رياح الانتخابات البلدية المقبلة بدأت تهب على البلاد فالأحزاب السياسية تستعد لضبط ساعاتها على صيف 2009، وعمداء المدن بدأوا يتحركون، رفقة أعضاء المجالس، طلبا لتجديد الولاية. والمواطنون يحسبون بعضا من مشاريع هذا العام كما لو كانت مدرجة في سياق تلوين الصورة تمهيدا للموعد المقبل. ولعل أهم ما يميز الانتخابات البلدية صيف 2009 هو كونها تأتي غداة الاستحقاق التشريعي الذي تميز بمقاطعة 63 في المئة من المواطنين المسجلين في اللوائح الانتخابية، حسب وزارة الداخلية، التي تعرف أكثر من غيرها مدى دقة هذا الرقم. والرهان معقود، لدى السلطات الرسمية والهيئات السياسية، على السعي لاستعادة ثقة الناخب في صناديق الاقتراع، من أجل رفع الإقبال على اللعبة السياسية. في هذا السياق تسعى «حركة لكل الديمقراطيين» أن تقوم بما عجزت عنه سلفها «2007 دابا»، وأن تقنع المواطن المغربي بجدوى انتخابات بلدية جربها وتكون لديه رأي في الموضوع، وأصبح من الصعوبة إقناعه بخلاف ذلك. ولا يخفى على كل أصحاب النوايا الطيبة أن أغلب المشاريع الجارية عبر مختلف المناطق المغربية هي مبادرات للملك محمد السادس، وما حضور عمداء المدن في صور التدشينات سوى سنة بروتكولية. وما زالت وزارة الداخلية هي المتصرف الحقيقي في الشؤون البلدية، وفي بعض الحالات لا يملك العمدة غير التوقيع على ما تقرره الوزارة الوصية. ينضاف إلى ذلك عدم التنسيق بين المصالح، والعراقيل التي ما زالت منتصبة في وجه الاستثمار. وقد جاء تقرير برنامج الأممالمتحدة للتنمية دليلا قاطعا، حين تحدث عن فشل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وهو فشل يتحمل عمداء المدن جزءا من مسؤوليته. والخلاصة أن المغرب ما زال بعيدا عن نموذج العمداء الذين يديرون شؤون مدنهم باستقلالية وفعالية و... المواطنون يؤاخذون عمداءهم على بيع أرصدة المدينة بدءا من التدبير المفوض للنقل الحضري وتوزيع الماء والكهرباء وتفويت مواقف السيارات وغيرها من الخدمات التي أصبحت أغلى، ويترحمون على زمن «ترابوبيبليك» (الخدمات البلدية)، حين كانت الغاية خدمة أهل المدينة، وليس تحقيق أكبر رصيد من الأرباح. ويتساءلون عن إثراء بعضهم بشكل يثير الاستغراب. كما أن المواطنين لا يفهمون لماذا يهتم بعض العمداء بتغيير أعمدة النور بأخرى دون سبب، وتبديل الطوارات دون سبب، ونزع أرضيات شوارع لوضع أخرى عوضها دون أن يكون لذلك سبب ظاهر. مما يدخل في خانة التبذير. ولا تقف لائحة الاتهامات عند هذا الحد. في هذا العدد تفتح «المساء» واحدا من أكثر ملفات الساعة إلحاحا. ترصد مشاكل أكبر المدن المغربية. تستمع لعمداء المدن وهم يجيبون عن استفسارات يرددها المواطنون. كما تستمع للرأي الآخر.