لم يسلم إنتاج المجوهرات الذهبية بالمغرب من الغش الذي يحيل على وجود سوق سوداء، يحاول أصحابها عدم الالتزام بالمعايير المطبقة في المغرب والعمل بعيدا عن عيون الرقيب، حيث إن التقديرات حول الذهب الرائج بالمغرب لا تحيط بالنشاط الحقيقي لهذا القطاع. ويقدر حجم الذهب الرائج بالمغرب سنويا بحوالي 18 طنا، وهو حجم تصل قيمته إلى 378 مليار سنتيم، إذا أخذنا بعين الاعتبار السعر الحالي للغرام الواحد لدى باعة المجوهرات، الذي يصل حاليا إلى 210 دراهم. ويتجلى من خلال معطيات، حصلت عليها «المساء» من مصلحة الضمانة بالإدارة الجهوية لإدارة الجمارك بالدارالبيضاء، أن حجم المجوهرات الذهبية التي حصلت على ترخيص بالبيع بجهة الدارالبيضاء من الإدارة الجهوية، التي تتولى وضع دمغة تشير إلى مطابقة المنتوج للعيار المعمول به في المغرب، وصل في السنة الفارطة إلى 8434 كيلو غراما، وهو ما يعني أن قيمة هذه الكمية، إذا استحضرنا السعر الحالي للغرام، تتجاوز 177 مليار سنتيم، علما بأن الدارالبيضاء تعتبر المركز الرئيسي لتجارة المجوهرات الذهبية بالمغرب. وتبقى الأرقام التي تشير إلى حجم الذهب الرائج بالمغرب تقريبية، على اعتبار أنها لا تحيط بالذهب الذي يهرب إلى المغرب عبر الحدود دون التصريح به لدى الجمارك، حيث إن الكمية التي استطاعت الجمارك المغربية مصادرتها والتي أحيلت على المصالح المختصة بالإدارة الجهوية للجمارك والضرائب غير المباشرة بجهة الدارالبيضاء الكبري لوحدها وصلت إلى 83 كيلوغراما وبلغت قيمتها 1.3 مليار سنتيم. كما تستعد تلك الإدارة لبيع 43 كيلوغراما من الذهب المصادر في الحدود المغربية في الأيام المقبلة. ويبرز حجم نشاط التهريب الذي يعرفه هذا المعدن النفيس إذا ما قارناه بكمية الذهب المستورد بطريقة مشروعة ضمن الدائرة الترابية التي تشرف عليها الإدارة الجهوية، حيث يصل إلى 303 كيلو غرامات. ولا يسلم قطاع المجوهرات الذهبية من الغش وتبرم بعض الصناع من الحصول على دمغة مصلحة الضمانة بإدارة الجمارك، حيث يشير بعض المشغلين بالقطاع إلى شيوع ظاهرة تزوير ختم الجمارك Poinçon، الذي يعرف لدى الحرفيين ب«المسمار»، ففي الوقت الذي تحصل فيه إدارة الجمارك على هذا الختم من جهاز النقد والميداليات بفرنسا، يؤكد بعض العارفين بسوق الذهب أن ثمة من يعمد إلى تقليد ذلك الختم، بحيث يتفادون اللجوء إلى الجمارك، التي تحصل على درهم واحد عن كل غرام مقابل فحص مدى مطابقة الذهب للعيار المعمول به في المغرب ووضع الدمغة التي تجيز بيعه في السوق، وفي نفس الوقت تقتطع أربعة دراهم عن كل غرام لفائدة الإدارة الضريبية برسم الضريبة على القيمة المضافة. وتقر الجمارك بوجود حالات تزوير معروضة على المحاكم، إذ يتعدى ذلك تقليد الخاتم إلى أسلوب آخر يقوم على وضع قالب مطابق لمنتوج أصلي عليه الدمغة القانونية، والعمل على تركيب منتوجات أخرى عليه قد لا تطابق المعيار المعمول به في المغرب والذي يتمثل في عيار 18، الذي يفترض أن يحتوي على 75 في المائة من الذهب الخالص و25 في المائة من الفضة والنحاس والمزيج الأبيض أو الأحمر أو الأصفر، علما بأن الذهب الخالص يحمل عياره رقم 14. وتِؤكد مصلحة الضمانة بالدارالبيضاء، التي لها مثيلاتها في سبع مناطق أخرى بالمغرب، أن المبلغ عن عملية تزوير يحصل على 10 في المائة من قيمة الذهب المصادر. التفاصيل في ملحق مال وأعمال.