ألغاز بلعيرج لها أول وليس لها آخر، فالمهاجر المغربي إلى بلجيكا يجمع في كتاب سيرته أكثر الوقائع سرية وغرابة. لقد التقى أواخر التسعينات بقادة القاعدة في أفغانستان تقول مصادر مطلعة. وتدخلت السلطات البلجيكية أكثر من مرة لحمايته من الأمريكيين الذين كانوا يبحثون عنه من أجل اعتقاله واستجوابه. بلعيرج الذي يتابع اليوم أمام المحكمة المختصة في الإرهاب بتهمة قيادة خلية مسلحة كانت ترمي إلى اغتيال شخصيات مدنية وعسكرية لم يكن يشتغل لفائدة المخابرات البلجيكية لمدة 8 سنوات بل يمتد عمله مع هذه الأجهزة لمدة 15 سنة تكتب جريدة «La dernière heure» البلجيكية موضحة أن عبد القادر بلعيرج لم يكن يشتغل مع أمن الدول منذ ثماني سنوات بل منذ اثنتي عشرة إلى خمس عشرة سنة، موضحة أن بلعيرج لم يكن يتقاضى أتعابه عن المعلومة الواحدة ولا عن النتائج الظرفية التي يحققها بل كان له ما يشبه راتبا شهريا، لأنه كان يعمل بشكل مستمر ومنتظم، غير أنها لم تكشف عن قيمة الأجر الذي كان يتقاضاه. الجريدة نفسها أضافت أن ستة محققي شرطة طاروا، يوم الاثنين على الساعة الواحدة وخمس دقائق بتوقيت بلجيكا، نحو المغرب، بينهم خبيران في الإرهاب وخبيران في أعمال العصابات وخبيران في الجريمة. غير أنه لن يسمح لهم بمقابلة بلعيرج. وذهبت الجريدة أبعد من ذلك حين وصفت الصمت الذي خيم للحظات على ألان وينانت، رئيس أمن الدولة البلجيكي، يوم عشرين فبراير الماضي عندما وضع في موقف لا يحسد عليه أمام النائب العام الفيدرالي.. لقد كان عليه أن يعترف بأن بلعيرج كان منذ سنوات مخبرا لدى الأجهزة السرية في بلجيكا، وفي الوقت نفسه هو يعرف أن بلعيرج هو الفاعل الرئيسي المفترض في ست جرائم قتل ارتكبت في بلجيكا. وفي النهاية، لم ينف رئيس أمن الدولة أن بلعيرج كان معروفا لديهم كسلطات بلجيكية عندما سأله النائب العام الفيدرالي عن ذلك، بل أجاب بطريقة ملتوية بينت أنه لا يريد أن يكذب وأن بلعيرج كان فعلا متعاونا لدى أمن الدولة البلجيكي. بفضل تعاون بلعيرج، كان أمن الدولة البلجيكي يتوفر على مصدر معلومات من «الطراز العالي»، حسب «لا ديرنيير أور»، التي أضافت أن «هذا تأكد أكثر لدى البلجيكيين عندما أعلن وزير الداخلية المغربي أن بلعيرج قضى مدة في أفغانستان عام 2001، وهي الفترة التي كانت حيوية بالنسبة إلى بن لادن وأتباعه، حيث تم اغتيال مسعود يومين فقط قبل تفجيرات الحادي عشر من شتنبر. وأضاف وزير الداخلية المغربي شكيب بنموسى أن بلعيرج التحق عام 2005 بمعسكرات المجموعة السلفية الجزائرية للدعوة والجهاد، كما ختم بإعلان مسؤولية شبكة بلعيرج عن اعتداء على مغربي يهودي في الدارالبيضاء عام 1996». وختمت الجريدة مقالها بتساؤل بدا في محله: «أفغانستان في 2001 والجزائر في 2005، هل يعقل أن مثل هذه التحركات لم تلفت انتباه أمن الدولة البلجيكية؟ وإذا كان هذا الأخير على علم، فما الذي أخبرهم به بلعيرج؟