لم يتفق المتدخلون في ندوة هل توحيد اليسار ممكن في مغرب اليوم؟ الذي نظمتها مجلة لم لا يوم الجمعة الماضي بالرباط، عن تعريف موحد لليساري في مغرب اليوم، فبينما ذهب محمد بن يحي عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى اليسار هو من يدافع عن المسحوقين والفئات الفقيرة في المجتمع، منبّها في الوقت ذاته إلى أن هذا التعريف يحتاج إلى مراجعة اليوم، حيث التحديات الكبرى تحتاج إلى إبداع من نوع جديد، وقال يجب أن نعيد النظر في كل المفاهيم التي تربى عليها اليسار، في حين عرّف ابراهيم ياسين اليساري بقوله أن تكون يساريا اليوم هي أن تكون ديمقراطيا صادقا، وهو ما خالف فيه عبد القادر أزريع الذي وصف اليساري بأنه مناضل ديمقراطي اجتماعي، وهي الصفة التي ضمّنها عبد السلام العزيز عن المؤتمر الوطني الاتحادي تعريفه لليساري لكن أضاف عليها صفتين وقال أن تكون يساريا اليوم معناه أن تكون مناضل منحاز للشرائح الاجتماعية الفقيرة ومقاوما للعولمة، وأن تكون حداثيا ووحدويا، هذه التعريفات خالفها محمد اكرين عن التقدم والاشتراكية جميعا وعرّف اليساري بأنه الانسان الملتزم بالديمقراطية على اعتبار أن ليس كل يساري هو ديمقراطي، ومدافعا عن الحريات الفردية والمساواة بين الرجل والمرأة ومحترما لهوية المغربية، وأجْمَل ذلك كله في كون اليساري هو إنسان حالم بمجتمع المساواة والعدالة والحداثة دون الانسلاخ عن بيئته. بينما ذهب علي بوطوالة عن حزب الطليعة إلى أن اليساري هو مرجعية فكرية تتمثل في الاشتراطي وخط سياسي يتمثل في اليدمقراطية ومنهجية في التنظيم والممارسة. لكن مولاي أحمد العراقي عن الحزب الاشتراكي أشار في تعريفه إلى أن اليساري اليوم يمكن تعريفه عبر المدخل الاجتماعي دون أن ينفي وجود مداخل أخرى مثل الليبرالي والبيئي، وأكد أن ما يجمع العائلة الاشتراكية في النهاية هو التشبث بالأخلاق العالمية. وكما اختلف المتدخلون في تعريف اليسار اختلفوا أيضا في تحديد رؤيتهم للمستقبل، فبينما اعتبر عبد القادر أزريع أن السؤال السياسي والاجتماعي والاقتصادي هو من يحدّد مضمون اليسار في المستقبل، ركز كل من محمد يحي عن الاتحاد الاشتراكي ومحمد اكرين عن التقدم والاشتراكية على أن الاختلاف رحمة، وأنه قوة تثري اليسار، وبينما ركّز محمد يحي على حسن تدبير الاختلاف بين أحزاب اليسار ما دامت الوحدة غير ممكنة، دعا محمد اكرين إلى أن أن يجتمع اليسار في ثلاثة تكتلات، حزب اشتراكي معتدل، وآخر راديكالي، وثالث لم يسميّه يكون من مهامه الدفاع عن المثليين والحريات الفردية. لكن ابراهيم ياسين فضّل من جهته، التساؤل حول الطريق المؤدية إلى المستقبل، وقال هل هدف المغرب إقامة نظام ديمقراطي أم ديمقراطية مغربية؟ كما تساءل عن الطريق المؤدية إلى الديمقراطية وهل هي طريق واحد أم طريقان، واعتبر ياسين أن الأولوية اليوم هي لبناء الأسس السياسية قبل التفكير في أية وحدة ممكنة بين اليسار أو غيره.