رجل المبادئ والمواقف الشجاعة. هادئ الطباع، شكل داخل حزب الاستقلال نواة الحزب اليساري إلى جانب كل من المحجوب بنصديق وعبد الرحمن اليوسفي والفقيه البصري. ظل التاريخ الحديث للمملكة يحتفظ باسمه باعتباره الرجل الوحيد الذي فرض نفسه على القصر كرئيس للحكومة. حكومة لم يطل أمدها وسرعان ما أزاحتها «حكومة الظل» التي كان يتزعمها ولي العهد، مولاي الحسن. يعتبر البعض تجربته الحكومية تناوبا أول، ويذهب كثيرون إلى اعتبارها فرصة تاريخية ضيعها المغرب حين كانت تلك الحكومة تمثل التطلعات الحقيقية للمغاربة الذين عقدوا عليها آمالهم، لكن الأمير المتطلع إلى الإمساك بكل شيء لم يكن ليترك والده يذهب بعيدا في تجربته مع «الرئيس عبد الله إبراهيم». وبتاريخ 21 ماي من سنة 1960، كان هاتف الرئيس يرن، والمتصل ليس سوى مولاي الحسن. «آمولاي ابراهيم، هادي راها داركم، مفتوحة في وجهكم وقت ما بغيتو، ولكن راه سيدنا عفاكم من المسؤولية، ودابا غادي تقول لي الساعة اللي غادي نتلاقاو فيها غدا باش نتسلم مهام الرئاسة». وعلى الساعة الثامنة من صباح الغد، كان الأمير يقف منتصبا في مكتب الرئيس، رفقة صديقه اكديرة، ليتم تسليم الملفات والوثائق بعجالة ظاهرة على عبد الله إبراهيم. مستهل عقد السبعينيات، وجد عبد الله إبراهيم في عزلة حزبية داخلية، وأخذ الشبان يسحبون البساط من تحت قدميه دافعين إياه إلى الانزواء في دكة المثقف والمفكر. محولين رصيده المتسم بالنضال ضد الاستعمار ثم ضد الاستبداد، إلى فصول من تاريخ قريب. عداوته مع الملك الراحل لم تتجاوز الحدود لكنها في نفس الوقت لم تقترب من النهاية وظلا بعيدين إلى أن وافتهما المنية.