أثار دوري للتنس، نظم في دجنبر الماضي بظهر المهراز الصفيحي بفاس، جدلا في الأوساط الإعلامية. لكن عبد الكريم الخنشوفي، منظم الدوري، ومهنته حلاق، في هذا الحي الصفيحي، يدافع بحماس عن هذا الدوري ويعتبر بأن تنظيمه يندرج في إطار المجهودات الرامية إلى رفع التهميش عن هذا الحي الذي يرجع تاريخ ظهوره إلى عهد الاستعمار. ولا يشعر بأدنى حرج، طبقا لأقواله، من أن يكون مستشار من الاشتراكي الموحد قد «ساهم في إنجاح الدوري إلى جانب فعاليات أخرى». الخنشوفي الذي لا يخفي ميولاته اليسارية يقول إنه مجرد عضو عادي في ودادية الإخاء ذات الامتداد الواسع في هذا الحي الذي يتكون من أربعة دواوير كلها صفيحية. ويضيف بأن دوري التنس لقي نجاحا كبيرا في أوساط الشباب، وهو جهد ينضاف إلى الجهود الرامية إلى محاربة انتشار لغة العنف لدى الشباب ومعها مظاهر التطرف والانحراف. ويورد بأن هذا الدوري سبقه دوري آخر في كرة القدم تم تنظيمه في شهر رمضان الماضي، في نفس الساحة التي احتضنت دوري كرة المضرب. ويمكن للزائر أن يلاحظ على التو بأن هذا الحي تنتشر فيه البزات العسكرية. فهو معروف بكون أغلب سكانه من المنتمين إلى الجيش. وهو، إلى جانب ذلك، محاط بالثكنات العسكرية. وبجوار هذه الثكنات توجد جامعة ظهر المهراز والتي عرفت في السابق بكونها معقلا رئيسيا للحركة الطلابية على الصعيد الوطني، ومنها تخرجت أهم رموز اليسار. يسكن في هذا الحي ما يقارب 5000 عائلة، موزعة على أربعة دواوير، هي «الطريق المقدسة» و«ممنوع الدخول» و«دوار الزين» و«باب الغول». ويوضح السكان بأن النواة الصلبة للحي هي «ممنوع الدخول» و«الطريق المقدسة»، ويرجع تاريخ ظهوره إلى فترة الاستعمار حيث كانت المنطقة عسكرية يمنع ولوجها. أما «باب الغول» فيربط بكولونيل في الجيش في فترة الستينات كان هو الذي «يحكم» المنطقة العسكرية بالجهة. وقد ساهم بدوره في انتشار «البراريك» بهذه المنطقة. ويذهب بعض السكان إلى أن السلطات كانت تسهل للعاملين في المؤسسة العسكرية الحصول على «سكن» في هذه المنطقة. وكانت هذه التسهيلات تدخل في إطار التخفيف من الأعباء الاجتماعية لصغار «المؤسسة الصامتة». وإلى حد الآن لا تزال إجراءات القضاء على دور الصفيح تمشي بخطى ثقيلة، نظرا لتعقد الوضع وطابع السكان الاحتجاجي. فالشطر الأول ل«باب الغول» بالرغم من إنجازه لا تزال تعترضه عدة عراقيل، وما تبقى من بين العائلات التي شملها هذا الشطر ترفض الرحيل وتطالب بإيجاد حل للعائلات المركبة وذوي الدخل المحدود والأسر التي لم يشملها الإحصاء. واحتجاجاتها فرضت على مؤسسة العمران توقيف الأشغال إلى حين تسوية الوضع من قبل المجلس الجماعي بتنسيق مع وكالة التجهيز والبناء العسكري، باعتبارها صاحبة العقار. أما بداية الأشغال فقد انطلقت منذ يوليوز سنة 2002، إلا أنها لم تنته بعد من الجزء الأول، فما بالك بالأجزاء المتبقية. الأشغال انطلقت كذلك في «دوار الزوين» لكنها توقفت بدورها بسبب احتجاج الساكنة التي تعيب على مؤسسة «العمران» تقليص المساحة المخصصة لشققهم من 64 مترا مربعا إلى 45 مترا مربعا، واعتماد تكاليف مرتفعة سواء في «التسبيق» أو في الحصة الشهرية الواجب أداؤها إلى حين استكمال ثمن الشقة. وعلاوة على ذلك، فإن الساكنة تعيب على المشروع بلوغه الطابق الرابع بخلاف المشروع الأول الذي وصل فقط إلى طابقين، وهو ما يعني أن العمارات ستعاني من اكتظاظ سكاني كبير. ومؤخرا عقد ممثلو الساكنة اجتماعا مع برلمانيي فاس للنظر في وضعهم بمقر المجلس الجماعي للمدينة. ووعدهم العمدة حميد شباط بإيجاد مخرج لكل هذه القضايا العالقة في شهر مارس المقبل. وانفض الاجتماع، وحال لسان السكان يردد «إن غدا لناظره قريب». ميولات اليسار لا تخفى على شباب الحي وحتى مسنيه. فالحي مجاور للجامعة والطلبة كانوا في السابق عادة ما يسكنون في هذه الأحياء بأثمان «معقولة» يمكن أن تصل إلى 400 درهم للشهر بالنسبة ل «براكة» تسع ستة إلى سبعة طلبة. ويقول الخنشوفي إن هذا الوضع الطلابي ساعد الحي كثيرا. فالطلبة هم حاملو وعي آنذاك، ومنحتهم كانت تحقق بعض الرواج في قطاع الخدمات إلى جانب حوالات الجنود. لقد ذهب اليسار في المغرب وتراجع أداؤه وأساءت إليه تجارب المشاركة في الحكومة، لكن أفكاره هنا لا تزال سارية المفعول. الطلبة اليساريون، قبل أن يعلنوا التراجع تركوا بصماتهم في هذه الدواوير. والغريب هو التعايش بين هذه الأفكار وبين ساكنة جل معيليها ينتمون إلى المؤسسة العسكرية. أما الإسلاميون بمختلف انتماءاتهم فأعدادهم قليلة. ومن يعرفون بالسلفيين يكادون ينعدمون في ظهر المهراز. وفي الانتخابات الماضية احتد التنافس بين حزب الاستقلال والحزب الاشتراكي الموحد. واشتدت معها الاتهامات المتبادلة، لكنه في الأخير صعد الاثنان إلى «منصة التتويج»، كل بطريقته، وتحالف الحزبان في إطار الأغلبية بالمجلس الجماعي. كانت «البراريك» في هذا الحي في سنوات ال80 وال90 من القرن الماضي لا تتجاوز 3 آلاف درهم، لكن مع الارتفاع الصاروخي الذي شهده العقار بالمغرب، عموما وبفاس خصوصا، وصل ثمن «البراكة» إلى ما يقارب 10 ملايين سنتيم. وللحصول على «البراكة» يكفي أن تخبر أي سمسار في المنطقة عن رغبتك بينما هو يتكفل بالباقي، وعندما يضعها رهن إشارتك ما عليك إلا أن تقصد مع المالك الأصلي ل«البراكة» المقاطعة للتوقيع على عقد البيع. أما البناء من فراغ، فإن مختلف الآراء التي استقيناها تشير إلى أنه ممنوع.