار المغربي في حاجة إلى تحيين الهوية الفكرية الاشتراكية والمرور من الشعارات، وفتح نقاش موسع بين مكونات حزبه وباقي أحزاب اليسار، حول أوراش تتعلق بالمسائل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، التي قال إنها لم تنل الحظ الكافي من الاهتمام، والاجتهادات بخصوصها بقيت ضعيفة. من جهته، أشار محمد كرين، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، إلى وجود إرهاصات أولية بدأت تظهر حاليا لتحقيق ما سماه ب»اللحمة» بين كافة أحزاب اليسار، من خلال تطورات داخلية وأنشطة مشتركة، معتبرا أن البرنامج المستقبلي هو الكفيل بتذويب الاختلاف، وهو ما يتطلب مبدئيا، في نظره، دمقرطة الأحزاب على المستوى الداخلي وترك المجال لصراع الأفكار. وأبرز كرين أن اليسار المغربي كيف نضاله مع مختلف المراحل التاريخية، وقدم تضحيات جسام في سبيل ذلك، كما تعرض لمحاولات اختراقه وإجهاض مشروعه المجتمعي، مؤكدا أن اليسار اليوم ينهض من الكبوة، وبالتالي فإن التحالفات بناء على تصور مشترك أضحت أمرا حاسما، من أجل تأسيس حزب يساري كبير يسعى إلى بناء حكامة مؤسساتية، ومصالحة الذات، وقطع الطريق على التطرف بكل أشكاله، معتبرا أن محطة المؤتمر الثامن المقبل لحزب الاتحاد الاشتراكي، محطة لا تهم فقط الاتحاديين، ولكن تهم أيضا كل التقدميين، لأن القوى والرجعية تتوخى عدم نجاحه، حسب تعبيره، مشددا على ضرورة المصالحة مع الإنسان المغربي الذي ظل خارج الاهتمامات، بعدما تم التركيز على الصراع مع النظام، مطالبا، في الوقت نفسه، بضرورة وضع حد للتصادم والالتفاف حول المشروع الحداثي، وتكثيف الجهود لإبراز حركة جماهيرية تواكب وتساند هذا التوجه. من جانبه، اشترط أحمد السباعي، عن حزب اليسار الاشتراكي الموحد، لتوحيد قوى اليسار، ضرورة الاحترام المتبادل، وإعادة النظر في ممارسة المناضلين الفاسدة، وإرجاع المصداقية إلى العمل السياسي بالوضوح ومجابهة الفساد، والارتكاز على القيم النبيلة، والابتعاد عن المواقع ومراكمة المصالح الخاصة. مختتما تدخله بالدعوة والتأكيد على ضرورة مصالحة الجماهير.